صدى البلد:
2025-05-19@06:04:33 GMT

بيرتراند راسل… حين تمنح الفلسفة جائزة نوبل

تاريخ النشر: 19th, May 2025 GMT

في عام 1950، لم تُمنح جائزة نوبل في الأدب لرواية عظيمة أو ديوان شعري، بل ذهبت إلى عقل فلسفي حاد، لا يؤمن بالمطلقات، ويبحث عن الحقيقة في أبسط تفاصيل الحياة. 

حصل بيرتراند راسل، الفيلسوف البريطاني المعروف، على نوبل ليس عن كتاباته الفلسفية وحدها، بل عن أسلوبه الإنساني الذي جمع بين الحكمة، الحرية، والسخرية من التقاليد التي لا تخضع للعقل.

سبب منح الجائزة: بين الأدب والفكر

جاء في حيثيات لجنة نوبل أن الجائزة مُنحت لراسل:

“تقديرًا لكتاباته المتنوعة والمهمة التي يدافع فيها عن القيم الإنسانية وحرية الفكر.”

بهذا التوصيف، لم تمنح الجائزة فقط لراسل “المفكر”، بل لراسل “الكاتب” الذي خاطب البشر بلغة عقلانية، بعيدة عن التعقيد الفلسفي، ودافع عن الحرية في زمن كانت فيه الحرية مهددة من كل جانب.

كاتب خارج القوالب

رغم خلفيته المنطقية الجافة كونه أحد مؤسسي الفلسفة التحليلية إلا أن راسل تميز بأسلوب كتابي جذاب، يجمع بين العمق والبساطة، وبين الجد والسخرية.

من أبرز كتبه التي ساهمت في منحه نوبل:

لماذا لستُ مسيحيًا؟قهر السعادةأثر العلم في المجتمعالزواج والأخلاق     


كتب عن الدين، عن العلاقات، عن التربية، وعن السياسة، دون أن يفقد نبرة العقل أو صوته الأخلاقي.

جائزة تكرم موقفًا أيضًا

في ذلك الوقت، كانت أفكار راسل تمثل تحديًا صريحًا للتقاليد الدينية، والمؤسسة السياسية، والسلطة الأخلاقية الجامدة. 

فكان اختياره للفوز بجائزة نوبل الأدبية حدثًا لافتًا، يحمل رسالة تتجاوز الأدب، لتؤكد على قيمة حرية التعبير والفكر النقدي.

راسل نفسه لم يبالغ في الاحتفاء بالجائزة، لكنه رأى فيها اعترافًا بدور “الكلمة الحرة” في صنع التغيير، قائلاً في إحدى محاضراته:

“الأدب العظيم لا يُقاس ببلاغته، بل بشجاعته في قول ما لا يُقال.”

ما بعد نوبل: صوت لا يصمت

لم يتوقف راسل بعد نوبل، بل زاد نشاطه السياسي والفكري. أسس لاحقًا “محكمة راسل” لمحاكمة مجرمي الحرب في فيتنام، وكتب عشرات المقالات والكتب، وشارك في احتجاجات حتى وهو في التسعين من عمره.


 

طباعة شارك بيرتراند راسل نوبل جائزة نوبل الجائزة حرية الفكر

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: نوبل جائزة نوبل الجائزة حرية الفكر جائزة نوبل

إقرأ أيضاً:

«المسرح» في فنون الأدب العربي

(1)

لم يكن الناقد الراحل الدكتور محمد مندور (1907-1965) مجرد ناقد كبير فقط، بل كان أستاذًا ومعلمًا "شارحًا" لنظرية الأدب والمذاهب والأنواع الأدبية، وفق ما تبلورت واكتملت ملامحها في صيغها الأولى الكلاسيكية والرومانسية في الثقافة الغربية، وكان -رحمه الله- من أكثر المهتمين وأشدهم حرصا على تيسير المداخل الضرورية لطلاب الآداب والنقد والفنون التمثيلية، وعلى رأسها فن "المسرح" الذي قدم فيه كتبًا رائدة ورائعة تعد من كلاسيكيات الدراسة الأدبية والنقدية، ولا غنى عنها للطلاب والباحثين وجمهور القراء من غير المتخصصين.

من هنا تأتي أهمية كتاب «المسرح» الذي صدر ضمن سلسلة (فنون الأدب العربي)، وأعادت دار المعارف بعثه ونشره مجددا بعد ما يزيد على ستين عاما من صدور طبعته الأولى؛ وقد طبع مرارا وصار تقريبا المرجع الأول المعتمد لطلاب الدراسات الأدبية والنقدية عموما، وفن المسرح والفنون التمثيلية بشكل خاص.

الكتاب واحدٌ من أهم المداخل التعليمية عن هذا الفن العريق، يقدم فيه الدكتور مندور خلاصة تعريفية مركزة لفن المسرح وتاريخه وتطوره، ويرصد فنون المسرح الشعبية وتنويعاته الأدائية، ثم ينتقل إلى ظهوره في الأدب العربي الحديث، ويوفي القول في نوعيه: المسرح الغنائي، والمسرح النثري، وانتشار فن التمثيل في مصر، واهتمام الدولة بالمسرح -آنذاك- ثم يتوقف وقفات متأنية أمام تطور الأدب التمثيلي، والنتاج المسرحي المؤلف لرواده الأوائل وكتابه الرواد؛ مسرح شوقي، وعزيز أباظة، وتوفيق الحكيم، ومحمود تيمور..

(2)

الكتاب على صغر حجمه (يقع في 124 من القطع الأقل من المتوسط) يقدم مدخلا رائعا ومبسطا دون إخلال بما يجب توفره من مادة أساسية عن "أبو الفنون"؛ خصوصًا وأن محمد مندور قد أمضى تسع سنوات كاملة في فرنسا، تخللتها رحلات عدة إلى اليونان مهد التراجيديا والكوميديا والمسرحيات الأولى في التراث الإنساني.

وقد شاهد عروضًا مسرحية على أكبر مسارح باريس، ورأى بعينيه كيف يمثِّل فن المسرح والمسرحيات ذروة التطور الحضاري والثقافي والإبداعي لأمة من الأمم؛ تجسد همومها ومعضلاتها وتتفنن في تشكيل جماليات الطرح المسرحي؛ بدءا من النص المكتوب في صيغته الحوارية وشخوصه التي تدور بينها الحوارات؛ وصولا إلى تجسيد هذه الصيغ بأكملها على خشبة المسرح.

وقد كان الدكتور محمد مندور (1907-1965) أحد أبرز أعلام الجيل الأول ممن تخرجوا في الجامعة المصرية على يد طه حسين؛ مع سهير القلماوي، ومحمد كامل حسين، ولويس عوض، ونجيب محفوظ.. كما كان بحق واحدًا من أشهر النقاد العرب؛ إن لم يكن قد تربع منفردًا على عرش هذه الشهرة وهذا الذيوع والانتشار طيلة أربعينيات وخمسينيات وحتى رحيله منتصف ستينيات القرن الماضي، فقد تجاوز بحسه الكثير من آفاق النقد الأدبي التقليدية وقدم إبداعه الخاص.

(3)

كانت السنوات العشر التي أعقبت عودة محمد مندور من بعثته إلى فرنسا عام 1939 سنوات خصبة بكل معنى من المعاني، ففي هذه السنوات أصدر مندور مجموعة من الأعمال جعلته -بحق- واحدا من أبرز نقاد ما يسميه جابر عصفور "جيل التحول"؛ ذلك الجيل الذي حاول تجاوز الإطار الليبرالي على المستوى السياسي، وتجاوز الإطار الرومانتيكي "الرومانسي" على مستوى الإبداع، وتجاوز الإطار التقليدي لنظرية "التعبير" الرومانسية على مستوى النقد الأدبي.

ويكفي للتدليل على صحة هذا الرصد أن نشير إلى كتبه المهمة التي صدرت في هذه السنوات العشر (1939-1949)؛ مثل «في الميزان الجديد»، و«نماذج بشرية»، و«النقد المنهجي عند العرب» أو إلى ما ترجمه من «دفاع عن الأدب»، و«منهج البحث في الأدب واللغة»، لندرك خصوبة الإنجاز المتميز الذي قدمه مندور خلال تلك السنوات العشر التي أعقبت عودته من فرنسا.

استهل مندور حياته بدراسة "التراث النقدي عند العرب"، ثم أولى "الشعر" ونقده اهتمامه الكبير، حتى انتقل في أخريات حياته على دراسة "المسرح" والتعمق في درسه وتدريسه وتوسيع رقعة الاهتمام به، نظريا وتطبيقيا، مع التحولات الاقتصادية والسياسية والثقافية التي شهدتها مصر وشهدها العالم العربي منتصف القرن العشرين.

ومن الواضح أن تركيز محمد مندور في أوائل الستينيات على المسرح كان يقوده إلى ما عرف في تاريخ النقد العربي بـ"الواقعية الاشتراكية"، وإلى الإيمان بأن للأدب بوجها عاما ووظيفة سياسية، متصلة باستخلاص القيم المحركة التي تكمن خلف مظاهر التطور الاقتصادي والاجتماعي، والكشف عنها، مما يحوّل هذه القيم إلى قوة إيجابية فعّالة، تتجاوز بالفرد واقعه المتخلف، عندما تثري وعي المتلقي بالواقع، وتدفعه إلى تطويره وتغييره إلى واقع آخر، يقترب من نموذج التطبيق الاشتراكي الذي تصاعدت أعلامه في الستينيات الأولى.

(4)

وكان كتاب «المسرح» آخر ما كتب مندور على وجه التقريب (أو الترجيح)، إذ نشر في عام 1965، وهو العام ذاته الذي توفي فيه محمد مندور. استهل مندور كتابه بالتأكيد على أن علماء الآثار ما زالوا مختلفين حول معرفة المصريين القدماء بالفن المسرحي؛ ومن ثَم ستظلُّ البدايةُ المؤكَّدة للمسرح عند قدماء اليونان (الإغريق)، أما فنُّ المسرح في العالَم العربي فقد برَز منذ منتصف القرن التاسع عشر، على يدِ الرائد الشامي الكبير مارون النقاش الذي يُعَد رائدًا لهذا الفن. وهكذا وبحرفية واقتدار أستاذ متمكن وناقد أريب ومؤرخ أدب بارع أخذ مندور في الكشف عن فن «المسرح» متتبعا نشأة الفنِّ المسرحي وأنواعه وتطوُّره؛ حيث ظهرَت قديمًا فنونٌ شعبية مهَّدت لرَواجِ فنِّ المسرح الحديث بين العامَّة، كما ظهر «المسرح الغنائي» الذي مهَّد له الشيخُ سلامة حجازي. وفي أواخر القرن التاسع عشر ظهر مسرحُ أحمد شوقي، الذي خلَق في "المسرحية الشعرية" مزيجًا بين الدراما التمثيلية والإلقاء الشعري، ثُم ظهر المسرح النَّثري، ومسرح توفيق الحكيم، ثم مسرح محمود تيمور، وأخيرا مشكلات المسرح.

وتَعرَّض محمد مندور بالنقد والتحليل لقضايا أخرى مهمة متعلِّقة بالفن المسرحي؛ تناولها مع مراعاة الترتيب "التاريخي" و"الزمني" على النحو التالي:

المسرح عند قدماء المصريين، المسرح والعرب القدماء، ثم فنون المسرح الشعبية (مثل: حكايات «صندوق الدنيا»، و«خيال الظل»، و«الأراجوز»)، منتقلًا بعد ذلك إلى معالجة المسرح في العالم العربي الحديث، ويمكن اعتبار هذا العنوان هو البداية الحقيقية للكتاب، وما قبله بمثابة المهاد التاريخي للمسرح (جذورًا وروافد).

(5)

يقدم مندور في مقدمته للكتاب تفسيرًا واضحا لاعتماده هذا التقسيم؛ إذ نراه يقول:

"يُثيرُ الحديث عن المسرح العربي عدَّةَ مشاكل أولية لا بد من تصفيتها، وأولى تلك المشاكل تأتي من أن المسرح ليس فنًّا من فنون الأدب التقليدية التي عرفها العرب القدماء، وخلَّفوا لنا فيها تراثًا يشبه ما خلفوه في فنون الأدب الأخرى، كفنون المدح والهجاء والرثاء والغزل والمقامات والخطب، وما إليها من فنون الشعر والنثر التقليدية عند العرب".

على أن هذه الظاهرة، فيما يرى مندور، لا تُعفي المتحدث عن المسرح من البحث عمَّا يمكن أن يكون لهذا الفنِّ من أصولٍ تاريخيةٍ بعيدةٍ عند المصريين القدماء أو عند العرب، بل ولا يعفيه من إيضاح الأسباب التي حالت دون ظهور هذا الفن عند العرب القدماء، أو التي حالت دون أخْذِهم هذا الفن عن اليونان، على نحو ما أخذوا عنهم الفلسفة والمنطق وبعض العلوم عند ازدهار الترجمة في العصر العباسي.

كما أنها لا تعفيه أيضًا من البحث عمَّا يمكن أن تكون قد قامت به بعض الفنون الشَّعبيَّة، مثل فن خيال الظِّلِّ والأراجوز وصندوق الدنيا من تمهيد الشعب المصري خاصة والشعوب العربية عامة لتقبُّل الفن المسرحي، عندما أخذ العرب هذا الفن عن الغربيين ابتداءً من القرن التاسع عشر، وأخيرًا لا تعفيه هذه الظاهرة أيضًا ممَّا يمكن أن تكون قد أحدثته فنون الأدب التقليدية عند العرب من تأثير على فن المسرح، عندما أخذ العرب يترجمون عن الآداب الغربية المسرحيات أو يقتبسونها أو يعربونها ثم يمثلونها فيما أنشئُوا من دور للمسرح، وفي النهاية عندما أخذوا يؤلِّفون هم أنفسهم المسرحيات الشعرية والنثرية..

مقالات مشابهة

  • طلاب عرب: جائزة «إبداع» فرصة لاكتشاف المواهب الواعدة
  • غزة من وسط النار يولد الصمود وتكتب الحرية بوهج الألم
  • بين نوبل وبوليتزر.. لماذا رفض سارويان الجوائز؟
  • حرية الاختيار: بين بناء الذات ومواجهة الضرورة
  • جائزة ابن بطوطة.. جسر ثقافي بين الأمس والغد
  • «المسرح» في فنون الأدب العربي
  • "السينتينليون".. قبيلة معزولة تواجه خطر الانقراض بسبب تطفل الغرباء
  • ترامب: غزة يجب أن تصبح منطقة حرية ونتنياهو في موقف صعب
  • طلاب المملكة يحصدون 23 جائزة في “آيسف 2025”