أعلنت بريطانيا والاتحاد الأوروبي، اليوم الاثنين، عن توقيع اتفاق شامل يعيد رسم ملامح العلاقة بين الطرفين بعد خمس سنوات من خروج المملكة المتحدة من التكتل الأوروبي. الاتفاق، الذي يغطي مجالات الدفاع والتجارة، يشكل أول تحرك استراتيجي واسع النطاق لإعادة تنظيم العلاقة بين بروكسل ولندن بعد "البريكست"، وسط تحديات جيوسياسية متزايدة وأزمات اقتصادية مستمرة.



وأكد رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر أن الاتفاق "منصف للطرفين ويمثل بداية عصر جديد"، معلناً عن شراكة استراتيجية تتناسب مع "متطلبات العصر الحالي".

جاء ذلك خلال مؤتمر صحفي مشترك مع رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين، التي وصفت الاتفاق بأنه "صفحة جديدة نطوي من خلالها خلافات الماضي".

دفاع مشترك.. وتجاريًّا: تخفيف القيود

يشمل الاتفاق شراكة دفاعية موسعة، تسمح لبريطانيا بالمشاركة في بعثات عسكرية أوروبية والاستفادة من صندوق دفاعي بقيمة 150 مليار يورو، وهو ما عُد مؤشراً على رغبة لندن في تعزيز دورها الأمني الأوروبي في ظل التوتر مع روسيا وعودة دونالد ترامب إلى رئاسة الولايات المتحدة.

تجاريًّا، تم الاتفاق على رفع القيود المفروضة على الصادرات البريطانية إلى دول الاتحاد، مع تمديد حقوق الصيد للاتحاد الأوروبي في المياه البريطانية حتى عام 2038. وبحسب داونينغ ستريت، يُتوقع أن يضيف الاتفاق نحو 12 مليار دولار إلى الاقتصاد البريطاني بحلول 2040، نتيجة تسهيل عمليات التبادل التجاري، لا سيما في قطاعي الغذاء والطاقة.




صيد السمك.. "لم نبع القطاع"

خلال المؤتمر الصحفي، نفى ستارمر الاتهامات ببيع قطاع صيد الأسماك، قائلاً: "هذا اتفاق جيد لصيد الأسماك". جاء ذلك رداً على سؤال من الصحفي كريس ماسون من بي بي سي، الذي تساءل عما إذا كانت الحكومة قد تخلت عن هذا القطاع لصالح التنازلات الأوروبية.

أوضح ستارمر أن أكثر من 70% من المأكولات البحرية البريطانية تُصدّر إلى الاتحاد الأوروبي، وأن إزالة القيود الصحية والبيطرية ستُسهم في تخفيف البيروقراطية وتسهيل التصدير، بما في ذلك إعادة تصدير المحار. كما شدد على أن طول مدة الاتفاق يمنح "الاستقرار" للقطاع، مقارنة بالمفاوضات السنوية التي كانت تثير حالة من عدم اليقين.

الطاقة تحتفي بالاتفاق

من جانبه، رحب قطاع الطاقة البريطاني بالاتفاق، واصفاً إياه بأنه "نقطة تحول تاريخية" ستُحقق وفورات ضخمة. وذكرت جيليان أمبروز، مراسلة شؤون الطاقة في "الغارديان"، أن الاتفاق يعيد فعليًا دمج المملكة المتحدة في السوق الموحدة للكهرباء، مع التزامها بلوائح الاتحاد الأوروبي تحت إشراف محكمة العدل الأوروبية.

وقال دارا فياس، الرئيس التنفيذي لـEnergy UK، إن الاتفاق "يُزيل عوائق النمو، ويُخفض أسعار الطاقة، ويُمهد الطريق لمستقبل مشترك قائم على الطاقة النظيفة". وقدّر مدير السياسات في المنظمة، آدم بيرمان، أن الاتفاق سيوفر ما يصل إلى 370 مليون جنيه إسترليني سنوياً، مع إمكانية تضاعف الوفورات بحلول نهاية العقد إذا نجحت بريطانيا في أن تصبح مُصدّراً صافياً للكهرباء الخضراء.

معارك مؤجلة.. وظلال ترامب وروسيا

رغم توقيع الاتفاق، لا تزال هناك قضايا مؤجلة، مثل تسهيلات الدفاع الصناعي وتنقل الشباب. وقد تجنبت لندن حتى الآن العودة إلى حرية التنقل الكاملة، لكنها تركت الباب مفتوحاً أمام برامج تبادل محدودة تستهدف فئة الشباب من عمر 18 إلى 30 عاماً، في ظل حساسية ملف الهجرة وارتفاع نبرة حزب "ريفورم يو كي" اليميني.

الاتفاق الجديد، رغم أهميته، ليس نهاية الطريق. فلا تزال كثير من التفاصيل، خصوصاً في الشق الدفاعي، بحاجة إلى مفاوضات إضافية. وتبقى الدوافع الاستراتيجية، سواء ما يتعلق بتهديدات روسيا أو غموض السياسات الأمريكية المقبلة، محركاً رئيسياً لهذا التقارب بين لندن وبروكسل.

الاتفاق البريطاني الأوروبي الجديد يمثل نقطة تحول في مسار العلاقة المضطربة بعد البريكست. إنه ليس عودة إلى ما قبل الخروج، ولا قطيعة جديدة، بل محاولة عملية لبناء علاقة واقعية قائمة على المصالح المشتركة، في وقت تعيد فيه أوروبا وبريطانيا التفكير في أمنها واقتصادها ومكانها في عالم مضطرب.


المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية سياسة دولية بريطانيا أوروبا بريطانيا أوروبا علاقات إتفاق المزيد في سياسة سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الاتحاد الأوروبی

إقرأ أيضاً:

شراكة بمليارات الدولارات بين السعودية وإندونيسيا لتعزيز التعاون الاقتصادي

الرياض- رويترز

ذكرت وكالة الأنباء السعودية أمس الأربعاء أن المملكة وإندونيسيا وقعتا عدة اتفاقيات ومذكرات تفاهم قيمتها تقارب 27 مليار دولار بين مؤسسات القطاع الخاص في مجالات عدة، منها الطاقة النظيفة والبتروكيماويات.

وزار الرئيس الإندونيسي برابوو سوبيانتو المملكة أمس الأربعاء والتقى بولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.

وقالت وكالة الأنباء السعودية أن الجانبين اتفقا أيضا على تعزيز التعاون في مجال "توريد النفط الخام ومشتقاته... وتطوير سلاسل التوريد واستدامتها في قطاعات الطاقة... وتعزيز التعاون في مجال الموارد المعدنية".

وأضافت الوكالة أن حجم التبادل التجاري بين البلدين قارب 31.5 مليار دولار خلال السنوات الخمس الماضية،مشيرة إلى أن هذا "يجعل المملكة الشريك التجاري الأول لجمهورية إندونيسيا في المنطقة".

ووقعت شركة أكوا باور السعودية اتفاقيات مبدئية لاستكشاف فرص الاستثمار في مشاريع الطاقة المتجددة مع (دانانتارا إندونيسيا)، وهو صندوق ثروة سيادي، وشركة الطاقة الحكومية برتامينا، بحسب بيان من دانانتارا.

وأضاف صندوق دانانتارا السيادي أنه من المتوقع استكشاف استثمارات محتملة تصل قيمتها إلى 10 مليارات دولار لتمويل المشاريع.

وذكرت الوكالة السعودية أن الجانبين اتفقا أيضا "على التعاون لتحفيز الابتكار وتطبيق التقنيات الناشئة مثل الذكاء الاصطناعي في قطاع الطاقة وتطوير البيئة الحاضنة لها".

وتابعت أنهما "أكدا أهمية التعاون المشترك لتطوير تطبيقات وتقنيات الاقتصاد الدائري للكربون والهيدروجين النظيف عبر تبادل الخبرات والمعرفة والتجارب".

مقالات مشابهة

  • شراكة بمليارات الدولارات بين السعودية وإندونيسيا لتعزيز التعاون الاقتصادي
  • “فاينانشال تايمز”: الاتحاد الأوروبي يرفض انضمام بريطانيا لاتفاقية التجارة الحرة الأوروبية
  • معاهدة دفاع مشترك بين بريطانيا وألمانيا
  • الاتحاد الأوروبي يعرقل انضمام بريطانيا إلى تكتل تجاري
  • بريطانيا وألمانيا تستعدان لتوقيع معاهدة دفاع مشترك واسعة النطاق
  • الأردن يبحث تزويد سوريا بالكهرباء عبر خط ربط مشترك
  • المفوضية الأوروبية تقترح خفض الانبعاثات بنسبة 90% بحلول 2040
  • 20 ألف مهاجر عبروا المانش نحو بريطانيا
  • مركز التحكيم التجاري الخليجي يُنظم الملتقى الخليجي البريطاني للتحكيم أواخر يوليو الجاري في لندن
  • ما هي الدولة الأوروبية التي تعيد معظم المهاجرين غير الشرعيين؟