لماذا يتعمد عثمان ميرغني التضليل؟

بابكر فيصل*

قلت في كثير من المناسبات أن حرب الخامس عشر من أبريل هى حرب الأكاذيب بإمتياز، حيث تم إستغلال وسائل التواصل الإجتماعي والصحف ووسائل الإعلام من أجل التضليل ونشر الدعاية وتشكيل الرأي العام عبر تزييف الوقائع واستبدال الحقائق بالتصورات والرغبات.

قد كتب الأستاذ عثمان ميرغني مقالاً بعنوان “تصريحات بابكر فيصل” يعكس حقيقة ما ذهبت إليه من وصف الحرب التي تدور رحاها في بلادنا بأنها حقاً حرب الأكاذيب، حيث تعمد بتر تصريحي لصحيفة الشرق الأوسط من سياقه، كما أنه تبرع بالحديث بلساني وتفسير كلامي حسب رغبته وليس كما قلته أو قصدت إليه.

في البدء يتوجب علىَّ إيراد التصريح كاملاً حتى تتضح الصورة وينكشف التضليل :

(وفي هذا الصدد، رأى رئيس المكتب التنفيذي لحزب «التجمع الاتحادي»، بابكر فيصل، أن إعادة طرح خريطة الطريق السابقة في القمة العربية، «تشبه إملاء شروط طرف منتصر على طرف مهزوم، وهو أمر لا يعكس ما يجري على أرض الواقع».

كما رفضت «قوات الدعم السريع» تأييد الأمم المتحدة لمبادرة عدتها «أحادية الجانب» من طرف الجيش، قائلة إن ذلك يعرّض للخطر مصداقية الهيئة الأممية، بوصفها “وسيطاً محايداً”

وأضاف فيصل في تصريح لـ«لشرق الأوسط»، أن على طرفي الحرب العودة إلى التفاوض في «منبر جدة»، وإجراء حوار جدي لوقف الاقتتال، ويستصحبوا فيه ما تم التوافق عليه في «اتفاق المنامة»، مشيراً إلى أن ما تم التوافق حوله حينها بلغ نسبة 85 في المائة حول تفاصيل وقف العدائيات وإطلاق النار.

وقال فيصل، لا توجد إرادة حقيقة كافية لوقف الحرب، وما كان يمكن تحقيقه قبل سنتين منذ اندلاع الحرب قد يصعب تحقيقه الآن. وأضاف أن إعلان ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، في القمة الخليجية – الأميركية بالرياض حول مواصلة الجهود لوقف الحرب في السودان «أمر جيد، ونتمنى اتباعه بخطوات تنفيذية لاستئناف منبر جدة، بدعوة الأطراف المتحاربة للعودة إلى التفاوض، خصوصاً أنه تم قطع أشواط كبيرة في المحادثات السابقة.

وأشار إلى أن المرجو من «منبر جدة» أن يصل بالأطراف المتحاربة إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، وترتيبات إيصال المساعدات الإنسانية وحماية المدنيين، وإفساح المجال أمام القوى المدنية لتقرر في العملية السياسية، ما بعد إيقاف الحرب).إنتهى

كتب عثمان ميرغني التالي : (هذا الحديث خطير للغاية من عدة أوجه الأول : بابكر فيصل بذلك أعطى نفسه حق تمثيل الدعم السريع وتقدير أن هذه الشروط غير مقبولة، وكان الأفضل أن يترك هذا الأمر للطرف المعني أن يقرر ذلك).

وجه التضليل في حديث عثمان أعلاه هو إدعاؤه أنني تحدثت إنابة عن الدعم السريع، بينما أنا أتحدث أصالة عن الحزب الذي أمثله,وهو حزب له قراءة ورؤية للحرب وكذلك له تقديراته السياسية الخاصة والمستقلة، ولا يتخبط في أحاديثه كما يتخبط الأستاذ عثمان الذي قال بتفكيره الرغبوي المعهود  في حوار مع قناة الغد قبل أكثر من عام أن “الحرب في السودان إنتهت”.

التضليل يبدو أكثر وضوحاً في بتر عثمان ميرغني لبقية الخبر الذي يقول : (كما رفضت «قوات الدعم السريع» تأييد الأمم المتحدة لمبادرة عدتها «أحادية الجانب» من طرف الجيش، قائلة إن ذلك يعرّض للخطر مصداقية الهيئة الأممية، بوصفها “وسيطاً محايداً”).

الحديث أعلاه ليس حديثي أنا بل هو رأي قوات الدعم السريع وهو الأمر الذي ينفي أنني أتحدث نيابة عنها.

ويواصل عثمان ميرغني في كلامه المغرض قائلاً : ( هنا لم يكتف بابكر فيصل بالتحدث إنابة عن الدعم السريع بل تعسف وتطرف في تمثيله للدرجة التي يحكم فيها -وهو مدني بلا خبرة عسكرية- بقوة وضع الدعم السريع الميداني. الوجه الثاني : بابكر فيصل منح نفسه صفة المحكم العسكري الذي يقرر أن الوضع الميداني تميل كفته  لصالح الدعم السريع.. لا أعلم على أساس أو خبرة عسكرية بنى ذلك؟ قد يوحي ذلك للبعض أنه خلط بين الأماني والحقائق).

هنا أستسمح القاريء الكريم أن ينظر لحديثي كاملاً كما أوردته في صدر المقال، هل يوجد فيه أي كلام عن قوة وضع الدعم السريع الميدانية؟ وهل فيه ذكر لأن الوضع الميداني تميل كفته لصالح الدعم السريع ؟ هذا كذب صريح وتضليل فاجر !

إنَّ عدم واقعية خارطة الطريق التي قصدتها تتمثل في الجزئية التي تتحدث عن شروط الجيش المتمثلة في الآتي : إنسحاب الدعم السريع من جميع المدن والمناطق التي يُسيطر عليها وفك الحصار عن مدينة الفاشر فضلاً عن تسليم سلاحه وتجميع قواته في أماكن محددة. هذه الشروط في رأي الحزب الذي أمثله غير واقعية ولن تؤدي لذهاب الطرفين لطاولة المفاوضات.

والمفارقة أن هذا الرأي قال به حزب آخر مؤيد للجيش وقد ورد رأيه في ذات تقرير الشرق الأوسط ولكن عثمان ميرغني تعمد عدم الإشارة إليه إمعاناً في التضليل, حيث جاء في التقرير الآتي :  (بدوره قال رئيس حزب الأمة “الإصلاح والتجديد” مبارك الفاضل المهدي إن خريطة الطريق المقدمة من الجيش للأمم المتحدة “غير واقعية”).

لماذا لم يتهم عثمان ميرغني “حزب الأمة” بأنه يتحدث بالإنابة عن الدعم السريع ؟ ولماذا لم يتهمه كذلك بأن حديثه عن “عدم واقعية” خارطة الطريق يعني أن الوضع الميداني تميل كفته لصالح الدعم السريع ؟

إن وقف الحرب لن يتم إلا بعد توفر الإرادة لدى الأطراف المتحاربة، وتوحيد الصف المدني الداخلي لممارسة أقصى أنواع الضغط على الأطراف فضلاً عن حشد الدعم الإقليمي والدولي للعب ذات الدور. الإشتراطات غير الواقعية لن تفعل شيئاً سوى إطالة أمد الحرب واستمرار نزيف الدم والخراب.

ختاماً : قد ظل موقفنا الداعي لوقف الحرب ثابتاً منذ اليوم الأول لإندلاعها، ولم نتزحزح عن رؤيتنا رغم تعرضنا لحملات ضخمة من التضليل والإساءة والتخوين، ومع مرور كل يوم من الحرب يتأكد صواب رؤيتنا التي سنستمر في التمسك بها من أجل وقف معاناة الشعب السوداني، لن ننحني للإبتزاز أو التهديد والوعيد وسنتصدى لكل حملات التضليل والأكاذيب بالحجة والمنطق السديد.

* رئيس المكتب التنفيذي للتجمع الاتحادي والقيادي بتحالف (صمود)

الوسومالجامعة العربية الجيش الحرب الدعم السريع السودان الشرق الأوسط بابكر فيصل تحالف صمود حزب التجمع الاتحادي عثمان ميرغني

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: الجامعة العربية الجيش الحرب الدعم السريع السودان الشرق الأوسط بابكر فيصل تحالف صمود عثمان ميرغني عثمان میرغنی الدعم السریع بابکر فیصل

إقرأ أيضاً:

شبكة أطباء السودان: 233 كادر طبي ضحايا للحرب عقب مقتل الطبيب صديق عثمان

الشبكة أكدت أن هذا الحادث يمثل استمرارًا لما وصفته بـ”الاستهداف المنهجي للأطباء والمنشآت المدنية”، مشيرة إلى أن عدد الكوادر الطبية الذين قُتلوا منذ اندلاع الحرب بلغ 233 طبيبًا.

الخرطوم: التغيير

أدانت شبكة أطباء السودان بأشد العبارات مقتل الطبيب صديق عثمان الفكي داخل منزله في منطقة شرق النيل بولاية الخرطوم، جراء قصف شنّته قوات الدعم السريع صباح اليوم عبر طائرات مسيّرة.

وأوضحت الشبكة في بيان اليوم الثلاثاء، أن الهجوم أسفر أيضًا عن إصابة ابني الطبيب اللذين نُقلا إلى المستشفى لتلقي العلاج.

وأكدت الشبكة أن هذا الحادث يمثل استمرارًا لما وصفته بـ”الاستهداف المنهجي للأطباء والمنشآت المدنية”، مشيرة إلى أن عدد الكوادر الطبية الذين قُتلوا منذ اندلاع الحرب بلغ 233 طبيبًا.

وأضاف البيان أن استهداف المدنيين والأطقم الطبية “يعكس طبيعة قوات الدعم السريع التي جعلت من القتل والترويع وسيلة لبسط نفوذها”، مؤكدة أن دماء الضحايا “لن تذهب هدراً”.

وطالبت شبكة أطباء السودان المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية بتحمل مسؤولياتها في إدانة ومحاسبة قوات الدعم السريع على ما ترتكبه من انتهاكات متواصلة ضد المدنيين والعاملين في القطاع الصحي.

وكان سرب من الطائرات المسيّرة قد استهدف فجر اليوم الثلاثاء ولايتي الخرطوم والشمالية، مما أدى إلى وقوع عدد من القتلى والجرحى في شرق النيل والدبة.

وأفادت مصادر محلية بأن المسيرات حاولت استهداف محطة عد بابكر التحويلية في شرق الخرطوم، وعدد من المواقع التي يتواجد بها قيادات من قوات درع السودان.

وقالت المصادر لـ (التغيير) إن إحدى المسيرات الانتحارية استهدفت الاستراحة التي يُعتقد وجود قائد قوات درع السودان، اللواء أبوعاقلة كيكل فيها.

وأوضحت أن طائرة مسيرة سقطت في منزل الطبيب صديق عثمان الفكي، مالك مجموعة صيدليات الفاروق، ما أدى إلى مقتله هو وابنه، وإصابة اثنين من أبنائه.

الوسومآثار الحرب في السودان الكوادر الطبية حرب الجيش والدعم السريع شبكة أطباء السودان

مقالات مشابهة

  • الدعم السريع تكثف هجماتها باستخدام الطائرات المسيرة.. من أين تحصل عليها؟
  • مجازر مليشيا الدعم السريع المروعة في الفاشر ترقى إلى جريمة الإبادة الجماعية
  • الجيش السوداني: دمرنا راجمة تابعة لميليشيا الدعم السريع في مدينة الفاشر
  • تدمير راجمة صواريخ لمليشيا الدعم السريع المتمردة كانت تقصف المواطنين بالفاشر
  • انفجارات تهز أم درمان وسط تصدي الجيش السوداني لمسيرات تابعة للدعم السريع
  • شبكة أطباء السودان: 233 كادر طبي ضحايا للحرب عقب مقتل الطبيب صديق عثمان
  • الدعم السريع تقصف بالمسيرات والجيش السوداني يصد هجوما بالفاشر
  • الأمم المتحدة تُـدين استهداف الدعم السريع “المتكرر والمتعمد” للمدنيين في الفاشر
  • السودان.. مسيرتان للدعم السريع تستهدفان منطقة عد بابكر شرقي الخرطوم
  • وقف إطلاق النار في غزة.. لماذا جاء الاتفاق متأخرًا؟