وفاة محمد لخضر حمينة.. مخرج صَنع مجده بين ظلال الثورة الجزائرية وأضواء كان
تاريخ النشر: 24th, May 2025 GMT
توفي المخرج والمنتج الجزائري محمد لخضر حمينة، يوم الجمعة، عن عمر يناهز 95 عاما، وفق ما أعلنته عائلته. ويعد حمينة العربي والأفريقي الوحيد الذي نال جائزة السعفة الذهبية في مهرجان كان السينمائي.
وجاء في بيان صادر عن أبنائه أن الراحل "توفي في منزله بالعاصمة الجزائر، بعد أن ترك إرثا سينمائيا لا يقدر بثمن"، مشيدين بـ"رؤيته الفريدة التي شكلت علامة فارقة في تاريخ السينما".
كما أكدت العائلة أن محمد لخضر حمينة نجح في بناء "جسر ثقافي حقيقي بين الجنوب والغرب، ليصبح صوتا للعالم الثالث وبلاده طوال ما يقارب أربعة عقود".
بصمة خالدةومحمد لخضر حمينة هو أحد المخرجين الأفارقة والعرب القلائل الذين نافسوا 4 مرات في مسابقة مهرجان كان السينمائي، وفاز بجائزتين رئيستين، هما جائزة أفضل فيلم أول عن "ريح الأوراس" (Le Vent des Aures) وجائزة السعفة الذهبية العريقة عن فيلم "وقائع سنوات الجمر" (Chronique des annees de braise) عام 1975.
وفي رسالة تعزية، أبدى الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون "بالغ الحزن والأسى" بوفاة مَن وصفه بـ"عملاق السينما العالمية" الذي ترك "بصمة خالدة في تاريخ السينما".
وشهد مهرجان كان هذه السنة، لفتة تكريمية لحمينة من خلال عرض نسخة "4 كاي" من فيلم "وقائع سنوات الجمر" ضمن برنامج فئة "كان كلاسيكس".
إعلانوبفضل فيلم "وقائع سنوات الجمر"، حقق المخرج الجزائري شهرة على المستوى العالمي.
وأشار تبون إلى أنّ رائعة" لخضر حمينة هذه فتحت عيون العالم على "قطعة من معاناة الشعب الجزائري خلال فترة الاستعمار".
وأكدت عائلة المخرج في بيانها أنّ المخرج كان "أحد آخر عظماء السينما الملحمية والشاعرية، وترك بصمة لا تمحى على مهرجان كان السينمائي الدولي وعلى السينما عموما".
بطولاتتناول فيلم "وقائع سنوات الجمر" نضال الشعب الجزائري من أجل الاستقلال، حيث يوثق الفترة الممتدة من عام 1939 حتى 1954، مسلطًا الضوء على ولادة أمة ومسيرة كفاح شعبها حتى اندلاع الثورة ضد الاستعمار الفرنسي، والتي تواصلت حتى نيل الاستقلال في 1962.
وفي تأبينه، قال الرئيس عبد المجيد تبون "قبل أن يكون مخرجا عالميا مبدعا خلد اسمه في سجل السينما العالمية، كان محمد لخضر حمينة مجاهدا شجاعا، ساهم في تحرير وطنه من خلال ما قدمه من أعمال جسدت بطولات الثورة التحريرية، وعرّفت العالم بعدالة قضيتنا وكفاح شعبنا".
ونعى حمينة عدد من الفنانين والنقاد، فكتب الناقد الفني طارق الشناوي عبر حسابه على فيسبوك "يرحل يوم عرسه ودعنا اليوم محمد الاخضر حامينا المخرج الجزائري الكبير . بينما كانت ادارة مهرجان ( كان) تحتفل باليوبيل الذهبي 50 عاما على حصوله على السعفة الذهبية عن فيلمه ( وقائع سنوات الجمر)…".
وكتب المخرج أمير رمسيس "الأخضر حامينا صاحب سعفة وقائع سنوات الجمر يرحل في أسبوع العرض الاستعاديّ لفيلمه صاحب السعفة في مهرجان كان".
النشأة والبداياتوُلد محمد لخضر حمينة في 26 فبراير/شباط 1934 بمدينة المسيلة بمنطقة الأوراس (شمال شرق الجزائر)، في أسرة ريفية بسيطة. تلقى تعليمه في كلية زراعية، ثم واصل دراسته في مدينة أنتيب الفرنسية، حيث التقى بزوجته التي أصبحت لاحقا والدة أبنائه الأربعة.
إعلانأثناء حرب التحرير الجزائرية، اختطف الجيش الفرنسي والده، وعذبه حتى الموت. وفي عام 1958، انضم حمينة بنفسه إلى صفوف المقاومة الجزائرية من تونس.
تعلم حمينة فن السينما بالممارسة، من خلال فترة تدريب في إحدى القنوات التونسية، قبل أن يبدأ في إخراج أفلام قصيرة.
انطلقت مسيرته الإخراجية عام 1964 بفيلم وثائقي بعنوان "لكن في أحد أيام نوفمبر" (Mais un jour de novembre). وعلى مدار 50 عامًا (1964-2014)، أنجز 9 أفلام، بينها وثائقي واحد و7 أفلام روائية، من أبرزها: رياح الأوراس (1966)، حسان طيرو (Hassan Terro – 1968)، ديسمبر (Décembre – 1973)، وقائع سنوات الجمر (1975)، رياح رملية (Vent de sable – 1982)، الصورة الأخيرة (La Dernière Image – 1986)، وشفق الظلال (Crépuscule des ombres – 2014.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات سينما محمد لخضر حمینة مهرجان کان
إقرأ أيضاً:
وفاة صاحب “السعفة الذهبية” العربية الوحيدة
مايو 24, 2025آخر تحديث: مايو 24, 2025
المستقلة/-برحيل محمد لخضر حمينة، تفقد السينما العربية والأفريقية أحد أبرز رموزها، ومبدعًا استطاع من خلال أعماله أن يحوّل الألم السياسي إلى لغة فنية خالدة.
لم يكن تييري فريمو، المفوض العام لمهرجان كان السينمائي، يعلم حينما قدّم تحية تكريمية للمخرج الجزائري محمد لخضر حمينة بعد ظهر الجمعة، أن الرجل قد فارق الحياة، حيث أعلنت عائلته بعد ساعات رسميًا وفاته عن عمر ناهز الـ91 عامًا.
الراحل، الذي لم يتمكّن من السفر إلى مهرجان كان هذا العام بسبب تقدّمه في السن، حظي بتكريم خاص من خلال عرض نسخة محدثة من فيلمه الشهير “وقائع سنين الجمر”، بحضور ابنه مالك حمينة، الذي أدّى دور طفل في الفيلم قبل خمسة عقود.
وقال مالك، بتأثر واضح، إن الفيلم كان بمثابة “رسالة تدعو للوحدة، لا للانقسام”، مضيفًا: “أراد والدي أن يجعل من السينما أرضًا للقاء، لا للفصل. وهذا التكريم حقيقي وعميق”.
حضر أيضًا العرض الممثل والمنتج الفرنسي الجزائري سفيان زيرماني، المعروف بـ Sofiane، قائلاً: “إرث محمد لخضر حمينة ملك لنا جميعًا. أشعر بالفخر لوجودي هنا. هذا الفيلم هو صرخة إنسانية، وقطعة من التاريخ، وصوت أجدادنا، وجسر يربط بين الضفتين”.
ويأتي هذا العرض في وقت تشهد فيه العلاقات بين الجزائر وفرنسا توترًا غير مسبوق، ما أضفى على المناسبة بعدًا رمزيًا خاصًا.
فيلم “وقائع سنين الجمر”، الذي يُعدّ العمل العربي والأفريقي الوحيد الحائز على السعفة الذهبية، أطفأ شمعته الخمسين هذا العام. وقد فاز بجائزة السعفة الذهبية في “مهرجان كان” عام 1975 خلال الدورة الثامنة والعشرين، حين ترأست لجنة التحكيم جان مورو، متفوقًا على مخرجين كبار من بينهم مارتن سكورسيزي، فرنر هرتزوغ، ميكيل أنجلو أنطونيوني وكوستا-غافراس. وكان هذا الفيلم هو الرابع في مسيرة حمينة، الذي سبق أن نال جائزة “أفضل عمل أول” عن فيلمه “ريح الأوراس” عام 1967.
ملحمة ضد الظلم
يمتد الفيلم على مدى ثلاث ساعات تقريبًا، ويُعتبر ملحمة سينمائية ذات طابع سياسي وإنساني، تنطلق من واقع الريف الجزائري في الثلاثينيات، حيث الجفاف والمجاعة وتهميش الفلاحين، وتتناول عبر ستة فصول أبرز المراحل المفصلية بين عامي 1931 و1954، تاريخ انطلاق الثورة الجزائرية.
يروي الفيلم قصة حميد، الشاب الذي التحق بالجيش الفرنسي خلال الحرب العالمية الثانية، ليعود إلى بلده ويجده يغلي تحت نيران القهر والظلم، ويندفع نحو الثورة.
ويصفه المخرج في تصريحات سابقة بأنه “فيلم ضد الظلم والإهانة، ويعكس دوافع الثورة الجزائرية”، مضيفًا: “الشباب الذين لم يعيشوا تلك الحقبة، يمكنهم فهمها من خلال الفيلم. أما من عاشها، فسيجد فيها صدقًا كبيرًا في نقل الأحداث”.
الفيلم، في طبعته الأصلية، أثار الكثير من الجدل وقت عرضه في مهرجان كان 1975، حيث يُعتقد أن عناصر من منظمة الجيش السري OAS حاولوا عرقلة العرض من خلال بلاغات كاذبة بوجود قنابل.
أما النسخة الجديدة، فتم ترميمها بعناية لتكون مطابقة للأصل، مع الحفاظ على الروح التاريخية والطابع الإنساني العميق الذي ميّز العمل، ما أتاح لجيل جديد من المشاهدين فرصة إعادة اكتشاف هذا الإنجاز السينمائي النادر.
برحيل محمد لخضر حمينة، تفقد السينما العربية والأفريقية أحد أبرز رموزها، ومبدعًا استطاع من خلال أعماله أن يحوّل الألم السياسي إلى لغة فنية خالدة.