وسط الدمار الذي خلفته الحرب في قطاع غزة ، تبرز معاناة النساء كواحدة من أكثر القصص إيلامًا. بين فقدان الأحبة، والإصابات الجسدية البليغة، وصراع البقاء لتأمين لقمة العيش، تواجه آلاف النساء ظروفًا إنسانية كارثية دون أي أمل في المساعدة الفورية لحمايتهن.

شروق أبو سكران (24 عامًا) واحدة من أولئك النساء اللواتي يواجهن تحدي الحياة في غزة.

فهي زوجة شهيد وهي واحدة من الناجيات من قصف منزلها في غزة.

إن القصف أودى بحياة جميع من في المنزل باستثنائها وطفلها البالغ من العمر عامين. نتيجة القصف، بُترت ساقاها، مما جعلها عاجزة عن الحركة أو رعاية طفلها.

بحسب مصادر عن مركز الإحصاء الفلسطيني أن هناك زيادة في عدد الأرامل اللاتي يعلن أسرهن في قطاع غزة، مبينا أن هناك أكثر من 13 ألف أسرة من الأيتام.

تقول شروق بصوت مرتجف "طفلي يحتاج إلى رعاية، وأنا لا أستطيع مساعدته. لا يوجد غذاء كافٍ، ولا علاجات متوفرة حتى لجروحي. أقوم بتغيير الضمادات بنفسي، ولا أحصل على أي متابعة طبية".

وفقاً لتقرير منظمة الصحة العالمية (مايو 2024)، فإن 90% من الجرحى في غزة لا يحصلون على الرعاية الطبية الكافية، بينهم الآلاف من النساء مثل شروق، اللواتي يُجبرن على الاعتماد على مسكنات بدائية أو خلطات عشبية لعلاج جروح خطيرة.

تعاني شروق من ألم نفسي شديد بعد فقدان زوجها، وتقول إنها تلجأ إلى جلسات الدعم النفسي، لكنها لا تكفي. "نحن نعيش في خيمة مليئة بالحشرات، مهددون بالموت في أي لحظة. أريد مساعدة عاجلة قبل فوات الأوان".

خضرة حجاج (34 عامًا)، تصف وضعها بأنه "مأساة يومية". تقول "أصبحت أقارن الموت برغيف الخبز... كل يوم أستيقظ وأفكر: كيف أطعم أولادي؟ أسير لمسافات طويلة لجلب الماء والغذاء، بينما الأسعار ترتفع بشكل جنوني.

تقول خضرة بقهر "أفضل الموت على رؤية أطفالي يعانون من الجوع. الطحين، السكر، المعكرونة، العدس – كل شيء أصبح بعيد المنال. نحن نعيش تحت القصف، والمؤسسات الدولية تتجاهلنا".

ووفقاً لتحليل التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي (IPC)، يواجه 470,000 شخص في غزة مستويات كارثية من الجوع (المرحلة الخامسة من التصنيف)، ويعاني كافة السكان من انعدام الأمن الغذائي الحاد، كما يحذر التقرير من أنه يُتوقع أن يحتاج نحو 71,000 طفل وأكثر من 17,000 أم إلى علاج عاجل من سوء التغذية الحاد. وفي مطلع عام 2025، كانت تقديرات منظمات الأمم المتحدة تشير إلى حاجة 60,000 طفل للعلاج.

إزاء ذلك، تطالب الشابة "خضرة" المجتمع الدولي بالتحرك العاجل: "وقعتم اتفاقيات لحماية النساء في الحروب، فأين أنتم؟ إحنا مش صامدين، إحنا منهكين".

وتضيف بغضب: "المؤسسات الدولية تتحدث عن 'حقوق المرأة'، لكن أين هي؟ نحن نُباد يوميًا. لا نريد خطابات عن الصمود، نريد مساعدات فعلية: مشاريع صغيرة، دعمًا نفسيًا، أي شيء يُبقينا أحياء!"

في السياق نفسه، قالت أريج عبد الرحمن (30 عامًا)، وهي نازحة في مخيم بمنطقة الرمال، "إن الحرب حولت حياتها إلى جحيم. "لا خصوصية، لا أمان، لا طعام، أطفالي يشيبون من الخوف بسبب أصوات القصف".

ويتقاطع ما تقوله السيدة عبد الرحمن، مع تقارير منظمة اليونيسف التي أوضحت أن، 72% من أطفال غزة يُظهرون أعراض اضطراب ما بعد الصدمة، فيما أن 85% من النساء النازحات يعانين من نوبات هلع متكررة.

تعاني أريج من صعوبة توفير الغذاء، وتضطر لبيع المساعدات الإنسانية لشراء الطحين. "الاحتلال يريد أن يشغلنا بلقمة العيش حتى ننسى قضيتنا. لكننا سنصمد رغم كل شيء".

في السياق ذاته، تقول ماجدة البلبيسي، ناشطة اجتماعية وأخصائية نفسية: "المرأة في غزة تتحمل العبء الأكبر – من الرعاية إلى النزوح المتكرر. كثيرات يعانين من اضطراب ما بعد الصدمة، لكنهن لا يجدن وقتًا حتى للحزن".

البلبيسي أن النساء في غزة يعانين من سوء التغذية ونقص الرعاية الصحية، خاصة المرضعات اللواتي يعجزن عن إطعام أطفالهن بسبب شح الغذاء. كما تؤكد مصادر طبية انتشار حالات فقر الدم والاضطرابات النفسية، مثل الاكتئاب واضطراب ما بعد الصدمة، نتيجة المشاهد المروعة التي عايشتها الكثيرات، بما في ذلك فقدان الأزواج والأقارب.

أظهرت دراسة اعدها البنك الدولي بالتعاون مع الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني حول الصحة النفسية حول اثر الحرب الذي شنه الاحتلال الاسرائيلي على القطاع في العام 2021 وتم جمع بياناتها في الربع الاول من العام 2022، أن 71% من سكان قطاع غزة (18 سنة فأكثر) مصابين بالاكتئاب بسبب العدوان على القطاع، في حين أن مستويات الاكتئاب كانت متشابهة بين النساء والرجال، وإن توتر الصحة النفسية يصبح أكثر سوء في قطاع غزة خلال العدوان حيث انه لا مكان آمن بالنسبة لسكان القطاع.

كما أوضحت الدراسة أن العلاقة طردية بين الفقر المدقع واضطرابات الصحة النفسية، حيث أكدت أن جميع الأطفال والنساء في قطاع غزة تعرضوا الى جميع أنواع الاضطرابات النفسية بسبب العدوان الإسرائيلي.

فيما توضح الاخصائية البلبيسي "في ظل انعدام الكهرباء والمياه النظيفة، تضطر النساء إلى السير لمسافات طويلة لجلب المياه أو الانتظار لساعات في طوابير المساعدات الغذائية. وتفاقم الأوضاعُ سوءًا مع تحول العديد منهن إلى معيلات وحيدات لعائلاتهن بعد استشهاد أزواجهن، مما زاد من الضغوط المادية والنفسية عليهن".

وأضافت "أن مخيمات النزوح تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة الكريمة، حيث تعيش عائلات بأكملها بين القمامة ومياه الصرف الصحي، وسط انتشار الأمراض والحيوانات الضالة. وتشير منظمات إغاثية إلى أن هذه الظروف تهدد بآثار طويلة الأمد على الصحة الجسدية والنفسية للناجيات".

من جانبها، تؤكد المحامية منيرة الفيومي أن تقاعس المجتمع الدولي عن حماية النساء في غزة "يشكل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني، بما في ذلك اتفاقيات جنيف التي تُلزم بحماية المدنيين، خاصة النساء، أثناء النزاعات.

وقالت الفيومي: "النساء في غزة يُتركن دون دعم قانوني أو اقتصادي. كثيرات أصبحن معيلات بعد فقدان أزواجهن، ويعشن في فقر شديد. يجب تمكينهن بمشاريع صغيرة أو مساعدات مالية عاجلة، لكن العالم يتجاهل معاناتهن."

قصص شروق وخضرة وأريج ليست سوى نموذجين من مئات الآلاف في غزة. فخلف كل إحصائية عن "ضحايا الحرب"، هناك امرأة تُدفن أحلامها، تُقاوم الجوع، تخاف على أطفالها، وتتساءل: أين الحماية الموعودة؟

السؤال الذي يُلحّ على الضمير العالمي: كم امرأة أخرى يجب أن تموت، أو تفقد ساقيها، أو تنهار نفسيًا، قبل أن يتحرك العالم؟

ملاحظة : هذا النص مخرج تدريبي لدورة الكتابة الإبداعية للمنصات الرقمية ضمن مشروع " تدريب الصحفيين للعام 2025" المنفذ من بيت الصحافة والممول من منظمة اليونسكو.

المصدر : وكالة سوا - ريهام الفيومي اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد المزيد من آخر أخبار فلسطين هل تذكي العملات المهترئة العنف في السوق المحلي؟ كيف أصبحت الطاقة الشمسية أكسجين الغزيين؟ بعد استقالة مديرها - "إغاثة غزة" تبدأ توزيع المساعدات في القطاع اليوم الأكثر قراءة هذه ليست «أمّ المعارك» ولا آخرها انهيار غير مأسوف عليه نتنياهو: على إسرائيل أن تمنع حدوث مجاعة في غزة "لأسباب دبلوماسية" ألوية الناصر: استشهاد القائد أحمد سرحان بعد إفشاله عملية إسرائيلية خاصة عاجل

جميع الحقوق محفوظة لوكالة سوا الإخبارية @ 2025

المصدر: وكالة سوا الإخبارية

كلمات دلالية: فی قطاع غزة النساء فی فی غزة

إقرأ أيضاً:

ورشة تدريبية حول "الدليل الإرشادي للصحة النفسية لطلبة التعليم العالي"

 

 

مسقط- الرؤية

نظمت جامعة التقنية والعلوم التطبيقية ورشة تدريبية بعنوان "الدليل الإرشادي للصحة النفسية لدى طلبة مؤسسات التعليم العالي"، بالتعاون مع وزارة الصحة ممثلةً بالمديرية العامة للخدمات الصحية والبرامج "دائرة الصحة المدرسية والجامعية"، ومنظمة الصحة العالمية.

واستهدفت الورشة أخصائيي الإرشاد الطلابي والإرشاد النفسي بمختلف مؤسسات التعليم العالي بالسلطنة، وهدفت إلى تمكينهم من المهارات الأساسية في التعامل مع الحالات النفسية والسلوكية للطلبة، بما يضمن بيئة جامعية صحية وآمنة نفسيًا.

وتضمّن اليوم الأول من الورشة عددًا من الجلسات التأسيسية والنقاشات التفاعلية، والتعريف أهداف البرنامج والدليل الإرشادي، وأهمية وجود إطار مؤسسي موحّد لإدارة الصحة النفسية في الحرم الجامعي، وإدارة الحالة النفسية كأحد الأعمدة الأساسية في دعم الطلبة، ومناقشة مكونات الإدارة الفعالة، بدءًا من التقييم المبكر، ومرورًا بتحديد الأولويات، ووصولًا إلى وضع خطة دعم متكاملة.

وقدمت الورشة قراءة تحليلية لاتجاهات الصحة النفسية في مؤسسات التعليم العالي، على المستوى الإقليمي والعماني، واستعرض المشاركون واقع الخدمات النفسية في الحرم الجامعي والتحديات التي تواجههم في هذا السياق.

وشهد اليوم الأول أيضًا جلسة نقاشية موسعة بعنوان "إحالة الحالات السلوكية والنفسية في البيئة الجامعية بين الوعي والاستجابة"، شارك فيها الطالب إلياس الحاتمي من فرع الجامعة بعبري، والذي تحدّث عن تجربة الطلبة مع الخدمات النفسية، فيما قدّم الدكتور محمد إبراهيم عطا الله من كلية التربية بالرستاق مداخلة حول أهمية بناء جسور من الثقة بين الطلبة والأخصائيين.

كما أُقيم على هامش الورشة معرض متخصص شاركت فيه عدد من المؤسسات الصحية النفسية والعيادات النفسية، إلى جانب مبادرات وطنية تُعنى بتعزيز الصحة النفسية، وقد استعرض المعرض أبرز الخدمات المتاحة، والبرامج التوعوية، والوسائل المختلفة للدعم النفسي المقدمة للطلبة، سواء داخل الحرم الجامعي أو خارجه، مما أتاح للمشاركين فرصة التعرف على الخارطة الوطنية لخدمات الصحة النفسية والشراكات الممكنة لدعم الطلبة.

واختُتم اليوم الأول بدراسة حالة جماعية ناقشت ظاهرة التوتر والإرهاق الأكاديمي، حيث تناول المشاركون أسبابه، وأثره على التحصيل الدراسي، وآليات التدخل المناسبة، وذلك ضمن نقاش مفتوح جمع بين النظرية والممارسة.

وركّز اليوم الثاني على الجانب العملي والتخطيط الاستراتيجي، حيث ناقش المشاركون آليات بناء نظام دعم نفسي متعدد التخصصات داخل الحرم الجامعي، يضمن تكامل الأدوار بين الأخصائيين والإدارات الجامعية والمراكز الصحية، إلى جانب تنفيذ تمرين محاكاة تطبيقي لحالة واقعية، تدرب من خلاله المشاركون على كيفية إدارة أزمة نفسية مثل حالات الانتحار، مع التركيز على خطوات التدخل السريع، ودور كل من المرشد النفسي، والطبيب، وإدارة الجامعة.

وتناولت جلسات اليوم الثاني أهمية المتابعة والتقييم بعد تقديم الدعم، وأثرها في ضمان استدامة التعافي، بالإضافة إلى تمكين المشاركين من إعداد خطط دعم جامعية عملية، تناسب طبيعة مؤسساتهم وتراعي الفروق الفردية والثقافية بين الطلبة، واختتمت الورشة بعرض خطط العمل ومناقشة التوصيات النهائية التي تقدم بها المشاركون.

وقالت الدكتورة هدى الشعيلية نائبة رئيس الجامعة للأنظمة الإلكترونية والخدمات الطلابية: "ؤمن بأن هذه الندوة تمثل محطة نوعية في مسيرتنا نحو تعزيز الصحة النفسية لطلبة مؤسسات التعليم العالي، حيث تجسد التكامل بين القطاع الصحي والتربوي، والاهتمام بالشباب كركيزة للتنمية الشاملة والمستدامة، والتوجه العلمي في معالجة القضايا النفسية بعقلانية وموضوعية، والتزامنا بتوفير بيئة جامعية محفزة وداعمة للصحة النفسية".

مقالات مشابهة

  • ورشة تدريبية حول "الدليل الإرشادي للصحة النفسية لطلبة التعليم العالي"
  • ابن يحيى: 36% من المستفيدات من برنامج التمكين الاقتصادي نساء قرويات
  • الصحة العالمية: النظام الصحي في غزة ينهار وسط نفاد الأدوية والمعدات الطبية
  • الصحة العالمية تعلن نفاد غالبية مخزونات المعدات الطبية في غزة
  • مجلس شباب الثورة السلمية :صوت نساء عدن وتعز هو صوت اليمن بأكمله وهو صوت الغضب والكرامة وبداية انفجار شعبي قادم لا يمكن كتمه.
  • نساء سودانيات يناقشن معاناة اللاجئين في لقاء حمدوك بكمبالا
  • كيف يؤثر نظام المناوبات الليلية على الصحة النفسية؟
  • مجلس شباب الثورة: تظاهرات نساء عدن وتعز بداية لانفجار شعبي قادم
  • ابتسام الشيخ: فكرة (منبر نساء لأجل السلام والعدالة) جاءت لبناء مجتمع متصالح