رغم روابط الجوار والدين واللغة، فإن العلاقة بين مصر وليبيا اتسمت على مدار التاريخ الحديث بتقلبات حادة، وصولاً إلى محاولات صريحة من الأنظمة المصرية المتعاقبة لفرض النفوذ أو الهيمنة على القرار الليبي، وهو ما يعتبره البعض طمعًا سياسيًا وجغرافيًا موغلًا في التاريخ.

ولعلي استعرض هنا أبرز المحطات التاريخية التي تدل على وجود طموح مصري مستمر للتدخل في الشأن الليبي، عبر أدوات عسكرية، دينية، استخباراتية، أو حتى ناعمة:

غزو محمد علي لبرقة (1820–1840)

في مطلع القرن التاسع عشر، ومع بروز محمد علي باشا كقوة صاعدة في العالم العثماني، اتجهت أنظاره غربًا نحو برقة، في محاولة لبسط السيطرة على الإقليم الليبي الشرقي.

أرسل محمد علي قوات عسكرية إلى برقة لفرض نفوذه على قبائلها. ورغم أن الحملة لم تُكتب لها الديمومة، فإنها تُعتبر أول مؤشر رسمي على الطموح المصري المباشر في الأراضي الليبية.

النفوذ الديني والسياسي في برقة قبل الاحتلال الإيطالي

في أواخر القرن التاسع عشر، حاولت مصر استثمار علاقاتها مع الطرق السنوسية ذات النفوذ الكبير في برقة آنذاك، ومارست نوعًا من الوصاية الدينية والسياسية غير المعلنة.
غير أن هذه المحاولة فشلت أيضًا، رغم الرؤية المصرية التي ظنت أن ليبيا “أرض رخوة” يسهل التغلغل فيها في ظل ضعف الدولة العثمانية وتنامي الطموحات الاستعمارية الإيطالية.

محاولة فرض الوصاية بعد الحرب العالمية الثانية (1945–1951)

مع نهاية الحرب العالمية الثانية وسقوط الفاشية الإيطالية، ظهرت مشاريع دولية لتقسيم ليبيا إلى مناطق نفوذ أو وضعها تحت وصاية متعددة.

دعمت مصر بعض المقترحات التي تمنحها دورًا في برقة، طمعًا في المساحات الشاسعة التي تمتاز بها ليبيا، لكن محاولتها هذه فشلت أمام رغبة الليبيين في الاستقلال الكامل، ودور الأمم المتحدة في إقرار ذلك.

التوتر بين عبد الناصر والملك إدريس السنوسي (1950–1960)

رغم العلاقات الدبلوماسية، لم يُخفِ الرئيس جمال عبد الناصر عداءه للملك إدريس، الذي كان يرى فيه حليفًا لبريطانيا وقوة مضادة للمشروع القومي.

دعمت القاهرة حركات معارضة للملكية الليبية، وحرّض الإعلام المصري على النظام في ليبيا، في إطار محاولة لفرض التوجه الناصري على الدولة الليبية.

وقد نجح عبد الناصر في ذلك عندما قام تلميذه، معمر القذافي، بالانقلاب الذي استولى به على السلطة.

الغزو العسكري المصري لليبيا (1977)

أشد مراحل التصعيد وقعت في عهد الرئيس أنور السادات، حين اندلع نزاع مسلح مباشر بين الجيش المصري والليبي في يوليو 1977، فيما عُرف بـ”حرب الأيام الأربعة”.

ورغم انسحاب القوات المصرية لاحقًا، فإن الحدث اعتُبر أوضح تجسيد لمحاولة مصر استخدام القوة لفرض سياساتها على ليبيا، خاصة في ظل خلافات حادة بين السادات والقذافي.

استخدام المعارضة الليبية كورقة ضغط في عهد مبارك

خلال حكم حسني مبارك، فتحت مصر أبوابها لقيادات من المعارضة الليبية، ووفّرت لهم منابر سياسية وإعلامية.
وفي الوقت نفسه، استُخدمت هذه الورقة كورقة ضغط على نظام القذافي، ما يُظهر أن الموقف المصري لم يكن دائمًا حياديًا، بل تحكمه الحسابات والمصالح.

مرحلة ما بعد القذافي: التدخل المباشر ودعم حفتر (2014–اليوم)

منذ 2011، تحولت ليبيا إلى ساحة مفتوحة للتدخلات، وكان الدور المصري من أبرزها وأكثرها وضوحًا:

• دعمت القاهرة خليفة حفتر عسكريًا وسياسيًا.
• نشطت استخباراتها في الشرق الليبي، وأُنشئت قنوات اتصال مع قوى محلية في الجنوب والغرب.
• سعت مصر إلى تثبيت شخصيات موالية لها في السلطة الليبية، في محاولة للتحكم في القرار الليبي من داخل المؤسسات.

تُعد هذه المرحلة ذروة المشروع المصري للهيمنة، خاصة في ظل صراع نفوذ إقليمي مع تركيا، وتنافس على موارد الطاقة، والموقع الجغرافي الحساس لليبيا.

وأخيرًا – مايو 2025: محاولة استنساخ سيناريو 2013

في مايو 2025، ظهرت ملامح محاولة استنساخ العملية التي قام بها الجيش المصري عام 2013، عندما حرّض على المظاهرات والفوضى ضد أول رئيس منتخب في تاريخ مصر، ليعود الحكم العسكري من جديد.

اليوم، تسعى المخابرات المصرية لتكرار نفس السيناريو في طرابلس، عبر تحريض الفوضويين والغوغائيين على زعزعة أمن البلاد، وإثارة الفوضى والخوف، لفتح الطريق أمام الميليشيات المسلحة للسيطرة على الحكم.

لكن هذه المحاولة، وإن بدت محكمة التخطيط، فإنها ستفشل كما فشلت سابقاتها، لأن الوعي الشعبي الليبي اليوم أعلى، والرفض لأي وصاية خارجية أو عسكرية أصبح واضحًا.

لا مكان للجيش المصري ولا لأي نفوذ أجنبي في قلب الشعب الليبي وضميره السياسي، فليبيا تُبنى بالإرادة الوطنية، لا بأجندات المخابرات ولا بتفاهمات غرف مغلقة

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

المصدر: عين ليبيا

إقرأ أيضاً:

زكي عبد الفتاح: سمير عدلي بكى بسبب أحمد حسن.. والحضري ليس الأفضل

وصف زكي عبد الفتاح، مدرب حراس مرمى منتخب مصر الأسبق، حمزة علاء، حارس مرمى النادي الأهلي المعار حاليًا، بأنه "حارس مرمى كرة يد أكثر من كرة القدم"، مؤكداً أن نجاح حمزة علاء يكمن في مشاركته الأساسية مع فريقه في البرتغال، وليس مجرد الاحتراف بحد ذاته.

وأوضح زكي عبد الفتاح، خلال تصريحاته ببرنامج «الماتش» مع الإعلامي إيهاب الكومي على قناة «صدى البلد»:أن  أحمد الشناوي، حارس مرمى بيراميدز، هو أكثر حارس موهوب في مصر، ولكنه استدرك قائلًا إن الشناوي "حرق" نفسه بانتقاله إلى الزمالك في وجود الحارس المخضرم عبد الواحد السيد آنذاك.

وتطرق زكي عبد الفتاح للحديث عن أحمد حسن، لاعب منتخب مصر السابق، مؤكدًا أنه حصل على لقب "العميد" بفضل الأمريكي برادلي، المدير الفني السابق للمنتخب، مؤكداً أن سمير زاهر، رئيس اتحاد الكرة الأسبق، طلب من برادلي الدفع بأحمد حسن في مباراة أمام البرازيل ليتمكن من الحصول على هذا اللقب التاريخي.

وواصل زكي عبد الفتاح كشف كواليس مثيرة، حيث ذكر أن سمير عدلي، المدير الإداري للمنتخب المصري آنذاك فى فترة براديلي بكى بعد توبيخ أحمد حسن له أمام اللاعبين في غرفة الملابس، مؤكداً أن البرتغالي مانويل جوزيه، المدير الفني الأسبق للأهلي، أطاح بأحمد حسن من القلعة الحمراء بسبب "تصرفاته الخاطئة".

وفي ختام تصريحاته، تطرق عبد الفتاح إلى عصام الحضري، أسطورة حراسة المرمى المصرية، مؤكدًا أن شخصيته هي السبب في كونه لا يصلح لأن يكون مدربًا لحراس مرمى منتخب مصر، وعلى الرغم من اعترافه بأن الحضري هو "الأفضل في تاريخ مصر بالأرقام"، إلا أنه رأى بالموهبة لا يستحق ذلك، واصفًا أي لاعب يطلق لقب "بطل من ورق" على نفسه بأنه لا يصلح مؤكداً أن ثابت البطل وإكرامي هم أفضل حراس مرمي في تاريخ مصر.


 

طباعة شارك أحمد الشناوى مصطفي شوبير أحمد حسن سمير عدلي اخبار الرياضة

مقالات مشابهة

  • من هي المرأة التي تعرف أسرار ترامب أكثر من نفسه؟
  • من قلب المركز إلى هامش العالم.. كيف تعيد الرأسمالية إنتاج الهيمنة؟
  • «أوحيدة»: هدف أوروبا تحويل الأزمة الليبية إلى ملف سياسي وأمني يديره اتحادها
  • نهائي أوروبي خالص.. ما بين معانقة التاريخ وكسر الهيمنة | خمسة أشياء منتظر حدوثها للمرة الأولى
  • اتفاقية تعاون عسكري بين ليبيا وتركيا لتأهيل وتطوير الجيش الليبي
  • حديثٌ الوزير محافظة في عمق الوجع… مابين الطموح والخلل
  • زكي عبد الفتاح: سمير عدلي بكى بسبب أحمد حسن.. والحضري ليس الأفضل
  • حقوقي يكشف تفاصيل ما يحدث بالسجون المصرية.. إضراب ومحاولات انتحار في بدر3
  • وزير الخارجية يؤكد أهمية الملف الليبي للأمن القومي المصري
  • وزير الخارجية: نؤكد دعم مصر للحل الليبي الليبي ونرفض التدخلات الخارجية