الدكتور محمد عوض الزبيدي

في وطننا الحبيب والذي ظلّ لسنوات طويلة مهوى أفئدة الطلبة العرب، ومحجّ العلم لطامحي الإقليم والمنطقة، لا تمرّ كلمات وزير التعليم العالي مرور العابرين، حين يتحدث الدكتور عزمي محافظة وزير التعليم العالي عن نزاهة البحث العلمي وربطه في الجامعات، فإنه لا يُطلق أحكامًا مطلقة، بل يقرع جرسًا تأخر كثيرًا في الرنين، وحين يُشخّص علل التصنيف الأكاديمي، لا يُدين مؤسسات الوطن الاكاديمية، بل يضع يده، بصبر الجرّاح، على الجرح المفتوح منذ زمن… دون أن يسمي النزيف، لكنه يشير إليه بحزم لا يخلو من الحنين إلى الصورة المشرقة المعروفة عن التعليم في الأردن وعن سمعته التعليمية.

الوزير لم يقل إن جامعاتنا في أسوأ حالاتها، لكنه قال إنها تستحق أكثر والوطن يستحق أكثر فهو لم يُهاجم، بل صارح لم يجلد سمعة الجامعات، بل ساءه ما آل إليه حال بيوتٍ تعليمية يفترض أن تكون منيعًتاً، حديثه، في جوهره، لم يكن إعلان فشل، بل دعوة إلى إعادة توجيه البوصلة إلى مكانها الصحيح وفي ذلك، لا يمكن أن يُختصر موقفه بردّ فعل، بل يجب أن يُقرأ كسياق وطني يعيد ترتيب الأسئلة الكبرى حول جامعاتنا التي لطالما كانت مشرقة، وما نريد منها أن تكون عليه.

فالجامعات الأردنية مهما تعددت مسمياتها وُجدت لأهداف نبيلة اهداف لأجل التعليم، والبحث العلمي، وخدمة المجتمع. هذه هي أركان رسالتها المقدّسة، لا جداول التصنيف ولا الإعلانات البراقة، وإن كانت بعض المؤسسات قد ضلّت السبيل، فإنها لم تفعل ذلك وحدها، فالبيئة التي دفعتها إلى تعيينات فخرية، وإلى سباق محموم مع المجلات والاقتباسات، لم تولد من فراغ، بل من سياسات شجعتها، وصمت رسمي طالما بارك الأرقام دون مساءلة عن معناها الحقيقي.

مقالات ذات صلة لامركزية شكلية 2025/07/09

نعم، الجامعات تمتلك صلاحيات واسعة، وربما صلاحيات شبه مطلقة، ولكنها تعمل داخل مناخ وطني عام، توجّه فيه البوصلة باتجاهات مختلفة، وتُقاس فيه الإنجازات بعدد الأوراق المنشورة، لا بجدوى تلك الأوراق ولا بمدى صدقها. لهذا، فإن مراجعة الأداء يجب ألا تكتفي بالنظر إلى قاع المؤشر، بل أن ترفع البصر نحو سقف السياسة التعليمية تجاه الجامعات الحكومية والخاصة، وتعيد رسم الخطوط العريضة التي ضيّعت الأولويات.

ما قاله الوزير، حتى وإن بدا قاسيًا للبعض، يجب أن يُؤخذ بروحه الإصلاحية، لا كأداة تجريح، فالرجل الأكاديمي المعروف لم يرمِ حجارة، بل أضاء شمعة في طريق طويل مظلم. وهو إذ يكشف عن تصنيفات حمراء وخطر مرتفع، فإنه لا يُشهّر، بل يدعو إلى مكاشفة مسؤولة تبدأ من الداخل، وتتحمل فيها كل جهة نصيبها من الحقيقة.

إن التصنيف وحده لا يصنع سمعة اكاديمية، والنزاهة الحقيقة لا تُقاس بعدد الشهادات وعدد الابحاث، بل بمدى إخلاص المؤسسات لرسالتها، ومن هنا، فإن المطلوب اليوم ليس الدفاع عن صورة مهزوزة، بل تقويم ما اعوجّ بصمت طويل، المطلوب منا جميعا من جميع الجامعات والمؤسسات التعليمية وحتى الاكاديميين، أن نحمي سمعة التعليم العالي الأردني من الداخل، قبل أن تتناوله ألسنة الخارج.

إننا بحاجة إلى من يتحدث بهذا الوضوح، لا إلى من يجمّل القبح بالصمت، نحتاج إلى وزير لا يخشى السؤال، ولا يتردد في فتح الملفات المؤجلة، لآن وضع اليد على الجرح حتى وأن كان مؤلم أفضل بكثير من تركه ينزف، ومع ذلك، فإن حديثًا بهذه الحساسية لا يكتمل من طرف واحد، بل يستدعي أن تنهض الجامعات نفسها، وتعيد قراءة دورها بعيدًا عن هوس التصنيف، وقلق التمويل، وإغراء المجد الورقي.

ولأن الجامعات قبل أن تكون مباني أو تصنيفات هي ضمير وطن وسمعه خريجيه من ابناءه والذين نفاخر بهم في كل الدنيا، فإن رعايتها ليست ترفًا ولا ترفيعًا، بل مسؤولية لا بد أن تكون على قدر المكانة التي نريدها لها، وهنا، نهمس لمن بيده القرار( إن التصحيح لا يبدأ من لوم، بل من فهم حقيقي للأوضاع ومن لا يريد أن يرى الخلل، لن يُصلحه، ومن لا يريد أن يسمع الصوت الصادق، سيبقى يدور في دائرة الخداع.

وأختم وأقول إن التعليم العالي في الأردن والذي خريجيه يعملون في كبرى الشركات والمؤسسات في الدنيا لا يحتاج إلى مديح، ولا إلى هجاء بل إلى وقفة ضمير، تعترف أن الخلل لم يولد أمس، وأن إصلاحه لن يأتي بالغضب وحده ولعلّ في كلمات الوزير ما يُعيد بعض الصدق إلى هذا المشهد، إذا أحسنا فهمه، وأخلصنا في العمل به

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: التعلیم العالی أن تکون

إقرأ أيضاً:

التعليم العالي يعلن فتح باب التقديم للبعثات والمنح والقروض الداخلية

صراحة نيوز- أعلنت مديرية البعثات في وزارة التعليم العالي والبحث العلمي عن بدء تقديم الطلبات الإلكترونية للاستفادة من البعثات والمنح والقروض الداخلية للطلبة الأردنيين الملتحقين بالجامعات الرسمية ضمن البرنامج العادي لمستوى درجتي البكالوريوس والدبلوم المتوسط، للعام الجامعي 2025-2026.

وأوضحت المديرية أن التقديم متاح إلكترونيًا عبر موقعها الرسمي www.dsamohe.gov.jo اعتبارًا من اليوم الأحد 30-11-2025، وحتى الساعة الثالثة والنصف عصر يوم الخميس 11-12-2025.

وبحسب الوزارة، فقد تم اعتماد آلية جديدة بعد الانتهاء من مشروع الربط الإلكتروني مع مؤسسات التعليم العالي، تتيح للطالب مراجعة بياناته الأكاديمية والأسرية المستوردة من الجامعة/الكلية، والاعتراض المبدئي على أي معلومات غير صحيحة. وستعلن الوزارة لاحقًا نقاط الطلبة على أساس بياناتهم، مع فتح باب الاعتراضات وتحميل الوثائق الداعمة للحالات الإنسانية، قبل ترشيح الطلبة للاستفادة من البعثات والمنح والقروض بشكل نهائي وشفاف، مع إعلان أسماء المرشحين ونقاطهم لكل لواء.

وأكدت الوزارة أن كامل عملية التقديم إلكترونية بالكامل ولا تتطلب زيارة الحرم الجامعي، باستثناء تقديم وثيقة إثبات الطالب للأخ/الأخت الدارس في جامعة غير أردنية أو كلية مجتمع أردنية خاصة، داعية الطلبة وذويهم للالتزام بعدم الحضور شخصيًا، مع إمكانية الاستفسار عبر منصات الوزارة الرسمية على فيسبوك وتويتر.

مقالات مشابهة

  • بدء استقبال الطلاب في الملتقى الدولي للتعليم العالي «إديوجيت 2025» غدًا
  • وزير التعليم العالي يشهد فعاليات حفل يوم الجينوم الثالث
  • وزير التعليم العالي والسفير الفرنسي يناقشان مستجدات مشروع حرم الجامعة الفرنسية
  • وزير التعليم العالي: 191 قرارًا جمهوريًا لدعم استقرار الجامعات وتطوير الأداء في 2025
  • التعليم العالي: زيادة عدد القرارات الجمهورية بتعيين القيادات الجامعية خلال 2025
  • غدا.. بدء استقبال الطلاب والزائرين بالدورة 18 من الملتقى الدولي للتعليم العالي «إديوجيت 2025»
  • وزارة التعليم العالي تعلن شاغر رئيس قسم
  • وزير التعليم العالي يطلق "أسبوع البحث والابتكار بين مصر والاتحاد الأوروبي"
  • وزير التعليم العالي يطلق فعاليات أسبوع البحث والابتكار بين مصر والاتحاد الأوروبي
  • التعليم العالي يعلن فتح باب التقديم للبعثات والمنح والقروض الداخلية