حريق مهول يلتهم جنان اللوكوس بالعرائش
تاريخ النشر: 28th, May 2025 GMT
زنقة20ا الرباط
اندلع، زوال اليوم الأربعاء، حريق مهول بجنان اللوكوس نواحي مدينة العرائش، ما خلف حالة من الاستنفار في صفوف مصالح الوقاية المدنية والسلطات المحلية التي انتقلت على وجه السرعة إلى عين المكان لمحاصرة ألسنة اللهب.
وبحسب معطيات أولية، فإن الحريق شبّ في منطقة فلاحية معروفة بكثافة غطائها النباتي، ما سرّع من انتشار النيران بشكل واسع، وسط مخاوف من امتدادها إلى الحقول المجاورة وبعض المساكن القروية القريبة.
وقد تم تسخير عدد من الشاحنات الصهريجية والفرق الميدانية لمحاصرة الحريق، بينما لم تُسجل لحدود الساعة أي خسائر بشرية، في وقت تواصل فيه عناصر الوقاية المدنية مجهوداتها من أجل السيطرة على الوضع.
المصدر: زنقة 20
إقرأ أيضاً:
المؤشرات الاستخباراتية وأمن السفارات بين الوقاية والمساءلة الدولية
تُشكّل المؤشرات الاستخباراتية خط الدفاع الأول في حماية أمن السفارات والبعثات الدبلوماسية. ففي الهجمات المنظمة، لا تقع الاعتداءات على السفارات بشكل مفاجئ لسلطات الدول المضيفة، بل تسبقها إشارات وتحذيرات أمنية، تأتي من تقارير أجهزة الاستخبارات أو من خلال قراءات المشهد السياسي والاجتماعي. لذا، فإن الإخفاق في التحرك بناءً على هذه المؤشرات يُعد دليلًا على التراخي، وقد يصل إلى الاتهام بالتواطؤ الضمني، وهو ما يُعرّض الدولة المضيفة لمسؤولية قانونية دولية، ويُهدد مكانتها ومصداقيتها أمام المجتمع الدولي.
تتحوّل المعلومات الاستخباراتية غير المستثمرة من أداة وقاية إلى قرينة إدانة. فعندما يُعتدى على سفارة كانت معرّضة للتهديد، وكان هناك وقت كافٍ لاتخاذ تدابير الحماية، تصبح الدولة المضيفة طرفًا مسؤولًا عن انتهاك التزاماتها، وفقًا لما نصّت عليه اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية لعام 1961.
وفي سابقة تُعد من أخطر انتهاكات القانون الدولي، اقتحم مئات الإيرانيين مقر السفارة الأمريكية في طهران بتاريخ 4 نوفمبر 1979، واحتجزوا 52 دبلوماسيًا وموظفًا أمريكيًا كرهائن، في انتهاك صارخ لكل قواعد العلاقات الدولية. وقد استمرت الأزمة لأكثر من 400 يوم، إلى أن تم الإفراج عن الرهائن في 20 يناير 1981، لتُطوى بذلك واحدة من أطول وأشد الأزمات الدبلوماسية توترًا في القرن العشرين.
لجأت الولايات المتحدة إلى محكمة العدل الدولية، التي أصدرت في 24 مايو 1980 حكمًا نهائيًا حمّلت فيه إيران المسؤولية الدولية الكاملة عن الاعتداء، استنادًا إلى اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية لعام 1961.
وقد اعتبرت المحكمة أن السلطات الإيرانية لم تتخذ أي تدابير لمنع الهجوم، رغم توافر مؤشرات استخباراتية، وامتنعت عن التدخل أثناء وقوعه، وأظهرت دعمًا سياسيًا واضحًا لمنفذيه.
وبناءً على ذلك، رأت المحكمة أن إيران انتهكت التزاماتها الدولية بوضوح، وخرقت حصانة السفارة وحصانة موظفيها، وألحقت أضرارًا جسيمة بعلاقاتها الدبلوماسية. وشدّد الحكم على أن الدولة لا تُعفى من التزاماتها بحجة الفوضى الداخلية أو الغضب الشعبي، وقد أحالت المحكمة مسألة تحديد قيمة التعويضات إلى مرحلة لاحقة.
بموجب القانون الدولي، وتحديدًا اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية 1961، تقع على عاتق الدولة المستضيفة مسؤولية غير مشروطة في حماية السفارات ومقارّ القنصليات التابعة للدول الأخرى، وتحديدًا:
- المادة 22 تنص على أن: "مباني البعثة لا يجوز انتهاك حرمتها، وعلى الدولة اتخاذ جميع التدابير المناسبة لحمايتها".
- المادة 29 تضيف بأن: "شخص المبعوث الدبلوماسي مقدّس، ويجب على الدولة اتخاذ جميع الوسائل الممكنة لحمايته".
ما يميّز هذا الإطار القانوني هو أنه لا يشترط وقوع الضرر الفعلي، بل يُحمّل الدولة المسؤولية لمجرد عدم اتخاذ "جميع التدابير المناسبة" للحماية. أي ان النية الحسنة لا تكفي، بل يجب أن تكون هناك إجراءات عملية استباقية، خاصة عند وجود إشارات استخباراتية أو تصعيد حملات تحريض ممنهجة.
لا يُكتفى بالإجراءات الشكلية، بل المطلوب أن تكون "فعالة ومناسبة". ويُعدّ توافر معلومات استخباراتية مسبقة مؤشّرًا على وجوب رفع درجات التأهب الأمني، وإذا لم تتخذ الدولة المضيفة الإجراءات اللازمة، تصبح عُرضة للاتهام بالإهمال أو بعدم احترام التزاماتها الدولية.
غير أن التظاهر قرب أو أمام السفارات يُعد حالة حساسة، كونه قد يتحول من وسيلة تعبير مشروعة إلى تهديد دبلوماسي صريح، لهذا تلجأ الدول إلى: فرض ترخيص مسبق للمظاهرات قرب المقرات الدبلوماسية، وتنظيم التظاهرات بتحديد المسافات الآمنة، ومنع التحريض والعنف، وتعزيز التدابير الأمنية عند توقع احتجاجات مرتبطة بالأوضاع الدولية.
وإذا تجاهلت الدولة المضيفة هذه الإجراءات ووقعت أعمال عنف، فإنها تتحمّل مسؤولية مباشرة في حال وقوع أي اعتداء.
من الخطأ الاعتقاد أن مسؤولية الدولة تنتهي عند حدودها السيادية، فالقانون الدولي يضع على عاتق كل دولة واجبًا دوليًا في حماية أمن البعثات الأجنبية، ويُحاسبها إن قصّرت في اتخاذ ما يلزم من إجراءات، كما أن مسؤولية الدولة لا تقتصر على منع وقوع الاعتداء، بل تمتد إلى محاسبة الفاعلين وتعويض الدولة المعتدى على بعثتها، وإلا فإنها تتحوّل إلى شريك ضمني في الجريمة.
إن التزامات الدول في حماية أمن السفارات والبعثات الدبلوماسية لا تُقاس فقط بردود الفعل بعد وقوع الحوادث، بل تبدأ منذ اللحظة التي تلوح فيها المؤشرات الأولى للخطر. فالفشل في استثمار المعلومات الاستخباراتية المسبقة لا يُعد مجرد تقصير، بل قد يرقى إلى شراكة غير مباشرة في الانتهاكات، تُحمّل الدولة المضيفة مسؤولية قانونية وأخلاقية.
وتُظهر الأزمات التاريخية أن الحماية الدبلوماسية لا تتحقق بالنوايا الحسنة ولا بالتشريعات وحدها، بل من خلال منظومات يقظة، واستجابات استباقية فعّالة، ووعي حقيقي بأهمية السفارات كمكوّن رمزي وسيادي في العلاقات الدولية. إن إهمال هذه الالتزامات لا يُضعف فقط موقع الدولة المضيفة، بل يُفقدها ثقة المجتمع الدولي ويضعها موضع مساءلة قانونية وأخلاقية.