تشهد العلاقات الاقتصادية بين سوريا والأردن تحولا لافتا بعد سقوط نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد أواخر العام الماضي، تمثل في سلسلة من الخطوات المشتركة لإرساء شراكات اقتصادية وتجارية واسعة بين البلدين الجارين.

وجاءت هذه الطفرة في التعاون الاقتصادي وسط تأكيدات سياسية من القيادتين على أهمية العمل المشترك لإعادة بناء سوريا وتحقيق التكامل الاقتصادي بين البلدين، اللذين تجمعهما حدود طولها 375 كلم.



وفي خطوة اعتُبرت تتويجا لتقارب سياسي واقتصادي متصاعد، دشنت دمشق وعمان قبل أيام "مجلس التنسيق الأعلى" بين البلدين عقب زيارة أجراها وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي إلى العاصمة السورية، على رأس وفد رفيع المستوى، حيث التقى نظيره السوري أسعد الشيباني.


كما بحث العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني في اتصال هاتفي مع الرئيس السوري أحمد الشرع، الخميس الماضي، سبل "توسيع التعاون بين الأردن وسوريا بما يخدم مصالح البلدين والشعبين الشقيقين"، وفق بيان صادر عن الديوان الملكي الأردني.

وأكد الملك عبد الله خلال الاتصال "أهمية دور مجلس التنسيق الأعلى بين الأردن وسوريا في مأسسة وتعزيز التعاون في قطاعات حيوية كالمياه والطاقة والتجارة"، مشددًا على دعم عمان لجهود دمشق في إعادة بناء البلاد.

"تكامل بدلا من التنافس"
بموازاة الحراك السياسي، نشطت المؤسسات الاقتصادية في البلدين لتجسيد التفاهمات على أرض الواقع، فقد شهدت دمشق الاثنين الماضي انطلاق منتدى ومعرض الاقتصاد الأردني السوري بمشاركة 42 شركة أردنية، وذلك بعد وصول وفد من تجار وصناعيي الأردن إلى سوريا.

وشدد رئيس غرفتي صناعة الأردن وعمان، فتحي الجغبير، خلال افتتاح المعرض على أهمية "تعزيز التبادل الاقتصادي بين الأردن وسوريا بما يصب في مصلحة البلدين".

وأشار إلى أن المشاركة الأردنية شملت قطاعات البنية التحتية ومواد البناء والطاقة والصناعات الهندسية "التي يتمتع فيها الأردن بقدرات تنافسية متقدمة"، حسب قناة "المملكة".

وأضاف الجغبير، إلى أن "تخفيف القيود المفروضة على حركة البضائع والتحويلات المالية سيسهم في تسهيل تدفق السلع والخدمات ويعزز البيئة الاستثمارية في سوريا".

وفي اجتماع آخر ضم وفدا أردنيا برئاسة الجغبير مع هيئة دعم وتنمية الإنتاج المحلي والصادرات السورية وعدد من الصناعيين السوريين، طُرحت فكرة "تحقيق التكامل الاقتصادي بدلا من التنافس في عمليات التصدير والاستيراد"، إلى جانب تبادل الخبرات، حسب وسائل إعلام سورية.

ووصف رئيس غرفة تجارة الأردن، خليل الحاج توفيق، زيارة الوفد التجاري إلى سوريا بأنها "تاريخية"، مردفا بالقول "نحن نريد عودة سريعة للشقيقة سوريا للعودة إلى الحضن العربي، ومشاركتها حالة الازدهار التي تنتظرها بمختلف المجالات".

وأضاف الحاج توفيق، في تصريحات لوكالة الأنباء الأردنية "بترا"، أن "هناك رغبة قوية من القطاع التجاري الأردني لبناء شراكات حقيقية مع الجانب السوري، والاستفادة من الفرص المتوفرة بمختلف القطاعات الاقتصادية".

النقل والبنية التحتية
الجانب السوري من جهته، أبدى التزاما واضحا بتطوير البنية التحتية اللازمة لدعم الشراكات الاقتصادية بين البلدين.

وقال وزير النقل السوري يعرب بدر، إن هناك خطة لإعادة تأهيل خط سكة الحديد الحجازي داخل الأراضي السورية، موضحا في الوقت ذاته أن "الموانئ السورية جاهزة لاستقبال السفن المحملة بالبضائع الأردنية".


وأضاف بدر خلال لقائه الوفد الأردني التجاري في دمشق لبحث مجالات التجارة والنقل والاستثمار، أن "سوريا تولي أهمية كبرى لتطوير علاقاتها مع الأردن، وخاصة في قطاع النقل الذي يُعد ركيزة أساسية في دعم التبادل التجاري وتسهيل الاستثمارات".

وشدد الوزير السوري، على حرص وزارته على "إزالة جميع المعوقات التي قد تواجه الحركة بين الجانبين"، وفق وسائل إعلام سورية.

مرحلة ما بعد النظام المخلوع
تأتي هذه التطورات بعد مرحلة طويلة من الاضطراب الأمني على الحدود الأردنية السورية في عهد النظام المخلوع، حيث كانت الحدود مسرحا لعمليات تهريب وتسلل نشطة.

لكن هذه العمليات تراجعت بشكل كبير بعد الإطاحة بنظام بشار الأسد أواخر العام الماضي، فيما تؤكد الحكومة السورية الجديدة أنها عازمة على القضاء على تجارة المخدرات التي ازدهرت في العهد السابق.

وكان الرئيس السوري أحمد الشرع أجرى زيارة سريعة إلى عمان في شباط /فبراير الماضي، التقى خلالها الملك عبد الله، وبحث الجانبان ملفات ثنائية وتطورات إقليمية، في إشارة مبكرة إلى التحول النوعي في العلاقة بين البلدين.

وتعكس هذه التطورات توجها نحو إعادة صياغة العلاقات الأردنية السورية في مرحلة ما بعد نظام الأسد على أسس اقتصادية تؤسس لتعاون ثنائي طويل الأمد بين البلدين الجارين.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي اقتصاد اقتصاد دولي اقتصاد عربي اقتصاد عربي الاقتصادية سوريا الشرع عمان سوريا اقتصاد الاردن عمان الشرع المزيد في اقتصاد اقتصاد عربي اقتصاد عربي اقتصاد عربي اقتصاد عربي اقتصاد عربي اقتصاد عربي اقتصاد اقتصاد اقتصاد رياضة اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة بین البلدین

إقرأ أيضاً:

الملك الأردني يدعو لتكثيف جهود وقف الحرب الإسرائيلية على غزة

عمان- دعا عاهل الأردن عبد الله الثاني، الثلاثاء 27 مايو 2025، إلى تكثيف الجهود المبذولة لوقف الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة المستمرة منذ عشرين شهرا.

جاء ذلك خلال اتصالين هاتفيين مع رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، ورئيس الوزراء الكندي مارك كارني، ولقائه في العاصمة عمّان بعضوي مجلس الشيوخ الأمريكي السيناتور أنغس كينغ والسيناتور جيمس لانكفورد، وفق بيانات للديوان الملكي.

ومع رئيسة المفوضية الأوروبية، بحث ملك الأردن أبرز التطورات في المنطقة، ولفت إلى "ضرورة إدامة التنسيق بين الدول العربية والاتحاد الأوروبي بما يتعلق بالعمل لتحقيق السلام العادل والشامل وفقا لحل الدولتين (فلسطينية وإسرائيلية)".

وأكد على "ضرورة تكثيف الجهود لوقف الحرب على غزة"، مثمنا الدعوات الأوروبية لضمان تدفق المساعدات إلى كل مناطق القطاع.

وتناول الاتصال الهاتفي "سبل تعزيز التعاون بين الأردن والاتحاد الأوروبي، والذي توّج أخيرا بتوقيع اتفاقية الشراكة الاستراتيجية الشاملة".

كما بحث الملك مع رئيس الوزراء الكندي "العلاقات الثنائية وسبل تعزيز التعاون في شتى المجالات"، بحسب الديوان الملكي.

وهنأ الملك عبد الله، رئيس وزراء كندا بتوليه منصبه، متمنيا له التوفيق في مهامه، وللشعب الكندي المزيد من التقدم والازدهار.

وأكد حرص الأردن على "توطيد علاقات الصداقة التاريخية مع كندا".

وتناول الاتصال المستجدات الإقليمية، وخاصة التطورات في غزة والضفة الغربية، والأوضاع في سوريا.

ولدى لقائه عضوي مجلس الشيوخ الأمريكي، أكد الملك عبد الله على "ضرورة التوصل إلى تهدئة شاملة في المنطقة".

ولفت إلى "الدور المحوري للولايات المتحدة في تحقيق الاستقرار في الإقليم".

وتناول اللقاء، الذي عقد في قصر الحسينية بحضور ولي العهد الأمير الحسين بن عبد ﷲ الثاني "الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، وآليات توسيع التعاون بما يخدم مصالحهما المشتركة".

كما جرى في اللقاء بحث التطورات في غزة والضفة الغربية، فضلا عن الأوضاع في سوريا.

ومنذ 2 مارس/ آذار الماضي، تواصل إسرائيل سياسة تجويع ممنهج لنحو 2.4 مليون فلسطيني بغزة، عبر إغلاق المعابر بوجه المساعدات المتكدسة على الحدود، ما أدخل القطاع مرحلة المجاعة وأودى بحياة كثيرين.

ويحتاج قطاع غزة يوميا إلى 500 شاحنة مساعدات إغاثية وطبية وغذائية عاجلة، و50 شاحنة وقود كحد أدنى منقذ للحياة وسط تفاقم المجاعة، بحسب تصريح سابق للمكتب الحكومي.

وهذا أيضا ما أكدته وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" التي أشارت الأحد على منصة "إكس" إلى حاجة قطاع غزة إلى ما بين 500 و600 شاحنة مساعدات يوميا.

وترتكب إسرائيل بدعم أمريكي مطلق منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، إبادة جماعية بغزة خلفت أكثر من 177 ألف فلسطيني بين قتيل وجريح معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين.

وبالتوازي مع إبادة غزة، صعّد الجيش الإسرائيلي والمستوطنون اعتداءاتهم بالضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، ما أدى إلى مقتل 970 فلسطينيا على الأقل، وإصابة نحو 7 آلاف، واعتقال ما يزيد على 17 ألفا، وفق معطيات فلسطينية.

مقالات مشابهة

  • داعش يتبنى أول هجوم ضد القوات السورية الجديدة منذ سقوط الأسد
  • سوريا.. أول هجوم لـ"داعش" منذ سقوط الأسد
  • منتدى الاقتصاد السوري الأردني يبرز آفاقا جديدة للتعاون بعد رفع العقوبات
  • مباحثات مصرية صينية لدعم التعاون الاقتصادي والتجاري بين البلدين
  • ميناء طرطوس السوري يستقبل أول سفينة قمح منذ سقوط الأسد
  • رئيس اتحاد غرف التجارة السورية يبحث مع الوفد الصناعي الأردني سبل تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري
  • المجلس الأطلسي: تنسيق أمني مستمر بين إسرائيل والأردن رغم حرب غزة
  • أساطير انتشار الكنوز تقود إلى رواج البحث عن الذهب في سوريا بعد سقوط نظام الأسد
  • الملك الأردني يدعو لتكثيف جهود وقف الحرب الإسرائيلية على غزة