بقلم: الحقوقية انوار داود الخفاجي ..

رغم أن العراق يجلس على بحيرات من النفط، ومليارات من الإيرادات السنوية، ويمتلك تاريخاً حضارياً وزراعياً وصناعياً غنياً، إلا أن المواطن العراقي ما زال يرزح تحت وطأة الفقر، ويعيش في ظروف معيشية متردية لا تليق بما تمتلكه البلاد من ثروات. السؤال الذي يؤرق الجميع من المسؤول عن إفقار هذا الشعب؟ هل هو فساد بعض من الطبقة السياسية فقط؟ أم أن المواطن أيضاً يتحمل جزءاً من هذه النتيجة المأساوية؟ والأهم كيف نكسر حلقة الإفقار العمدي التي تستنزف العراق منذ عقود؟

العراق، بثرواته الطبيعية والبشرية، يُفترض أن يكون من أغنى دول المنطقة، إن لم يكن من أغناها عالمياً.

لكن الواقع يعكس صورة صادمة: بطالة واسعة، عجز في الخدمات الأساسية، سوء في البنية التحتية، وانهيار في قطاعات التعليم والصحة والإنتاج. المفارقة الكبرى أن كل هذا يحدث في بلد يحقق عائدات نفطية بمليارات الدولارات سنوياً.

الطبقة السياسية تتحمل المسؤولية الأكبر. فمنذ عام 2003، بُني النظام على أسس المحاصصة الطائفية والحزبية، لا على الكفاءة والوطنية. أُهدرت مئات المليارات في مشاريع وهمية، وعقود فساد، ورواتب لموظفين فضائيين، فيما غابت الخطط الاقتصادية الحقيقية لتحريك عجلة التنمية وكذلك الفساد المالي والإداري أصبح مؤسسة موازية للدولة. يُنهب المال العام عبر صفقات مشبوهة، ويُمنح الولاء السياسي أولوية على حساب الاختصاص، ما يجعل أي محاولات إصلاح عرضة للإفشال المتعمّد وايضاً الاعتماد المفرط على النفط كمصدر شبه وحيد للدخل، جعل الاقتصاد العراقي هشًا، ومعرّضًا للتقلبات، دون أي تطوير حقيقي للزراعة أو الصناعة أو السياحة.

امًا المواطن، وإن كان الضحية الأولى، إلا أن جزءًا من المسؤولية يقع عليه. فالصمت أمام الفساد، وبيع الأصوات الانتخابية مقابل المال أو الوظيفة، والقبول بالواقع بدلاً من المطالبة بالتغيير، عوامل ساهمت في ديمومة الطبقة السياسية الفاسدة. الوعي الشعبي ما زال محدودًا، والانقسام الطائفي والولاءات العشائرية لا تزال تحدّ من إنشاء وعي وطني موحد.
و لإيقاف سياسة الإفقار العمدي يجب توفر
إرادة سياسية حقيقية لمحاربة الفساد، لا مجرد شعارات انتخابية. يجب تفعيل دور القضاء، وتمكين هيئات الرقابة، ومحاسبة الفاسدين دون استثناء أو غطاء حزبي وايضاً تنويع الاقتصاد وتحرير الدولة من قبضة النفط، من خلال دعم الزراعة والصناعة، وتوفير بيئة استثمارية آمنة، قادرة على خلق فرص عمل مستدامة وكذلك لا بد من إصلاح المنظومة التربوية والإعلامية لبناء وعي مجتمعي رافض للفقر والتجهيل، ومؤمن بأهمية الكفاءة والنزاهة في الحكم واخيراً المواطن يجب أن يكون جزءًا من الحل، لا مجرد متلقٍ للأذى. بصوته، بوعيه، وبمشاركته، يمكن أن يتحقق التغيير.

ختاما العراق ليس فقيراً، لكنه يُفقر. والثروات لم تنضب، بل تُنهب. ما لم تتحرك الدولة والمجتمع معًا لإنهاء سياسات الإفقار العمدي، فإن المستقبل لن يكون أفضل من الحاضر. اليوم، لا يُطلب من العراقيين أن يتحمّلوا المزيد، بل أن يطالبوا بحقهم، ويحاسبوا من سرق الحلم، وأوصل البلاد إلى هذا الدرك. فالثروة وحدها لا تبني الأوطان، بل الإرادة والعدل.

انوار داود الخفاجي

المصدر: شبكة انباء العراق

كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة تظاهرات ايران رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات

إقرأ أيضاً:

هل تعلم أن عمر قلبك قد يكون أكبر من عمرك؟

#سواليف

أظهرت دراسة حديثة من جامعة نورث وسترن ميديسن الأمريكية أن أعمار قلوبنا تتجاوز أعمارنا الزمنية بعدة سنوات، في ظاهرة تكشف عن #تدهور_صحي خفي لا ندركه.

وكشفت نتائج الدراسة التي شملت تحليل بيانات أكثر من 14 ألف أمريكي بين عامي 2011 و2020، والتي نشرت في مجلة JAMA Cardiology عن تفاوتات صادمة، إذ يبدو أن #قلوب #الرجال تشيخ أسرع من #النساء بفارق واضح. فبينما يتقدم العمر القلبي للنساء بأربع سنوات في المتوسط عن أعمارهن الحقيقية، نجد أن قلوب الرجال تتقدم سبع سنوات عن أعمارهم الحقيقية.

ولكن المثير للقلق أكثر هو أن هذه الفجوة تتسع بشكل كبير بين أفراد المجتمع الأكثر تهميشا، حيث تظهر البيانات أن السود واللاتينيين وأصحاب الدخل المحدود يحملون قلوبا تشيخ قبل أوانها بوتيرة أسرع.

مقالات ذات صلة طبيب عظام يُحذّر من الإصابة بإبهام الهاتف الجوال 2025/08/02

ولفهم هذه الظاهرة، طور الباحثون أداة رقمية مبتكرة أطلقوا عليها اسم ” #حاسبة_عمر_القلب “، التي تتيح لأي شخص تقييم حالته الصحية القلبية بشكل فوري. وتعتمد هذه الأداة المجانية على معايير جمعية القلب الأمريكية، وتحلل مجموعة من العوامل الصحية الحاسمة بدءا من ضغط الدم ومرورا بمستويات #الكوليسترول ووصولا إلى عادات التدخين والأدوية المستخدمة.

ويوضح الدكتور سعد خان، الطبيب المتخصص في طب القلب الوقائي والمشارك في الدراسة، أن هذه الأداة تهدف إلى كسر الحاجز بين الطبيب والمريض، وخلق لغة مشتركة لفهم المخاطر القلبية. مشيرا إلى أن هذه الحاسبة قد تكون المنقذ الذي يفتح أعين المرضى على حقيقة أوضاعهم الصحية قبل فوات الأوان.

لكن الباحثين يحذرون من أن هذه الأداة الذكية ليست بديلا عن الاستشارة الطبية المتخصصة، بل هي مجرد جرس إنذار قد ينقذ حياة الكثيرين إذا ما تم التعامل معه بجدية.

مقالات مشابهة

  • مدير متحف يسرق آثاراً على مدار 17 عاماً
  • توزيع رواتب المتقاعدين العراقيين لشهر آب غداً الأحد
  • هل تعلم أن عمر قلبك قد يكون أكبر من عمرك؟
  • ثروات تتبخّر بتغريدة نرجسية.. كيف تخدعنا الأسواق؟
  • عن تهريب النفط في العراق.. سومو توضح: الوثيقة مسربة
  • القيادة تهنئ رئيسة الاتحاد السويسري بذكرى اليوم الوطني
  • القيادة تهنئ رئيس جمهورية بنين بذكرى الاستقلال
  • صنعاء : الحكم باعدام الخائن احمد علي ومصادرة ممتلكاته
  • لص يسرق هاتف مراسلة قبل لحظات من ظهورها في بث مباشر.. فيديو
  • ما دوافع حرب أوكرانيا على الفساد؟