سر إصرار الهند على شرط تجميد "التعمين"!
تاريخ النشر: 31st, May 2025 GMT
حمد الناصري
ونحن والعالم والمنطقة نتابع نتائج المفاوضات الجارية بين السلطنة وجمهورية الهند حول اتفاقية التجارة الحُرة بين البلدين والتي بدأت منذ يناير الماضي ودخلت هذا الشهر مايو 2025 في مراحلها الأخيرة، تبقى عيوننا وقلوبنا مُعلقة على ما وصلت إليه تلك المفاوضات وما هي المنافع الاقتصادية والمالية التي ستحصدها السلطنة من توقيع تلك الاتفاقية المرتقبة.
وقد ذكرت قناة CNBC الأمريكية الشهيرة، في مقال للكاتب الهندي أبهيمانيو شارما بتاريخ 22 مايو 2025 (https://www.isds.bilaterals.org/?negotiations-on-extent-of) ما أشرنا إليه وهو اكتمال بنود الاتفاقية لكن مع وجود عقبة تُعيق مسار الوصول إلى اتفاق نهائي وهي وفق الجانب الهندي تطبيق سَلطنة عُمان "لسياسة التوطين أو التعمين لأغلب الوظائف وهي سياسة اتّبعتها الكثير من الدول لحماية مواطنيها من شبح البطالة".
ويتجاهل تقرير القناة مكانة دور السلطنة التاريخي والاقتصادي والإقليمي، فتاريخيًا كانت عُمان قوة بحرية عظمى "القرن السابع عشر" حين سيطرت بأسطولها البحري على مناطق الساحل الغربي للهند وشرق أفريقيا وجنوب إيران، وأسست علاقات تجارية وبحرية مع الأراضي الهندية آنذاك وكان لعُمان تواجد بحري وأنشطة بحرية، على وجه الخصوص في " كيرالا" وكان لها تواجد تجاري في مناطق هندية مثل: كوتشي ومالابورام، وكاساراجود، وكان العُمانيون يمتلكون ميناءً تجاريًا في كوتشي.. ناهيك عن جوادر الباكستانية حاليًا والتي كانت جزءًا من الهند حينها.
ونعود إلى اتفاقية التجارة الحرّة بين الهند وعُمان، ونتساءل بأيّ حق تُطالب الحكومة الهندية بتجميد قانون التعمين وبعذر إعطاء فرص أوسع للعمالة الهندية للعمل في السلطنة، فهل إتاحة الوظائف للهنود من مسؤولية عُمان؟ وهل مشروع الاتفاقية بوضعه الحالي غير ذي نفع للهند، وهي تشمل استيراد مئات الأنواع من البضائع الهندية بأكثر من 9 مليارات دولار بلا أيّ ضريبة أو رسوم جمركية مقابل تصدير نفط وغاز فقط من عُمان إلى الهند.. بنصف هذا المبلغ؟!
وفي هذا السياق قد لا يعتبر البعض هذا الشرط تدخلًا في قوانين وإجراءات العمل العُمانية وخصوصًا أنّ الطرف الهندي يريد أن يتم تجميد التعمين فقط لصالح عامليهم وليس بشكل عام.!!
إنّ عُمان دولة مستقلة مكتملة الأركان قبل استقلال الهند بقرون، وإنّ عشرات الدول تتمنّى أن تكون مكان الهند في ذات المكانة التجارية والسياسية لدى السلطنة وما تقدمه السّلطنة إلى الهند من تسهيلات كبيرة جدًا، ومنها، منح العمال الهنود تفضيلات متنوعة في عُمان، ناهيك عن كون قيمة الواردات العُمانية من الهند تزيد عن 9 مليارات دولار مُعفاة من الرسوم الجمركية وبهذا تتنازل السلطنة عمّا يقارب النصف مليار دولار من الرسوم سنويًا في مقابل أننا نُصدِّر للهند الغاز والنفط بقيمة 4.5 مليار دولار وهو أقل من نصف التسهيلات التي تقدمها السلطنة للهند.
كما إننا نمتلك خيارات للتبادل التجاري مع دول كثيرة وبشروط أفضل بكثير وبلا تدخلات في قوانيننا وبلا تجاوزات مَهما كان شكلها على حقوق مواطنينا.. وقد استغرقت مفاوضات التجارة الحرّة مع الهند، وقتًا طويلًا، ما يدلّ على أنّ سَلطنة عُمان تعطي القرارات في مثل هذه الاتفاقيات أهمية كبرى وليست تحصيل حاصل كما يحلم المفاوضون في الطرف الهندي.
إنّ سَعي سلطنة عُمان إلى تحسين وتطوير العلاقات مع الهند والوصول إلى الأسواق الهندية مع التاريخ الطويل المميز بين البلدين، لا يجب أن يعني استعدادانا لإعطائهم تنازلات أكبر، ولنا في حاضر عُمان سجل مشرف وصفحات ناصعة البياض من حسن التعامل والعلاقات الراقية مع جميع دول العالم مع تحالفات تجارية قديمة وحديثة حتى هذا العهد المبارك، ونهضته المتجددة، في ظل القيادة الحكيمة لمولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- مِمّا يجعل عُمان مركزًا تجاريًا وجغرافيًا حيويًا في المنطقة والعالم بأسره، فسلطنة عُمان تتمتع بموقع استراتيجي، ناهيك عن بحرها الكبير المطل على البحار العميقة ، إضافة طبعًا إلى ثرواتها الهائلة من النفط والغاز والمعادن.
خلاصة القول.. إنّ سلطنة عُمان تتميز بمكانة إقليمية وعالمية بفضل استقلالية قرارها وحيادها الإيجابي في علاقاتها مع جميع دول العالم، ممّا وفّر لها استقراراً على المستوى الداخلي، وزخمًا إضافيًا في البناء والتطوير نحو نهضة شاملة، متجددة، كما إن سياسة وقوانين التعمين تهدف إلى توطين الوظائف للعُمانيين وحماية لهم من البحث عن وظائف خارج البلد ودعمًا للاقتصاد الوطني، وفق آلية وخطط هادفة تُعزز من مستوى القوى العاملة الوطنية وتدفع بها، إلى مساريها الحكومي والقطاع الخاص للارتقاء والتطوّر، والتقليل من العمالة الوافدة وخلق فرص عمل محلية وزيادة نشاطهم وخبراتهم وتمكينهم في مجال العمل.. وعلى الطرف الهندي المفاوض أن يحترم الإجراءات العُمانية في مسار التعمين والتوطين وألّا يضع عقبات في مسار الاتفاقية للحصول على مكاسب على حساب مصالح سلطنة عُمان واقتصادها.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
السلطنة تشارك في اجتماع خليجي لوكلاء دواوين الرقابة المالية والمحاسبة
مسقط- الرؤية
شاركت سلطنة عُمان مُمثلة في جهاز الرقابة المالية والإدارية للدولة، في الاجتماع الـ26 لأصحاب السعادة وكلاء دواوين الرقابة المالية والمُحاسبة بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية.
وترأس وفد السلطنة المشارك سعادة أحمد بن سالم الرجيبي نائب رئيس جهاز الرقابة المالية والإدارية للدولة للرقابة على الوحدات الحكومية، وانعقد الاجتماع عبر الاتصال المرئي بمشاركة أصحاب السعادة وكلاء الأجهزة والدواوين الأعضاء وسعادة الأمين العام المساعد للشؤون التشريعية والقانونية، وعدد من المختصين بالجهاز.
وجرى خلال الاجتماع استعراض ومناقشة عدد من الموضوعات، ومن أبرزها مناقشة التقرير الخاص بتوصيات ومخرجات الخطة الاستراتيجية للتدريب للفترة (2023-2025)، إلى جانب مناقشة مسودة الخطة الاستراتيجية للتدريب (2026م ـ 2028م)، بالإضافة إلى استعراض نتائج مسابقة مجلس التعاون في مجال الرقابة والمحاسبة للبحوث والدراسات السادسة.
كما تضمن الاجتماع استعراض مذكرة التفاهم بين مكتبة الملك فهد الوطنية والأمانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، علاوةً على استعراض مسودة اللائحة التنظيمية لجائزة التميز الوظيفي في دواوين الرقابة المالية والمحاسبة بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية.
واختتم الاجتماع أعماله باستعراض مسودة الخطة التدريبية المشتركة للعاملين في دواوين الرقابة المالية والمحاسبة بدول مجلس التعاون لعامي (2026-2027)، إلى جانب دراسة مقترح فريق عمل قواعد الرقابة بشأن استمارة قياس الأثر من تطبيق الأدلة التي تصدرها الأمانة العامة لمجلس التعاون، واستمارة تبسيط استخدام الأدلة في العمل الرقابي، ودراسة المقترح الخاص بــ(حوكمة آلية مراجعة حسابات الأمانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية)، ومقترح فريق عمل قواعد الرقابة بشأن تخصيص أسبوع خليجي للرقابة المالية والمحاسبة، بالإضافة إلى إعداد مشروع جدول أعمال الاجتماع الثاني والعشرين لأصحاب المعالي والسعادة رؤساء دواوين الرقابة المالية والمحاسبة بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، والمزمع إقامته في سبتمبر القادم.