عين ليبيا:
2025-07-30@01:31:38 GMT

طائر الفينيق

تاريخ النشر: 2nd, June 2025 GMT

جاء تفكك يوغسلافيا الدولة الموحدة إلى سبع دول هي صربيا ، كرواتيا، البوسنة والهرسك ، الجبل الأسود، كوسوفو وسلوفينيا ومقدونييا لعدة أسباب منها وأهمها:

– عدم تجذر الهوية اليوغوسلافية الجامعة في مخيال ووجدان المواطن اليوغسلافي ،فكان هناك هويات متعددة أقوى من المواطن اليوغسلافي مثل الصربي والبوسني والكرواتي والسلوفيني والكوسوفي وأبناء الجبل الأسود والمسادوني.

– تفكك الاتحاد السوفيتي الحليف القوي لدولة يوغسلافيا الموحدة.

– سيطرة الصرب على أكثر من 60 % تقريبا من مقدرات الدولة مما خلق شعورا بالغبن عند باقي الأقاليم.

– التدخل الأجنبي، خاصة أمريكا والأفغان العرب في حرب إقليم كوسوفو.

– المجازر والمعارك التي حدثت وأهمها مجزرة سريبرينيتسا.

كل هذه العوامل لم تدع مجالا لبقاء يوغسلافيا دولة موحدة وكان إجباريا الانفصال الذي طالب به الجميع.. فكان على الشعوب السبعة المكونة السابقة لدولة يوغسلافيا إفراز قيادات تقود سفينتها في الظروف الصعبة والأمواج العالية المتلاطمة.

ولأن الشعوب تلجأ في الأزمات العميقة الي المثقف، وليس إلي السياسي، لأن المثقف هو من ينتج قيمة مضافة للمجتمع والدولة، وهو من يؤمن بالقضية وهو من يزرع الأمل ويخاف التاريخ ولا يساوم على المبدأ.. عكس السياسي الذي يميل الي عقد الصفقات.

فكل شعب التف حول مثقف ومفكر وطني منهم:

الصرب التفوا حول رادوفان كاراديتش وهو شاعر رغم تحوله إلى دكتاتور، ولكنه، في نظر شعبه يعتبر بطلا قوميا.

والبوسنيون لجؤو إلى علي عزت بيغوفيتش، وهو مثقف ومفكر.

أما في كوسوفو فقد اختاروا روائي هو إبراهيم روجوفا. والكروات اختاروا الكاتب والمثقف المعروف فرانيو توجمان.

وبالمثل وليس بعيدا عن البلقان في دولة تشيكا الوليدة بعد تفكك دولة تشيكوسلوفاكيا، اختارت الجماهير الكاتب المسرحي فاتسلاف هافل من خلال الانتخابات أول رئيس لدولة تشيكيا هافل؛ الذي قيل عنه في مماته “كان الراحل رجل دولة عظيما وكان لكلمته وزن في السياسة والمجتمع”.

كتب هافل مسرحية شهيرة بعنوان “المغادرة” تدور السخرية التي تمتليء بها هذه المسرحية حول زعيم سياسي استقال من منصبه لكنه رفض مغادرة مسكنه الحكومي، ووصف بعض النقاد المسرحية بأنها أفضل أعماله.

هذه هي سيرة بعض الشعوب التي شعرت أن كيانها مهدد في الوجود، لذلك اختارت خيار صعبا وموجعا وهو الانفصال من اجل البقاء ودفعت بالمثقف العضوي لقيادتها في هذه المهمة العظيمة.

وها هي دول البلقان ودولتي تشيكيا وسلوفاكيا تُبعث من جديد مثل طائر الفنيق الذي يبعث من الرماد.

هكذا هي الشعوب العظيمة التي لا تستسلم للمحن وتقاوم الضعف والوهن بإيمانها بنفسها وقيادة أبطالها التي يلتف حولهم الشعب في مهمة كبيرة ولكنها ليست مستحيلة.

لقد نجحت شعوب البلقان، بقيادة مثقفيها في لحظات الحسم، في انتزاع حقها في الوجود المستقل وكتابة فصول جديدة لهويتها. لقد نهض طائر الفينيق من رماد الحرب والاضطهاد، مُظهراً قدرة هائلة على الصمود والتجدد. لكن الرحلة لم تنتهِ. التحول من ثورة التحرير إلى بناء دولة ديمقراطية مزدهرة وعادلة للجميع، ومن الهوية القومية الدفاعية إلى هوية وطنية جامعة ومتصالحة مع الجوار، هو التحدي الأكبر الذي لا يزال يواجه هذه الدول الفتية. إنها رحلة تتطلب ليس فقط شجاعة الحرب، بل حكمة البناء، وصبر المصالحة، واستمرار دور المثقف الناقد البناء، حارساً للضمير الجمعي ومرشداً نحو مستقبل لا يكرر أخطاء الماضي.

إن قدرة هذه الدول على تجاوز مخلفات الصراع وبناء مستقبل مشترك في قلب أوروبا ستكون الدليل الحقيقي على أن طائر الفينيق لم ينهض من الرماد فحسب، بل استطاع أن يحلق عالياً في سماء الحرية والاستقرار والازدهار الحقيقي

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

المصدر: عين ليبيا

إقرأ أيضاً:

ما الذي اختفى فجأة في إسطنبول؟

غطّى ضباب كثيف مناطق متفرقة من مدينة إسطنبول صباح اليوم، مما تسبب في انخفاض مدى الرؤية، لا سيما في محيط مضيق البوسفور والأحياء المطلة عليه.

 

ومع بزوغ الفجر، بدأت كتل الضباب بالانتشار تدريجيًا، خاصة في الأجزاء الساحلية والمرتفعة من المدينة، حيث بدت الأجزاء العلوية من عدد من المباني الشاهقة في منطقة بشيكتاش غير مرئية تمامًا.

 

كما حجب الضباب الكثيف جزءًا من جسر السلطان محمد الفاتح، في مشهد ضبابي نادر لواحد من أبرز معالم المدينة.

 

اقرأ أيضا

اعتراف صادم.. جوجل أضاعت 35 ثانية كانت كفيلة بإنقاذ ملايين…

الإثنين 28 يوليو 2025

وأظهرت لقطات محلية أن حركة المرور تواصلت بوتيرة بطيئة، إذ حرص السائقون على القيادة بحذر شديد تفاديًا للحوادث في ظل ظروف الرؤية المحدودة.

مقالات مشابهة

  • الإمارات تدين بشدة الهجوم الإرهابي الذي استهدف كنيسة في الكونغو
  • الإمارات: تعزيز السلام والأمن الدوليين حجر الأساس لاستقرار الشعوب وتحقيق التنمية
  • العقوبات الأمريكية ..حين تفلس الإمبراطوريات
  • توفيق عكاشة يتوقع تفكك الولايات المتحدة ويطالب بعودة حدود مصر قبل 1954
  • ما الذي يُمكن تعلّمه من أحداث السويداء؟
  • فضيحة مدوية.. شاهد ما الذي كانت تحمله شاحنات المساعدات الإماراتية التي دخلت غزة (فيديو+تفاصيل)
  • نائبة حزب الشعوب الديمقراطي ترفض اسم “تركيا خالية من الإرهاب” وتطالب بحل ديمقراطي
  • ما الذي اختفى فجأة في إسطنبول؟
  • ثبات غزة يقهر الطغيان ويغيظ العدى
  • غضب مكبوت.. قنابل في داخل الشعوب