كيف يستقبل أهالي قطاع غزة العيد الرابع تحت الإبادة المتواصلة؟
تاريخ النشر: 5th, June 2025 GMT
يمرّ على الفلسطينيين في قطاع غزة العيدُ الرابع على التوالي مع استمرار وتصاعد حرب الإبادة الإسرائيلية منذ تشرين الأول/أكتوبر 2023، وهو ما تكرّر أكثر من مرة طوال العقود الماضية، في تعمد إسرائيلي على تصعيد الجرائم وعمليات القصف والقتل تزامنًا مع المناسبات الدينية.
وحوّل الاحتلال الإسرائيلي مناسباتَ عيد الفطر وعيد الأضحى في قطاع غزة إلى مناسبات للحزن والألم، ومنع فرحة العيد بعد أن جعل غزة جحيمًا، أمام الصمت العالمي للجرائم التي وثقتها كبرى مؤسسات ومنظمات حقوق الإنسان الدولية.
العيد ف غزة حاجه تانيه ????????
العيد ف غزة
قصف
قتل
جوع
عطش
اطفال تبتر اعضائها
شيوخ تبكى من الالم
ام فقدت اطفالها
اب فقد ابنائه
عن اى عيد تتحدثون يا امه المليار
علشان كدا العيد ف غزة مختلف ????????#غزة_تُباد ع مراى ومسمع العالم #غزه_تموت_جوعاً #غزه_تباد_وتحرق pic.twitter.com/JtkUeU06HM — Sara Abdelhamid2???????????????? (@SaraAbdelh94815) June 5, 2025
حرب 2014
بدأ تصاعد العدوان الإسرائيلي ضد قطاع غزة في عام 2014 خلال شهر رمضان من عام 1435هـ، واستمر حتى 26 آب/أغسطس 2014، فشمل إضافة إلى عيد الفطر موسم الحج في ذلك العام وأيام عيد الأضحى.
وارتكب جيش الاحتلال الإسرائيلي مجازر ضخمة، أبرزها مجزرة حيّ الشجاعية في 20 تموز/يوليو، واستُشهد خلال ذلك العدوان أكثر من 2,100 شهيد فلسطيني معظمهم من النساء والأطفال.
وتُعدُّ مجزرة سوق الشجاعية في 30 تموز/يوليو، خلال هدنة أعلنتها “إسرائيل” آنذاك مدتها أربع ساعات، من أبرز المجازر في فترة العيد، حيث قُصف بسوق “البسطات” بالشجاعية بالمدفعية، ثم أعيد قصفه بعد تجمع الأهالي، ليسفِر عن استشهاد 17 مواطنًا، بينهم صحفي ومسعفان، وإصابة أكثر من 200 آخرين، بحسب مصادر طبية، وكان ذلك في ثالث أيام عيد الفطر.
وتُعدّ “حرب 2014” بدايةَ استخدام “القوة الغاشمة” ضد السكان المدنيين في قطاع غزة، وكان واضحًا منذ اليوم الأول استهدافُ منازل المدنيين بقصد تدميرها كإجراء عقابي وكتحريض للسكان ضد حركات المقاومة.
ونتج عن هذه الحرب أكثر من 11 ألف جريح، فضلاً عن تشريد نحو نصف مليون شخص بفعل دمار واسع وصل إلى نحو 18 ألف وحدة سكنية ومئات المدارس والمستشفيات.
كان استخدام “إسرائيل” للمدفعية الثقيلة في الأحياء السكنية مرحلةً غير مسبوقة، إلى جانب حجم الخسائر المادية الذي فاق أي عدوان سابق على القطاع، ما أثار إدانات دولية حادة واتهمته منظمات حقوقية بـ”استخدام القوة المفرطة” و”ارتكاب جرائم حرب”، مما جعل هذه الحرب غير مسبوقة من حيث التكلفة الإنسانية والمدى الميداني والدمار الشامل.
حرب 2021
انطلقت في نيسان/أبريل 2021، الذي تزامن أحيانًا مع أواخر أيام شهر رمضان 1442هـ، وكانت أيضًا غير مسبوقة من حيث كمية الدمار الواسع الذي خلفته، واستخدام الاحتلال الإسرائيلي لسياسة استهداف الأبراج السكنية العالية.
وجاءت هذه الحرب بعد الاعتداءات الإسرائيلية المستمرة في القدس، مع تحذير حركة حماس على لسان قائد جناحها العسكري محمد الضيف بأن أمام جيش الاحتلال ساعةً للخروج من المسجد الأقصى وحي الشيخ جراح وإلّا ستندلع الحرب.
ومع انتهاء المهلة في تمام الساعة السادسة مساءً بدأت المقاومة الفلسطينية بإطلاق الصواريخ على شكل رشقات صاروخية مكثفة على “إسرائيل”، وبعدها بدأت القوات الجوية الإسرائيلية بقصف قطاع غزة، وهو ما تسبب ببدء الحرب.
واستُشهد في هذه الحرب 232 مدنيًا فلسطينيًا، بينهم 65 طفلًا، و39 سيدة، و17 مسنًا، وانتهت هذه الحرب في 21 أيار/مايو 2021 بوساطة مصرية.
وأعلنت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا” أن الهجمات الإسرائيلية أدّت إلى نزوح أكثر من 75 ألف فلسطيني من مساكنهم، لجأ منهم 28 ألفًا و700 إلى مدارس الوكالة، إما بسبب هدم بيوتهم أو هربًا من القصف.
ووفق إحصاءات حكومية، فقد تعرضت 1,447 وحدة سكنية في غزة للهدم الكلي بفعل القصف الإسرائيلي، إلى جانب 13 ألفًا أخرى تضررت بشكل جزئي بدرجات متفاوتة.
وهدم جيش الاحتلال بشكل كلي 205 منازل وشققًا وأبراجًا سكنيةً، ومقرّات 33 مؤسسة إعلامية، فضلًا عن أضرارٍ بمؤسسات ومكاتب وجمعيات أخرى.
وقال المكتب الإعلامي الحكومي بغزة (تديره حركة حماس) إن 75 مقرًا حكوميًا ومنشأة عامة تعرضت للقصف الإسرائيلي، تنوّعت ما بين مرافق خدماتية ومقار أمنية وشرطية.
حرب الإبادة
وخلال حرب الإبادة المستمرة ضد قطاع غزة منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، مرّ الفلسطينيون بأربعة أعياد، وخلالها جرى تنفيذ العديد من المجازر والجرائم الإسرائيلية بحقهم.
وفي صباح أول أيام عيد الفطر 2024، استهدفت طائرات الاحتلال منزلًا لعائلة فلسطينية في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة، ما أدى إلى استشهاد 14 مدنياً بينهم أطفال ونساء.
View this post on Instagram A post shared by Arabi21 - عربي21 (@arabi21news)
ووقعت الغارة الجوية في قرية مكتظة بالسكان النازحين، وأكد وكُلٌّ من الشهداء معظمهم من أفراد أسرة واحدة، وحينها قامت فرق الدفاع المدني بإخراج 14 جثة تحت أنقاض المنزل، كما أصيب عشرات آخرون بجروح متفاوتة.
كان هذا الهجوم ضمن موجة غارات شنتها إسرائيل على مناطق متفرقة من القطاع قبل يوم العيد وأثناءه.
“الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله”
تكبيرات العيد خلال تشييع جثامين الشهداء في يوم عرفة، في قطاع غزة.
عيد الأضحى الثاني في ظلّ الحرب. pic.twitter.com/7BlD1w1VV7 — Tamer | تامر (@tamerqdh) June 5, 2025
وفي أول أيام عيد الأضحى عام 2024، الموافق 10 ذي الحجة 1445هـ، قصف الاحتلال منزَليْن مدنيَّيْن وسط مخيم البريج في وسط القطاع بقذائف مدفعية وغارات جوية، ما أدى إلى استشهاد عشرات الفلسطينيين.
وأوضحت مصادر الدفاع المدني أن القصف أدى إلى انهيار منزلٍ مدني وسط مخيم البريج، حيث انهار على قاطنيه واستشهدوا جميعًا في الحين.
"قوم يا حسين قوم، ما تتركنا"..
وداع طفل قتله الاحتلال، عشية العيد في قطاع غزة. pic.twitter.com/76tSQhNiL5 — شبكة قدس الإخبارية (@qudsn) June 4, 2025
جاء ذلك بينما كثّف الاحتلال قصفَه بالمدفعية والطائرات الحربية على أحياء مدينة رفح وأطرافها طوال الصبح، ما أوقع أيضًا شهداء وجرحى إضافيين وتسبّب بأضرار في البنية التحتية.
وفي أول أيام عيد الفطر 2025، شنت طائرات ومدفعية الاحتلال غارات مكثفة على محافظات خانيونس ورفح وجنوب قطاع غزة.
ومن أبرز المجازر استهداف منطقة المواصي غرب خانيونس، حيث ارتقى 9 شهداء (رجال ونساء وأطفال) جراء قصفٍ جوي على خيام للنازحين، كما استهدف الاحتلال قرية بني سهيلا شرقي خانيونس بقصف جوي عنيف، ما أدى إلى استشهاد طفلةٍ وإصابة خمسة فلسطينيين آخرين في منزل مدني هناك.
تكبيرات العيد في غزة كما لم تراها من قبل.
تكبيرات بالدموع أثناء وداع الشهداء ????.. pic.twitter.com/nQ0tUbsius — MO (@Abu_Salah9) June 4, 2025
واستمرّ القصف الذي عاد بشكل أشد خلال الأيام الأخيرة من رمضان وما بعد العيد ومع استئناف حرب الإبادة، ليتركز بشكل كبير على الأحياء الشعبية والمخيمات السكانية، فيما واصلت الطائرات إطلاق الذخائر على المدنيين المصلين والخيام المكتظة بينما كانوا يستعدّون لأداء صلاة العيد.
وأبلغت وزارة الصحة في غزة عن عشرات الشهداء والجرحى في تلك الأيام، وأكدت طواقم الهلال الأحمر والفرق الطبية أن العديد منهم كانوا يرتدون ملابس العيد وقت إصابتهم.
العيد الجديد
يستقبل الفلسطينيون في قطاع غزة عيد الأضحى للعام الجاري وسط تواصل واشتداد حرب الإبادة، ووسط مجاعةٍ شديدة سببها إغلاق الاحتلال الإسرائيلي المعابر ومنع دخول الغذاء والمساعدات الإنسانية، وحتى استهداف جمع الجائعين الذين توجهوا لاستلام المساعدات عبر الآلية الجديدة التي أعلن عنها جنوب قطاع غزة رغم الرفض الأممي والدولي لها.
وتقول فاطمة (41 عامًا): “أنا دايمًا ما أقول قبل أيام العيد لكل معارفي وأصدقائي: ‘أدخلوا الفرحة على قلوبكم ولو غضبًا’”، وذلك ضمن مبدأ تعظيم شعائر الله تعالى، مضيفة: “كنت بالأمس في السوق أحاول شراء قطعة ملابس لبنتي الصغيرة، والفرق بين استهداف المكان الذي كنت فيه دقائق قليلة”.
تكبيرات العيد في غزة ممتلئة بالحزن والقهر والالم
الله أكبر من كل هذا الألم، الله أكبر من كل هذا القهر pic.twitter.com/RMPCXpIBvC — شيرين النجار| sherin_elnagar (@_sherin01) June 4, 2025
وتضيف فاطمة لـ”عربي21” أنها كانت منطقةً تجاريةً في حيّ الرمال وسط قطاع غزة من أجل شراء ملابس العيد، موضحة: “بالفعل وجدت شيئًا مناسبًا وقمت بشرائه وتوجهت إلى البيت مشيًا على الأقدام في مسافة تستغرق ساعة”.
وتوضح: “بعدما مشيت أقل من خمس دقائق سمعت القصف الشديد للمنطقة التي كنت فيها، وعرفت بعد ذلك بالتحديد أين كان القصف، وعرفت أن الشخص الذي قمتُ بالشراء منه قد استُشهد”.
بدوره، يقول وائل (60 عامًا) إنه لا يرى أي جدوى من العيد أو أي فرحة يمكن أن يشعر بها، وهو الذي فقد جميع أفراد أسرته دفعةً واحدة باستثناء ابنته المتزوجة.
ويضيف وائل لـ”عربي21” أنه في نهاية عام 2024 فقد أمه وزوجته وأولاده الاثنين دفعةً واحدة عند استهداف منزله في حي تلّ الهوا، موضحًا: “كانت خارج المنزل أبحث عن وسيلة مواصلة تنقلنا بسبب اشتداد القصف.. استُهدف البيت أمام عيني ولم أقدِر على فعْل شيء، هم حتى الآن تحت الأنقاض”.
????"اشتروا الأواعي وناموا وهما يستنوا العيد"..
أم تتحدث عن فرحة أطفالها بشراء ملابس العيد قبل مقتلهم في قصف إسرائيلي طال خيمة للنازحين بالمواصي غرب خان يونس جنوبي قطاع غزة pic.twitter.com/EYZA3JNUwL — Sputnik Arabic (@sputnik_ar) June 5, 2025
ويؤكد أن العيد بالنسبة له حين يتمكّن من دفنهم بطريقة آدمية تليق بالإنسان، مضيفًا: “خلال الهدنة الأخيرة حاول الدفاع المدني انتشالهم، لكن بدون معدات أو جرافات كان ذلك مستحيلًا؛ أكثر من ستة أشهر لا أقدِر حتى على زيارة قبرهم”.
ومن ناحية أخرى، يقول حسام (33 عامًا) إنه بشكل حقيقي غير قادر على الاحتفال بهذا العيد هذه المرة، مضيفًا: “كُلّ الأعياد الماضية حاولنا نفرح رغم كل شيء، ليس خلال الحرب الحالية فقط؛ كثيرٌ مرّ علينا أعياد خلال الحروب، ربما أكثر من الأعياد الطبيعية وكنا نحاول نفرح دائمًا”.
ويوضح حسام لـ”عربي21” أنه “لا يوجد أي سبب يدعو إلى الفرح أو حتى محاولة ذلك؛ القتل كل ساعة ووقت، والحرب مستمرة، أقرباؤنا وأصدقاؤنا لا نتمكن من زيارتهم، حتى لا يوجد ما يسدّ جوعنا يوميًّا ما بلك بفرحة العديد وتقديم الأضاحي”.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية غزة موسم الحج عيد الأضحى غزة عيد الأضحى موسم الحج المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الاحتلال الإسرائیلی حرب الإبادة فی قطاع غزة عید الأضحى الله أکبر هذه الحرب عید الفطر pic twitter com أیام عید أدى إلى أکثر من العید ف فی غزة
إقرأ أيضاً:
مظاهرات كسر الصمت.. فلسطينيو 48 يرفضون حرب الإبادة والتجويع في غزة
القدس المحتلة- شهدت بلدات عربية داخل الخط الأخضر نهاية الأسبوع تظاهرات واحتجاجات شارك فيها مئات الفلسطينيين في الداخل، استجابة لدعوة "لجنة المتابعة العليا" واللجان الشعبية والقوى السياسية والطلابية.
تأتي هذه المظاهرات في ظل حملة قمعية غير مسبوقة، طالت نحو 3 آلاف من فلسطينيي 48 منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، تعرضوا لاعتقالات أو تحقيقات أو وجهت لهم لوائح اتهام، إضافة للاعتقالات الإدارية والاعتداءات الجسدية، وتجريم العمل السياسي، في محاولة لإرهاب المجتمع وردعه عن أي نشاط مناهض للحرب.
وتحوّلت مداخل بلدات عربية وشوارعها الرئيسية إلى نقاط احتجاج حملت رسائل ضد الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وضد سياسة الإبادة الجماعية والتجويع الممنهج التي يتعرض لها الفلسطينيون هناك.
"كسر الخوف"ورفع المتظاهرون الأعلام السوداء ولافتات تحمل صور أطفال قضوا جوعا، إلى جانب شعارات تدين الاحتلال وتستنكر استمرار العدوان والحصار، أبرزها: "التجويع جريمة حرب" و"لا للإبادة الجماعية" و"افتحوا المعابر" و"نجوع ونعرى ولكن لا نركع" و"الحرب دمار للإنسانية".
وفي مشهد رمزي مؤثر، قرع المحتجون الأواني تعبيرا عن الغضب بسبب منع إدخال الغذاء إلى غزة، مرددين هتافات تطالب بإنهاء الحصار وإدخال المساعدات الإنسانية فورا، وأخرى تندد بسياسات الحكومة الإسرائيلية واستمرارها في خنق القطاع.
ووَّثقت الجزيرة نت عبر تقرير ميداني أجواء هذه المظاهرات، التي اعتبرت نقطة تحول في مسار الحراك داخل أراضي 48، لا سيما بعد شهور من القمع والملاحقات التي استهدفت كل من عبر عن موقف سياسي أو إنساني تجاه الحرب على غزة.
وتحدث المشاركون عن "محطة كسر الخوف"، واعتبروها انطلاقة ضرورية نحو توسيع رقعة الاحتجاجات وتعزيز صوت الداخل الفلسطيني في وجه السياسات الإسرائيلية القمعية.
إعلانورغم القبضة الأمنية المشددة، يرى منظمو الحراك أن هذا النشاط يشكل خطوة أولى نحو تحرك شعبي أوسع، يعيد إلى فلسطينيي الداخل دورهم التاريخي كجزء لا يتجزأ من النضال الفلسطيني.
وأكد مشاركون للجزيرة نت على أهمية "كسر الصمت"، وخلق أدوات نضال جديدة تتجاوز الخوف، وتُراكم خطوات نضالية على الأرض، نصرة لغزة ورفضا للتمييز والعنصرية والإبادة الجماعية.
وبهذا المشهد، يُفتح باب جديد أمام الداخل الفلسطيني لتثبيت حضوره كقوة حية في مواجهة الحرب الإسرائيلية، وكشريك أصيل بمقاومة مشاريع الإبادة، عبر فعل شعبي منظم يعيد الاعتبار لصوت الجماهير وحقها في التعبير والاحتجاج.
يقول رئيس اللجنة الشعبية في مدينة "باقة الغربية" الشيخ خيري إسكندر، إن هذه التحركات والاحتجاجات تأتي "في لحظة فارقة، تعكس كسر حاجز الخوف الذي فرض بالقوة منذ بدء معركة "طوفان الأقصى"، حيث عمدت المؤسسة الإسرائيلية لقمع أي تعبير عن التضامن مع غزة، بالاعتقالات والملاحقات وتكميم الأفواه.
وأوضح أن الموجة الاحتجاجية الراهنة تُمثِّل امتدادا طبيعيا لمسار طويل من النضال الذي خاضه فلسطينيو الداخل منذ النكبة 1948، بوجه سياسات الإقصاء والتهميش ومحاولات محو الهوية الوطنية.
ولفت إلى أن فلسطينيي الداخل، الذين واجهوا لعقود طويلة الحكم العسكري، ومشاريع الأسرلة، وقوانين التمييز العنصري، يجددون اليوم حضورهم السياسي والإنساني برفضهم الصريح لسياسات الحرب والتجويع والإبادة التي تُمارَس بحق الفلسطينيين في قطاع غزة.
وأشار إلى أن أبناء الداخل الفلسطيني دفعوا أثمانا باهظة خلال هذه الحرب، لمجرد تعبيرهم عن مواقف إنسانية ووطنية مناهضة للعدوان، إذ واجهوا حملات قمع واعتقالات وتحريض ممنهج.
وشدد على أن كسر حاجز الخوف يمثل نقطة تحول مفصلية في المشهد، وأنه لا مجال بعد اليوم للصمت أمام مشاهد الموت جوعا، التي تطال الأطفال والنساء في غزة تحت حصار خانق وعدوان مستمر.
من جهته، قال الناطق باسم مؤسسة "أنصار الحق" للإغاثة، مآب غنايم، إن الحراك الشعبي لفلسطينيي 48 ليس وليد اللحظة، بل بدأ منذ الأيام الأولى للحرب على غزة، لكنه وُوجه بقمع شديد من المؤسسة الإسرائيلية التي عملت على ترسيخ حالة من الخوف والترهيب ومنعت أي تعبير جماعي عن التضامن.
غير أن هذه الحالة -بحسب غنايم- تحطمت تحت وقع مشاهد الإبادة والتجويع التي تبث على الهواء مباشرة، وتكشف حجم الكارثة الإنسانية التي يواجهها سكان غزة، مبينا أن كسر حاجز الخوف تجلى بشكل واضح بأول حراك وحدوي وقطري شامل لفلسطينيي الداخل، الرافض لحرب الإبادة والتجويع.
وأوضح أن هذا التحرك جاء أيضا في لحظة سياسية فارقة، حيث بات واضحا للمجتمع الدولي أن الحرب على غزة فقدت مبرراتها المعلنة، ولم تعد وسيلة لاستعادة الأسرى الإسرائيليين، بل أداة يستخدمها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لضمان بقائه السياسي في سدة الحكم.
وأكد غنايم أن الفلسطينيين بالداخل تجاوزوا مرحلة الصمت، وخرجوا للتعبير عن صوت غزة، وشدد على أنه وبحكم موقعهم الجغرافي، سيكونون في الخط الأمامي لدعم غزة، سياسيا وميدانيا، عندما يفتح المجال لتقديم الإغاثة والمساعدة الإنسانية.
ووجه رئيس اللجنة الشعبية للدفاع عن الأرض والمسكن في أراضي الـ 48، أحمد ملحم، انتقادات لاذعة لبعض الأنظمة العربية والإسلامية، واتهمها بالتخاذل والصمت في مواجهة ما وصفه بـ"حرب الإبادة والتجويع" التي تمارس ضد قطاع غزة.
إعلانوأعرب عن استغرابه من غياب أي ضغط دبلوماسي جاد على إسرائيل لوقف العدوان، رغم المشاهد الصادمة التي تتوالى يوميا من القطاع، والتي توثق كارثة إنسانية غير مسبوقة.
وأكد أن مواقف بعض الحكومات العربية لا تعبر عن نبض شعوبها، التي تبدي تضامنا واسعا مع غزة، مشددا على أن الصمت الرسمي والتواطؤ الإقليمي يطيل أمد المعاناة، ويمنح غطاء سياسيا لاستمرار الحرب.
ودعا إلى تحرك عربي وإسلامي حقيقي، يجسد الحد الأدنى من المسؤولية تجاه شعب يُذبح جوعا وترتكب بحقه جرائم جماعية على مرأى ومسمع من العالم، مشيرا إلى أن أبناء الداخل الفلسطيني دفعوا ثمنا باهظا في مقابل تعبيرهم عن مواقفهم الإنسانية المناهضة للعدوان على غزة.
وختم مؤكدا أن هذا الحراك الشعبي لن يتوقف، وسيواصل تصعيده وتوسيع رقعته، حتى تتوقف حرب الإبادة والتجويع، داعيا الأمتين العربية والإسلامية إلى تحمل مسؤولياتهما والتحرك الفوري لوقف "الجريمة الإنسانية المتواصلة".