لا طعم للعيد بمناطق سيطرة قسد في سوريا بسبب ارتفاع الأسعار
تاريخ النشر: 7th, June 2025 GMT
القامشلي – قبل أيام قليلة من حلول عيد الأضحى، تعالت أصوات الباعة في الأسواق وسط غياب القدرة الشرائية، في مشهد يختزل حالة الركود وارتفاع الأسعار، رغم التحسن في قيمة الليرة السورية.
في حيرة، وقفت السيدة حفصة العلي مترددة أمام أسعار المواد الغذائية والألبسة، وتقول للجزيرة نت: "ترددت لثلاثة أيام قبل العيد على أسواق القامشلي، قادمة من قرية رحية البني سبعة جنوب المدينة، لكنني أعود خالية الوفاض.
ورغم إعلان الإدارة الذاتية في شمال شرق سوريا (التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية (قسد) ويغلب عليها المكون الكردي) عن تسهيل التبادل التجاري مع الداخل السوري، فإن الوقائع على الأرض تكشف عن ممارسات تتناقض مع تلك التصريحات.
ممارسات تُناقض القرارات الرسميةسبق أن أعلنت الإدارة الذاتية عن إلغاء جميع الرسوم الجمركية بين مناطقها وباقي المناطق السورية، وذلك في إطار تشجيع حركة التبادل التجاري وكسر العزلة الاقتصادية.
إلا أن شهادات متقاطعة أدلى بها عدد من سائقي شاحنات نقل البضائع من مختلف المناطق السورية إلى مناطق سيطرة الإدارة الذاتية، أكدت للجزيرة نت أن إدارة معبر دير حافر شرق حلب وساحة الطبقة في ريف الرقة تفرضان رسوما بمسميات متعددة، منها ما يُعرف بـ"رسم مخالفة أنظمة وقوانين"، دون توضيح طبيعة هذه المخالفات أو وجود نص قانوني يجيز تلك الغرامات، وغالبا ما تُحصّل هذه الرسوم دون أي وثيقة أو وصل رسمي.
إعلانويقول هاني محمد، سائق شاحنة نقل كبيرة، إن إدارة المعبر "تفرض على كل شاحنة من نوع قاطرة ومقطورة مبلغ 400 دولار، و250 دولارا على كل سيارة من نوع إنتر، بغض النظر عن وزن الحمولة أو نوع البضائع أو كميتها، ما يشكّل مخالفة صريحة للمعايير الجمركية الدولية، التي تربط الرسوم بحجم الشحنة ونوعها وقيمتها السوقية".
أما مهران كوكي، الذي يعمل تاجرا متنقلا في بيع الألبسة، فيصف الوضع بـ"السرقة الموصوفة"، قائلا: "مركبتي صغيرة، أشتري البضائع من منبج أو حلب، وفي ساحة الطبقة يتم فرض مبلغ 500 ألف ليرة سورية، أي ما يعادل 50 دولارا، كرسوم خدمية على كل مركبة، دون أي وصل يثبت الدفع، ما يزيد غموض هذه المبالغ ومدى قانونيتها".
ويؤكد رامين إدريس، موزّع مواد غذائية لصالح شركة خاصة، أن "الضرائب والغرامات تُفرض بشكل اعتباطي. قبل أيام، فُرض علينا مبلغ مليون ونصف المليون ليرة، بحجة أن مادة الطحين المستورد لم يتبقّ على انتهاء صلاحيتها سوى شهر". ويضيف "الغريب أن الطحين أُدخل إلى مستودعاتنا، ودفعنا الضريبة، ووزعنا قيمتها على سعر الكيلوغرام الواحد، ما يجعل المستهلك يتحمّل فرق الأسعار. وإذا كانت الحجة هي سلامة الطحين، فلماذا لم تتم مصادرته؟".
ويشرح رامين كيف تنتقل آثار هذه الضرائب إلى المستهلك النهائي "كتجار جملة، نوزّع الضريبة على كل طرد، ونسترد المبلغ من أصحاب المولات التجارية والباعة، الذين بدورهم يفرضون الزيادة على كل قطعة ضمن الطرد. أي أن المستهلك يدفع أضعافا مضاعفة للضرائب، وهو الخاسر الوحيد".
احتجاجات سائقي الشاحناتعلى خلفية هذه الإجراءات، قرّر عدد من سائقي الشاحنات المحمّلة بالبضائع قبل نحو 20 يوما الامتناع عن دفع الرسوم كحركة احتجاجية. وبدلا من الاستجابة لمطالبهم أو فتح حوار معهم، أغلقت الإدارة الذاتية طريق المعبر أمامهم ومنعتهم من العبور لمدة يومين، ما اضطرهم في النهاية إلى الرضوخ ودفع الضريبة لاستكمال عملهم.
إعلانوقال أحد السائقين للجزيرة نت، مفضلا عدم الكشف عن اسمه لأسباب أمنية "هذه الرسوم ليست جمركية، بل جزية تُفرض علينا. قرار إلغاء الجمارك مجرد حبر على ورق. نحن ندفع مجبرين حتى لا تتوقف أعمالنا. لا نقابة تدافع عنا، ولا مؤسسات لحماية المستهلك تهتم لأمرنا. لا خيار أمامنا سوى الالتزام فقط".
قرارات مزدوجةيرى العديد من التجار أن ما يجري يعكس وجود قرارات غير معلنة تُطبّق على الأرض، على خلاف ما يُنشر رسميا. ويقول علوان علي، تاجر جملة وموزع مواد تنظيف وألبسة، إن "ما يجري يؤكد وجود قرارات خفية هي الأساس في فرض الرسوم والإتاوات، في مقابل إصدار قرارات علنية للرأي العام دون متابعة تنفيذها، مثل قرارات الإعفاء وغيرها. ويعتقد هؤلاء أن المواطن لا يدرك ما يجري".
ورفض علوان تزويدنا بصورة عن الغرامة، قائلا "أنا أحترم القانون، لكن أغلب القوانين مبهمة، وما يُطبق هو عكس ما يُعلن عنه. الزبائن يطالبوننا بخفض الأسعار نتيجة إلغاء الجمارك -ظاهريا-، لكن واقعيا نحن ندفع، ونقع في إشكالات مع المشترين".
رغم التحسن الطفيف الذي طرأ مؤخرا على الليرة السورية أمام الدولار، فإن المواطنين لا يشعرون بأي تحسّن اقتصادي ملموس. وفي حديثها للجزيرة نت، قالت هبة رياض، وهي من أهالي حمص النازحين إلى الحسكة، إن الأهالي "لا يشترون سوى الحاجيات الضرورية، بسبب الأسعار المرتفعة وفقدانهم الثقة بإمكانية انخفاضها، خاصة أن التجار يحمّلون المشترين كل تكاليف الرسوم والضرائب، سواء كانت رسمية أو غير رسمية".
وحسب إحصائيات محلية من أسواق الحسكة، فإن نسبة الفقر في مناطق الإدارة الذاتية تتجاوز 80%، بينما لا يتجاوز الدخل اليومي للعمال المياومين 2 إلى 3 دولارات فقط.
دعوات خجولة للمساءلة والمحاسبةبين الحين والآخر، تُثار تساؤلات حول أوجه صرف الواردات المالية للإدارة الذاتية، لكنها تظل محاولات خجولة، كما يرى الصحفي جان شكر، الذي يقول "لا يوجد شرح واضح لآليات فرض الرسوم ولا لطريقة التصرف بها. ومع غياب ثقافة الشفافية والمحاسبة، وفي ظل الغلاء الفاحش، فإن مثل هذه القرارات المجحفة تتسبب بشكل مباشر في تعميق الأزمة الاقتصادية والاجتماعية".
إعلانويضيف شكر، رغم كثرة الانتقادات التي تطال الإدارة الذاتية بشأن سياساتها الاقتصادية، فإن "هوامش الحرية مفقودة، والخوف موجود، والناس سئمت من الحديث، في ظل الإحجام عن أي تعديلات حقيقية تمس جوهر معيشة الأهالي".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الحج حريات الحج الإدارة الذاتیة للجزیرة نت على کل
إقرأ أيضاً:
شركة سيارات فورد تخسر ملياري دولار بسبب ترامب
في ظل تقلبات اقتصادية وتجارية عالمية، أعلنت شركة فورد عن نتائج مالية مختلطة للربع الثاني من عام 2025، إذ كشفت عن خسائر ناجمة عن الرسوم الجمركية والسياسات التجارية الأمريكية، رغم تسجيلها إيرادات قياسية خلال نفس الفترة.
تكلفة الرسوم الجمركية تتجاوز 800 مليون دولارأصبحت فورد أحدث ضحايا سياسة الرسوم الجمركية التي فرضتها إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب، حيث أكدت الشركة أن تكلفة هذه الرسوم بلغت حوالي 800 مليون دولار حتى الآن.
ورغم أن هذا الرقم أقل من خسائر جنرال موتورز التي تجاوزت 1.1 مليار دولار، فإن التقديرات تُشير إلى أن الخسائر قد تصل إلى ملياري دولار بنهاية 2025.
وفقًا لهذه الأرقام، فإن هذا المبلغ كان يمكن أن يُستخدم لدفع 100 ألف دولار لكل موظف من 20 ألف موظف، أو لتغطية تكاليف الاستدعاءات المتكررة التي أثرت على سمعة الشركة مؤخرًا.
أرباح قياسية وخسارة صافية مفاجئةرغم الضغط المالي الناتج عن الرسوم، سجّلت فورد إيرادات قوية في الربع الثاني بلغت 50.2 مليار دولار، وهي من أعلى الإيرادات ربع السنوية في تاريخ الشركة.
ومع ذلك، تكبدت الشركة خسارة صافية بلغت 36 مليون دولار، وهي خسارة غير متوقعة بالنظر إلى الإيرادات الضخمة.
وأرجعت الشركة هذه الخسارة إلى "إجراءات خدمة ميدانية" ونفقات متعلقة بإلغاء برنامج سيارات كهربائية كان قيد التطوير، يعتقد أنه مشروع إنتاج سيارات SUV كهربائية بثلاثة صفوف تم التخلي عنه مؤخرًا.
نتيجة للتحديات المتزايدة، خفضت فورد توقعاتها للعام الجاري، حيث أصبحت تتوقع أرباحًا تشغيلية (EBIT) معدلة تتراوح بين 6.5 و7.5 مليار دولار، بدلًا من التوقعات السابقة التي تراوحت بين 7 و8.5 مليار دولار.
يعكس هذا التعديل استمرار الضغوط في سلاسل التوريد، وتباطؤ الطلب، والتأثير السلبي المستمر للرسوم الجمركية.
رغم ذلك، أكدت شيري هاوس، المديرة المالية للشركة، أن فورد ماضية في "تحويل البيضاوي الأزرق إلى عمل تجاري أعلى نموًا، وأعلى هامشًا، وأكثر استدامة"، مع التركيز على استثمارات ذكية تضمن المنافسة والنمو طويل الأجل.
أشارت فورد إلى أن السيارات الكهربائية تمثل الآن 14% من مبيعاتها في السوق الأمريكية، وهي نسبة تعكس توسعًا مستمرًا في هذا القطاع.
كما أعلنت الشركة أنها ستعقد فعالية مهمة في 11 أغسطس المقبل، لم تكشف تفاصيلها بعد، لكنها وعدت بالكشف عن "خططها لتصميم وبناء سيارات كهربائية رائدة محليًا".
إلى جانب الجزء المالي، حققت فورد أداءً متميزًا في قطاع الشاحنات، حيث أعلنت أن مجموعة شاحناتها سجلت أفضل أداء لها منذ عقدين.
كما حققت سيارة برونكو أرقامًا قياسية في المبيعات، وشهد طرازا إكسبيديشن ونافيجيتور المعاد تصميمهما نموًا في الطلب.
وفي أوروبا، لاقت سيارة رينجر الهجينة القابلة للشحن إقبالًا واسعًا، مما يعزز من حضور فورد في السوق الأوروبية للسيارات المستدامة.
أما في السوق الأمريكية، فقد ارتفعت حصة الشركة السوقية بمقدار 1.7 نقطة مئوية لتصل إلى 14.2%.