الصناعة التقليدية المغربية تغزو أسواق شمال أوروبا…إقبال متزايد وطلب يتجاوز كل التوقعات
تاريخ النشر: 9th, June 2025 GMT
زنقة 20. الرباط
تشهد الصناعة التقليدية المغربية منذ سنوات نهضة حقيقية في الأسواق الدولية، إلا أن الإقبال اللافت الذي تعرفه من طرف دول شمال أوروبا – خاصة السويد و الدنمارك والنرويج وفنلندا – بات يلفت الأنظار ويبعث على تساؤلات حول أسباب هذا الإنجذاب المتزايد نحو منتوجات مغربية يدوية تعود جذورها إلى قرون من التاريخ والتراث.
الصناعة التقليدية المغربية… هوية متجذرة وحرف يدوية خالدة:
تعتبر الصناعة التقليدية المغربية إحدى الدعائم الثقافية والاقتصادية للمملكة، إذ تشغل أكثر من مليون صانع وصانعة في مختلف الحرف، وتشمل ما يزيد عن 70 نشاطا تقليديا يتوزع بين فنون الزليج، والخزف والنقش على الخشب ولفضة والنحاس، الجلد و النسيج والطرز.
وحسب معطيات وزارة السياحة والصناعة التقليدية، فقد تجاوزت صادرات الصناعة التقليدية المغربية خلال سنة 2024 سقف 1.5 مليار درهم، مع تسجيل توجه متصاعد نحو الأسواق الأوروبية ذات الدخل المرتفع، خصوصًا بلدان الشمال الأوروبي.
إقبال لافت من الدول الاسكندنافية:
تُظهر المؤشرات التجارية أن أسواق شمال أوروبا أصبحت من أبرز الوجهات الجديدة للصناعة التقليدية المغربية، فقد سجلت نسبة الإقبال على المنتوجات المغربية في كل من السويد و الدنمارك، والنرويج وفنلندا ارتفاعا يتجاوز 60% خلال السنوات الثلاث الأخيرة، مدفوعة بعدة عوامل، منها: ميل المستهلكين نحو المنتوجات المستدامة، تقدير العمل اليدوي، والبحث عن تصاميم تمزج بين الأصالة والوظيفة.
السويد: الأصالة المغربية في قلب البيوت الإسكندنافية:
في السويد، أصبحت المنتوجات المغربية جزءًا من أنماط الديكور العصري، خاصة الزرابي الأطلسية، الأغطية المطرزة يدويًا، والفوانيس النحاسية.
ووفقًا لمصادر تجارية محلية، فإن أكثر من 120 متجرًا في ستوكهولم وغوتنبرغ تعرض بشكل دائم منتوجات مغربية، سواء عبر الإستيراد المباشر من المغرب أو من خلال مبادرات الجالية المغربية، التي يبلغ عددها ما يفوق 12 ألف نسمة.
ويجد المستهلك السويدي في هذه المنتوجات لمسة دافئة تعزز الطابع البسيط للديكور الإسكندنافي، ما يدفع الطلب إلى التزايد.
الدنمارك: من الإعجاب إلى شراكات إنتاجية:
وأما في الدنمارك، فإن العلاقة مع المنتوجات المغربية تجاوزت حدود الاستهلاك، إلى خلق شراكات بين مقاولات دنماركية وصناع تقليديين مغاربة. ويبرز هذا التعاون بشكل خاص في قطاع الجلديات (الحقائب، لبلاغي)، والإكسسوارات المنزلية من النحاس والخشب.
وتنظم مدينة كوبنهاغن بإنتظام معارض موسمية تعرض المنتوج المغربي، وهو ما ساعد الجالية المغربية، التي تقدر بـ13 ألف شخص تقريبًا، على أن تصبح فاعلاً تجاريًا وثقافيًا في هذا المجال.
النرويج: إهتمام بالنحاس والخزف المغربي:
تظهر النرويج إهتماما خاصا بالمنتوجات المغربية ذات البعد الفني، مثل المصابيح النحاسية، الصحون الخزفية المزخرفة، والديكورات التقليدية المصنوعة يدويًا.
ورغم أن الجالية المغربية بالنرويج لا تتجاوز 8 آلاف نسمة، إلا أن الفعالية الثقافية التي تتمتع بها، إضافة إلى مشاركة المغرب في تظاهرات فنية وحرفية كبرى مثل “Oslo Design Fair”، ساعدت على تسويق المنتوجات المغربية كخيار راقٍ ومميز داخل السوق المحلي.
فنلندا: عندما تلتقي الإستدامة بالأصالة المغربية:
وفي فنلندا، تلقى المنتوجات التقليدية المغربية رواجًا ملحوظا بين فئة الباحثين عن منتجات مصنوعة بطرق طبيعية ومستدامة. وتشهد الأسواق المحلية إقبالًا على زرابي الأطلس، الفخار المغربي، ومنتوجات النسيج المصبوغة بألوان نباتية.
وتعمل الجالية المغربية، التي تقدر بـ5 آلاف فرد، على دعم هذا التوجه من خلال متاجر صغيرة أو مشاركات في الأسواق الموسمية والمعارض الثقافية، ما أسهم في ترسيخ الصناعة التقليدية المغربية كخيار راقٍ وصديق للبيئة.
المعارض الدولية… نافذة المغرب على الأسواق الجديدة:
ساهمت مشاركة المغرب في كبريات المعارض الدولية في شمال أوروبا، مثل Formex (السويد) وHabitare (فنلندا) وOslo Design Fair (النرويج)، في التعريف بالمنتوج التقليدي المغربي لدى فئات واسعة من المستهلكين والمستوردين على حد سواء.
وقد فتحت هذه الفعاليات آفاقا لعقود وشراكات دائمة بين شركات توزيع أوروبية وورش تقليدية مغربية.
استراتيجية مستقبلية… الجالية المغربية كجسر اقتصادي وثقافي:
تمثل الجالية المغربية في دول الشمال الأوروبي عنصرًا محوريًا في دينامية الترويج للصناعة التقليدية المغربية، حيث تجمع بين معرفة ذوق المستهلك المحلي وبين الحنين إلى الجذور.
وتراهن الاستراتيجية الوطنية لدعم القطاع على تعزيز التصدير المباشر، خلق منصات بيع إلكترونية مخصصة، وضمان مطابقة المنتوجات للمعايير البيئية والجودة العالمية، بغرض توسيع قاعدة الزبائن في هذه الأسواق الراقية.
وأخيرا فإن الصناعة التقليدية المغربية، التي طالما إرتبطت بالأصالة والتراث، أصبحت اليوم عنصرا منافسًا في الأسواق الدولية، بلغة الفن، والجودة، والاستدامة،حيث مع تصاعد الطلب من طرف المستهلكين في شمال أوروبا، فإن مستقبل هذا القطاع يبدو واعدا أكثر من أي وقت مضى، بشرط مواصلة الآستثمار في التكوين و الجودة، والتسويق المبتكر.
المصدر: زنقة 20
كلمات دلالية: الصناعة التقلیدیة المغربیة المنتوجات المغربیة الجالیة المغربیة شمال أوروبا
إقرأ أيضاً:
صادرات الصين تخالف التوقعات وترتفع 5.8%
حسونة الطيب (أبوظبي)
في أعقاب الهدنة التجارية مع أميركا التي سبقتها جولة من المفاوضات الثنائية بين البلدين، ارتفعت صادرات الصين بنسبة قدرها 5.8% بالمقارنة مع ذات الفترة من السنة الماضية، في حين زادت وارداتها أيضاً بنحو 1.1%، مخالفة توقعات الخبراء الاقتصاديين، بحسب «وول ستريت جورنال». كما ارتفع فائض الصين التجاري، من واقع 103.22مليار دولار في شهر مايو الماضي، لنحو 114.78 مليار دولار في يونيو، معاكساً التوقعات.
وفي حين ذلك تراجعت واردات الولايات المتحدة بنحو 16.1% في شهر يونيو، بالمقارنة مع عام 2024؛ نظراً للرسوم الجمركية، وعدم اليقين الاقتصادي حول معظم دول العالم، ما أسفر عن تقلص معدل التبادل التجاري بين أكبر اقتصادين في العالم. وضمن وصولهما لهدنة تجارية في يونيو الماضي اتفق الطرفان على أن تُسرع الصين شحنات المعادن النادرة وغيرها من المُدخلات الحيوية إلى الولايات المتحدة، بينما تعمل واشنطن على رفع القيود التي تحول دون الحصول على التقنيات الأميركية المتقدمة. وتنعكس نتيجة هذه الهدنة في صادرات الصين لأميركا في يونيو الماضي، حيث تعتبر نسبة 16.1% من التراجع إيجابية، بالمقارنة مع 34.5% في شهر مايو ونحو 21% في أبريل.
لكن حذر خبراء الاقتصاد من أن هذا التراجع ربما يكون مؤقتاً، وأن عودة الرئيس الأميركي للبيت الأبيض، أثرت على العلاقات التجارية مع الدول الأخرى حول العالم.
تدفق السلع
يقول زيشون هوانج، الخبير الاقتصادي في «كابيتال إيكونيميست» المؤسسة البريطانية الاستشارية، إن ذلك ربما يعكس الجهود التي تبذلها بعض شركات الوارد الأميركية، لتخزين المزيد من السلع الصينية خوفاً من تجدد التصعيد حول الرسوم الجمركية بين البلدين، كما يرى أنه من غير المرجح استمرار تدفق السلع الصينية لأميركا لفترة طويلة من الوقت. لا تزال هناك العديد من التساؤلات حول العلاقات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، حتى بعد التحول الأخير في لهجتها، وحددت الهدنة المتفق عليها في لندن مدة قدرها 90 يوماً لإلغاء الرسوم الجمركية، ما يعني أن أمام الجانبين مهلة حتى 12 أغسطس المقبل للتوصل لاتفاق دائم.
قامت الإدارة الأميركية مؤخراً بإرسال رسائل لعدد من الدول حول العالم توضح نسب الرسوم الجمركية التي من المقرر أن يبدأ تطبيقها مطلع أغسطس المقبل، ومن بين هذه، 50% على البرازيل و35% على بعض السلع الواردة من كندا، فضلاً عن رسوم قدرها 50% على النحاس، وأخرى تصل لنحو 200% على الأدوية.
وربما تستهدف أميركا بخطتها الرامية لفرض رسوم على السلع المُصدرة لها عبر دول أخرى، المنتجات الصينية الواردة إليها عبر طرق غير مباشرة، وتراجعت الشحنات الصينية المتجهة لأميركا بنحو 10.9% خلال النصف الأول من العام الجاري، بالمقارنة مع الفترة ذاتها من العام الماضي، بينما ارتفعت صادرات الصين للدول الأخرى، 5.9% خلال تلك الفترة، علاوة على زيادة سنوية قدرها 5.8% لعام 2024.
إجراءات تحفيزية
وأدت شكوك واشنطن حول العديد من السلع التي تغير مساراتها عبر جنوب شرق آسيا لإبرام الإدارة الأميركية اتفاقية مع فيتنام تقضي بفرض رسوم قدرها 40% على السلع التي تتجه لأميركا عبرها، بغرض إغلاق الباب أمام صادرات الصين غير المباشرة.
الطلب المحلي
حافظ الاقتصاد الصيني، على استقراره هذا العام، وأعلنت الصين أن ناتجها المحلي الإجمالي، حقق نمواً بنسبة سنوية قدرها 5.4% في الربع الأول من العام الحالي 2025 مع تسريع الشركات لشحناتها، وسط توقعات برفع الرسوم الجمركية.
وفي ظل تأرجح عدم اليقين المتعلق بصادرات البلاد، عمدت الصين، لتشجيع الطلب المحلي، من خلال خفض أسعار الفائدة، وضخ السيولة في النظام المالي، والحفاظ على نظام مقايضة السيارات القديمة بالنقد، للدفع بعجلة الإنفاق الاستهلاكي.