شعر: هلال بن سالم السيابي
ما بعد خطبك من عيد ولا فرحِ
أماه فالجرج واري الزند من ترحِ
***
تئن منه ضلوعي حسرة وأسىً
فهل لقلبي بعد اليوم من فرحِ!
***
ما زلت بعدك واهي النفس، أحسب ما
أراه أنت فلا آلوه من مِـدَحي!
***
وتلك شيمة من قد بات في خطر
من أمره، وسناه غير منقدحِ
***
ياللأسى، كيف فارقت الهدى علنا
وكنت من برده عَمْري بمتَّشحِ
***
أسائل الدار عمن كان نيٌّرَها
فتنطق الدار بالأحزان والترحِ
***
تكاد تجهش من غم بغصتها
ترى أتعقل ما في الأمر من جمحِ!
***
وتلك أشيأؤها، هذي مصاحفها
وثم سبحتها في كل مصطبحِ
***
ترى أراحت إلى عليا سماوتها
وخلفت كل ما في الدار من مُلَحِ
***
وتصمت الدار صمتا، لا تبوح لنا
بما بها، ليت شعري كيف لم تبحِ!
***
أينزف القلب، والأماق جامدة
والدار من بعد ذاك الخطب كالشبحِ
***
أواه أواه، هذا الصمت يفزعني
وإن يكن بمبين منه متضحِ
***
ورب صمت لعمر الله أبلغ من
قول، كما جاء عن أسلافنا الفُصُحِ
***
أماه ادٌّكر الأيام زاهيةً
تكاد تسفر بالإصباح والوضحِ
***
وكل يوم لنا عيد يجدد ما
عهدته من جمال غير منسرحِ
***
فإن أتى العيد فالدنيا تزين سنا
بكل مبتسم منها ومنشرحِ
***
والكل حولك عكاف كأنهم
يستمطرونك ما تبديه من منحِ
***
آتي إليك فهذا (خالد) بيدي
وذا (طلال)، وذا (مروان) في مرحِ
***
وخلفنا الرائعات المشرقات سنا
من البنات كمثل الشهب في الوضحِ
***
يقبلون أياديك الكريمة في
أنس، وموقف زهو شامخ مَرِحِ
***
وبيننا إخوتي: هذا (حمود)، وذا
(بدر)، و(عبد المليك) أي متشحِ
وقد مضى (ناصر) من قبل مكتئبا
من المعاناة نحو الله في ضَبحِ
***
والدهر زاهي المحيا في تطاوله
ما بين منغلق منه ومنفتحِ
***
يكاد يفتَرُّ بالإشراق مبسمه
كأنه مترع من ابنة القدحِ
***
واليوم آتي فلا زهو ولا مرحٌ
وإنما شبح آت إلى شبحِ
***
أقول للدار يا أطلال مرحمة
أين التي سكنت قلبي ولم تُرحِ
***
أين التي حملتني، والهوى قدر
ومن هواها لروحي خير مكتسحِ!
***
وكيف أسأل عنها وهي في خلدي
تالله ما عدت من أمري بمتضحِ!
***
لم يُبقِ خطبيَ مني غير أسئلة
ما أعظم الخطب، يا للخطب من وقحِ!
***
قد جفَّ شعري، وخان السحر قافيتي
فلن أفيك، ولو أكثرت من مِدَحي
***
فما عسى أن يقول الشعر بعدك يا
- أماه- أو أن يفي إلا بمنجرحِ
***
آليت لست براثٍ بعد من أحد
فذا رثائي، وهذا ختم ممتدحي!
.المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
“إلى أين؟”.. عرض ليبي يُجسّد القلق الوجودي ضمن مهرجان المونودراما العربي في جرش 39 اللجنة الإعلامية لمهرجان جرش بحضور ممثل عن السفارة الليبية في عمان، وجمع غفير من عشاق المسرح، وضمن فعاليات الدورة الثالثة من مهرجان المونودراما المسرحي، قدّمت ا
صراحة نيوز – بحضور ممثل عن السفارة الليبية في عمان، وجمع غفير من عشاق المسرح، وضمن فعاليات الدورة الثالثة من مهرجان المونودراما المسرحي، قدّمت الفرقة الليبية مساء الثلاثاء 30 تموز 2025 على خشبة مسرح مركز الحسين الثقافي – رأس العين، عرضها المسرحي المونودرامي “إلى أين؟”، في تجربة مسرحية مزجت بين القلق الوجودي والتساؤلات العميقة التي يعيشها الإنسان العربي المعاصر.
المسرحية، التي كتبها الكاتب العراقي علي العبادي، مقتبسة عن نصه “حقائب سوداء”، وأخرجها الليبي عوض الفيتوري الذي تولى أيضًا تصميم السينوغرافيا، بينما قام بتجسيدها على الخشبة الفنان حسين العبيدي، يرافقه موسيقيًا الفنان أنس العريبي، الذي أضفى بعدًا شعوريًا ساهم في تعزيز التوتر الدرامي والانفعالي للنص.
وفي إطار مونودرامي متماسك، يقف “الممثل – المسافر” ليحمل حقائبه المادي والرمزية، باحثًا عن إجابة لسؤال وجودي يتردد طيلة العرض: “إلى أين؟”. فالمسرحية لا تكتفي بعرض مشهد فردي عن الرحيل، بل تحوّله إلى سؤال جماعي يمسّ كل من اضطر أن يغادر، أن يهاجر، أن يُهجّر، أو أن يرحل مجبرًا من وطن بات غير قابل للسكن، بفعل الحروب والدمار والنكبات المتتالية، وحتى الإحتلال في العالم العربي.
الحقائب في العرض ليست مجرد أدوات، بل رموزٌ لما نحمله في دواخلنا: ذكريات، أحلام، خصوصيات، جراح، وآمال. المسرحية تفتح مساحة للتأمل في دوافع السفر؛ أهو بحث عن الأمان؟ أم عن الذات؟ أم محاولة مستميتة للهرب من واقع خانق؟
العرض الليبي جاء متقنًا في استخدامه للضوء والظل، للصوت والصمت، للحركة وللسكون، حيث مزج المخرج بين عناصر النص والفرجة والموسيقى والإضاءة، ليصوغ منها كولاجًا بصريًا وصوتيًا نابضًا يعكس نبض الشارع العربي، ويطرح الأسئلة التي قد لا تجد أجوبة، لكنها تُحكى، تُصرخ، وتُهمس على خشبة المسرح.
ويُشار إلى أنّ الدورة الثالثة من مهرجان المونودراما العربي، التي تُقام ضمن فعاليات مهرجان جرش للثقافة والفنون لعام 2025، تستضيف عروضًا من مختلف الدول العربية، تشكّل فسحة للتعبير الفردي الحرّ، وتحاكي هواجس المجتمعات بعيون فنانيها.