قال البنك الدولي إن اقتصاد السودان انكمش بنسبة إضافية تبلغ 13.5% في عام 2024، بعد أن تقلص بنحو الثلث في العام الذي سبقه ، فيما يُتوقع أن يشمل الفقر المدقع 71% من السكان في ظل استمرار النزاع.

وقال البنك في تقرير، يوم الثلاثاء، إنه وحتى في حال تم الوصول لحل للصراع خلال الأشهر المقبلة، وطبقت إصلاحات هيكلية هامة، فمن غير المرجح أن يعود اقتصاد السودان إلى مستوى الناتج المحلي الإجمالي الذي كان عليه قبل الصراع قبل عام 2031.

وعزا البنك التدهور الكبير للاقتصاد السوداني للانهيار الملحوظ في مؤشرات القطاعات الإنتاجية الرئيسية وعلى راسها القطاع الزراعي الذي شهد انخفاضا حادا في الإنتاجية بسبب انقطاع طرق التجارة، ونزوح المزارعين، وتدمير البنية التحتية الزراعية، وانعدام فرص الحصول على التمويل.

وقفزت معدلات الفقر إلى 71 في المئة من 33 في المئة في العام 2022، بسبب فقدان الأسر مصادر دخلها، وارتفاع معدلات البطالة من 32% في عام 2022 إلى 47% في عام 2024، بسبب الإغلاقات الواسعة النطاق للشركات، وعدم اليقين الاقتصادي، والانخفاض الحاد في فرص العمل المستقرة بسبب التأثير الشديد للصراع على سوق العمل.

 وتفاقمت التحديات المالية التي يواجهها السودان، مع انخفاض إيرادات الحكومة كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي من 10 في المئة في عام 2022 إلى أقل من 5 في المئة في عام 2023. ولا يزال الدين العام مرتفعا، مما يجعل البلاد عاجزة تمامًا عن إصدار ديون جديدة.

وبسبب التدهور العام وتراجع أسعار الصرف، ارتفع معدل التضخم إلى 170 في المئة على أساس سنوي في عام 2024، من 66 في المئة في عام 2023.

ومنذ اندلاع الصراع الأخير، برزت فجوة بين سعر الصرف الرسمي وسعر السوق الموازية. اعتبارًا من ديسمبر 2024، انخفض سعر الصرف الرسمي بنسبة 233% مقارنةً بأبريل 2023، بينما انخفض سعر الصرف الموازي بنسبة 355% خلال الفترة نفسها.

تراجع كبير
بعد تحسن نسبي تلى تسلم المدنيين للسلطة في نهاية العام 2019، وتمكن حكومة عبدالله حمدوك من استعادة التعاون الدولي وشطب اسم السودان من قائمة الإرهاب التي استمر فيها 24 عاما، وتكبد الاقتصاد بسببها خسائر بمئات المليارات من الدولارات، عاد السودان ليواجه تحديات كبيرة خلال العامان السابقان لاندلاع الحرب بسبب العزلة الاقتصادية والمالية التي عاشها مجددا بعد انقلاب بعد الانقلاب على على السلطة المدنية في أكتوبر 2021.

 واعتبر البنك الدولي مؤشرات أداء السياسات والمؤسسات في السودان أقل من متوسطات أداء دول رابطة التنمية الدولية لأفريقيا جنوب الصحراء، وهي آخذة في التراجع.

وأشار البنك إلى نقاط ضعف كبيرة خاصة في المؤسسات وإدارة القطاعين الاقتصادي والعام.

وقال البنك إن التحديات المستمرة قوضت الجهود التي بذلت قبل الانقلاب لتنفيذ الإصلاحات الهيكلية، وفاقمت مواطن الضعف في الاقتصاد الكلي، وعمقت هشاشة البلاد.

وقد عانت القطاعات الرئيسية الأساسية للتنمية المستدامة، مثل الزراعة والتعليم والصحة، من سوء الإدارة، مما أعاق مسيرة السودان نحو الانتعاش الاقتصادي والاستقرار.

 وأوضح البنك الدولي "قبل استيلاء الجيش على السلطة عام 2021 ونشوب الصراع الحالي، كان السودان يحرز تقدما نحو تخفيف أعباء الديون وتجديد فرص الحصول على التمويل الدولي في إطار مبادرة البلدان الفقيرة المثقلة بالديون".

عقبات وخيمة
بعد مرور عامين على اندلاع الصراع في منتصف أبريل 2023، لا يزال السودان عالقا في أزمة متفاقمة ذات عواقب اجتماعية واقتصادية واسعة النطاق.

وأودى الصراع بحياة أكثر من 150 ألف شخص حتى الآن، كما تسبب في أكبر موجة نزوح في العالم، حيث اضطر نحو 15 مليون شخص لترك منازلهم، نزح 12 مليونا منهم لمناطق داخلية فيما عبر أكثر من 4 ملايين الحدود إلى بلدان مجاورة.

وكلفت الحرب الاقتصاد السوداني اكثر من 700 مليار دولار، محدثة دمار هائل في البنية التحتية الأساسية بما في ذلك شبكات المياه والكهرباء.

 ووفقا لتقرير البنك الدولي، فإن وجود الألغام الأرضية يشكل مخاطر جسيمة على سلامة المدنيين، والعمليات الإنسانية، والتعافي الاقتصادي. وقد خلّفت عقود من الحرب الأهلية مساحات شاسعة ملوثة بالألغام الأرضية. وقد أدى تجدد عدم الاستقرار والصراعات المستمرة إلى تفاقم المشكلة، مع ورود تقارير عن نشر ألغام جديدة في المناطق المتضررة من النزاع.

مؤشرات

تراجع سعر صرف العملة الوطنية من 600 جنيها للدولار الواحد قبل اندلاع القتال في 15 أبريل 2023، إلى 2,679 جنيها للدولار الواحد عند إغلاق تداولات الأسبوع الأول من يونيو 2025. تراجع إنتاج قطاع الزراعة بأكثر من 40 في المئة بحسب منظمة الفاو، مما أثر كثيرا على اقتصاد البلاد، إذ يسهم القطاع بنحو 35 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي ويوظف أكثر من 40 في المئة من القوى العاملة. سجل السودان أكبر أزمة جوع في العالم حيث بات أكثر من 26 مليون في حاجة إلى مساعدات غذائية، واحتل المرتبة الرابعة في انتشار سوء التغذية الحاد العالمي، حيث يُقدر بنحو 13.6%. يواجه السودان أزمة صحية عامة مع تفشي العديد من الأمراض وخروج 70 في المئة من المستشفيات عن الخدمة وتراجع القدرة على الوصول للخدمات الصحية الى 17 في المئة من السكان البالغ تعدادهم نحو 48 نسمة.

المصدر: سكاي نيوز عربية

كلمات دلالية: ملفات ملفات ملفات اقتصاد السودان السودان البنك الدولي اقتصاد السودان الاقتصاد السوداني حرب السودان وقف حرب السودان الحرب السودانية اقتصاد السودان السودان البنك الدولي أخبار السودان اقتصاد السودان البنک الدولی فی المئة من فی المئة فی أکثر من فی عام

إقرأ أيضاً:

300 ألف شخص يفرون من جنوب السودان بسبب العنف وسط مخاوف من حرب أهلية جديدة

يأتي هذا التصعيد بعد نحو سبع سنوات من انتهاء الحرب الأهلية بين عامي 2013 و2018، والتي أسفرت عن مقتل أكثر من 400 ألف شخص وتشريد الملايين داخل وخارج البلاد. اعلان

قدّرت الأمم المتحدة يوم الاثنين أن نحو 300 ألف شخص فروا من جنوب السودان خلال عام 2025، على خلفية تصاعد العنف بين أنصار الرئيس سلفا كير وأنصار نائب الرئيس السابق رياك مشار، المتهم حاليًا بارتكاب جرائم ضد الإنسانية.

توسع رقعة النزاع في جنوب السودان

بدأت موجة العنف الجديدة في آذار/مارس الماضي شمال شرق البلاد، لتنتقل لاحقًا إلى مناطق جنوبية، في حين بقيت بعض المناطق بعيدة عن الصراع حتى الآن. ومع توجيه اتهامات لرئيس المعارضة رياك مشار بارتكاب "جرائم ضد الإنسانية" في 11 أيلول/سبتمبر، تزداد المخاوف من اندلاع حرب أهلية جديدة قد تؤدي إلى فوضى شاملة في الدولة الصغيرة، والتي ما تزال تعاني من هشاشة مؤسساتها الحكومية وضعف قدراتها الأمنية.

وقالت مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في جنوب السودان إن "الاشتباكات المسلحة تجري على نطاق لم نشهده منذ توقيع اتفاق وقف الأعمال العدائية عام 2017"، مشيرة إلى أن هذه المواجهات أجبرت عشرات الآلاف على الفرار من مناطقهم، بينما تستمر الطائرات الحربية في شن ضربات جوية أحيانًا عشوائية على المناطق المأهولة بالسكان.

أرقام النزوح واللجوء

وفق تقديرات الأمم المتحدة، وصل نحو 148 ألف لاجئ إلى السودان، بينما فر 50 ألفًا إلى إثيوبيا، و50 ألفًا إلى أوغندا، و30 ألفًا إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية، و25 ألفًا إلى كينيا.

وداخل البلاد، نزح نحو مليوني شخص عن مناطقهم، فيما استقبلت جنوب السودان أيضًا 560 ألف لاجئ فروا من الحرب المستمرة في السودان المجاور. كما يواجه المدنيون فقدان المأوى والخدمات الأساسية، وغياب الحماية الأمنية، ونقص الغذاء والمياه الصالحة للشرب.

المدنيون يدفعون فاتورة العنف المستمر

يتحمل المدنيون أعباء كبيرة من القتل المباشر إلى النزوح القسري وفقدان الممتلكات. وقالت الأمم المتحدة إنه بين مطلع العام وأيلول/سبتمبر قُتل أكثر من 1800 مدني في ضربات جوية وتنفيذ عمليات عسكرية، مؤكدة أن بعض الهجمات جاءت على نحو "عشوائي"، ما يفاقم معاناة السكان المدنيين ويزيد من صعوبة تقديم المساعدات الإنسانية.

وفي ظل هذه الظروف، يضطر سكان المناطق المتضررة إلى العودة إلى بيوتهم المهدمة، بحثًا عن آثار أحبائهم أو ممتلكاتهم، وسط تحديات لوجستية هائلة تتعلق بالسلامة والوصول إلى الموارد الأساسية.

الفقر المستشري والضعف المؤسسي

على الرغم من امتلاك جنوب السودان لثروات نفطية ضخمة، فإن الدولة تعاني من معدلات فقر مرتفعة للغاية، وانعدام البنية التحتية القادرة على دعم السكان أو الحد من آثار الصراع. ويستمر ضعف مؤسسات الدولة وغياب الأمن الداخلي في دفع المدنيين إلى حافة اليأس، فيما يبقى المستقبل السياسي غامضًا وسط صراع القوى على السلطة.

وتدعو الأمم المتحدة والمجتمع الدولي إلى الضغط على الأطراف المتصارعة لوقف العنف والسماح بتوفير المساعدات الإنسانية، بالإضافة إلى إعادة تفعيل مسار السلام السياسي الذي بدأ بعد توقيع اتفاق وقف الأعمال العدائية في 2017.

ورغم هذه الدعوات، لا يزال تنفيذ أي اتفاقيات أو حوار بين الأطراف صعبًا مع تصاعد الاتهامات والمواجهة المستمرة على الأرض.

انتقل إلى اختصارات الوصول شارك هذا المقال محادثة

مقالات مشابهة

  • 300 ألف شخص يفرون من جنوب السودان بسبب العنف وسط مخاوف من حرب أهلية جديدة
  • ارتفاع أرباح "الوطنية للإجارة" بنسبة 20.12 في المئة
  • البنك المركزي الأردني: مؤشرات مستقرة للقطاع المصرفي 2024
  • البورصات الأمريكية تفقد 2 تريليون دولار بسبب تغريدة ترامب
  • ديلي ميل: 44 وظيفة مهددة بالاختفاء بسبب الذكاء الاصطناعي
  • نائب:البرلمان العراقي فاشل ومرفوض شعبياً
  • من البنك الدولي إلى قبة الشيوخ.. محطات في مسيرة الدكتورة سحر نصر
  • أمريكا تدين قصف مستشفى ومسجد في الفاشر وتدعو لوقف الحرب
  • المحكمة التأديبية تحاكم 60 معلما بمدرسة في قليوب بسبب المجموعات المدرسية
  • وقف إطلاق النار في غزة يُربك أسواق الذهب.. هل حان وقت البيع أم الشراء؟