في 19 حزيران ـ يونيو 2024 وجه السيد حسن نصر الله إنذارا لجمهورية قبرص (اليونانية) العضو في الاتحاد الاوروبي. حمّلها مسؤولية أي عمل تقوم به إسرائيل ضد حزب الله انطلاقا من الأراضي القبرصية. في اليوم التالي رد الرئيس القبرصي بطريقة شديدة التهذيب: قبرص كانت وستبقى مركزا للعمليات الإنسانية فقط. قبرص ليست جزءا من الحرب.

انها جزء من الحل. سينتظر الرئيس الفرنسي مانويل ماكرون مضي أسبوعين على اغتيال السيد حسن نصر الله حتى يدعو الى قمة للدول الاوروبية الجنوب متوسطية في جزيرة قبرص (11 أكتوبر ـ تشرين الأول 2024) لطمأنة الجزيرة ازاء المخاطر التي يمكن ان تأتي من لبنان وللقول ان أوروبا تقف الى جانبها، بل لعل القمة الأوروبية في الجزيرة مؤشر على انتقال حرب غزة من مصير الى مصير آخر.

سينتقل حزب الله من لاعب بين الأوائل في شرق المتوسط في حزيران ـ يونيو إلى مقاوم يسطر بطولات غير مسبوقة دفاعا عن قرى جنوب لبنان الأمامية، في أعنف مجابهة عسكرية خلال حرب "طوفان الأقصى" وفي ظروف ابتعاد إيراني صريح عن الحرب منذ انتخاب الرئيس   الجديد مسعود بزشكيان. ستؤدي هذه البطولات الى الحصول على وقف لإطلاق النار وفق القرار الاممي 1701 الذي انتزعه الحزب عام 2006 عندما كانت إسرائيل مهزومة في الحرب.

سيتم تطبيق القرار هذه المرة بإشراف لجنة خماسية مؤلفة من إسرائيل ولبنان وقوات الطوارئ الدولية فضلا عن ممثل لفرنسا وللولايات المتحدة الامريكية على ان يكون الممثل الامريكي ضابطا ورئيسا للجنة، ما يعني أن تطبيق القرار الاممي صار بقيادة حليف للدولة العبرية او امتداد لها لا فرق. هنا يكمن اختلاف كبير بين اليات تطبيق القرار الاممي عام 2006 وما استقر عليه الحال بعد وقف النار في "حرب الاسناد".   (27 تشرين الثاني ـ نوفمبر 2024)

 يضاف إلى ذلك اختلاف أكبر. فقد أعلنت إسرائيل منذ اللحظة الأولى، أنها ستشرف بنفسها على تطبيق الاتفاق. هذا ما نراه على الأرض اذ تنتهك الأجواء والمياه والأراضي اللبنانية يوميا، وتشن غارات على منازل ومقرات واراضي، زاعمة انها تضم أسلحة وذخائر ومسيرات لحزب الله. تطارد اسرائيل المقاومين في كل مكان من لبنان ودائما بذريعة تطبيق الاتفاق. وحصيلة هذا "التطبيق" انتهاكات تُقَدَّرُ بالآلاف.

صفر هامش للمناورة

بالمقابل يبدو حزب الله في موقع يحتفظ فيه بـ "صفر " هامش مناورة. لذا يتكيف حتى الآن مع ظروف ومستجدات ما بعد القرار ضمن خطة صبر استراتيجي، ويتجنب حتى الان الرد على أي من الانتهاكات الإسرائيلية بما ذلك الانتهاك الأخير في الضاحية الجنوبية (5 حزيران ـ يونيو 2025).

سينعكس تراجع الحزب على الجبهة الحربية بتراجع مواز في الداخل اللبناني. سيتخلى الحزب عن النائب سليمان فرنجية مرشحه لرئاسة الجمهورية وسينتخبُ قائد الجيش جوزيف عون (9 كانون الثاني ـ يناير 2024) مرشح الولايات المتحدة الامريكية، وسيسقط الحزب في فخ منصوب من دون قدرة على الرد، إذ تلقى وعودا بترشيح نجيب ميقاتي لرئاسة الوزراء فاذا به يفاجأ بتعيين القاضي نواف سلام رئيسا للحكومة (8 شباط ـ فبراير 2024) وهو أيضا مرشح الولايات المتحدة الامريكية الحاضنة الأكبر والاهم للدولة اليهودية.

يبدو حزب الله في موقع يحتفظ فيه بـ "صفر " هامش مناورة. لذا يتكيف حتى الآن مع ظروف ومستجدات ما بعد القرار ضمن خطة صبر استراتيجي، ويتجنب حتى الان الرد على أي من الانتهاكات الإسرائيلية بما ذلك الانتهاك الأخير في الضاحية الجنوبية (5 حزيران ـ يونيو 2025).لقد فتحت مجابهة الحدود بابا للحزب اللبناني الجريح والذي فقد أكثر من 80 بالمئة من قادته الكبار، كي يخرج من الحرب بهزيمة قاسية يحاول من بعد استيعاب نتائجها وإعادة تنظيم صفوفه بحيث يحتفظ بأسلحته خارج جنوب الليطاني كما ينص القرار 1701.

 راهن الحزب على تسوية مع الدولة اللبنانية، تقوم على تفكيك بناه التحتية وسيطرة الجيش على القرى والبلدات المنصوص عليها في اتفاق وقف النار، على ان يعيد اندماجه في اللعبة السياسية اللبنانية في ظروف مختلفة، مع الاستجابة لكل التنازلات التي طلبت منه حتى الان: رئيس جمهورية ورئيس حكومة من الطرف الاخر المناهض للحزب. تشكيلة حكومية خالية من الثلث المعطل وبيانها لا يأتي على ذكر ثلاثية الجيش والشعب والمقاومة وينص صراحة على تسليم أسلحة الحزب تحت شعار احتكار الدولة لقرار الحرب والسلم ولحصرية السلاح.

لم يكد الحزب يخرج من الحرب عبر اتفاق هش لوقف النار حتى جاء سقوط حليفه في سوريا (8 كانون الأول ـ ديسمبر) ليضفي صعوبات جمة على خططه لما بعد وقف النار وليضيق هامش المناورة أمامه أكثر من ذي قبل.

صار عليه أن يواجه جبهة عريضة تطالب بنزع سلاحه، وإلغاء دوره المقاوم في لبنان. جبهة تضم إسرائيل والنظام السوري الجديد وقسما كبيرا الراي العام اللبناني وغالبية القوى السياسية اللبنانية ولا سيما حزب "القوات اللبنانية" الذي يُلِحُ على الجيش اللبناني بنزع سلاح الحزب بالقوة، على ما صرح نائب القوات في البرلمان غسان حاصباني «.. إذا لم يسلم الحزب سلاحه ستلتزم إسرائيل بنزعه جنوبا وسوريا شمالا ". ويوافقه مجد بطرس حرب بنبرة أعلى "... إذا الحزب ما سلم سلاحه. الجيش اللبناني بيفك رقبته". ويزيد الدكتور سمير جعجع قائد حزب "القوات اللبنانية" على هذه الأصوات "... بجيك زمك من الحزب بقول انتصرنا. وين انتصرت بعد كل يلي صار. يتفضل الحزب ويسلم سلاحه ليس لديه خيار اخر".

تحظى جبهة المطالبين بنزع سلاح الحزب وتسليمه للدولة اللبنانية، تحظى بتأييد واسع من الجامعة العربية والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية، يواكبه صمت روسي وصيني، يستند إلى موافقتهما على قرار مجلس الامن 1710 والقرار 1559 وفيهما دعوة صريحة لبسط سيادة الدولة اللبنانية على كامل أراضيها ونزع كل سلاح خارج عن السلطة الرسمية.

الملفت في هذا الصدد ان الرئيس الفرنسي طالب الرئيس السوري الجديد، عندما استقبله في قصر الإليزيه مؤخرا، بالعمل على مواجهة حزب الله فضلا عن تغطية باريس وواشنطن في اللجنة الخماسية للضربات التي توجهها إسرائيل للحزب واخرها قصف ثمانية مباني في الضاحية الجنوبية زعمت إسرائيل انها مصانع للمسيرات.

تحالف دولي لحصار حزب الله

تتحرك هذه الجبهة العريضة لتحويل تراجع حزب الله في حرب الاسناد الى استسلام كامل وتعتمد للوصول الى غاياتها الوسائل التالية:

1 ـ الضغط العسكري اليومي الذي تمارسه تل ابيب بطرق مختلفة كي تنهك حاضنة الحزب وتدفعها للانقلاب عليه. وتزيد الضغط على الحكومة اللبنانية لخوض معركة مع الحزب ونزع سلاحه بالقوة.

2 ـ فرض حصار اقتصادي على الحزب واضعاف شبكات الدعم الاجتماعية التي تساعده في الحفاظ على تماسك بيئته الحاضنة.

3 ـ منع إعادة الاعمار قبل ان يسلم الحزب سلاح فيكون الاعمار ثمنا لطي صفحة المقاومة.

4 ـ اتخاذ إجراءات تنزع افضليات الحزب في مطار بيروت الدولي ومن بينها فتح مطار القليعات في منطقة لا تتعاطف مع الحزب وتعتبر حاضنة لخصومه اليمنيين.

5 ـ الضغط عبر الحدود السورية على مناطق الحزب الحدودية وفرض رقابة صارمة على تهريب السلاح والبضائع وثمة حديث لم يتأكد بعد عن تركيز جهاديين على الحدود المتاخمة للقرى والبلدات الشيعية في البقاع.

6 ـ زيادة تمويل وتعبئة المنظمات غير الحكومية التي تنشر ثقافة العداء للحزب وتطالب بتسليم سلاحه ولا سيما الجمعيات التي يترأسها قادة وناشطون من أصول شيعية.

7 ـ أدى الضغط المتواصل الى اضعاف اتفاق مار مخايل (2006)، بل قطع التحالف بين الحزب والتيار الوطني الحر عبر وضع زعيم التيار جبران باسيل على لائحة الشخصيات المقاطعة من طرف الولايات المتحدة.

8 ـ الضغط المتواصل لإضعاف تحالف الحزب مع حركة امل وبالتالي عزله داخل الطائفة الشيعية ومن ثم استخدام الجيش اللبناني في مجابهة معه وسط اجماع محلي وعربي ودولي.

9 ـ لا جديد في استراتيجية الحصار الدولي المعتمدة ضد حزب الله. فقد سبق للقوى نفسها أن اعتمدت الاستراتيجية نفسها في كوبا وإيران والعراق وفي سوريا وهي بصدد اعتماد السيناريو نفسه في لبنان.

تحويل الهزيمة إلى استسلام

هل يتمكن الحزب من مقاومة الاستسلام وتحجيم خسارته عند حدود تراجعه في حرب الاسناد؟ كيف سيفعل وبآية وسائل؟

يحتفظ الحزب بعناصر قوة كبيرة ومؤثرة لا يمكن الاستهانة بها وتستدعي الإشارة في الخطوط التالية:
أولا: يسبح الحزب وسط حاضنة شعبية صلبة برهنت للتو عن اخلاصها واستعدادها للتضحية تحت شعار الامام الحسين (هيهات منا الذلة). فقد فاز التحالف الوطني بين الحزب وامل في كل المقاعد البلدية والاختيارية التي رشح ممثلين فيها، وكانت الحاضنة الشعبية للحزب قد هبت بعد انتهاء مهلة الانسحاب الإسرائيلي من القرى المحتلة الى تلك القرى وواجهت المحتل باللحم الحي في مشهد نادر في تاريخ حركات التحرر في العالم. تبقى الإشارة الى أن صمود المقاتلين الاستثنائي في المجابهات الحدودية في حرب العام 2006 وبخاصة في حرب الاسناد يفصح عن طينة هذه الحاضنة التي لا تشبه الحواضن الأيديولوجية في الحركات السياسية الحديثة.

تحظى جبهة المطالبين بنزع سلاح الحزب وتسليمه للدولة اللبنانية، تحظى بتأييد واسع من الجامعة العربية والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية، يواكبه صمت روسي وصيني، يستند إلى موافقتهما على قرار مجلس الامن 1710 والقرار 1559 وفيهما دعوة صريحة لبسط سيادة الدولة اللبنانية على كامل أراضيها ونزع كل سلاح خارج عن السلطة الرسمية.ثانيا ـ التحالف الوطني بين حزب الله وحركة امل اجتاز بنجاح كل مراحل المجابهة السابقة ومن بينها استيعاب الضغوط الدولية على مسؤولين في أمل من بينهم الوزير السابق علي حسن خليل، المساعد الأبرز للرئيس نبيه بري. فقد تعرض مع متمولين مقربين من الحزب لعقوبات دولية لم يرمش لها جفن في التحالف. هذا التحالف لم تظهر على ملامحه حتى الآن  مؤشرات الكهولة أو الوهن وبالتالي يصعب الرهان على انشقاق في داخله، اقله في المدى المنظور والمتوسط.

لا عودة إلى كنف الإقطاع اللبناني

ثالثا ـ في كل سيناريوهات نزع سلاح الحزب وتحويل تراجعه إلى استسلام لن يقتصر الضرر عليه، بل سيطال الطائفة الشيعية برمتها. لن تعود هذه الطائفة إلى حظيرة الإقطاع السياسي لآل الاسعد وآل عسيران وآل الخليل في جنوب لبنان. ولن تعود الى نفوذ آل حمادة في البقاع للسبب نفسه ولسبب إضافي ان قسما مهما من الحماديين صار في قيادة الحزب. وكذا الأمر في ضاحية بيروت الجنوبية فقد أصبحت عائلة عمار في قيادة الحزب عبر الحاج علي عمار. إن مصير الحزب في لبنان ليس كمصير حزب البعث في سوريا والعراق، هو مصير الطائفة الشيعية برمتها. لو كان اختراق الطائفة متاحا بالوسائل الناعمة لكنا لاحظنا تأثيرا للمذيعة الشيعية الشهيرة في محطة "ام تي في" اليمينية المناهضة للحزب والتي لا تستطيع زيارة قريتها في جنوب لبنان خوفا من ردود فعل أهالي القرية وامتعاضهم من كلامها الدعاوي المعادي للمقاومة. وإذا كان من الصعب الفصل بين مصير المقاومة ومصير الطائفة الشيعية في لبنان، فهذا يعني ان مصير "المساومة" الطائفية اللبنانية يتعلق بكيفية حل قضية السلاح. وللذين يريدون التعمق أكثر في هذه المعادلة يمكنهم الاستماع الى تصريحات الأستاذ وليد جنبلاط الأخيرة الشديدة الحذر " نزع السلاح يعني صواريخ ما بدنا خليهم مع الجيش اما السلاح الباقي فلا مشكلة".

رابعا ـ على الرغم من الخسائر الفادحة التي تعرض لها، ما زال حزب الله قادرا على خوض معارك عسكرية كبيرة وناجحة. لقد برهن عن هذه القدرة في جنوب لبنان في قتال ما قبل وقف النار ولا حاجة الى برهان إضافي في اية محاولة لنزع سلاحه بالقوة في الداخل اللبناني. أما نزع السلاح عبر التكفيريين والجهاديين في سوريا، فقد بينت الاشتباكات الحدودية خلال الربيع الماضي أن من الصعب على الحكومة السورية الجديدة الذهاب بعيدا في هذا الاتجاه وهي لم تعد الكرة من بعد.

لا يمكن للجيش اللبناني نزع سلاح المقاومة بالقوة العسكرية. إن كل تجارب نزع السلاح من الطوائف اللبنانية في لبنان تمت عبر التوافق والمفاوضات وليس عبر القوة. لقد نجح الجيش في حالة واحدة معزولة في مخيم نهر البارد الفلسطيني. كان الأمر يتعلق في حينه بمنظمة غريبة الأطوار (فتح الإسلام)، محدودة التمثيل ووسط تغطية من منظمة التحرير الفلسطينيةخامسا ـ لا يمكن للجيش اللبناني نزع سلاح المقاومة بالقوة العسكرية. إن كل تجارب نزع السلاح من الطوائف اللبنانية في لبنان تمت عبر التوافق والمفاوضات وليس عبر القوة. لقد نجح الجيش في حالة واحدة معزولة في مخيم نهر البارد الفلسطيني. كان الأمر يتعلق في حينه بمنظمة غريبة الأطوار (فتح الإسلام)، محدودة التمثيل ووسط تغطية من منظمة التحرير الفلسطينية، الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني. أما في مثال التصدي للجهاديين وداعش في عرسال فقد كانت المعركة مشتركة بين حزب الله والجيش. أضف إلى ذلك أن قاعدة شيعية من الجنود والضباط باتت وازنة في الجيش اللبناني وهي لا تحتفظ بعداء للحزب لا سيما أن عقيدة الجيش الجديدة مبنية على العداء لإسرائيل. يبقى أن حزب الله الذي صمد في مجابهة أهم وأقوى جيش في الشرق الأوسط، لن يتمكن جيش آخر من قهره عسكريا خصوصا أنه ما زال يملك وسائل قتال أساسية وفعالة.

حدٌ للحزب وحدٌ عليه

سادسا ـ لا يمكن نزع سلاح حزب الله بالقوة وبالتالي من الصعب تحويل خسارته في جنوب لبنان إلى استسلام يفضي في نهاية المطاف الى اعادة الشيعة اللبنانيين  قرنا إلى الوراء. وهو ما يلاحظه أبناء هذه الطائفة الذين باتوا يقرؤون على وسائل التواصل الاجتماعي تعبير " المتاولة"، الوصف الذي شاع في حقبة كان الحكم اللبناني فيها، مكرسا لخدمة طائفة واحدة تطلق على غيرها من الطوائف أحكاما وأوصافا منبوذة.

لقد تغيرت طبيعة الحكم في لبنان بعد "اتفاق الطائف 1989"  ولا يفكر  بالعودة إلى الوراء إلا الأغبياء. لذا نرى رئيس الجمهورية جوزيف عون يبذل جهودا حثيثة لاستيعاب سلاح حزب الله عبر مفاوضات مع الحزب بعيدا جدا عن صيغة الاستسلام التي تريد قوى دولية وعربية ومحلية فرضها على المقاومة.

 سابعا ـ لا يمكن للأوضاع الإقليمية أن تستقر على المعادلات الراهنة. مصائر عديدة لم تحسم بعد على راسها مصير غزة. مصير حل الدولتين. مصير الملف النووي إيراني. مصير الحكومة الاسرائيلية ورئيسها نتنياهو. مصير الحرب الأوكرانية الروسية. أضف إلى ذلك، بل على رأسه مصير الترامبية ومشاريعها. إن ترامب الذي وقع اتفاقا مع أنصار الله في اليمن بمعزل عن حليفه الإسرائيلي يمكنه أن يوقع غيره. لذا يمكن لحزب الله الرهان على الوقت الذي يعتبر هنا سلاحا ذو حدين: حدٌ للحزب وحدٌ عليه.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي أفكار كتب تقارير حزب الله لبنان الوسائل المقاومة لبنان مقاومة حزب الله وسائل سياسة أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الطائفة الشیعیة الجیش اللبنانی حزیران ـ یونیو نزع سلاح الحزب فی جنوب لبنان حرب الاسناد نزع السلاح وقف النار بنزع سلاح فی سوریا حزب الله فی لبنان لا یمکن الله فی فی حرب على ان

إقرأ أيضاً:

وسط دعوات حصر السلاح.. ما هي القدرات العسكرية للجيش اللبناني وهل يمكنه مواجهة التهديدات الخارجية؟

تزايدت في الأشهر الأخيرة في لبنان دعوات تطالب بتسليم سلاح حزب الله للدولة اللبنانية إثر الحرب التي خاضها الحزب طيلة 66 يوماً العام الماضي مع إسرائيل، وانتهت بتوقيع اتفاق لوقف إطلاق النار تضمّن تسليم حزب الله لسلاحه جنوب نهر الليطاني مقابل انسحاب إسرائيل من الأراضي التي احتلتها خلال الحرب. اعلان

لكنّ النتائج على الأرض لم تكن كما يرغب الحزب وحلفاؤه، إذ ازدادت الدعوات من خصومه السياسيين لتسليم السلاح في كل الأراضي اللبنانية، وهو ما يرفضه الحزب، في مقابل استمرار الضغط العسكري الإسرائيلي عبر شنّ غارات بشكل شبه يومي على الجنوب إضافة إلى البقاع وبيروت. كما حافظت إسرائيل على وجودها في 5 نقاط حدودية داخل الأراضي اللبنانية.

آخر الدعوات عالية اللهجة ضد حزب الله كانت من الرئيس جوزاف عون الذي دعا، الخميس، جميع القوى السياسية إلى "اغتنام اللحظة التاريخية لتكريس حصرية السلاح بيد الجيش اللبناني"، داعياً حزب الله لتسليم سلاحه ومحذرًا من استمرار "الموت والدمار والانتحار والحروب العبثية" على أرض الوطن لمصالح الآخرين.

بحسب اتفاق وقف اطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ في 27 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، فإن الجيش اللبناني سينشر 5 آلاف جندي في جنوب لبنان.

ومهدّ مجلس الوزراء اللبناني، لهذه المرحلة بإقرار تأمين الاعتمادات اللازمة في السادس من نوفمبر/ تشرين الثاني، لإنفاذ قرار اتخذه المجلس في منتصف أغسطس/ آب من العام الماضي، يقضي بتجنيد 1500 عنصر للجيش، من أجل تطبيق القرار الدولي 1701 الذي يقضي بنشر 15 ألف جندي جنوب نهر الليطاني.

مع تزايد الخروقات الإسرائيلية لاتفاق وقف إطلاق النار وتحديداً بعد استهداف العاصمة بيروت، هدد الجيش اللبناني بوقف التعاون مع لجنة مراقبة وقف إطلاق النار بسبب التصعيد.

ومع حلول عيد الجيش اللبناني في 1 أغسطس/ آب، تتزايد المطالب لتسليم السلاح، ما يطرح تساؤلات حول القوة العسكرية للجيش اللبناني وقدرته على ضبط الأمن في الحدود.

الهيكلية الهرمية لقيادة الجيش اللبناني

تبدأ هرمية الجيش بقائده، ويشغل هذا المنصب حالياً، العماد رودولف هيكل بعد أن شغله الرئيس الحالي للبلاد جوزيف عون، ويتبع مباشرة لوزير الدفاع، بينما يتولى قيادة الأركان، اللواء حسّان عودة، ويخضع مع نوابه لسلطة قائد الجيش.

وينقسم الجيش إلى 3 أجنحة هي القوات البرية، والجوية والبحرية، وهي مكلفة بمهام الدفاع والأمن والتنمية.

ويتشكّل هذا الجيش من 15 لواءً، 12 منها مُشاة، أحدها (ويُسمى الأول) مؤلّل، وواحد لوجيستي، ولواء الحرس الجمهوري (أي الرئاسي، ومهمته بالإضافة إلى حماية الرئيس، تأمين الشخصيات الأجنبية والتشريفات)، بالإضافة إلى لواء الدعم، ومهمته دعم الجيش في جوانب الهندسة والاتصالات، ويقاتل كلواء مُشاة عند تكليفه بذلك.

ويضم الجيش أيضاً 6 أفواج تدَخُّل، وأفواج مُدرعات، مدفعية، أشغال، إشارة، فوج مُضاد للدروع، وواحد هندسة، وآخر للحدود البريّة.

كما تضم الوحدات الخاصة، والتي تشبه وحدات النّخبة، 4 أفواج، وهي: المجوقل (أي المحمولة جواً)، والمغاوير، ومغاوير البحرية (وهي وحدات بحرية خاصة)، والرابعة لمدرسة الوحدات الخاصة.

عديد الجيش اللبناني

وبحسب موقع "غلوبال فاير باور" المتخصص بالشؤون العسكرية، فإن الجيش اللبناني يحتل المرتبة 118 بين أقوى 145 جيش في العالم.

ووفق المصدر نفسه، فإن عديد القوات العسكرية اللبنانية يصل إلى 160 ألفاً، 60 ألفاً منها قيد الخدمة الفعلية في الجيش، و35 ألفاً من قوات الاحتياط، و65 ألفاً قوات شبه عسكرية، والتي يمكن أن تكون من قوات الدرَك أو الشرطة، أو أجهزة الأمن الأخرى التابعة للدولة، وذلك وفق تصنيف مركز جنيف لحكومة الأمن.

ومن أصل عدد سكان لبنان البالغ نحو 5.3 مليون نسمة، فإن 1.76 مليون نسمة، مؤهلون للانخراط في الخدمة العسكرية، إلى جانب قوات الجيش النظامية.

القوات البريّة اللبنانية

يمتلك الجيش اللبناني 204 دبابات، 133 منها فقط صالحة للخدمة. ومن الأنواع التي في حوزته، الدبابة الأمريكية M48 A5، M60 A3، بالإضافة إلى نحو 4 آلاف و522 آلية ومركبة عسكرية، الصالح منها للاستخدام 2900 تقريبًا.

وفي سلاح المدفعية، هناك 84 مدفعاً ذاتي الدفع، 55 منها قيد الخدمة، و374 مدفعاً بآلية السحب، 243 منها صالح للخدمة، إلى جانب 20 راجمة صواريخ صالحة، من أصل 30.

القوات الجوية اللبنانية

يبلغ عديد القوات الجوية 2500 عسكري وضابط، وتمتلك 81 طائرة، 45 منها صالحة للاستعمال، و9 طائرات قتالية، 5 منها فقط صالحة للطيران، بالإضافة على 9 طائرات تدريب، 5 منها فقط صالحة، إلى جانب 69 مروحية، 38 منها قادرة على الطيران.

ومن المقاتلات التي يمتلكها الجيش اللبناني 6 مقاتلات، من نوع "سوبر توكانو" (Tucano A 29)، وهي من صنع شركة "إمبراير" البرازيلية، وتعتبر من الطائرات الهجومية الخفيفة وتُستعمل لأغراض التدريب، وحصل عليها كَهِبة، على مرحلتين، من الجيش الأمريكي، بهدف مساعدة الجيش على "مواجهة الأخطار والإرهاب والدفاع عن لبنان"، وفق السفيرة الأمريكية إليزابيث ريتشارد.

كما يمتلك الجيش اللبناني طائرات من طراز "سيسنا 208 كارڤان"، مزودة بنظام صواريخ "هيل فاير"، وعدد من الطائرات من دون طيار من طراز AeroVironment RQ-11 Raven، المطورّة في الولايات المتحدة وتستخدمها عدد من الجيوش الحليفة بحسب موقع "ميليتاري فاكتوري".

مؤخراً، وافقت الولايات المتحدة على صفقة محتملة لبيع معدات صيانة متقدمة لطائرات A-29 سوبر توكانو التابعة للقوات الجوية اللبنانية، بقيمة تصل إلى 100 مليون دولار. وتهدف الصفقة إلى تعزيز قدرة هذه الطائرات الهجومية الخفيفة على تنفيذ مهام الدعم الجوي والاستخبارات والمراقبة والاستطلاع، في إطار برنامج الدعم اللوجستي الأمريكي المخصص للبنان.

القوات البحرية اللبنانية

تم تأسيس القوات البحرية اللبنانية في عام 1950، وتضم في وحداتها 1700 فرد، وتمتلك 69 سفينة وقارب في أسطولها، بينها 44 سفينة دورية واعتراض.

ميزانية الجيش اللبناني

تأثر الجيش اللبناني بالأزمة الاقتصادية التي أضرّت بالاقتصاد اللبناني منذ عام 2019، فتلقّي هبات عدّة منها القطرية التي قدّمت مبالغ شهرية لعناصر الجيش الذين انخفضت رواتبهم بشكل كبير.

وبحسب التقارير، تعبر ميزانية الجيش استهلاكية أكثر منها تسليحية، رغم عدم توفرّ مصادر رسمية واضحة لموازنات الجيش.

ويتلقّى الجيش اللبناني دعماً سنوياً من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا في إطار برامج دعم لتعزيز قدراته في ضبط الأمن وتطبيق القرار الأممي 1701 الذي ينصّ على انتشاره في جنوب لبنان.

وبحسب مركز "الدولية للمعلومات" وهو مركز مستقل للأبحاث في بيروت، فإن معظم ميزانية الجيش السنوية تذهب للنفقات التي تشمل بالدرجة الأولى الرواتب والأجور والتعويضات الاجتماعية.

المقارنة مع إسرائيل

لا تبدو المقارنة صعبة إذا ما تمت رؤية الفوارق العسكرية بين الجيشين اللبناني والإسرائيلي، إذ يعدّ الأخير ضمن أقوى 20 جيشاً في العالم.

فالجيش اللبناني لا يملك موازنات للتسليح ومعظم أسلحته التي في الخدمة قديمة إضافة إلى أن معظم العتاد الذي يحصل عليه من المساعدات لا يسمح بخوض الحروب بل هو لوجستي بمعظمه من آليات نقل جنود وغيرها.

ولا يملك الجيش اللبناني سوى المضادات الأرضية للتصدّي للطائرات الإسرائيلية، إذ لا توجد لدى الدولة في لبنان أنظمة دفاع جوي تسمح بالتصدي للطائرات الحربية والمسيرات والصواريخ الإسرائيلية.

ورغم خوضه عدّة مواجهات في الداخل ضدّ مجموعات متطرّفة سواء في طرابلس أو صيدا أو الحدود مع سوريا، إلا أنها كلّفت الجيش اللبناني عدداً كبيراً من القتلى في صفوفه رغم نجاحه في القضاء على هذه المجموعات.

ففي عام 2007، خاض الجيش لنحو خمسة أشهر معارك مع مجموعة "فتح الإسلام" المتطرفة التي سيطرت على مخيم نهر البارد شمال البلاد قبل أن يستعيده الجيش، لكنّ المعركة كلفته نحو 400 قتيل في صفوفه.

عام 2013، خاض الجيش اللبناني معارك مع مجموعة مسلحة تتبع الشيخ أحمد الأسير في صيدا، وهو رجل دين ذو توجه سلفي ومعارض لحزب الله. قتل من الجيش نحو 19 عسكرياً في معركة استمرت أياماً عدّة قبل أن يسيطر على منطقة عبرا في صيدا جنوبي لبنان.

Related "اليوم قبل الغد".. الرئيس اللبناني يدعو حزب الله لتسليم سلاحه للجيش ويحذر من حروب الآخرين "العبثية"ضغط أمريكي على لبنان لإصدار قرار وزاري بنزع سلاح حزب الله قبل استئناف المحادثات بين خطاب رئيس الجمهورية وتمسّك حزب الله بالسلاح.. هل دخل لبنان مسار المواجهة الداخلية؟

وفي معارك الجرود عند الحدود اللبنانية السورية عام 2017، سيطر الجيش على مواقع جبهة النصرة وداعش في القاع ورأس بعلبك، لكن حزب الله حسم جزءا من المعركة قبل دخول الجيش واستطاع استعادة معظم الأراضي من المسلحين.

قبلها في عام 2014، خاض الجيش معارك في بلدة عرسال التي سيطر عليها مسلحو جبهة النصرة فاختطفوا 27 جندياً، قتل بعضهم وأفرج عن آخرين لاحقاً بوساطة قطرية، كما قتل العشرات بالمواجهات في عرسال التي استعادها الجيش لاحقاً بينما سيطر المسلحون على جرودها لسنوات حتى عام 2017.

على عكس عدد كبير من الدول العربية، لا يوجد قرار سياسي للجيش اللبناني، إذ إنه خاضع لقرارت السلطة السياسية الممثلة بالحكومة التي ينفذ قراراتها.

وقد ضعف دور الجيش اللبناني منذ الحرب الأهلية اللبنانية بين عامي 1975 و 1991. ورغم نصّ اتفاق الطائف الذي أوقف الحرب على حلّ سلاح الميليشيات وانتشار الجيش اللبناني في كل لبنان، ظلّ سلاح حزب الله خارج المعادلة باعتباره "سلاح مقاومة ضد الاحتلال"، وبقي الجيش خارج الجنوب حتى انسحاب الجيش الإسرائيلي في مايو/ أيار عام 2000، وهو حدث أعاد الجدل لمسألة سبب بقاء سلاح الحزب.

وهنا يبقى التساؤل حول دور الجيش وقدرته على مسك زمام الأمور في حال تم الاتفاق على تسليم كامل أو جزئي لسلاح حزب الله، وما إذا كان سيكون قادراً على استخدام هذا السلاح، أم أن الضغط الأمريكي سيكون لصالح إسرائيل أيضاً بعدم السماح بوجود أي سلاح يشكّل خطراً على الحدود الشمالية لإسرائيل، حتى لو كان سلاحاً بيد قوة شرعية لا مجموعة مسلحة.

انتقل إلى اختصارات الوصول شارك هذا المقال محادثة

مقالات مشابهة

  • رئيس احد الأحزاب اللبنانية: حزب الله أعاد لبنان فعلياً إلى الوراء مئة سنة!
  • بحث التعاون العسكري بين الجيشين اللبناني والإيطالي في اليرزة
  • جعجع: الحزب أعاد لبنان مئة سنة إلى الوراء
  • حزب الله والانكشاف الأخير أمام الداخل والخارج
  • لبنان ..تحليق مسيّرتين على علو منخفض فوق مناطق الزهراني
  • الحزب في زيارة لـ جورج عبدالله: المقاومة مستمرة حتى تحصين البلد
  • الطاشناق يختار قيادة جديدة ويشدد على الحوار مع مختلف القوى اللبنانية
  • وسط دعوات حصر السلاح.. ما هي القدرات العسكرية للجيش اللبناني وهل يمكنه مواجهة التهديدات الخارجية؟
  • عون يناشد الأحزاب اللبنانية التعجيل بتسليم أسلحتها
  • الرئيس اللبناني يوجه طلبا عاجلا لحزب الله