ترى إسرائيل في امتلاك أي قوة إسلامية لإسلحة الردع النووي في الشرق الأوسط أو غيرها تهديدا وجوديا لها، ولا بد من التحرك الفوري للقضاء عليه وتدميره سواء كان ذلك بشكل منفرد أو بالتعاون مع أصدقائها الدوليين.

وأعاد الهجوم الإسرائيلي على عدد من المنشآت النووية في إيران مع انطلاق الحرب الدائرة حاليا بين البلدين للواجهة مساعي سابقة لدولة الاحتلال للقضاء على قدرات أي دولة في الإقليم تعمل على تطوير وإنشاء برنامجا نوويا حتى وإن كان للأغراض السلمية ومن بينها العراق وباكستان وسوريا.

ولا تتوقف أهداف إسرائيل عند تخريب المنشآت النووية وتدميرها، بل تمتد إلى الأفراد، فيصبح كل شخص ساهم في الإعداد لهذه البرامج من علماء ومهندسين وغيرهم هدفا لدولة الاحتلال ويتم ملاحقته وقتله، و"ما حدث مع علماء الذرة الإيرانيين ليس ببعيد ومن قبلهم علماء عرب ومصريين تم تصفيتهم بدم بارد من جانب الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية بمجرد الكشف عن صلتهم بهذه البرامج".

أهداف نتنياهو بعد ضرب إيران

وعملت إسرائيل على مدار سنوات طوال على وأد أي تحرك من قبل دول الإقليم لامتلاك سلاح نووي أو حتى إجراء تجارب نووية، وكانت البداية قبل 44 عاما عندما دمرت المفاعل النووي العراقي "تموز 1" في 1981 في عملية حملت اسم “أوبرا”، وكان وقتها البرنامج النووي العراقي في طور الإنشاء.

شاركوا في ضرب إيران.. تسريب بيانات 40 طيارًا إسرائيليًاتصعيد خطير بين إيران وإسرائيل.. دمار واسع ومخاوف من موجة هجمات جديدةمسؤول عسكري إسرائيلي: لدينا قائمة كبيرة من الأهداف في إيران لم نضربها بعدالشبح الأمريكية.. كل ما تريد معرفته عن F-35 المستخدمة بقصف إيران

وقد أدعت إسرائيل، حينها، والتي "تعرضت لموجة انتقادات عالمية واسعة خاصة من قبل حليفتها المقربة الولايات المتحدة الأمريكية"، أن الهجوم على المفاعل النووي أعاق الطموحات النووية للعراق لمدة لا تقل عن عشر سنوات "قضت عليها تماما بعد هذا الاستهداف".

وقد جاء القصف الإسرائيلي بعد أن أعيد انتخاب مناحيم بيجن رئيسا لحكومة إسرائيل عام 1981، واتخذ حينها قرارا بقصف المفاعل النووي العراقي، مبررا ذلك بأن مفاعل "تموز 1" كان على وشك البدء بالتشغيل العملي ولا بد من إحباط محاولة بغداد استخدام هذه المفاعلات لإنتاج أسلحة نووية تستخدم ضد إسرائيل التي تمكنت من إنتاج نحو 200 قنبلة نووية من مفاعلها الفرنسي الأصل (مفاعل ديمونا) خلال 3 عقود.

أما فيما يتعلق بالبرنامج النووي الباكستاني والذي نجا من مخططات إسرائيلية وهندية وغربية عدة لتدميره قبل 43 عاما وتحديدا في 1982، فقد أشار العميد السابق في الجيش الباكستاني فيروز حسن خان في كتابه الصادر عام 2012 بعنوان "أكل العشب، صنع القنبلة الباكستانية"، إلى خطط كانت قد أعدت بين الهند وإسرائيل لمهاجمة المنشآت النووية الباكستانية، وخصوصا منشأة تخصيب اليورانيوم والأبحاث في كاهوتا في أوائل الثمانينيات.

كما أشارت تقارير متداولة فيما بعد إلى أن إسرائيل اقترحت مرارا تنفيذ ضربة مشتركة ضد المنشآت النووية الباكستانية، وقيل أن إسرائيل حاولت 3 مرات في ثمانينيات القرن الماضي إثارة اهتمام الهند بهجوم مشترك على موقع كاهوتا النووي في شمال شرق باكستان بالقرب من الحدود مع الهند.

ورغم فشل المحاولات الإسرائيلية والهندية لتدمير القدرات النووية الباكستانية (لم يتوقف الضغط الإسرائيلي على الهند للهجوم على المفاعلات "عارضت الولايات المتحدة الأمريكية الهجوم بقوة”، وقامت دولة الاحتلال بعملية مشتركة مع الهند فشلت في اللحظات الأخيرة بفضل يقظة سلاح الجو الباكستاني الذي تصدى للهجوم"، لم يخف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مساعيه لتدمير قدرات باكستان النووية.

وفي تصريحات سابقة لنتنياهو جرى تداولها بعد الهجوم الإسرائيلي على المنشآت النووية الإيرانية، أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي، أن بلاده لن تتوقف حتى يتم تدمير القدرات النووية لإيران وباكستان ومنعهما من تهديد الوجود الإسرائيلي على حد قوله.

من جهتها كشف الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية في سبتمبر 2022، عن عملية نفذها سلاح الجو الإسرائيلي قبل 15 عاما وتحديدا في 6 سبتمبر 2007 وحملت اسم “خارج الصندوق”، وقد استهدفت المفاعل النووي السوري في منطقة دير الزور، "نفت وقتها الدولة السورية امتلاكها لأي مفاعلات نووية وأكدت أنها قاعدة عسكرية مهجورة".

وبعد ستة أشهر من الهجوم، أعلن مسؤولون في الإدارة الأمريكية أنه تم استهداف وتدمير مفاعل نووي لإنتاح البلوتونيوم والذي أقيم في سوريا بمساعدة كوريا الشمالية وتمويل إيراني.

فيما أفادت "دير شبيجل" الألمانية بأن جهات استخباراتية، قالت إن المفاعل في سوريا كانت يستخدم لمساعدة البرنامج النووي وإنهم عملوا مع علماء من كوريا الشمالية، بينما أفادت صحيفة هآرتس الإسرائيلية، أن إيران قامت بتمويل بناء المفاعل النووي الذي تم استهدافه. 

وفي هذا الصدد، قال الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية، ورئيس وحدة الدراسات الإسرائيلية بالمركز القومي لدراسات الشرق الأوسط، إن المساع الإسرائيلية لتدمير أي قدرات نووية ليست فقط خاصة بالدول الإسلامية ولكنها بدأت مع العراق سنة 1981 ثم سوريا وبعدها إيران.

وأوضح فهمي ـ في تصريحات خاصة لـ “صدى البلد” - أن المخطط الإسرائيلي هو ضرورة عدم امتلاك أي دولة عربية سلاحا نوويا و"لكنها لا تؤسلم الأمر"، لأن هناك دولا أخرى لا تريد لها إسرائيل التفوق النووي مثل باكستان، مؤكدا: "مع الوقت سوف تنتقل الحرب إلى أكثر من طرف ويتكشف بعمق المخطط الإسرائيلي في هذا السياق". 

وأكد فهمي، أن صناعة القنبلة النووية تحتاج إلى إرادة سياسية واستراتيجية وكان الأمر متاحا للعراق، مضيفا: “في مراحل معينة دخلت إيران على الخط وسعت لامتلاك سلاح نووي وهي عدو لإسرائيل لذا عملت على تدمير برنامجها”.

ومن جانبه وعقب الهجوم الإسرائيلي على إيران، أعلن وزير دفاع باكستان، خواجه آصف، في تصريحات خلال اجتماع مجلس النواب ببلاده، أن إسلام آباد ستقف إلى جانب طهران في مواجهة التحديات.

وقال آصف، إن إسرائيل قد شنت هجوماً على إيران ليلة الجمعة، مستهدفة المنشآت العسكرية الإيرانية، مما أسفر عن استشهاد عدد من القادة العسكريين، مضيفا أن إيران هي جارة لنا وقد كانت لدينا علاقات جيدة معها لقرون، وفي ظل هذه الأزمة، سنقف إلى جانب إيران بكل الوسائل الممكنة وسنحمي مصالحها.

وأشار إلى أن إسرائيل تستهدف كل من اليمن وإيران وفلسطين، مشدداً على ضرورة اتحاد العالم الإسلامي لمواجهة العدوان الإسرائيلي، محذرا من أنه إذا "لم يتحد العالم الإسلامي اليوم وظللنا صامتين، فإن الدور سيأتي على الجميع".

وقال وزير الدفاع الباكستاني، إن الطريقة التي استهدفت بها إسرائيل اليمن وإيران وفلسطين تظهر مخططا أكبر، مشددا: “تواجه معظم الدول الإسلامية بالفعل مخاطر أمنية، والقيادة القوية ضرورية الآن”.

طباعة شارك إسرائيل رئيس الوزراء الإسرائيلي الهند البرنامج النووي الباكستاني المفاعل النووي العراقي الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية سلاح الجو الإسرائيلي سوريا كوريا الشمالية المفاعل النووي في سوريا دير شبيجل الألمانية صحيفة هآرتس الإسرائيلية القنبلة النووية العراق باكستان إيران

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: إسرائيل رئيس الوزراء الإسرائيلي الهند البرنامج النووي الباكستاني المفاعل النووي العراقي الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية سلاح الجو الإسرائيلي سوريا كوريا الشمالية دير شبيجل الألمانية صحيفة هآرتس الإسرائيلية القنبلة النووية العراق باكستان إيران المنشآت النوویة الإسرائیلی على المفاعل النووی

إقرأ أيضاً:

العالم ينقلب على نتنياهو وهو لا يبالي

ترجمة: أحمد شافعي

قد يبدو شعار من قبيل أنه «لا أحد يحبنا، ولا نبالي» مثيرا في مدرجات ملعب كرة القدم بجنوب لندن، حيث مركز مشجعي فريق ميلوول، لكنه كارثة إذا ما أصبح استراتيجية وطنية. ومع ذلك تحولت إسرائيل إلى ميلوول بين البلاد، فبات لا يزعجها فيما يبدو، ولا تحفل بإدانة العالم لها التي اكتسبت زخما ذا شأن في الأيام الأخيرة.

إذ أشارت الدولة تلو الدولة بإصبع الاتهام إلى إسرائيل، ثائرة على ما أحدثته إسرائيل في غزة من التجويع والتخريب وإراقة الدماء، فما كان من مسئولين إسرائيليين إلا أن أعرضوا عن تلك الأصابع في استخفاف بذيء. فحينما أعلن كير ستارمر عزم بريطانيا على الاعتراف بدولة فلسطين، قوبل ذلك سريعا باستخفاف نائب عمدة القدس إذ وصفه بأنه «جعجعة دونما طحن».

وجاء رد فعل استخفافي مماثل على تعهد بمثل تلك الخطوة الدبلوماسية من فرنسا قبل ذلك، وبإعلان كندا يوم الأربعاء أنها سوف تحذو حذوها. في بعض الأحيان، يكون الموقف هو اللامبالاة المدروسة، والاستخفاف، وأحيانا يكون الغضب. لكن الرسالة في كل الأحيان تبقى واحدة: لن نتراجع. وذلك ما قاله السفير الإسرائيلي لدى كندا: «لن تنحني إسرائيل أمام هذه الحملة الدولية المشوهة للضغط عليها». غير أنه على الرغم من كل هذه التعبيرات الشكسبيرية، فإن «الطوفان الدبلوماسي» الذي يحذر منه منتقدو نتنياهو منذ سنين ويبدو أنه تحقق الآن ليس بالأمر التافه. فضلا عن أن من وراء هتاف ميلوول إشارات إلى أن نتنياهو ليس غافلا عن ذلك.

لقد اعترف أكثر من مئة وأربعين دولة من أعضاء الأمم المتحدة البالغ عددهم مائة وثلاثة وتسعين بدولة فلسطين، لكن هذا النادي سرعان ما سيستقبل قوى غربية كبيرة: فتحول فرنسا والمملكة المتحدة وكندا لا يعني أقل من أن ثلاثة أعضاء من مجموعة السبعة قد انضموا إلى الركب. وقد شهدت الأيام الأخيرة أيضا انعقاد مؤتمر خاص في الأمم المتحدة بنيويورك، حيث دعت مئة وخمس وعشرون دولة نتنياهو إلى الالتزام بإقامة دولة فلسطينية بجانب إسرائيل، وذلك في معرض سعي تلك الدول إلى إحياء حل الدولتين المحتضر منذ أمد بعيد.

أثار هذا النشاط الدبلوماسي كله سلسلة اعتراضات من إسرائيل والمدافعين عنها. فأول ذلك زعم بأن منتقدي إسرائيل مهادنون. وانظروا إلى رد نتنياهو السريع العنيف في موقع إكس إذ احتوى على قوله إن «مهادنة الجهاديين الإرهابيين تفشل دائما». ونتنياهو كثيرا ما يحلو له أن يستحضر ونستون تشيرشل، وهو هنا يصور نفسه مرة أخرى في صورة البريطاني الأعظم ويجعل لستارمر دور نيفيل شامبرلين، ويكثر وزير خارجيته من الحديث عن ميونخ وعام 1938. وكأن بين استيلاء ألمانيا النازية على قطعة من تشيكوسلوفاكيا وسعي الفلسطينيين إلى حق تقرير المصير في وطنهم التاريخي وجه شبه. وهي حجة مهينة في جهلها.

يأتي بعد ذلك الاتهام بأن أمثال ستارمر وإيمانويل ماكرون ومارك كراني «يكافئون الإرهاب»، ويقدمون لحماس جائزة على سلسلة الأعمال الوحشية التي رتبتها في السابع من أكتوبر سنة 2023. وهذه طريقة غريبة لتفسير ما حدث للتو. فإعلان نيويورك هذا الأسبوع، بتوقيع المملكة العربية السعودية ومصر وقطر والجامعة العربية، يدين بوضوح «الهجمات التي ارتكبتها حماس على المدنيين» في ذلك اليوم، في أول إدانة رسمية من الدول العربية.

فضلا عن أن الوثيقة واضحة في أن «حماس لا بد أن تنهي حكمها لغزة وتسلم أسلحتها للسلطة الفلسطينية». وتأتي رسالة مماثلة عبر إعلانات جهيرة وواضحة من ستارمر ونظرائه، مفادها أنهم يرون أن السلطة الفلسطينية، بقيادة فتح حاليا، هي السلطة المعترف بها في دولة فلسطينية. وقد يكون هؤلاء القادة مخطئين في عجزهم عن إيضاح كيفية تحقيق رؤيتهم تلك، لكن الرؤية ذاتها واضحة، ولا مجال فيها لحماس. ويصعب حسبان هذا «مكافأة».

ويزداد عنف اعتراض أنصار إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين العشرين الذين لا يزال يعتقد أنهم أحياء في غزة. وهؤلاء يرون أن ستارمر أخطأ خطأ فادحا بإشارته إلى أن المملكة المتحدة لن تمضي قدما بالاعتراف بدولة فلسطينية في حال إبرام اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة عما قريب بين حماس وإسرائيل. فذلك عمليا، في ما يرى أولئك الأنصار، تحفيز لحماس على رفض إبرام صفقة ـ من شأنها أن تحتوي بندا لإطلاق سراح بعض الرهائن على الأقل ـ لتمضي المملكة المتحدة إلى الوفاء بوعدها بالاعتراف بالدولة.

يعتقد المدافعون عن ستارمر أن هذه الحجة تقوم على سوء فهم لحماس. إذ إنهم يرون أن الجماعة غير مهتمة أصلا بقيام دولة فلسطينية في الضفة الغربية وغزة تعيش جنبا إلى جنب إسرائيل. فحماس ليست جزءا من السعي إلى حل الدولتين، لكنها تسعى بالأحرى إلى الحكم منفردة، في دولة جهادية على كامل الأرض من النهر إلى البحر.

والحق أنه في ضوء دعم المجتمع الدولي لمبدأ الاستقلال الفلسطيني منذ ما قبل السابع من أكتوبر، فإن التخلي عن ذلك المبدأ لاحقا سيكون في ذاته مكافأة لحماس، تتيح للجماعة الانحراف عن مسار حل الدولتين الذي عقدت العزم على تخريبه منذ أن بعثت بأوائل تفجيرييها الانتحاريين إلى الحافلات الإسرائيلية منذ ثلاثين سنة.

وأعنف من ذلك نفسه الاتهام بأن هذه الإعلانات والتصريحات ما هي إلا تسويفات، وإيماءات لا تشي بشيء ذي شأن عدا عجز بضع حكومات. ولا يخلو هذا القول من وزن: فالاعتراف الدبلوماسي لن يكون غذاء ولو لطفل واحد في غزة. فعندما تلقى مطالبات ستارمر العديدة لنتنياهو التجاهل المرير، لن يكون ذلك غير تأكيد لضعف رئيس الوزراء البريطاني. وبطريقة ما، تأتي خطوات الأيام الأخيرة لتعترف بهذا الواقع ضمنيا. فهي تقوم على فكرة أن إسرائيل مستمرة في التحرك بطرق تجعل حل الدولتين أقل قابلية للتنفيذ. ولقد دأب ستارمر من قبل على القول بأنه يريد الانتظار إلى أن يكون لاعتراف المملكة المتحدة دور في عملية سلام قائمة وذات جدوى.

وها قد اعترف الآن بأنه لا وجود لمثل ذلك الأمر، وأنه خاطر بالتلويح بورقة كانت تتحول رفاتا بين يديه، فبات خيرا له أن يلعبها الآن قبل أن تفقد أي قيمة لها على الإطلاق. ومثلما قال ويس سترتنج، يجب أن تعترف المملكة المتحدة بفلسطين «في حال وجود فلسطين يمكن الاعتراف بها».

والأمل الذي يراود لندن وباريس وغيرهما هو أنه حينما تنتهي الحرب في آخر المطاف في غزة، ستكون معالم ما ينبغي أن يحدث بعدها قد اتضحت. وبالطبع نتنياهو لا يصغي. فلقد انتهى قبل أمد بعيد إلى أن بوسع إسرائيل أن تتجاهل الجميع ـ سواء الاتحاد الأوروبي أو الأمم المتحدة، وكل مؤسسة عالمية من منظمة الصحة العالمية إلى هيئة الإذاعة البريطانية، باعتبارها جميعا متحيزة لا رجاء فيها، إن لم تكن متعصبة، دونما استثناء إلا للولايات المتحدة. بل إنه، على مدى العقد الماضي أو أكثر، تجاهل ونبذ نصف الولايات المتحدة نفسها، مؤثرا أن يعرض عن الديمقراطيين ويركز على الحزب الجمهوري دون غيره. فما دامت إسرائيل تحظى بالحزب الجمهوري في ظهرها، فكل شيء على ما يرام.

وتلك استراتيجية طائشة تأكد خطرها بما حدث في الأيام الماضية. وذلك لسبب واحد، هو أن إسرائيل بحاجة إلى دعم أكثر من بلد واحد. ولعل الاتحاد الأوربي والمملكة المتحدة لا يضاهيان الولايات المتحدة في توريد الأسلحة، لكن إسرائيل بحاجة اقتصادية إليهما شريكين تجاريين بشروط تفضيلية. فضلا عن أن الحزب الجمهوري الأمريكي ليس بالحليف المضمون: فثمة جناح كبير في حركة ماجا يعادي إسرائيل. (وفي الأسبوع الأخير أصبحت مارجوري تيلو جرنز أول نائبة أمريكية تتهم إسرائيل بالإبادة الجماعية). وترامب نفسه لا يشارك نتنياهو في احتقاره الكاسح للرأي العام الدولي. صحيح أنه يزدريه، لكنه يسعى إلى رضاه، فهو يريد الحصول على جائزة نوبل في السلام.

تشهد إسرائيل باطراد ثمن الدولة المنبوذة التي لم يفلح نتنياهو إلا في تأسيسها. وجزء ضئيل من ذلك بادٍ في المتاعب التي يواجهها السائحون الإسرائيليون حاليا في اليونان. وقد تكون تلك هي الطريقة المثلى لفهم حدة رد فعل المسؤولين الإسرائيليين على ستارمر وغيره في الأيام الأخيرة، إذ أصروا إصرارا زاعقا وغاضبا على أنهم لا يبالون مطلقا. لكن أعدادا متزايدة من الإسرائيليين يعلمون أنهم لا يملكون رفاهية التحول إلى فريق ميلوول: فقد لا يكون أحد محبا لهم، لكن الحقيقة أنهم يبالون بذلك.

جوناثان فريلاند من كتاب أعمدة الرأي في صحيفة ذي جارديان.

عن الجارديان البريطانية

مقالات مشابهة

  • ظريف يقترح آلية إقليمية موسعة لإنهاء المخاوف من برنامج إيران النووي
  • العالم ينقلب على نتنياهو وهو لا يبالي
  • الأونروا: مجاعة غزة نتيجة لمحاولة الكيان الإسرائيلي استبدال الأمم المتحدة بمنظومة بديلة ذات أهداف سياسية
  • رسالة إلى العالم.. أهالي سنجار يشكون ألم فقدان عمره 11 عاماً بسبب داعش (صور)
  • إيران تعود مجددا الى لغة الوعد والوعيد وتحذر من رد أقسى وتبقي باب المفاوضات النووية مواربًا
  • فيديو نادر لعرض عسكري للجيش عمره 46 عاماً.. شاهدوه
  • ضربة تقضي على النووي .. مخاوف من عودة الحرب بين إيران و إسرائيل
  • إيران في الذكرى الأولى لاستشهاد “هنية”: جريمةٌ كبرى وانتهاكٌ صارخٌ للمبادئ الدولية
  • عاجل | القناة 12 الإسرائيلية: إغلاق المجال الجوي الإسرائيلي في أعقاب إطلاق الصاروخ من اليمن
  • إسرائيل تُخلي جميع دبلوماسييها من الإمارات