الغارديان: كيف تعيد إسرائيل تشكيل الشرق الأوسط وتواجه عزلة متزايدة؟
تاريخ النشر: 17th, June 2025 GMT
نشرت صحيفة "الغارديان" البريطانية، مقالا، للصحفية نسرين مالك، قالت فيه إنّ: "هناك طريقتان للنظر للأحداث في الشرق الأوسط، خلال العام ونصف العام الماضيين. الأولى هي أن ما بعد 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023 كان بمثابة قطيعة مع الماضي.
وأوضح المقال الذي ترجمته "عربي21" أنّه: "استحال حصر عدوان الاحتلال الإسرائيلي ضمن الحدود التي حددتها القوانين الدولية أو احتواؤه جغرافيا: الإبادة الجماعية في غزة، وغزو جنوب لبنان، واحتلال المنطقة العازلة في جنوب غرب سوريا، والغارات الجوية في أنحاء ذلك البلد، والآن هجماتها على إيران".
وتابع: "هناك تفسير آخر مفاده أن هذه الأحداث جزء من سلسلة تاريخية متواصلة. كان السلام الإقليمي نتيجة وضع متقلّب، كان دائما عرضة للاضطراب. بدا هذا السلام قابلا للاستمرار فقط لأنه اعتمد على مجموعة متنوعة من العوامل التي عند تضافرها، بدت وكأنها تسوية".
وأردف: "قد زعزع هذا التوازن الدقيق حكومة إسرائيلية مهووسة الآن بتحقيق أجندتها الخاصة، تعيد صياغة مستقبل المنطقة بمفردها بطرق تعجز عن تفسيرها ولا ترغب في السيطرة عليها".
"كان أحد عناصر هذا السلام الهش وجود قوى الخليج كوسطاء. لم يكن تقارب الخليج مع إيران مدفوعا بالتجارة أو مشاعر الأخوة، بل بالحاجة العملية إلى الاستقرار. كما تجاوزت بعض دول الخليج خطا أحمر تاريخيا، فاعترفت بإسرائيل إما بتوقيع اتفاقيات أبراهام أو بدأت عملية تطبيع. والآن تجد هذه الدول نفسها عالقة بين طرفين متناحرين" وفقا للمقال نفسه.
وأردف: "عندما بدأ الهجوم على غزة، دفع إيران ووكلائها، حزب الله والحوثيين في اليمن، إلى لعب دور المدافعين عن الحقوق الفلسطينية. بمجرد أن دخلت إيران في الإطار، وشعرت إسرائيل بالقدرة على التصرف دون تردد أو لوم، لم يعد هناك مجال للتراجع".
ومضى بالقول: "ثمّة شيء آخر انكسر، فقد تجاوزت مبررات أفعال إسرائيل المعقول. مع اعتبار سلامة الشعب اليهودي مبررا للدعم الجامح، وأهمية إسرائيل كشريك وثيق في منطقة استراتيجية، منحت الولايات المتحدة وحلفاؤها الآخرون، إسرائيل، حرّية مطلقة للدفاع عن نفسها. لكن هذا يعتمد على رد إسرائيل على أي تهديدات بطريقة متناسبة، حتى لا تتسبّب في مزيد من عدم الاستقرار".
وأبرز: "لم تكتفِ إسرائيل بالرد بشكل غير لائق على التهديدات، بل حوّلتها إلى سلاح لدرجة أنها أصبحت عاملا رئيسيا في انعدام أمنها، وانعدام أمن بقية دول المنطقة".
إلى ذلك، تابع: "يعتمد دعم الحلفاء أيضا على الشفافية بين الأطراف. يوفّر الغطاء العسكري والاقتصادي والسياسي الهائل على أساس أنّ من يتولى زمام الأمور في الحكومة الإسرائيلية لا يملك أي دوافع أخرى للانخراط في صراع سوى ضمان سلامة مواطنيه. زعزع رئيس الوزراء الحالي، بنيامين نتنياهو، الثقة، مستغلا الحرب لتعزيز الدعم الشعبي لمسيرته السياسية. إنه لا يقلّل من أمن الإسرائيليين فحسب، بل يعمّق استغلال هذا الشعور بانعدام الأمن من خلال لعبه دور الحامي".
واسترسل: "وضعت العلاقات مع الحلفاء الرئيسيين على المحك بشأن غزة، مع تزايد الضغط الشعبي من داخل الدول الغربية، الذي يتابع صور الأطفال الجائعين والمستشفيات المتفحمة وصفوف تلو صفوف من أكياس الجثث. بفتح جبهة جديدة والاشتباك مع عدو آخر، تتاح للحكومة الإسرائيلية فرصة استعادة بنود اتفاقها مع رعاتها، والرواية التاريخية بأنها الضحية".
وأورد: "اختفت قصص الموت جوعا في غزة، أو قتل الجياع في طوابير الطعام، من عناوين الأخبار. وتراجع الهجوم المتواصل على الضفة الغربية وتوسع المستوطنات غير الشرعية عن الأنظار. واستبدل الضغط الذي بدأ يتزايد على إسرائيل للسماح بدخول المزيد من المساعدات والالتزام بوقف إطلاق النار بنفس الحجج الواهية التي رأيناها في الأيام الأولى لحرب غزة، بالإضافة إلى نفس الهراء الداعي إلى "ضبط النفس". لقد أعيد ضبط الساعة".
وأردف: "فيما يتعلق بالضربات على إيران، يبدو أن إسرائيل استفادت من دروس حرب العراق، مدّعية أنها تصرفت دفاعا عن النفس بناء على معلومات استخباراتية يجب على العالم أن يثق بها"، مستفسرا: "ما مدى قرب التهديد؟ من له الحق في تحديد متى تكون "الضربة الاستباقية" مبررة؟ ومن له الحق في الرد على هجوم أحادي غير قانوني؟".
وأوضح: "كان من الممكن تلطيف هذه الفروقات في الماضي بسهولة أكبر، لأن إسرائيل والولايات المتحدة كانتا "الطرفين الصالحين"، وإيران كانت جزءا من "محور الشر". لكن تآكل مصداقية إسرائيل والولايات المتحدة كمحاورين صادقين، حكيمين في اعتباراتهما الأمنية وملتزمين بالقانون الدولي، جعل هذه الحملات أصعب تسويقا".
واختتم المقال بالقول إنّ: "هذه هي الحرب الحقيقية التي تخوضها إسرائيل. لا تزال إيران تحتفظ بقدر من الإرادة السياسية والقدرة العسكرية التي لا تطمئن إسرائيل إليها. وهكذا، ومع انغلاق نافذة مصداقية إسرائيل، يصبح من الضروري لها تقليص مصداقية إيران السياسية وقدراتها العسكرية".
واستدرك: "ولكن ما هي النهاية؟ هل تتصور إسرائيل حملة محدودة المدة، تنسحب بعدها راضية عن النتائج؟ أم أن هذا ليس سيناريو معقولا، بالنظر إلى الضربات المضادة التي أثارتها. يبدو الأمر أشبه بغزة: تصعيد بلا نهاية، أو تغيير نظام بلا خطة".
وأردف: "تشترك حملتا إسرائيل -الدعائية والميدانية- في أمر واحد: اعتبارهما الشرق الأوسط مسرحا للسياسة الداخلية، وإدارة السمعة، والتجريب في تحقيق "الأمن" وفق شروط لم تحدّد بعد. لكن المنطقة ليست مجرد فناء خلفي لإسرائيل، بل هي موطنٌ لشعوب أخرى، لها سياساتها وتاريخها وسكانها واحتياجاتها الأمنية الخاصة، التي تخضع بشكل متزايد لسيطرة دولة قررت أن أجندتها الخاصة هي الأهم".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية سياسة دولية الاحتلال إيران حرب العراق إيران الاحتلال حرب العراق المزيد في سياسة سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
الغارديان: إسرائيل تدير الجوع في غزة عبر حسابات بسيطة
استشهدت الصحيفة بتصريح أدلى به أحد مستشاري رئيس الوزراء الأسبق إيهود أولمرت عام 2006، قال فيه: "الفكرة هي أن نضع الفلسطينيين على حمية غذائية، دون أن نُميتَهم جوعًا"، مشيرة إلى أن محكمة إسرائيلية أمرت بعد ذلك بعامين بالكشف عن وثائق تؤكد هذه السياسة. اعلان
نشرت صحيفة "الغارديان" البريطانية تقريرًا اتهمت فيه إسرائيل باتباع ما وصفته بـ"علم حساب بسيط لتجويع القطاع"، مؤكدة أن حكومة بنيامين نتنياهو تعرف بدقة كمية الغذاء التي يحتاجها سكان غزة للبقاء على قيد الحياة، وكذلك حجم المساعدات التي يُسمح بدخولها فعليًا، ولكنها "تُوازن بين هذين العاملين بهدف تفادي مجاعة شاملة، دون أن تضع حدًا لمعاناة السكان المستمرة".
وقالت الصحيفة إن السلطات الإسرائيلية، في البداية، حوّلت اعتماد غزة الغذائي إلى الخارج، فحظرت مغادرة القطاع والصيد، وتسببت الحرب في توقف الزراعة.
وأضافت أن الدولة العبرية قد أمضت سنوات في "معايرة الجوع" عبر التحكم الدقيق في كميات الشحنات بطريقة تُبقي السكان تحت الضغط دون التسبب بمجاعات فورية.
كما استشهدت الصحيفة بتصريح أدلى به أحد مستشاري رئيس الوزراء الأسبق إيهود أولمرت عام 2006، قال فيه: "الفكرة هي أن نضع الفلسطينيين على حمية غذائية، دون أن نُميتَهم جوعًا"، مشيرة إلى أن محكمة إسرائيلية أمرت بعد ذلك بعامين بالكشف عن وثائق تؤكد هذه السياسة.
Related هيومن رايتس ووتش: إسرائيل حوّلت توزيع المساعدات في غزة إلى "مصيدة موت"تراجع تأييد نتنياهو ومخاوف من السفر إلى أوروبا.. استطلاع يظهر تغيّرًا في المزاج الشعبي الإسرائيليتظاهرة في أثينا دعمًا لغزة ومطالبة بمساعدات إنسانيةوذكرت "الغارديان" أن هيئة "كوغات" الإسرائيلية، المسؤولة عن تنسيق دخول المساعدات إلى غزة، قدّرت الحد الأدنى الضروري من الغذاء بنحو 2279 سعرة حرارية يوميًا للفرد، أي ما يعادل نحو 1.836 كغ من الطعام.
إلا أن القيود المفروضة حاليًا تعيق إدخال هذه الكميات، ما دفع المنظمات الإنسانية إلى خفض معاييرها والمطالبة بإدخال كيلوغرام واحد فقط للفرد يوميًا.
وزعم التقرير أن بيانات نشرتها الحكومة الإسرائيلية ذاتها تشير بوضوح إلى أن "تجويع القطاع يتم بشكل متعمّد" رغم أن التصريحات الرسمية تنفي ذلك، إذ أن إدخال المساعدات يجري بشكل "متقطع وبطيء" كلّما ظهرت علامات سوء التغذية في القطاع.
ففي الفترة ما بين مارس ويونيو، سمحت إسرائيل بدخول 56 ألف طن فقط من الغذاء، بحسب سجلات "كوغات"، وهو أقل من ربع الحد الأدنى المطلوب لتلبية احتياجات السكان.
وأضاف التقرير أن القطاع كان تحت حصار كامل خلال شهري مارس وأبريل، دون السماح بدخول أي مساعدات غذائية، قبل أن تعلن الحكومة الإسرائيلية في مايو، وبعد ضغوط دولية، استئناف إدخال بعض المساعدات، إلا أن الكميات ظلت محدودة جدًا، بالكاد تُبطئ تفاقم الأزمة دون أن توقفها.
وانتقدت الصحيفة الطريقة المتبعة في إدخال الطعام قائلة" "إن 104 رحلات جوية أُجريت خلال الأشهر الـ21 الأولى من الحرب، أسفرت عن توصيل ما يعادل أربعة أيام فقط من الغذاء لسكان القطاع، بتكلفة بلغت عشرات الملايين من الدولارات"، وأكدت أن إنفاق المبلغ ذاته على شاحنات الإغاثة البرّية كان سيؤمّن كميات غذائية أكبر بكثير.
كما رأت الصحيفة أن إسقاط المساعدات جوًا "يسمح لإسرائيل وحلفائها "بتصوير المجاعة على أنها أزمة لوجستية، وليست نتيجة مباشرة للسياسات الحكومية"، موضحة أن هذا النوع من التدخلات عادة ما يُستخدم في حالات الطوارئ القصوى، عندما تمنع التضاريس أو وجود قوات معادية إيصال المساعدات برًا، "في حين أن العائق الوحيد في حالة غزة هو القيود الإسرائيلية"، وفق تعبيرها.
انتقل إلى اختصارات الوصول شارك هذا المقال محادثة