الفينا مكفينا وزايد علينا: السودانيون المنسيون وجعجعة إثبات الوجود

خالد فضل

قبل سنوات؛ في ظل حكم الحركة الإسلامية، أخبرتني أستاذة جامعية صديقة، أنها سافرت إلى المانيا بغرض الدراسات العليا، في مطار دولي صادف فترة انتظارها قرب سيّدة أمريكية، سألتها عن الزي الذي ترتديه، التوب والخمار وهل له ارتباط ثقافي أم ديني؟ المهم أوضحت لها دلالاته الدينية والثقافية في بلدنا السودان، هنا سألتها تلك السيدة: وأين هو هذا السودان؟ فهي لم تسمع به من قبل.

بالطبع قد تكون هذه السيدة الأمريكية من غمار الناس الذين ليس لديهم أدنى اهتمام خارج حيّز وجودها الفيزيائي؛ كما هي حالة كثير من الناس عندنا هنا. أتصور إذا صدف والتقى الحاج حمّاد مثلاً بحاج لاتيني وأخبره أنّه من غواتيمالا، لظن أنّه من قلاديما!! هذا ليس عيباً، فالمعرفة العامة يمكن اكتسابها إذا توفرت بيئة مناسبة للتعلم وقبلها الرغبة.

المشكلة في التنطع، وتصور أنّ العالم كله مثلا مهتم ومشغول ومهجّس من صوت الآذان في مسجد الشهيد بالمقرن بعد طول صمت. أو أنّ الاستخبارات الدولية منزعجة لتطبيقات وتخريمات عمال الزكاة وإيصالاتها (الدوّارة بين المزارعين) في فيافي أقدي والقرابين، أو أنّ مشهد الهرولة والتسابق للحاق بصلاة التراويح في مسجد السيدة سنهوري بالمنشية بإمامة شيخ الزين تشكّل بعبعا أمنيا يدعو العالم للتكالب على سودان الشريعة.

في الواقع  السودانيون منسيون، السمة الغالبة على الشعوب الحيّة في العالم، سعيها المستمر نحو التقدم، وتأمين سبل العيش أثناء العمل وبعد المعاش، الحياة لدى تلك الشعوب يجب أن تعاش لا أن يتم وأدها سمبلا لمجرد طيش وهوى صبياني من شيوخ ملتحين أو ضباط كهول بعضهم ملتح وآخر (أدروج) أو صبية وشبان متهورين. مشتركة، دعّامة أو برائين ودرعيين أو خريجي تحالف إرتريين.. إلخ.

مجموعات من الجوعى والنازحين والفارين اللاجئين والعالقين في المستنقعات والصحراء والجبل والغابات على مر السنين وتواتر العهود، هي الصورة الإجمالية لتلك الكائنات من الأفارقة. تسمع أناتهم، وتشاهد عذاباتهم، ولكن العالم والشعوب من يتعاطف منهم لا يتجاوز هزّ الرأس أسى، سيكون قطار المترو قد توقف الآن وفتحت الأبواب فيهرول قبل التمعن في مقطع الفيديو الذي مرّ عليه قبل حين، يلحق بعمله المحسوب بالدقيقة فلا ثانية يجب أن تضيع وراء نكبات ناس لم يقدموا أنفسهم سوى (منكوبين).

لذلك لا تندهش لكون السيدة الأمريكية تلك لم تعرف أساسا أين هو السودان. لعلها كانت تتجه لقضاء عطلة سعيدة في سواحل إسبانيا الساحرة أو تزور برج إيفل بباريس أو ساحة الكونكورد. على كل حال لم تك وجهتها مخيمات الحجاج السودانيين في المشاعر المقدسة يشتكون من (جوع) فيما رئيس البلاد الضابط الصارم يوجه بالتحقيق في مزاعم فساد في (الهيئة الحكومية لأداء فريضة الحج وسنة العمرة) في بلد يسجد رئيس وزرائه الجديد بهندامه الإفرنجي لتلتقط له العدسات صور الساجد الراكع لرب العالمين، قبل أن يفيق سكان ترانزيت وسلالاب على صوت انفجار يهز تناكر الوقود. وعندما ينادي مكبر الصوت حي على الصلاة يكون المصلون (تحت الأسرة) لزوم الحماية من شظايا البارود. لقد عشت تلك التجربة في جوبا الثمانينات، نصحنا عميد الطلاب في الجامعة يومها بالرقاد تحت الأسرة لحظة سماع زخات الرصاص. وفعلها بعض الزملاء وإنْ كنت من المكابرين.

الآن، وطائرات إسرائيل تهتك ستر إيران فتصيب من تصيب وما تصيب من أهداف، وصواريخ أحفاد كسرى انوشروان تضرب في تل آبيب فتحترق مقار، يخرج الشيخ علي كرتي وصبيته الأغرار بالتلويح والوقوف صفا واحدا مع آيات الله، ويلوذ الضابط الصارم صديق نتينياهو من أيام عنتبي في حضرة موسيفني بصمت مريب. ففي الصمت كلام. هنا حيث اللجام ليس في يديه بل يمسك به من هم حواليه يحيطون حتى بمكتبه، إنهم من يحققون الانتصارات في حرب الكرامة، ويبيدون بالكيماوي من يبيدون من (الأوباش) ويذبحون ويسلخون كما زعم شيخهم الهمام في استانبول باسم رايتهم السوداء مخطوط عليها لا إله إلا الله وباسم تنظيمهم، داعية الجهاد ذروة سنام الإسلام، وبحيث تسأل السيدة الأمريكية شابة سودانية ذكية وشاطرة في سبيل دراسة الدكتوراة من أين بلد أنت؟ وددت لو أجابتها: أنا من بلد التنطع يا (مس).

الوسومألمانيا إسبانيا إسرائيل إيران الحركة الإسلامية السودان تل آبيب علي كرتي عنتبي كسرى انوشروان لندن موسيفيني نتنياهو

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: ألمانيا إسبانيا إسرائيل إيران الحركة الإسلامية السودان تل آبيب علي كرتي عنتبي لندن موسيفيني نتنياهو

إقرأ أيضاً:

هل يوم القيامة يتم النداء علينا باسم الأم أم الأب؟.. الإفتاء تجيب

تلقت دار الإفتاء المصرية سؤالا يقول صاحبه: هل يوم القيامة يتم النداء علينا باسم الأم أم الأب؟

وأجابت دار الإفتاء المصرية عبر موقعها الرسمى عن السؤال قائلة: إن عموم الأحاديث والآثار الصحيحة يفيد أن النداء على الناس في يوم القيامة يكون من جهة الآباء لا من جهة الأمهات، ولا يقوى في معارضتها ما ورد من أن النداء يكون من جهة الأمهات؛ فإنها إما أن تكون أحاديث ضعيفة، أو مؤولة حملها العلماء على استحباب نسبة الميت من جهة أمه عند التلقين.


واشارت الى انه ورد في السنَّة النبوية المُشرَّفة وأقوال جمهرة علماء الأمة رضوان الله عليهم ما يُفيد أن الناس يُدْعَون يوم القيامة بآبائهم؛ ومن ذلك: ما أخرجه الشيخان واللفظ للبخاري عن ابن عمر رَضيَ اللهُ عَنْهُمَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ الْغَادِرَ يُرْفَعُ لَهُ لِوَاءٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، يُقَالُ: هَذِهِ غَدْرَةُ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ»، وقد بوَّب له الإمام البخاري في "صحيحه": باب ما يُدعى الناس بآبائهم، وساق تحته الحديث.

كما استدلت على أن الناس يدعون يوم القيامة بأسماء آبائهم بهذه الأدلة:

قال الإمام القرطبي في "التذكرة بأحوال الموتى وأمور الآخرة" (ص: 698-699، ط. دار المنهاج): [قوله: «هَذِهِ غَدْرَةُ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ» دليلٌ على أن الناس يدعون في الآخرة بأسمائهم وأسماء آبائهم، وقد تقدم هذا في غير موضع، وفي هذا رد على من قال: إنما يدعون بأسماء أمهاتهم؛ لأن في ذلك سترًا على آبائهم، وهذا الحديث خلاف قولهم] اهـ.

ما حكم تعلم علم الفلك والفرق بينه وبين التنجيم؟.. الإفتاء تجيبرئيس جامعة الأزهر يتفقد امتحانات الشهادة الثانوية بمعهد في مدينة نصرمدى صحة مقولة اللي يحبه ربه يحبب فيه خلقه.. الإفتاء توضحعلي جمعة: اللسان مرآة القلب ومصدر الهلاك أو النجاة

وما رواه ابن أبي شيبة في "مصنفه" عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، قال: "إن الرجل من أهل الجنة ليجيء فتشرف عليه النساء فيقلن: يا فلان بن فلان، ما أنت حين خرجت من عندنا بأولى بك منا، فيقول: ومن أنتن؟ فيقلن: نحن من اللاتي قال الله تعالى: ﴿فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [السجدة: 17]".

وما رواه أبو داود وابن حبان عن أبي الدرداء رضي الله عنه أن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إنَّكُمْ تُدْعَوْنَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِأَسْمَائِكُمْ وَأَسْمَاءِ آبَائِكُمْ فَحَسِّنُوا أَسْمَاءَكُمْ».

قال الشيخ ابن القيم في "تهذيب سنن أبي داود" (13/ 198، ط. دار الكتب العلمية): [وفي هذا الحديث رد على من قال: إن الناس يوم القيامة إنما يدعون بأمهاتهم لا آبائهم. وقد ترجم البخاري في صحيحه لذلك فقال: باب ما يدعى الناس بآبائهم. وذكر فيه حديث نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «الغادِرُ يُرْفَعُ لَهُ لِوَاءٌ يَوْمَ القِيَامَةِ، يُقالُ: هذِهِ غَدْرَةُ فُلَانِ بنِ فُلَانٍ»] اهـ.

وقال الإمام بدر الدين العيني الحنفي في "عمدة القاري شرح صحيح البخاري" (22/ 201، ط. دار إحياء التراث): [قَوْله: ((هَذِه غدرة فلَان)) يَعْنِي: باسمه الْمَخْصُوص وباسم أَبِيه، كَذَلِك قَالَ ابْن بطال: الدُّعَاء بالآباء أَشد فِي التَّعْرِيف وأبلغ فِي التَّمْيِيز.. وَفِي حَدِيث الْبَاب رد لقَوْل من يزْعم أَنه لَا يدعى النَّاس يَوْم الْقِيَامَة إلَّا بأمهاتهم؛ لِأَن فِي ذَلِك سترًا على آبَائِهِم] اهـ.

ومن المعقول أن الدعاء بالآباء أشد في التعريف وأبلغ في التمييز؛ قال الإمام ابن الملقن الشافعي في "التوضيح لشرح الجامع الصحيح" (28/ 594، ط. دار النوادر): [والدعاء بالآباء أشد في التعريف وأبلغ في التمييز، وبذلك نطق الكتاب والسنة.. ودل عموم هذا الحديث على أنه إنما يدعى الناس بالآباء، ولا يلزم داعيهم البحث عن حقيقة أمورهم والتنقيب عنهم] اهـ.

ونوهت ان هناك بعض العلماء كالإمام محمد بن كعب القرظي -المتوفى في القرن الثاني الهجري- قد ذهب إلى أنَّ النداء في يوم القيامة يكون من جهة الأم، وحكاه عنه المفسرون قولًا في تفسير قوله تعالى: ﴿يَوۡمَ نَدۡعُواْ كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ﴾ [الإسراء: 71].

قال العلامة ابن عجيبة في تفسيره المسمى "البحر المديد" (3/ 219، بتصرف): [قال محمد بن كعب القرظي: بأسماء أمهاتهم، فيكون جمع "أم"، كخف وخفاف.. ولعل ما قاله القرظي مخصوص بأولاد الزنا.. وقال أبو الحسن الصغير: قيل لأبي عمران: هل يدعى الناس بأمهاتهم يوم القيامة أو بآبائهم؟ قال: قد جاء في ذلك شيء أنهم يدعون بأمهاتهم فلا يفتضحوا] اهـ.

وقال الإمام البيضاوي في تفسيره المسمى "أنوار التنزيل وأسرار التأويل" (3/ 262، ط. دار إحياء التراث العربي): [وقيل: "بأمهاتهم" جمع أم كخف وخفاف، والحكمة في ذلك: إجلال عيسى عليه السلام، وإظهار شرف الحسن والحسين رضي الله عنهما، وأن لا يفتضح أولاد الزنا] اهـ.

وقال الإمام الزمخشري في "الكشاف" (2/ 682، ط. دار الكتاب العربي) تعليقًا على هذا القول: [ومن بدع التفاسير: أن الإمام جمع أمٍّ، وأن الناس يدعون يوم القيامة بأمهاتهم، وأن الحكمة في الدعاء بالأمهات دون الآباء رعاية حق عيسى عليه السلام، وإظهار شرف الحسن والحسين، وأن لا يفتضح أولاد الزنا. وليت شعري أيهما أبدع؟ أصحة لفظه أم بهاء حكمته؟] اهـ.

وقال السمين الحلبي في تفسيره المسمى "الدر المصون في علوم الكتاب المكنون" (7/ 390، ط. دار القلم، دمشق) تعليقًا على كلام الزمخشري السابق: [وهو معذورٌ لأن (أُم) لا يُجْمع على (إمام)، وهذا قولُ مَنْ لا يَعْرف الصناعةَ ولا لغةَ العربِ، وأمَّا ما ذكروه من المعنى فإنَّ الله تعالى نادى عيسى باسمِه مضافًا لأمِّه في عدةِ مواضعَ من قوله: ﴿يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ﴾ [المائدة: 110]، وأَخْبر عنه كذلك نحو: ﴿وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ﴾ [الصف: 6]، وفي ذلك غَضاضةٌ من أميرِ المؤمنين عليٍّ رضي الله عنه وكرَّم وجهَه] اهـ.

ويؤيده ما أخرجه الإمام الديلمي في "الفردوس" عن عائشة رضي الله عنها وابن عباس رضي الله عنهما أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: «إن الله يدعو الناس يوم القيامة بأمهاتهم سترًا منه على عباده»، وعزاه الإمام السيوطي في "الدرر المنتثرة" (ص: 80، ط. جامعة محمد بن سعود) إلى الطبراني من طريق ابن عباس رضي الله عنهما، وأخرج ابن عدي عن أنس رضي الله عنه مثله.

قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (10/ 563، ط. دار المعرفة): [أخرجه الطبراني من حديث ابن عباس وسنده ضعيف جدًّا وأخرج ابن عدي من حديث أنس مثله وقال: منكر، أورده في ترجمة إسحاق بن إبراهيم الطبري] اهـ.
وقال الإمام السخاوي في "المقاصد الحسنة" (ص: 206-207، ط. دار الكتاب العربي، بتصرف): [وكلها ضعاف، وقد أورده ابن الجوزي في الموضوعات.. نعم حديث التلقين بعد الدفن: "وإنه يقال له: يا ابن فلانة، فإن لم يعرف اسمها، فيا ابن حواء، ويا ابن أمة الله؛ مما يستأنس به لهذا] اهـ.

وهذا الحديث وإن كان ضعيفًا إلا أنه يُستأنس لمعناه بما ورد في حديث التلقين من استحباب نداء الملقِّن للميت باسم أمه بقوله: "يا فلان ابن فلانة"؛ حيث روى الإمام الطبراني في معجمه عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الباهلي رضي الله عنه قال: إذَا أَنَا مِتّ فَاصْنَعُوا بِي كَمَا أَمَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وآله وسلم أَنْ نَصْنَعَ بِمَوْتَانَا، أَمَرَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وآله وسلم فَقَالَ: «إذَا مَاتَ أَحَدٌ مِنْ إخْوَانِكُمْ فَسَوَّيْتُمْ التُّرَابَ عَلَى قَبْرِهِ، فَلْيَقُمْ أَحَدُكُمْ عَلَى رَأْسِ قَبْرِهِ، ثُمَّ لِيَقُلْ: يَا فُلَانُ ابْن فُلَانَةَ، فَإِنَّهُ يَسْمَعُهُ وَلَا يُجِيبُ. ثُمَّ يَقُولُ: يَا فُلَانُ ابْن فُلَانَةَ، فَإِنَّهُ يَقُولُ: أَرْشِدْنَا رَحِمَك اللهُ، وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ. فَلْيَقُلْ: اذْكُرْ مَا كُنْت عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا؛ مِنْ شَهَادَةِ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَأَنَّك رَضِيت بِالله رَبًّا وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا وَبِمُحَمَّدٍ نَبِيًّا وَبِالْقُرْآنِ إمَامًا، فَإِنَّ مُنْكَرًا وَنَكِيرًا يَأْخُذُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِيَدِ صَاحِبِهِ، فَيَقُولُ: انْطَلِقْ بِنَا مَا يُقْعِدُنَا عِنْدَ مَنْ قَدْ لُقِّنَ حُجَّتَهُ». فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ، فَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ أُمَّهُ؟ قَالَ: «يَنْسُبُهُ إلَى أُمِّهِ حَوَّاءَ، يَا فُلَانُ ابْن حَوَّاءَ». ورواه أيضًا ابن شاهين وغيرهما، قال الحـافظ ابن حجر في "التلخيص الحبير" (2/ 311، ط. دار الكتب العلمية): [إسناده صالح وقد قوَّاه الضياء في أحكامه] اهـ.

ونوهت ان فقهاء المالكيَّة والشافعيَّة والحنابلة استحبوا أن يَنْسُبَ الملقِّنُ الميتَ إلى جهة أمه عند التلقين في القبر؛ قال العلامة ميارة المالكي في "الدر الثمين" (ص: 318، ط. دار الحديث، القاهرة): [وأحوج ما يكون العبد إلى التذكير بالله عند سؤال الملائكة، فيجلس إنسان عند رأس الميت عقب دفنه، فيقول: يا فلان ابن فلانة، أو يا عبد الله، أو يا أمة الله] اهـ.

وقال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري الشافعي في "أسنى المطالب" (1/ 329، ط. دار الكتاب الإسلامي): [وأنكر بعضهم قوله: (يا ابن أمة الله)؛ لأن المشهور أن الناس يدعون يوم القيامة بآبائهم كما نبه عليه البخاري في "صحيحه"، وظاهر أن محله في غير المنفي وولد الزنا، على أنه في "المجموع" خيَّر فقال: يقال: يا فلان بن فلان، أو يا عبد الله ابن أمة الله] اهـ.

وقال العلامة منصور البهوتي الحنبلي في "كشاف القناع" (2/ 135، ط. دار الكتب العلمية): [واستحب الأكثر تلقينه بعد دفنه، فيقوم الملقن عند رأسه بعد تسوية التراب عليه فيقول: يا فلان ابن فلانة ثلاثًا، فإن لم يعرف اسم أمه نسبه إلى حواء] اهـ.

وأجاب العلماء عن التعارض بين الأحاديث الواردة في هذا الباب؛ فقال الإمام ابن دقيق العيد فيما نقله عنه الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (6/ 284، ط. دار المعرفة): [وإن ثبت أنهم يدعون بأمهاتهم فقد يخص هذا من العموم] اهـ.

وقال الإمام المناوي في "فيض القدير" (2/ 553، ط. المكتبة التجارية): [لإمكان الجمع بأن من صح نسبه يدعى بالأب وغيره يدعى بالأم، كذا جمع البعض. وأقول: هو غير جيد؛ إذ دعاء الأول بالأب والثاني بالأم يعرف به ولد الزنا من غيره؛ فيفوت المقصود، وهو الستر ويحصل الافتضاح، فالأولى أن يقال: خبر دعائهم بالأمهات ضعيف، فلا يعارض به الصحيح] اهـ.

وقال العلامة البكري الدمياطي الشافعي في "إعانة الطالبين" (2/ 160، ط. دار الفكر): [(قوله: لا ينافي دعاء الناس يوم القيامة بآبائهم) أي لقوله تعالى: ﴿ٱدۡعُوهُمۡ لِأٓبَآئِهِمۡ﴾؛ أي: للصُلْب، وانسبوهم إليهم، ولا تدعوهم إلى غيرهم. (قوله: لأن كليهما) أي دعاء الميت بأمه في التلقين، ودعاء الناس بآبائهم يوم القيامة. و(قوله: توقيف)؛ أي: وارد من الشارع] اهـ.

ونقل العظيم آبادي في "عون المعبود" (13/ 199، ط. دار الكتب العلمية) عن العلقمي: [يمكن الجمع بأن حديث الباب فيمن هو صحيح النسب وحديث الطبراني في غيره، أو يقال: تدعى طائفة بأسماء الآباء وطائفة بأسماء الأمهات (فأحسنوا أسماءكم) أي أسماء أولادكم وأقاربكم وخدمكم] اهـ.

وأكدت بناء على ذلك أنَّ عموم الأحاديث والآثار الصحيحة يفيد أن النداء على الناس في يوم القيامة يكون من جهة الآباء لا من جهة الأمهات، ولا يقوى في معارضتها ما ورد بخصوص أن النداء سيكون من جهة الأمهات؛ لأنها أحاديث ضعيفة أو مؤولة، حيث حملها العلماء على استحباب نسبة الميت من جهة أمه أثناء التلقين.

طباعة شارك النداء على الناس يوم القيامة يوم القيامة النداء يوم القيامة الأم الأب

مقالات مشابهة

  • أبرزها استهلاك الكهرباء والماء والغاز.. النواب يكشف خطوات إثبات امتلاك المستأجر شقة تمليك.. وهذه حالات إخلاء وحدته السكنية المؤجرة بقانون الإيجار القديم
  • عضو بإسكان النواب: 3 أمور تكشف إثبات امتلاك المستأجر شقة تمليك
  • الإخلاء في هذه الحالة.. رئيس إسكان النواب يكشف إجراءات إثبات امتلاك المستأجر شقة تمليك
  • رئيس هيئة الأركان الإيرانية: نحذر سكان إسرائيل من الوجود في تل أبيب وحيفا
  • رعب الوجود الإسرائيلي
  • قزيط: علينا تقمص مقام الطالب لا الأستاذ حتى نفهم الحرب في الشرق الأوسط
  • هل يوم القيامة يتم النداء علينا باسم الأم أم الأب؟.. الإفتاء تجيب
  • كمائن “الطحين” الأمريكية!
  • سفيرة المملكة لدى الولايات المتحدة الأمريكية تلتقي بعثة الهلال