4 أغسطس، 2025

بغداد/المسلة: يدفع تزايد ملوحة شط العرب المزارعين في جنوب العراق إلى تغيير جغرافي قاسٍ، حيث تهاجر النخيل من ضفاف الماء التاريخي إلى عمق الصحراء، مدفوعة بندرة المياه العذبة وتحوّلات المناخ، في مشهد يعكس الأزمة المائية الأشد التي تواجهها البصرة منذ عقود.

ويستند هذا التحوّل إلى واقع مرير، إذ تُظهر صور جوية  نخيلًا ميتًا ومحترقًا في المزارع المهجورة بمحافظة البصرة نهاية يوليو الماضي، بعدما تجاوزت نسبة الملوحة في بعض القنوات 33 ألف ميلي موز، وهي نسبة قاتلة للنباتات، وفق ما أكده المزارع يالي سالم ثجيل الذي قال إن “الماء لم يعد يُسقي نخلة ولا ينعش شجرة”.

ويُعيد التاريخ نفسه بمرارة، فقد بدأ النزوح الزراعي منذ سنوات، كما روى عبد الواحد الشاوي الذي انتقل عام 2010 من أبي الخصيب إلى صحراء الشعيبة، وصرّح بأن “المدّ الملحي في 2018 دقّ آخر مسمار في نعش الزراعة النهرية”. وأوضح أن إنتاجه اليومي في ذروة الموسم يصل إلى طن من التمور، مؤكدًا أن “الماء الجوفي ثابت، لا يزيد ولا ينقص، والنخل في الصحراء أقوى إنتاجًا من نخيل النهر”.

ويعكس ذلك توجّهًا جديدًا في الزراعة الصحراوية، مدعومًا بتقنيات الري بالتنقيط واستخدام المياه الجوفية معتدلة الملوحة، كما أفاد مدير قسم النخيل في مديرية زراعة البصرة جاسم محمد ضمد، الذي أشار إلى أن نسبة ملوحة المياه الجوفية في بعض المناطق الصحراوية تتراوح بين 2000 إلى 3000 ميلي موز، وهي مستويات مقبولة نسبيًا للزراعة عند تقنين الاستهلاك.

وتشهد منصات التواصل  نقاشًا متصاعدًا حول “هجرة النخل”، إذ غرّد الناشط البيئي علي كاظم (@AliK_Earth) قائلاً: “شط العرب صار شط الملح… نخيلنا تهجّر، وأراضينا صارت بيضاء من الملوحة لا من النقاء”.

بينما كتب الناشط عبد الرحمن المشعل (@almisha3l) تعليقًا على صورة من مزارع الزبير: “النخيل يعود حيًا من رمال الصحراء… العراق الصحراوي أصبح أكثر خضرة من الجنوب المائي”.

ويضع هذا التحول علامات استفهام حول فعالية الاتفاقيات الدولية، فبالرغم من توقيع اتفاقية إدارة المياه بين العراق وتركيا في أبريل 2024، لم تصل بعد أي مؤشرات ملموسة على تحسّن تدفقات المياه في البصرة، ما يجعل مستقبل الزراعة في الجنوب رهينة بالصحراء لا بالنهر.

ويواجه العراق أزمة مائية غير مسبوقة، إذ أفادت وزارة الموارد المائية في يوليو 2025 بأن واردات المياه من تركيا وسوريا انخفضت بنسبة 70% مقارنة بالمتوسط السنوي في العقدين الماضيين، مما يعيد تشكيل الخارطة الزراعية، ويهدد الأمن الغذائي والمائي معًا.

 

 

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author Admin

See author's posts

المصدر: المسلة

إقرأ أيضاً:

وزير الري: نسير بخطى ثابتة لإصلاح بوابات الترع للتحكم في نسبة الفاقد من المياه

أكد هاني سويلم وزير الموارد المائية والري، أنه قبل 2010 كان هناك إهمالا شديدا في ملف إصلاح بوابات الترع؛ للتحكم في نسبة الفاقد في مياه الترع.

وزير الري: انتقلنا للجيل الثاني من منظومة إدارة المياهوزير الري: مشروع قناطر ديروط الجديدة يخدم 1.6 مليون فدانالرئيس يهتم بملف المياه.. أحمد موسى يقدم حلقة خاصة مع وزير الري من قناطر ديروط الجديدةمحافظ أسيوط ووزير الري يطلقان إشارة مرور المياه من قنطرة حجز الإبراهيمية

وقال هاني سويلم، في حواره مع الإعلامي أحمد موسى، في برنامج "على مسئوليتي" المذاع على قناة "صدى البلد"،: "عملنا على إصلاح بوابات الترع؛ للتحكم في نسبة الفاقد من المياه".

وواصل هاني سويلم: "نسير بخطى ثابتة لإصلاح بوابات الترع للتحكم في نسبة الفاقد من مياه الترع".

وأكمل هاني سويلم: "هناك تنسيق يومي بين وزارة الري ووزارات الزراعة والإسكان والبيئة؛ لتحديد المستهدف من أنواع الزراعات كل عام ".

طباعة شارك الري وزير الري مصر اخبار التوك شو الترع

مقالات مشابهة

  • شباب العراق يفوز على رديف الميناء وديا في البصرة
  • العراق بلا حنطة.. ومزارعو الشتاء يحرثون في الهواء
  • العراق يتفادى الـ50 مئوية.. البصرة والنجف الأعلى حرارة اليوم
  • الخور يرسخ جذور عاصفة الصحراء بين العراق والكويت
  • العراق يواجه أسوأ أزمة مائية منذ عام 1930
  • وزير الري: لو مصر لديها وفرة المياه زي دول أوروبا كلها لزرعنا الصحراء كلها
  • وزير الري: نسير بخطى ثابتة لإصلاح بوابات الترع للتحكم في نسبة الفاقد من المياه
  • 95.8% نسبة تغطية حملة التطعيم ضد الحصبة في الجنوب
  • تفكيك اقتصاد الظل في موانئ البصرة بين نفي سومو والتسريبات