هجوم ترامب يتسع.. مؤسسات الاقتصاد الأميركي تفقد استقلالها
تاريخ النشر: 4th, August 2025 GMT
في تحول مقلق وصفته بلومبيرغ بأنه "جبهة جديدة في تسييس الاقتصاد الأميركي"، أقال الرئيس الأميركي دونالد ترامب رئيس مكتب إحصاءات العمل يوم الجمعة الماضي، وذلك بعد ساعات فقط من صدور تقرير أظهر تباطؤا مفاجئا في وتيرة التوظيف.
ترامب، الذي لم يقدم أي دليل، زعم أن "أرقام الوظائف كانت مزوّرة لجعل الجمهوريين، وأنا شخصيا، نبدو بمظهر سيئ".
وفي اليوم ذاته، أعلنت حاكمة الاحتياطي الفيدرالي أدريانا كوغلار استقالتها، مما يمنح ترامب فرصة لتعيين بديل يدعم حملته المتواصلة للضغط من أجل خفض أسعار الفائدة.
ووفق بلومبيرغ، قال ترامب في نهاية الأسبوع إنه سيعلن قريبا عن اسم الحاكم الجديد للفدرالي وكذلك رئيس مكتب الإحصاءات الجديد.
مخاوف من تآكل مصداقية البيانات والمؤسساتوكتب مايكل فيرولي، كبير الاقتصاديين الأميركيين في "جي بي مورغان"، في مذكرة للمستثمرين: "لقد نوقش خطر تسييس الاحتياطي الفدرالي كثيرا خلال الأشهر الماضية، لكن لا ينبغي التغاضي عن خطر تسييس عملية جمع البيانات ذاتها".
وأضاف في تشبيه لافت: "إذا استعنا بتشبيه الهبوط السلس للاقتصاد، فإن امتلاك لوحة عدادات معطوبة قد يكون خطيرا بقدر خطورة وجود طيار حزبي مطيع".
ووفق بلومبيرغ، فإن هذه المخاوف لا تقتصر على أميركا، بل تمتد إلى دول مثل المملكة المتحدة وأستراليا وكندا، حيث تعاني مكاتب الإحصاء من تراجع كبير في نسب الاستجابة على استطلاعات العمل بسبب تفشي البريد العشوائي والاحتيال.
ففي بريطانيا، أدى انهيار الثقة إلى تعليق بيانات البطالة واستقالة الإحصائي الوطني إيان دايموند في مايو/أيار الماضي.
"أعين جديدة" على البياناتوبرر كيفن هاسيت، كبير مستشاري ترامب الاقتصاديين ورئيس المجلس الاقتصادي الوطني الإقالة بقوله إن التعديلات المتكررة في بيانات الوظائف "لم يتم تفسيرها بشكل جيد"، ما يستدعي "مجموعة جديدة من الأعين".
إعلانوعندما سُئل هاسيت عما إذا كان ترامب سيقيل أي مسؤول يعرض بيانات لا تعجبه، قال "قطعا لا. الرئيس يريد أشخاصه في هذه المواقع حتى تكون الأرقام أكثر شفافية ومصداقية".
وحذر محلل بلومبيرغ الاقتصادي توم أورليك من أن الإقالة قد لا تؤثر فورا على آليات جمع البيانات، لكنها ستترك أثرا عميقا.
ويخشى المستثمرون من أن تضاف الضبابية الإحصائية إلى الفوضى الناتجة عن سياسات ترامب الجمركية، مما يجعل التنبؤ بالتضخم وسوق العمل أكثر صعوبة.
ويختم أورليك بالقول "من الصعب أن تكون معتمدا على البيانات في قرارات السياسة النقدية، إذا لم يكن بإمكانك الوثوق بالبيانات أصلا".
ضغوط على باول.. ومؤسسات في مرمى النيرانولطالما تعرض رئيس الاحتياطي الفدرالي جيروم باول لانتقادات ترامب، ومع استقالة كوغلار، يبدو أن ترامب يسعى لإعادة تشكيل مجلس الاحتياطي بما ينسجم مع رؤيته، عبر تعيين شخصيات أقل استقلالية وأكثر ميلا لدعم خفض الفائدة بحسب الوكالة.
ووفق بلومبيرغ، فإن هذه التوجهات تثير قلقا بالغا في الأوساط الاقتصادية، التي ترى في استقلالية المؤسسات الإحصائية والنقدية حجر أساس لاستقرار الأسواق وثقة المستثمرين.
ونقل تقرير بلومبيرغ أن أزمة الثقة في الإحصاءات ليست فريدة لأميركا، ففي المملكة المتحدة، أدى الغضب من التباينات في أرقام البطالة إلى أزمة سياسية، دفعت بالإحصائي الوطني إيان دايموند إلى تقديم استقالته. ومن المتوقع أن تزداد أهمية هذه الأزمة مع اتساع دور البيانات في توجيه السياسات الاقتصادية حول العالم.
وتقول بلومبيرغ إن الخطوة الأخيرة من ترامب لا تعني فقط تغييرا في الأشخاص، بل في قواعد اللعبة بأكملها. فتحويل مؤسسات مستقلة، مثل مكتب الإحصاء أو الاحتياطي الفدرالي، إلى أدوات حزبية، قد يؤدي إلى زعزعة ثقة الأسواق في "الدولار القوي"، ويقوض مكانة أميركا كمركز للشفافية الاقتصادية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات دراسات الاحتیاطی الفدرالی
إقرأ أيضاً:
روسيا تعلّق على زيارة مرتقبة لمبعوث الرئيس الأميركي
علّقت الرئاسة الروسية، اليوم الاثنين، على الزيارة المرتقبة للمبعوث الأميركي الخاص ستيف ويتكوف هذا الأسبوع إلى موسكو.
وقال الكرملين إنه يتوقّع محادثات "مهمّة ومفيدة" مع ويتكوف، وذلك قبل انقضاء مهلة حدّدها الرئيس الأميركي دونالد ترامب لتحقيق تقدّم على مسار التوصّل إلى سلام مع أوكرانيا وإلا زيادة العقوبات على موسكو.
وكان ترامب أشار، مساء أمس الأحد، إلى أن زيارة ويتكوف ستجري "الأسبوع المقبل، الأربعاء أو الخميس، على ما أعتقد".
وقال دميتري بيسكوف المتحدث باسم الرئاسة الروسية، اليوم الاثنين، إنه يعتبر المحادثات مع ويتكوف "مهمّة ومفيدة"، مثمّنا الجهود التي تبذلها الولايات المتحدة لوضع حد للنزاع.
وعندما سأله الصحافيون ما هي الرسالة التي يحملها ويتكوف إلى موسكو وما إذا كان هناك أي شيء يمكن لروسيا أن تفعله لتجنب العقوبات، أجاب "نعم، التوصل إلى اتفاق يوقف تعرض الناس للقتل".
وجرت ثلاث جولات من محادثات السلام في اسطنبول بين روسيا وأوكرانيا، لكن من دون تحقيق أي اختراق على مسار التوصّل إلى وقف لإطلاق النار، في ظل استمرار التباعد الكبير في موقفي البلدين.
وتطالب موسكو بأن تتخلّى كييف رسميا عن أربع مناطق ضمتها روسيا جزئيا هي دونيتسك ولوغانسك وزابوريجيا وخيرسون.
وبالإضافة إلى ذلك، تشترط موسكو أن تتوقّف أوكرانيا عن تلقّي أسلحة غربية وتتخلّى عن طموحاتها للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (ناتو).
وتنقضي الجمعة المهلة التي حدّدها ترامب لروسيا.
وكان بوتين التقى ويتكوف مرارا في موسكو، لكن هذه الجهود الدبلوماسية لم تسفر عن أي نتيجة.
- تأزم وتلويح بالنووي -تأتي الزيارة بعد إعلان ترامب أنه أمر بنشر غواصتين نوويتين عقب سجال على الإنترنت مع الرئيس الروسي السابق دميتري مدفيديف (2008-2012).
وقال الرئيس الأميركي إن الغواصتين النوويتين أصبحتا الآن "في المنطقة"، من دون توضيح مكانهما تحديدا. ولم يحدّد إن كانتا تعملان بالدفع النووي أو إن كانتا مزوّدتين برؤوس حربية نووية.
وفي أول تعليق على نشر الغواصتين، دعا بيسكوف الإثنين "الجميع إلى توخي الحذر الشديد في تصريحاتهم بشأن المسائل النووية"، مضيفا "لا نريد الانجرار إلى جدل من هذا القبيل".
وفي أوكرانيا، أشاد رئيس المكتب الرئاسي أندريه يرماك بقرار واشنطن نشر غواصتين نوويتين.
وجاء في منشور له على شبكة للتواصل الاجتماعي أن "مفهوم السلام من خلال القوة يؤدي فعله".
وتابع "في اللحظة التي ظهرت فيها الغواصتان النوويتان الأميركيتان، صمت فجأة روسي ثمل كان يهدد على (منصة) إكس بحرب نووية".
وسبق للملياردير الجمهوري أن هدّد بفرض "رسوم جمركية ثانوية" تستهدف شركاء روسيا التجاريين المتبقين، مثل الصين والهند.
والجمعة، أكّد بوتين أنه يريد السلام، لكن مع التشديد على أن مطالبه لإنهاء الحرب التي شنها في شباط/فبراير 2022 لم تتغيّر.
وقال الرئيس الروسي في تصريحات "نحن بحاجة إلى سلام دائم ومستقرّ يرتكز على أسس متينة ويرضي روسيا وأوكرانيا على السواء ويضمن أمن البلدين"، مضيفا أن "الشروط تبقى بطبيعة الحال هي عينها" من الجانب الروسي.
- زيلينسكي يتفقّد قواته -هاجمت روسيا أوكرانيا الشهر الماضي بأكبر عدد من المسيرات في شهر واحد منذ بدئها الغزو في شباط/فبراير 2022، وفق تحليل لوكالة فرانس برس أظهر تكثيف عمليات القصف رغم التحذيرات الأميركية.
وأعلن الجانبان الإثنين إسقاط عشرات المسيّرات ليلا.
وقال مسؤولون أوكرانيون الإثنين إن ضربات روسية على منطقة زابوريجيا الجنوبية الخاضعة جزئيا لسيطرة روسيا، أسفرت عن مقتل أربعة أشخاص.
كذلك سقط قتيل في قصف روسي لمنطقة خيرسون الجنوبية.
وزار زيلينسكي قواته في الخط الأمامي في منطقة خاركيف، ونشر مقطع فيديو له وهو يمنح الجنود أوسمة ويتفقّد التحصينات.
تسعى روسيا إلى إقامة ما تسمّيه "منطقة عازلة" داخل خاركيف على طول الحدود الروسية الأوكرانية.
وأعلن زيلينسكي الأحد أن الطرفين يستعدّان لتبادل دفعة جديدة من الأسرى في صفقة من شأنها أن تسمح بعودة 1200 جندي أوكراني بناء على نتائج المحادثات التي جرت في اسطنبول في تموز/يوليو.