مصر تعمّق حضورها في إفريقيا.. استثمارات استراتيجية في جيبوتي ونموذج تنموي متكامل للقارة
تاريخ النشر: 19th, June 2025 GMT
تمضي مصر بخطى ثابتة نحو تعميق حضورها الاقتصادي والاستثماري في القارة الإفريقية، ضمن رؤية استراتيجية توازن بين مصالح الأمن القومي، والتكامل الإقليمي، والتنمية المستدامة. وتأتي جيبوتي في مقدمة الدول التي تشهد نشاطًا مصريًا متصاعدًا، بينما تمتد المشروعات والبرامج لتشمل دولًا أخرى في مجالات الطاقة، اللوجستيات، والرقمنة.
جيبوتي... منصة مصرية متقدمة في القرن الإفريقي
طاقة متجددة لتنمية مستدامة
في قلب صحراء "غراند بارا"، تتقدم أعمال تنفيذ محطة شمسية بقدرة 25 ميغاواط، بآلية BOT، على أن تدخل حيز التشغيل في عام 2025. المشروع لا يقف وحيدًا، بل يتكامل مع توسعة محطة الرياح في "غوبيّت"، لتصل إلى قدرة 60 ميغاواط في المرحلة الأولى، تليها إضافة 45 ميغاواط لاحقًا.
الهيئة العربية للتصنيع، بالتعاون مع وكالة الشراكة المصرية، تلعبان دورًا محوريًا في تنفيذ هذه المشروعات، إلى جانب استثمارات أخرى في منطقة "عمر جكع" وميناء الحاويات، مما يعكس التزامًا مصريًا بنشر الطاقة النظيفة في المنطقة.
استثمار في البنية التحتية والموانئ
الاهتمام المصري لا يقتصر على الطاقة، بل يمتد إلى البنية التحتية الحيوية. يجري تطوير مركز لوجستي في المنطقة الحرة، إلى جانب توسيع ميناء "دوراليه" وربطه بالشبكة الرئيسية عبر طريق RN18. وتُعد محطة "دامرجوج" للطاقة عنصرًا مهمًا في دعم هذا النظام المتكامل الذي يربط الموانئ بالمناطق الصناعية.
الربط الرقمي والكوابل البحرية
جيبوتي أصبحت بوابة رقمية للقارة بفضل موقعها الاستراتيجي، حيث تحتضن نقاط هبوط رئيسية لكوابل الإنترنت العالمية مثل PEACE وAfrica‑1 وAAE‑1. الربط مع مصر يتيح للقاهرة لعب دور محوري كمركز تبادل بيانات بين إفريقيا وأوروبا وآسيا.
تمكين اقتصادي وتشجيع استثماري
أهدت الحكومة الجيبوتية 150 ألف متر مربع في المنطقة الحرة لشركات مصرية، مما يعزز من التمركز الاقتصادي الإقليمي. كما تم تدشين مجلس أعمال مصري–جيبوتي، وتفعيل خطوط طيران مباشرة بين القاهرة وجيبوتي، لتسهيل التبادل التجاري والتفاعل الاقتصادي.
خارجيًا... شبكة استثمارات مصرية تمتد عبر القارةتمويلات دولية لدعم التحول الأخضر
تحصل مصر على دعم متواصل من المؤسسات المالية الدولية. فالبنك الإفريقي للتنمية خصص 746 مليون دولار لمصر في 2025 لدعم الطاقة النظيفة والقطاع الصحي والخاص، فيما ضخ البنك الأوروبي لإعادة الإعمار 1.5 مليار يورو في القطاع الخاص المصري عام 2024، من ضمنها 1.1 غيغاواط من طاقة الرياح في خليج السويس.
شراكات طاقية عابرة للحدودمن أبرز المشروعات المستقبلية، اتفاقيات تمويل لمحطة شمسية بقدرة 1 غيغاواط مع شركة Scatec النرويجية، بقيمة 600 مليون دولار، بالإضافة إلى مشروع رياحي بقيمة مليار دولار. كما يُعد مشروع الربط الكهربائي البحري مع اليونان بطاقة 3،000 ميغاواط أحد أضخم المشاريع المنتظرة، بقيمة 4 مليارات يورو، ويتوقع تشغيله خلال خمس سنوات.
تحول صناعي مدفوع بالمناخفي إطار جهود الحد من انبعاثات الكربون، تشارك مصر في برنامج بقيمة مليار دولار لخفض انبعاثات الصناعة، بدعم من Climate Investment Funds. كما تم إطلاق مشروع ضخم لطاقة الرياح بسعة 1.1 غيغاواط في خليج السويس، ضمن إطار Nexus للمياه والغذاء والطاقة.
بنية نقل إفريقية متكاملةتمضي مصر قدمًا في مشروع القاهرة–كيب تاون عبر سكك حديد وطرق سريعة تربط شمال القارة بجنوبها. كما فُعلت خطوط لوجستية جديدة تربط موانئ مثل الإسكندرية والسويس بعمق القارة الإفريقية، ضمن منظومة نقل متعددة الوسائط.
رقمنة الإجراءات وتسهيل الاستثمارداخليًا، أطلقت الحكومة منصة موحدة للرخص الاستثمارية، تهدف إلى تقليص البيروقراطية وتسهيل دخول المستثمرين الأجانب. كما تم تفعيل نظام "نفّذة" الجمركي الرقمي، المعتمد على البلوكتشين، والذي ساهم في خفض زمن الإفراج الجمركي من 16–29 يومًا إلى ما بين 3 و9 أيام فقط.
مصر كقاطرة للتنمية الإقليمية
التحركات المصرية تُظهر نمطًا متكاملًا من التفكير التنموي: طاقة نظيفة، بنية لوجستية رقمية، إصلاح إداري، وتكامل قاري. في هذا السياق، لا تعدّ جيبوتي إلا بوابة أولى، تليها شراكات متنامية في الغرب والجنوب الإفريقي.
نحو دور محوري في مستقبل القارة
بخطط مدروسة وتمويلات دولية، وبنية رقمية متطورة، تضع مصر نفسها في موقع القيادة الإقليمية. إنها ليست مجرد دولة مصدّرة للاستثمارات، بل شريك حقيقي في التنمية، يسعى لخلق شبكات متكاملة من الطاقة والتجارة والبيئة الرقمية.
الوجهة القادمة؟ مزيد من التكامل، مزيد من المشاريع، ومزيد من إفريقيا في قلب الاستراتيجية المصرية.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: مصر أفريقيا جيبوتي اﻻستثمار طاقة متجددة ربط لوجستي موانئ بنية تحتية الربط الرقمي الطاقة الشمسية طاقة الرياح الهيئة العربية للتصنيع المنطقة الحرة مجلس الأعمال المصري الجيبوتي البنك الافريقي للتنمية البنك الاوروبي لاعادة الاعمار الربط الكهربائي خليج السويس المناخ بلوكتشين الرخص الاستثمارية التكامل الإفريقي التنمية المستدامة الاقتصاد المصري الشراكة المصرية الإفريقية التجارة البينية القاهرة كيب تاون منصة رقمية
إقرأ أيضاً:
تعاون هندوي روسي متصاعد رغم العقوبات الأمريكية.. شراكة استراتيجية في الطاقة والتقنية
أعلنت وزارة التجارة والصناعة الهندية توسيع التعاون بين الهند وروسيا في عدد من القطاعات الاستراتيجية، من بينها إنتاج الألمنيوم والأسمدة والنقل السككي، وذلك عقب الجلسة الحادية عشرة لفريق العمل الهندي-الروسي المعني بالتحديث والتعاون الصناعي.
وذكر بيان رسمي أن الجانبين رحّبا بتعزيز التعاون في مجالات متعددة شملت معدات التعدين، الاستكشاف، إدارة النفايات الصناعية والمنزلية، فضلاً عن بناء القدرات وتبادل التكنولوجيا.
كما شمل التعاون مجالات العلوم والتكنولوجيا الفضائية، بما في ذلك تطوير محركات المكبس للطائرات الصغيرة، وتقنيات ألياف الكربون، والتصنيع الإضافي، والطباعة ثلاثية الأبعاد.
وأشار البيان إلى أن المحادثات تناولت أيضًا فرص التعاون في تعدين المعادن الأرضية النادرة والمعادن الإستراتيجية، وتغويز الفحم تحت الأرض، بالإضافة إلى تطوير بنية تحتية صناعية حديثة.
وأكد الطرفان التزامهما المتجدد بتعميق الشراكة الصناعية والاقتصادية، في وقت تشهد فيه العلاقات الروسية الهندية دفعة قوية رغم التوترات الدولية.
ويأتي هذا التطور في ظل ضغوط أميركية متصاعدة، إذ أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مؤخرًا فرض رسوم جمركية إضافية بنسبة 25% على واردات هندية، مبررًا الخطوة بعلاقات الهند المستمرة مع روسيا، ولا سيما في مجال الطاقة.
في المقابل، نقلت صحيفة “مينت” عن مصادر مطلعة أن مصافي النفط الهندية المملوكة للدولة لا تزال تشتري النفط من روسيا، رغم التلميحات الأميركية إلى عكس ذلك. وتُعد الهند ثالث أكبر مستورد للطاقة في العالم، وتعتمد على الخارج لتغطية أكثر من 80% من احتياجاتها النفطية.
وتزامن هذا مع بيانات حديثة كشفت عن ارتفاع واردات الهند من النفط الروسي في يونيو/حزيران الماضي إلى أعلى مستوياتها خلال 11 شهرًا، بحسب شركة “كبلر” لتحليلات أسواق السلع، في ظل تصاعد التوترات الجيوسياسية بين إسرائيل وإيران.
ويعكس استمرار التعاون بين نيودلهي وموسكو رغبة الجانبين في تعزيز الشراكات الاستراتيجية، رغم التحديات الجيوسياسية والضغوط الغربية المتزايدة.