سياسة الاحتواء المزدوج: الفشل الأمريكي في إحاطة الجمهورية الإسلامية
تاريخ النشر: 20th, June 2025 GMT
عبدالرحمن العابد
من محاسن الأقدار أن تأتي هذه الأحداث بين إيران والكيان بعد خروج القوات الأمريكية من أفغانستان. لكن في البداية سأسألكم: هل سمعتم عن سياسة “الاحتواء المزدوج”؟ هي سياسة أمريكية؛ لو قرأتم عنها في الويكيبيديا ستُظهر لكم أمريكا وكأنها حمامة سلام، لكنها سياسة خبيثة تم العمل بها في مطلع التسعينات، تهدف إلى السيطرة على العراق وإيران في الوقت نفسه تحت مُسمى ناعم: “الاحتواء”.
بدأ العمل بهذه السياسة عمليًا منذ عام 1994م، ولكن إيران كانت أصلب عودًا من العراق، ولهذا تم استبدال إيران بهدف آخر وهو أفغانستان، وتم الغزو الأمريكي لها عام 2001م، ثم تم غزو واحتلال العراق عام 2003م، فأصبحت الجمهورية الإسلامية بين فكي كماشة: أفغانستان من الشرق، والعراق من الغرب. كلا البلدين أصبحا في قبضة القوات الأمريكية، وجُئِ بحاكمين عسكريين أمريكيين، وتم تشكيل حكومتين “دنبوعيتين” مواليتين لها.
تصرفت إيران بحكمة شديدة، ورغم أنها الهدف الرئيسي لكل هذه المؤامرة، إلا أنها استطاعت أن تقلب الأمور لصالحها. في ظرف سنة كانت قد أقامت جسور العلاقات داخل البلدين، وبالأخص في العراق حيث توجد المقامات المقدسة، ولا أحد يستطيع منع الشيعة من زيارتها. كذلك في أفغانستان نسبة كبيرة من الشيعة تصل إلى نحو 22% من السكان (إثنا عشرية وإسماعيلية)، وكانت إيران تدعم المقاومة الإسلامية في أفغانستان ضد تواجد الجيش الأمريكي، وكذلك في العراق.
كما لا يعلم الكثير أن نسبة الشيعة في باكستان تصل إلى نحو 10% من إجمالي عدد السكان البالغ نحو 240 مليون نسمة، وبذلك يكون عدد الشيعة فيها تقريبًا 24 مليون نسمة؛ عدد كبير لكنه يظل صغيرًا أمام إجمالي السكان.
تغير مفهوم الاحتواء المزدوج أمريكيًا ليصبح له معنى آخر تمامًا، وهو احتلال إيران انطلاقًا من العراق وأفغانستان، لكن الأوضاع لم تستقر لأمريكا فيهما، وكان لإيران دور كبير في عدم استقرار تلك الأوضاع.
صدر كتاب بعنوان “العالم الجديد” من تأليف جون برينان، وهو مسؤول سابق في وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (CIA). في كتابه تناول برينان بالتفصيل الأخطاء التي ارتكبتها الولايات المتحدة في حربي العراق وأفغانستان، وكيف أدّت إلى تعزيز نفوذ إيران في المنطقة. أوضح برينان كيف أن الغزو الأمريكي للعراق أدى إلى تفكيك الدولة العراقية، مما خلق فراغًا استغلته إيران لتعزيز نفوذها في العراق والمنطقة. كما يرى أن الانسحاب الأمريكي من العراق وتركيزه على أفغانستان أضعف من قدرة الولايات المتحدة على مواجهة النفوذ الإيراني المتزايد.
في الأخير خرجت القوات الأمريكية من أفغانستان خروجًا مذلًّا ومهينًا، حسبما شاهده العالم أجمع في العام 2021م، الذي استمر عشرين سنة. إيران كانت شريكًا رئيسيًّا في النصر على أمريكا بأفغانستان، وكذلك في العراق، وأمريكا وإسرائيل كانتا تعولان على حرب إيران انطلاقًا من أراضي البلدين؛ ولهذا انتظرتا مطولًا، ولعل هذا هو السبب الذي دفع بعض الدول العربية المعادية لإيران للقول إنها على علاقة مع أمريكا في السر.
لم تأت الحرب الإيرانية مؤخرًا ضد إسرائيل بعد عدوانها على العاصمة طهران، إلا وقد خفّ الضغط كثيرًا بخروج المارينز من البلدين، واستطاعت الجمهورية الإسلامية الاستفادة من الوقت لإعداد نفسها جيدًا حتى تمكنت من صفع إسرائيل بقوة كما شاهد الجميع مؤخرًا.
هذه حكاية سياسة الاحتواء المزدوج الأمريكية التي فشلت فشلًا ذريعًا في المنطقة.
سياسة الاحتواء المزدوجالمصدر: يمانيون
كلمات دلالية: فی العراق
إقرأ أيضاً:
عراقجي يؤكد أن محاولات نزع سلاح “حزب الله” مصيرها الفشل
الثورة نت/..
أكد وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، أن محاولات نزع سلاح حزب الله اللبناني محكوم عليها بالفشل، مشددًا على أن الحزب لا يزال في ذروة قوته، وقادر على الدفاع عن نفسه بفعالية.
وقال عراقجي، في تصريحات اعلامية، إن فكرة نزع سلاح حزب الله ليست جديدة، وقد طُرحت سابقًا لأسباب معروفة، أبرزها فعالية سلاح المقاومة في ساحات المعارك.
وأوضح أن بعض الجهات أعادت مؤخرًا طرح هذا المشروع، متوهمة أن الحزب بات أضعف، إلا أن الموقف الحاسم الذي عبّر عنه الأمين العام لحزب الله، في بيان قوي، قطع الطريق أمام هذه المحاولات.
وأشار إلى أن القرارات المستقبلية المتعلقة بالحزب تُتخذ من قبل قيادته حصراً.