ما حجم مساهمة الصناعات الدفاعية في اقتصاد تركيا؟
تاريخ النشر: 21st, June 2025 GMT
إسطنبول – تواصل الصناعات الدفاعية والطيران التركية توسيع حضورها في الأسواق الدولية، محققة نمواً غير مسبوق في الأشهر الخمسة الأولى من العام الحالي، بصادرات قيمتها ملياران و980 مليون دولار، بزيادة 29% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، وفق بيانات رئاسة الصناعات الدفاعية.
ويأتي هذا الأداء الاستثنائي امتداداً لمنحنى تصاعدي بدأ منذ عام 2020، حين بلغت الصادرات 2.
ووفقاً للهيئة، بلغت صادرات أبريل/نيسان وحده 539 مليون دولار، بنمو سنوي 54%. أما الفترة من يناير/كانون الثاني إلى أبريل/نيسان، فسجلت صادرات بقيمة 2.24 مليار دولار، بزيادة 67% مقارنة بالمدة نفسها من 2023، وهي أعلى نسبة نمو في تاريخ الصناعات الدفاعية التركية.
وقال رئيس هيئة الصناعات الدفاعية، هالوك غورغون، إن هذه الأرقام "ليست نجاحاً عابراً"، بل تعكس تحوّلاً هيكلياً يعبر عن طموح تركيا في الوصول إلى صادرات سنوية تتجاوز 11 مليار دولار بحلول عام 2028. وأكد أن الشركات التركية باتت تصدّر إلى معظم دول العالم، وأن مساهمتها تجاوزت 3% من إجمالي صادرات البلاد، مع تركيز على المنتجات التقنية ذات القيمة المضافة العالية.
هذا النمو تزامن مع إعلان الرئيس رجب طيب أردوغان عن صفقة كبرى وصفها بأنها "تاريخية"، لتوريد 48 مقاتلة من طراز "قان"، أول طائرة حربية تركية من الجيل الخامس، إلى إندونيسيا. كما عززت تركيا حضورها في الصناعات البحرية هذا العام، بتصدير الزورق المسيّر "أولاق" إلى قطر، ما يعكس تنوع وتوسع المحفظة الدفاعية نحو أسواق غير تقليدية.
وبحسب غورغون، صدّرت تركيا خلال 2024 نحو 230 منتجاً مختلفاً إلى 180 دولة، شملت أنظمة صواريخ موجهة، وطائرات مروحية، ورادارات، وأسلحة خفيفة ومتوسطة. وشهد العام توسعاً في تصدير الطائرات المسيّرة، خصوصاً طرازات "بيرقدار تي بي2″ و"آقنجي" و"العنقاء"، التي أدرجتها عدة دول أوروبية وآسيوية وأفريقية في أساطيلها.
توسّع في خارطة الأسواقتوسعت خارطة صادرات الدفاع التركية خلال السنوات الأخيرة، متجاوزة الأسواق التقليدية. فوفق معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، استحوذت الإمارات على 18% من صادرات تركيا العسكرية بين 2020 و2024، تلتها باكستان بـ10%، ثم قطر بـ9.9%. أما في أفريقيا، فبرزت تركيا كمصدر رئيسي للسلاح إلى دول غرب القارة، التي استوردت 11% من احتياجاتها من أنقرة.
وفي أوروبا، أبرمت تركيا صفقات مع التشيك ورومانيا وبولندا وسلوفاكيا وبلغاريا، كما شملت قائمة المشترين فرنسا وأوكرانيا. ووفق بيانات 2024، فإن 55.4% من إجمالي الصادرات الدفاعية التركية اتجهت إلى دول حلف الناتو وأوكرانيا، ما يعكس تعمق الشراكات الغربية رغم التباينات السياسية.
رافعة اقتصادية وإستراتيجيةلم تعد الصناعات الدفاعية التركية قطاعاً تقليدياً، ففي عام 2024، مثّلت نحو 1.9% من الناتج المحلي الإجمالي، وشكلت صادراتها 2.7% من مجمل الصادرات التركية التي بلغت 262 مليار دولار، بحسب بيانات رسمية. وهو ما يجعل من هذا القطاع رافعة اقتصادية متنامية تتجاوز الأبعاد التجارية، نحو أدوار تتعلق بالسيادة والسياسة الخارجية.
ووصفت رئاسة الصناعات الدفاعية هذه الصادرات بأنها "ضمان للأمن القومي" و"أداة تأثير سياسي"، معتبرة أنها تعزز استقلال القرار العسكري التركي وتوسّع الهامش الدبلوماسي. وأكدت أن 75% من الأنظمة الدفاعية المنتجة محلياً دخلت الخدمة في جيوش دول الناتو أو حلفاء تركيا، في حين تجاوزت صادرات الناتو وأوكرانيا وحدها نصف الصادرات الدفاعية لعام 2024.
وقالت الباحثة في شؤون الأمن والدفاع، مروة كاراكوتش، إن "تركيا أظهرت في السنوات الأخيرة قدرتها على التحول من دولة مستوردة للتكنولوجيا الدفاعية إلى فاعل منتج ومصدّر ضمن معادلات السوق العالمية".
وأوضحت في حديثها، أن التجربة التركية لا تزال في طور التشكل، لكنها تتميز بعناصر تراكمية مثل تنوع المنتجات، وتكامل التصنيع المحلي، ومرونة الاستجابة لاحتياجات بيئات تشغيلية متنوعة.
وأضافت أن التقدم لا يستند فقط إلى الزخم السياسي أو الطلب الإقليمي، بل أيضاً إلى بنية مؤسسية تتبلور داخل القطاع، سواء عبر الشركات، أو مراكز البحث والتطوير، أو الشراكات العابرة للحدود.
وفي السياق ذاته، قال الباحث الاقتصادي مصطفى أكوتش، إن النمو في صادرات الصناعات الدفاعية يعكس انتقالاً تدريجياً نحو اقتصاد صناعي أكثر تعقيداً وتقنية. واعتبر أن وجود أكثر من 3500 شركة في هذا القطاع، وبلوغ عائدات التصدير 7.1 مليارات دولار، يمثلان مؤشراً على حيوية المجال وتحوّله إلى أحد أعمدة الاقتصاد التركي.
إعلانلكنه شدد أيضاً على أن هذا النمو لا يزال في طوره الانتقالي، ويستفيد جزئياً من الديناميكيات الجيوسياسية والعقود الموجهة من الدولة، ما يجعل بعضه ظرفياً. إلا أن ما يعزز الاستدامة، بحسب رأيه، هو التوسع في مساهمة الشركات الصغيرة والمتوسطة، وزيادة الاستثمار في البحث والتطوير، والاعتماد المتزايد على المكوّن المحلي.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الصناعات الدفاعیة ملیون دولار ملیار دولار
إقرأ أيضاً:
وزير خارجية تركيا: نسعى لزيادة التبادل التجاري مع مصر لـ 15مليار دولار
أشاد وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، بالعلاقات المصرية التركية، مؤكدًا أن البلدين حققا تقدمًا كبيرًا في مجالات التعاون الثنائي المختلفة.
وأعرب وزير الخارجية التركي، خلال مؤتمر صحفي مشترك مع وزير الخارجية المصري الدكتور بدر عبد العاطي بمدينة العلمين الجديدة، عن تطلعه إلى تعزيز هذا التعاون خلال المرحلة المقبلة.
وأشار فيدان، إلى أن حجم التبادل التجاري بين البلدين بلغ 9 مليارات دولار خلال عام 2024، موضحًا أن هناك مساعي مشتركة لرفعه إلى 15 مليار دولار في السنوات المقبلة.
تقارب في الرؤى بشأن القضايا الإقليميةوأوضح الوزير التركي أنه ناقش مع نظيره المصري عددًا من القضايا ذات الاهتمام المشترك، مؤكدًا وجود تقارب كبير في وجهات النظر بين مصر وتركيا تجاه عدد من الملفات الإقليمية.
بحث ملفات غزة وليبيا والتعاون في إفريقياكان وزير الخارجية المصري الدكتور بدر عبد العاطي قد استقبل، اليوم السبت، نظيره التركي هاكان فيدان.
وصرّح السفير تميم خلاف، المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية والهجرة، عبر حسابه على منصة "أكس"، بأن المباحثات الموسعة بين الجانبين تناولت سبل تعزيز العلاقات الثنائية، بالإضافة إلى تطورات الأوضاع في غزة، وليبيا، والتعاون الثلاثي في القارة الإفريقية.