كشفت صحيفة يو كيه ديفيس جورنال البريطانية، عن مغادرة قاذفات الشبح B-2 التابعة للقوات الجوية الأمريكية قاعدة وايتمان الجوية في ولاية ميسوري بدعم من ثماني طائرات كيه سي- 135 للتزود بالوقود جواً.

ويبدو أن الطائرة متجهة نحو دييجو جارسيا، وهي قاعدة عسكرية أمريكية استراتيجية في المحيط الهندي.

طائرات B-2

تُظهر بيانات تتبع الرحلات الجوية مجموعتين، كلٌّ منهما تضم ​أربع طائرات تزود بالوقود، تلتقيان بالقاذفات فوق كانساس.

كانت طائرات B-2 تستخدم رمز النداء "MYTEE21"، وهو الرمز الذي ارتبط سابقًا بمهام قاذفات الشبح.

مجلس التعاون الخليجي يحذر من استهداف المنشآت النووية الإيرانيةصحة غزة: ارتفاع عدد ضحايا العدوان الإسرائيلي إلى 55,908 شهداءالأمن الإيراني يفكك عبوة ناسفة تتبع شبكة تجسس صهيونيةمتحدث الاحتلال: قتلنا قادة كبار بطهران.. والتايمز: الإسرائيليون يحثون أمريكا على ضرب إيرانعراقجي: انضمام أمريكا لإسرائيل في ضرب إيران أمر خطير على الكلإشادة بمصر وقطر.. الرئيس التركي: دفاع إيران عن نفسها حق مشروع لها

تأتي هذه الخطوة في ظل إعادة تموضع أوسع للأصول العسكرية الأمريكية تجاه أوروبا والشرق الأوسط. 

ونشر حساب آير كرافت سبوتس على منصة إكس الراصد لتحركات الطيران الدولية تحرك الطائرة الخطيرة.

وفي الأسابيع الأخيرة، نُشرت عشرات الطائرات الأمريكية، بما في ذلك مقاتلات وناقلات نفط ومنصات مراقبة، في المنطقة. 

كما تتقدم للمنطقة حاملتا طائرات عملاقتان تابعتان للبحرية الأمريكية، إلى جانب عناصر بحرية وجوية أخرى.

بي-2 سبيريت مخصصة لمهام بعيدة المدى

صُممت طائرة بي-2 سبيريت لمهام هجومية بعيدة المدى، وهي قادرة على حمل أسلحة تقليدية ونووية وهي الطائرة الأمريكية الوحيدة المصممة خصيصًا لاختراق أهداف شديدة التحصين، مثل المنشآت تحت الأرض.

ويشير وجود ثماني طائرات وقود تدعم المهمة إلى عملية واسعة النطاق، وبينما لم تؤكد وزارة الدفاع رسميًا الوجهة أو الهدف، فإن حجم وتنسيق الرحلات يشيران إلى انتشار مُخطط له مسبقًا.

وفي الوقت الحالي، لا توجد مؤشرات على ضربة وشيكة إلا أن توقيت هذه الخطوة مهم بالنظر إلى التوترات الحالية المحيطة بالبرنامج النووي الإيراني والموقف الأمريكي في المنطقة.

قاذفة شبح بعيدة المدى

تعد بي-2 سبيريت  قاذفة شبح بعيدة المدى، تُشغّلها القوات الجوية الأمريكية وصُممت لاختراق أنظمة الدفاع الجوي المتطورة وإطلاق الأسلحة التقليدية والنووية. 

وتستطيع الطائرة التحليق لأكثر من 6000 ميل بحري دون الحاجة للتزود بالوقود، وتحمل ما يصل إلى 40,000 رطل من الذخائر داخليًا.

ويسمح لها مظهرها الشبحي بالتهرب من كشف الرادار، مما يجعلها مناسبة لمهام الضربات عالية الخطورة ضد أهداف مُحصّنة جيدًا.

ودخلت بي-2 الخدمة منذ أواخر التسعينيات، وتلعب دورًا محوريًا في العمليات الاستراتيجية بعيدة المدى.

قنبلة جي بي يو-57 الخارقة

وتعد طائرة بي-2 مجهزة لحمل قنبلة جي بي يو-57 الخارقة، وهي قنبلة ثقيلة دقيقة التوجيه مصممة لتدمير الأهداف المدفونة عميقًا.

يزن هذا السلاح 30,000 رطل، ويمكنه اختراق طبقات التربة والصخور والخرسانة المسلحة قبل أن ينفجر.

تستطيع القاذفة حمل قنبلتين من هذه الذخائر في آن واحد، مما يسمح لها بضرب الهياكل المحصنة في طلعة جوية واحدة. 

وتمنح هذه القدرة طائرة بي-2 دورًا فريدًا في استهداف المنشآت تحت الأرض البعيدة عن متناول القنابل التقليدية أو صواريخ كروز.

المواقع النووية الإيرانية

تقع العديد من المواقع النووية الإيرانية، بما فيها منشأة فوردو، تحت الأرض وتحميها طبقات من المواد المقواة.

ويُعتقد أن هذه المواقع بعيدة عن متناول معظم الأسلحة المُلقاة جوًا، باستثناء تلك التي تحملها طائرات مثل بي-2.

وأفادت صحيفة “هآرتس” العبرية، السبت، بأن الولايات المتحدة أرسلت قاذفات من طراز “بي 2” نحو المحيط الهادئ، في ظل تقديرات إسرائيلية بأن تلك القاذفات قادرة على تدمير منشأة “فوردو” النووية جنوبي العاصمة الإيرانية طهران.

مجلس التعاون الخليجي يحذر من استهداف المنشآت النووية الإيرانيةصحة غزة: ارتفاع عدد ضحايا العدوان الإسرائيلي إلى 55,908 شهداءالأمن الإيراني يفكك عبوة ناسفة تتبع شبكة تجسس صهيونيةمتحدث الاحتلال: قتلنا قادة كبار بطهران.. والتايمز: الإسرائيليون يحثون أمريكا على ضرب إيرانعراقجي: انضمام أمريكا لإسرائيل في ضرب إيران أمر خطير على الكلإشادة بمصر وقطر.. الرئيس التركي: دفاع إيران عن نفسها حق مشروع لها

وتسعى تل أبيب إلى الحصول على دعم مباشر من واشنطن في استهداف المنشأة التي تُعد من أبرز المنشآت النووية الإيرانية وأكثرها تحصينا، وتقع داخل نفق أسفل جبل قرب مدينة قم، على عمق يراوح بين 80 و90 مترا تحت الأرض، ما يجعل استهدافها تحديا عسكريا بالغ التعقيد.

خبراء عسكريين يشككون

ولا تملك أي دولة في العالم، باستثناء الولايات المتحدة، القدرة التقنية على محاولة تدمير هذه المنشأة، إلا أن خبراء عسكريين يشككون في قدرتها على تدمير منشأة “فوردو” بشكل كامل، بسبب عمقها وتعقيد هندستها الصخرية، ما يضع واشنطن أمام حسابات.

ونقلت عن مسؤول عسكري إسرائيلي مطلع على خطط الهجوم على إيران، لم تسمه، قوله: “فوردو إحدى المنشآت المدرجة بقائمة الأهداف، وعندما نحتاج إلى ذلك ونتلقى الأوامر بمهاجمتها سنفعل”.

وتقول الصحيفة: “فوردو منشأة لتخصيب اليورانيوم تحت الأرض، تقع على بُعد حوالي 30 كيلومترًا شمال شرق مدينة قم في إيران”.

وتابعت: “فوردو هي إحدى المنشأتين الرئيسيتين للبرنامج النووي الإيراني المخصصتين لتخصيب اليورانيوم، إلى جانب المنشأة الأكبر في نطنز”.

3 سيناريوهات

وبشأن إمكانية مهاجمتها، قالت الصحيفة إن الخيارات هي “أولا هجوم جوي باستخدام قنابل أمريكية: القنبلة المعروفة باسم موآب (MOAB – Massive Ordnance Air Blast)، وهي قنبلة موجهة، تُعتبر ثاني أكبر قنبلة في العالم، ويتراوح وزنها بين 13 و14 طنًا، وتُطلق من قاذفات استراتيجية”.

أما الخيار الثاني، وفق هآرتس، فهو “هجوم إسرائيلي باستخدام قاذفات أمريكية، مع أن هذا الخيار يبدو غير واقعي في هذه المرحلة”.

وأشارت إلى أن الخيار الثالث “هو هجوم الأزرق والأبيض (سلاح الجو الإسرائيلي) باستخدام كل الوسائل المتاحة لسلاح الجو، من الطائرات الشبحية إلى طائرات النقل، وما هو أبعد من ذلك”.

والأربعاء، قالت صحيفة “معاريف” العبرية، إن إسرائيل تستعد لضرب المنشأة، وإنها لا تنتظر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للمشاركة في الهجوم.

ومنذ فجر 13 يونيو الجاري، تشن إسرائيل بدعم أمريكي، هجوما واسعا على إيران استهدف منشآت نووية، وقواعد صاروخية، وقادة عسكريين وعلماء نوويين، وردت طهران بإطلاق صواريخ باليستية وطائرات مسيرة باتجاه العمق الإسرائيلي، في أكبر مواجهة مباشرة بين الجانبين حتى الآن.

طباعة شارك قاذفات الشبح B 2 قوات الجوية الأمريكية قاعدة وايتمان الجوية ولاية ميسوري ثماني طائرات كيه سي 135 دييجو جارسيا طائرة بي 2 سبيريت

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: قاذفات الشبح B 2 قوات الجوية الأمريكية ولاية ميسوري دييجو جارسيا قاذفات الشبح بی 2 سبیریت طائرة بی 2 تحت الأرض ضرب إیران

إقرأ أيضاً:

القوى النووية والحروب التقليدية

شهد الشهران الماضيان تصاعدًا لافتًا في وتيرة الحروب التي شاركت فيها قوى نووية. في مايو، تبادلت الهند وباكستان نيران المدفعية والقذائف والصواريخ المجنحة والطائرات المسيرة، في أعنف جولة قتال بينهما منذ عام 1999. ثم في الأول من يونيو، نفذت أوكرانيا عملية سرية متقدمة، نشرت خلالها مسيّرات لاستهداف القاذفات التي قد تعتمد عليها روسيا في حال شنت ضربة نووية - وهو هجوم مباشر غير مسبوق على وسائل الردع النووي لأي دولة.

وفي 13 يونيو، شنت 200 طائرة إسرائيلية هجومًا مفاجئًا على منشآت نووية إيرانية وأهداف استراتيجية. وردت إيران بإطلاق مئات الصواريخ الباليستية والطائرات بدون طيار باتجاه حيفا وتل أبيب ومنشآت عسكرية داخل العمق الإسرائيلي تمكنت من اختراق الدفاعات الجوية الإسرائيلية والأمريكية، وهذا الرد مثّل أكبر هجوم عسكري على الإطلاق يستهدف أراضي قوة نووية.

تعد هذه الاشتباكات أحدث تجليات تصاعد الصراعات التي تنطوي على مخاطر حقيقية للتصعيد النووي. فالقوى غير النووية باتت تهاجم قوى نووية بطرق غير مسبوقة وعدوانية، فيما بدأت قوى نووية نفسها تتبادل الضربات بشكل مباشر - وهو ما يبعث على القلق بصورة أكبر.

تثير هذه التطورات مخاوف من نهاية التجميد الذي دام ثمانية عقود للحروب الواسعة بين القوى النووية. ورغم أن الوقت لا يزال مبكرًا للجزم بأن حربًا كبرى تلوح في الأفق، فإن مخاطر التصعيد النووي باتت مؤكدة. تعيد هذه الاشتباكات إلى الأذهان أخطر لحظات الحرب الباردة، ويرجح أن تتحول مثل هذه المواجهات إلى "الوضع الطبيعي الجديد"، بما يحمله من خطر دائم لانزلاق الأمور خارج السيطرة.

فشل الأسلحة النووية في ردع إيران عن إطلاق الصواريخ على إسرائيل، أو ردع أوكرانيا عن تنفيذ عمليات داخل الأراضي الروسية، يشير إلى أن حصول إيران على سلاح نووي لا يوفّر لها الحماية من هجمات مماثلة. كما يثير ذلك تساؤلات بشأن مدى قدرة الولايات المتحدة على الاتكال على ترسانتها النووية لردع هجمات محتملة من خصوم نوويين مثل الصين، وكوريا الشمالية، وروسيا.

يفرض هذا "الوضع الطبيعي الجديد" على السياسيين، والعسكريين، ورؤساء أجهزة الاستخبارات، والدبلوماسيين، اعتماد استراتيجيات مختلفة لاحتواء النزاعات قبل أن تتصاعد إلى أزمات خطيرة. ينبغي للمسؤولين المدنيين والعسكريين تعزيز التواصل مع الخصوم، وتكثيف إجراءات بناء الثقة، مثل الإخطار المسبق بالأنشطة العسكرية، وتنظيم حوارات رسمية منتظمة. كما يتوجب على الولايات المتحدة وحلفائها الحفاظ على قدرات عسكرية تتيح لهم صدّ الاعتداءات دون الانزلاق إلى دوائر التصعيد. وتنفيذ المزيد من العمليات "الحركية" - كالغارات الخاصة والضربات بالطائرات المسيّرة في أراضي الخصوم - بعيدًا عن الأضواء، حيث يكون التعامل مع التوترات أكثر مرونة مما هو عليه في العلن.

طوال ثمانية عقود، لم تقع حرب كبرى بين القوى النووية. صحيح أن القوى النووية خاضت حروبًا ضد خصوم غير نوويين - كما فعلت الولايات المتحدة في العراق عام 2003، كما واجهت القوات النووية هجمات من قوى غير نووية في ساحات بعيدة، مثل هجوم كوريا الشمالية على القوات الأمريكية في كوريا الجنوبية عام 1950، أو هجوم الأرجنتين على القوات البريطانية في جزر فوكلاند عام 1982. لكن رغم هذه المواجهات، تفادى الأمريكيون، والبريطانيون، والفرنسيون، والصينيون، والسوفييت الانخراط في قتال مباشر ضد بعضهم البعض. نتيجةً لذلك، خلص عدد كبير من المحللين والعلماء وقادة الدول إلى أن احتمال اندلاع حرب نووية أو تقليدية بين القوى النووية احتمال ضعيف للغاية.

ومن المفارقات أن القوى النووية أنفقت على مدار الثمانين عامًا الماضية مبالغ هائلة على الاستعداد لحروب تقليدية، رغم أن ترساناتها النووية جعلت تلك الحروب غير مرجحة في الأصل.

ومع ذلك، لم تكن الأسلحة النووية رادعًا مطلقًا. فقد أظهر نموذج نظرية الألعاب الذي وضعه عالم السياسة روبرت باول أن احتمال اندلاع حرب تقليدية بين القوى النووية يرتبط بمستوى المخاطرة وتوازن العزم بين الخصوم. وواقع الأمر أن تلك القوى خاضت مرارًا مواجهات محدودة خلال الحرب الباردة.

كانت أعنف المواجهات بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي قد وقعت في أجواء الصين وكوريا الشمالية أثناء الحرب الكورية، حيث خسر السوفييت 355 طائرة و120 طيارًا، رغم إنكارهم الرسمي للمشاركة في الحرب. كما شهدت أزمة الصواريخ الكوبية إسقاط طائرة تجسس أمريكية من طراز U-2 بنيران الدفاع الجوي السوفييتي، وألقت مدمّرة أمريكية قنابل أعماق على غواصة سوفييتية نووية، في حادث كاد يشعل مواجهة كارثية. وفي حرب فيتنام، أطلقت المدفعية الصينية المضادة للطائرات النار على الطائرات الأمريكية، واشتبكت طائرات صينية مع نظيراتها الأمريكية فوق المجال الجوي الصيني، ما أسفر عن مقتل أو إصابة نحو 5000 جندي صيني نتيجة القصف الأمريكي.

على مدار العقد الأخير، ازدادت مؤشرات احتمال اندلاع صراع مباشر بين قوى نووية كبرى. فقد خاضت روسيا والولايات المتحدة مواجهات غير مباشرة خلال الحرب الأهلية السورية، بعد دخول موسكو إلى الصراع في أكتوبر 2015. وفي فبراير 2018، اندلع اشتباك مباشر حين هاجمت قوات شبه عسكرية روسية ودبابات سورية مواقع تابعة لقوات العمليات الخاصة الأمريكية ومشاة البحرية. وأسفر الهجوم عن مقتل ما بين 200 و300 عنصر من القوات الروسية والسورية، في أكبر مواجهة برية حتى الآن بين قوة نووية والولايات المتحدة.

أما الحرب في أوكرانيا فقد كشفت بوضوح عن حدود فعالية الردع النووي. ففي مارس 2023، أسقطت طائرة روسية طائرة استطلاع أمريكية بدون طيار فوق البحر الأسود، فيما ساهمت الصواريخ والمعلومات الاستخباراتية التي قدّمتها واشنطن في تمكين أوكرانيا من تنفيذ ضربات فعالة ضد القوات الروسية.

تكررت هجمات أوكرانيا داخل الأراضي الروسية، بما في ذلك ضرب موسكو ومنشآت نفطية. وفي عام 2024، استهدفت طائرة أوكرانية بدون طيار منشأة رادار روسية تُعد جزءًا من منظومة الإنذار المبكر للصواريخ النووية. وأثار هذا الهجوم مخاوف لدى بعض المحللين من أن تعتبره موسكو عملًا غير مباشر من الولايات المتحدة بهدف إضعاف قدرتها على الردع الاستراتيجي.

وفي الأول من يونيو، نفذت أوكرانيا هجومًا بطائرات بدون طيار أدى إلى إتلاف أو تدمير نحو 30 قاذفة وطائرة قيادة وسيطرة جوية، بما في ذلك طائرات قادرة على إطلاق صواريخ كروز، داخل العمق الروسي. ورغم تهديدات الرئيس فلاديمير بوتين المتكررة، إلا أن ترسانة روسيا النووية لم تمنع أوكرانيا من ضرب أهداف داخل أراضيها، بما في ذلك منشآت حيوية لأنظمة الإنذار المبكر والقاذفات الاستراتيجية.

ومن ناحية أخرى، فشلت الترسانة النووية الإسرائيلية في ردع التصعيد في الشرق الأوسط. خلال العامين السابقين لاندلاع الحرب مجددًا بين إيران وإسرائيل في يونيو، أطلق كل من حزب الله، الحليف الإيراني في لبنان، وأنصار الله "الحوثيين" في اليمن، طائرات مسيّرة وصواريخ باتجاه إسرائيل، ردًا على العمليات العسكرية في غزة. وفي أبريل وأكتوبر 2024، أطلقت إيران وحزب الله مئات الصواريخ على وسط إسرائيل.

عقب الهجوم الإسرائيلي المفاجئ على إيران في يونيو، والذي أسفر عن مقتل قيادات عسكرية وعلماء بارزين، وتدمير أو إتلاف منشآت نووية ومقار عسكرية ومنصات إطلاق صواريخ باليستية، شنت إيران هجومًا صاروخيًا واسعًا استهدف تل أبيب ومدنًا أخرى. ومع تصعيد الرد الإسرائيلي بقصف البنية التحتية الإيرانية للنفط والغاز، أطلقت إيران بدورها مئات الصواريخ الباليستية الإضافية على المدن الإسرائيلية، متسببة في مقتل ما لا يقل عن 400 مدني.

ورغم أن إيران امتنعت عن مزيد من الضربات خشية التصعيد النووي، فإن الهجوم الصاروخي العنيف شكل سابقة خطيرة: إذ كانت هذه المرة الأولى التي تتعرض فيها مدن تابعة لقوة نووية لهجوم بهذا الحجم. وقد فاقم الوضع تهديدات إسرائيلية بالسعي لتغيير النظام في طهران، وتوجيه الولايات المتحدة ضربات مباشرة لمواقع نووية إيرانية، مما زاد من احتمالات التصعيد. ولم توافق إيران على وقف إطلاق النار إلا بعد تدخل عسكري أمريكي، وامتناع واشنطن عن الرد على ضربة إيرانية معلنة استهدفت قاعدة أمريكية.

تتصاعد احتمالات التصعيد بين الهند وباكستان. ففي عام 2019، شنّت الهند غارة جوية على شمال غرب باكستان ردًا على هجوم في كشمير. وفي مايو الماضي، تكرّر السيناريو بغارات هندية أعقبها تبادل للضربات، شمل قصفًا صاروخيًا على قاعدة جوية باكستانية قرب مركز قيادة رفيع. وامتدت الاشتباكات لأربعة أيام، في تصعيد غير مسبوق منذ عام 1971. استخدمت الهند أسلحة متنوعة بينها صواريخ كروز وطائرات مسيّرة، وتمكّنت من اختراق الدفاعات الباكستانية، رغم إسقاط بعض طائراتها.

رغم أن المواجهات بين القوى النووية اقتصرت حتى الآن على اشتباكات محدودة، فإن تصاعد وتيرتها خلال العقد الأخير يرفع خطر انزلاقها إلى حرب أوسع. كل ضربة تطال إسرائيل أو باكستان أو روسيا تُقرب احتمال التصعيد، وقد تدفع القوى النووية لإرسال إشارات أعنف لتأكيد الردع. وحتى دون نية مسبقة للحرب، قد تُفضي ديناميكيات الأزمات المتسارعة إلى تصعيد يصعب احتواؤه. ويُفاقم هذا الخطر تصاعد الخطاب القومي، وتوسع استخدام المسيّرات، وتشابك البنى التحتية النووية والتقليدية، مما يجعل أي صراع بين هذه القوى يحمل بذور الانفجار النووي.

للحد من هذه المخاطر، على القادة تحسين قنوات الاتصال أثناء الأزمات، لا سيما بين الهند وباكستان، وبين الصين والولايات المتحدة. ويمكن للحكومات تعزيز إجراءات الأمان من خلال إخطار الخصوم مسبقًا بالأنشطة العسكرية، وتفعيل الحوارات المنتظمة بين المسؤولين، وتعزيز فهم كل طرف للخطوط الحمراء للطرف الآخر. على سبيل المثال، أدارت دول الخليج محادثات سرية بين الهند وباكستان ساعدت في تخفيف التوتر قبيل الأزمة التالية. ورغم أن هذه اللقاءات لا تهدف إلى تحقيق اختراقات فورية، فإنها تساهم في خفض حدة التصعيد واستكشاف سبل مشتركة لتجنب الصدام، دون الوقوع تحت ضغط الرأي العام المحلي.

كما ينبغي للولايات المتحدة وحلفائها الحفاظ على مجموعة متنوعة من القدرات العسكرية – تشمل الطائرات المسيّرة، وقوات العمليات الخاصة، وأنظمة الدفاع الصاروخي، وأسلحة الضربات بعيدة المدى – بما يمكّنهم من الرد على الاستفزازات التقليدية دون اللجوء إلى مستويات أعلى من القوة. فامتلاك خيارات عسكرية محسوبة يمنح واشنطن وشركاءها مرونة للتحرك ضمن هامش يسمح بإدارة خطر التصعيد بدرجة معقولة.

وأخيرًا، يجدر بالقادة التفكير في تبنّي نهج أكثر تكتمًا، إذ تتيح الإشارات السرية – سواء عبر عمليات غير معلنة أو قنوات دبلوماسية هادئة – تقديم تنازلات دون ضغط جماهيري، كما أشار الباحثان كارسون ويارحي-ميلو. وربما آن أوان العودة إلى تقاليد الحرب الباردة، حين كانت الأزمات تُدار في الظل.

انتهى الصراع الأخير بين إيران وإسرائيل بوقف إطلاق نار ساعدت عليه الدبلوماسية الهادئة وقرار واشنطن بعدم الرد على الضربة الإيرانية لقاعدتها. وأسهمت الضربات الدقيقة ضد شبكة القيادة الصاروخية الإيرانية والدفاعات الجوية الإسرائيلية في تحجيم خيارات طهران، حتى قبل تدمير مواقعها النووية المحصنة. في ظل تراجع فاعلية الردع النووي، تزداد الحاجة إلى خطوات تهدئة محسوبة. فكل اشتباك حدودي أو ضربة مسيرة قد تشعل فتيل أزمة كبرى. وإذا كانت المواجهات الأخيرة لم تتحول إلى حروب شاملة، فلا ضمان أن القادم سيكون كذلك.

•كارتر مالكاسيان مؤرخ أمريكي ورئيس قسم تحليل الدفاع في كلية الدراسات العليا البحرية، ومستشار سابق للقادة العسكريين الأمريكيين في أفغانستان.

•زاكاري كونستانتينو محلل لشؤون جنوب آسيا، وشغل منصب مستشار أول في وزارتي الخارجية والدفاع.

•نشر المقال في Foreign Affairs

مقالات مشابهة

  • الداخلية تضبط المتهم بضرب مسنة فى السنبلاوين بالدقهلية
  • أسواق النفط والأسهم تتحرك وسط توترات جيوسياسية ورسوم جمركية
  • القوى النووية والحروب التقليدية
  • أبو سلمية: الاحتلال دمر 70% من المنشآت الطبية بغزة
  • أحمد آدم لمجدي الجلاد: إسرائيل وراء تشويهي.. وتنبأت بضرب سوريا بهذه الطريقة
  • أسواق النفط والأسهم والذهب تتحرك وسط توترات جيوسياسية وتهديدات رسوم جمركية
  • ترامب: «إذا حاولت إيران استعادة قدرتها النووية فأمريكا ستعود»
  • روسيا تتحرك لحماية دوديك .. جلسة طارئة بمجلس الأمن وسط أزمة عزل رئيس صرب البوسنة
  • عاجل. متخذًا قرارات جديدة.. ماكرون: على فرنسا أن تتحرك بمزيد من الحزم والتصميم حيال الجزائر
  • الحرس الثوري: أي تهديد لأمن إيران سيُقابل برد يفوق توقعات الأعداء