«الصمت الإبداعي».. توقف مؤقت أم غياب للحافز؟
تاريخ النشر: 28th, June 2025 GMT
هزاع أبوالريش (أبوظبي)
يواجه المبدع في بعض الأحيان حالات من التوقف عن الكتابة، وقد تستمر هذه الحالة لدى بعضهم شهوراً وقد تمتد لسنوات، وهي ما يطلق عليه «الحبسة الإبداعية»، أو الصمت الإبداعي، أو فقدان الإلهام، أو الجفاف الإبداعي، وغيرها من التسميات التي تشير إلى غياب الحافز الإبداعي أو ربما انعدام الرغبة أو عدم القدرة على كتابة عمل جديد، وتتعدد الأسباب من كاتب لآخر، وعلى سبيل ذلك هناك مجموعة من الأدباء الذين توقفوا عن الكتابة لسنوات، مثل: جون فاولز الذي توقف عن الكتابة لمدة 10 سنوات بعد نشر روايته الأولى، وستيفن كينج حيث تعرض لحادث سيارة وتوقف عن الكتابة لفترة، وهاربر لي، توقفت عن الكتابة لمدة 50 عاماً بعد نشر روايتها الأولى، وغيرهم الكثير من الذين دخلوا هذا الصراع، لكن السؤال هو هل التوّقف عن الكتابة فرصة للاستفادة من الوقت والتركيز على استعادة الإلهام والعثور على الحافز الإبداعي؟.
بدايةً يقول الدكتور شافع النيادي، كاتب وعضو مجلس إدارة جمعية الإمارات لرعاية الموهوبين: «التوقف الإبداعي هو حالة أو تجربة يمر بها الكثير من المبدعين وهذا أمر طبيعي مهما بلغوا من خبرة ونضج، سواء كانوا كتاباً أو فنانين أو متحدثين، أو أي شيء آخر متصلاً بالإبداع، هي حالة طبيعية، والبعض يقول إنها تبدو حالة لمؤشر صحي يدل على حاجة العقل والروح إلى التوقف والمراجعة وإعادة الشحن، ولكن المشكلة لا تكمن في التوّقف في حد ذاته، وإنما في كيفية قدرة المبدع على التعامل مع هذا التوّقف الإبداعي؟».
ويتابع النيادي: «حين يصل المبدع إلى مرحلة الاكتفاء والتوّقف يجب أن يدرك أن هذه المسألة حالة طبيعية تمر على أي مبدع، وعليه أن يعترف بالمشكلة ويتغلب عليها من خلال مواجهته لما يعرقل مسيرة إبداعه، سواء أكان ذلك من ناحية نفسية أم مادية وما شابه، فالمبدع عبارة عن طاقة ولا بد أن تنخفض في يوم ما، ولكن يجب أن يكون هناك جانب آخر مضيء يملأ هذا الفراغ بالإيجابية والحيوية، وأن يكون هذا التوّقف بالنسبة له بداية مرحلة جديدة من النضوج الإبداعي. وأحياناً يعود هذا التوّقف إلى الصحبة السيئة أو البيئة السلبية أو الروتين الممل؛ الإبداع بحاجة إلى كسر هذا الروتين وتجاوز هذه الأنماط، فبعض المهارات أو التغييرات بمجرد ممارستها قد تساعد في تنمية الإبداع مثل تغيير المكان، أو ممارسة الرياضة، أو السفر، أو مخالطة الشخصيات المبدعة والطاقات المفعمة بالإيجابية والنجاح الحوار والنقاش».
أسباب متعددة
يتساءل الكاتب عبدالله محمد السبب: «الحبسة الإبداعية؛ هل هي قرار داخلي نابع من ذات الكاتب نفسه، لأسباب تخصه وحده من دون سواه، لاعتبارات إبداعية مثلاً؟ أم قرار خارجي بسبب ظروف وعوامل خارجة عن إرادة الكاتب التائق للإبداع بكافة صوره وأشكاله وأساليبه المتعددة؟ فالمبدع يمر في علاقته مع الكتابة بمراحل وأشكال وصور إنتاجية متعددة؛ فأحياناً هو في أوج عافية الإبداع، فتتولد الكتابة لديه بتلقائية وانسيابية، كمّاً وكيفاً، من خلال الدخول في عالم التجريب من أوسع وأصعب أبوابه؛ فتجده يسعى إلى تطوير أدواته عبر القراءة التي هي مفتاح الكتابة، التي هي بدورها ترجمان للقراءة القادرة على استخلاص لب الكلام، فالقراءة والكتابة وجهان لعملة واحدة. وأحياناً يتعرض الكاتب للتوقف الإبداعي المؤقت لأسباب عدة؛ منها ما هو متعلق بغياب الإلهام الذي يعانده من دون أدنى سبب يذكر، ومنها بسبب إغلاق أبواب النشر أمام منتجه الإبداعي، ومن الأسباب كذلك؛ انخراطه في الانشغالات الاجتماعية الخاصة، أو الانشغالات المجتمعية العامة، وفي الكثير من الأحوال، فإن الكاتب ليس منقطعاً عن الكتابة، بل متواجد مع نفسه ومع مشروعه الإبداعي، فتراه يقرأ ويقرأ ويقرأ، ويكتب ويكتب ويكتب؛ مما نتج عنه مخطوطات ونصوص عدة، أليست القراءة والكتابة وجهان لعملة واحدة؟».
بيات روحي
يقول الكاتب سعيد البادي: «يظن بعضهم أن التوقف عن الكتابة، أو الرسم، أو أي تعبير إبداعي، هو نوعٌ من العجز، لكن الحقيقة أبعد من ذلك، فالتوقف الإبداعي ليس موتاً، بل بياتٌ روحي، كأن المبدع ينسحب قليلاً إلى عمق ذاته، ليعيد ترتيب الضوء في داخله، مثلما تحتاج الأرض إلى الخريف قبل أن يجيء الربيع، يحتاج المبدع إلى لحظات صمتٍ، يخلو فيها من اللغة، ومن المعنى، ومن الطموح، لكي يعود وفي قلبه ما يستحق أن يُقال. مشيراً إلى أن، الصمت مرحلة من مراحل الكتابة، فحين يغيب الإلهام، لا يكون المبدع فارغاً، بل يكون ممتلئاً بما لم ينضج بعد.
وأكد البادي، إن الإبداع الحقيقي لا يُولد تحت الضغط، بل في الهامش، حين لا يتوقعه أحد، ولا ينتظره أحد، ولا يطالبه أحد بأن يُبدع «بالطلب». وأما بالنسبة لكيفية مواجهة غياب الإلهام أو الحافز الإبداعي، يأتي بعدة طرق، ومنها: تغيير البيئة، القراءة، التحدث مع الآخرين، ممارسة التأمل يمكن أن تساعده في استعادة الهدوء والتركيز، والكتابة بشكل حر.
سحر الزارعي: جزء أصيل من طقوس الكتابة
من جانبها توضح الكاتبة والناقدة سحر الزارعي: «لا أجد التوّقف الإبداعي حالة طارئة، بل أراه جزءاً أصيلاً من طقوس الكتابة الإبداعية، لحظة توّقف اللغة عن التدفق ليست عطلًا، بل علامة على أن شيئاً داخلياً يعيد تشكيل نفسه في العمق؛ الإبداع لا يختفي، بل يتحوّل إلى صمت كثيف، يُطالبك بأن تصغي، لا أن تكتب. وبالنسبة لي، في مسيرتي، مررت بلحظاتٍ ظننت أن العلاقة بيني وبين اللغة انقطعت، فأدركت حينها أن التوّقف لا يعني الجفاف، بل تحوّلاً داخلياً عميقاً يستدعي الصبر والتأمل، وأن الكتابة ليست فعلاً لحظياً، بل حصيلة تراكم خفي. وتجاوز هذه الحالة لا يكون بالسعي وراء الإلهام كمن يطارد طيفاً، بل بالعودة إلى الينابيع الأولى: لماذا نكتب؟ من أين تبدأ الحكاية؟ أحياناً، نستسلم للصمت، ونترك الورق جانباً، ونذهب للمشي، أو القراءة، أو حتى للفراغ، ليسنا لأننا نهرب، بل لأننا نهيئ للتربة أن تتنفس من جديد، ولأن الإبداع ليس خطاً مستقيماً، بل مدٌّ وجزر، علينا أن نثق بأن ما يبدو ركوداً هو في حقيقته انحسارٌ قبل الموجة القادمة، تلك الموجة التي غالباً ما تأتي حين لا نتوقع، وربما تحمل نبرة جديدة، أو سؤالاً أعمق، أو لغة مختلفة لم نعرفها من قبل. ولذلك، فإن عودة الإلهام ليست مسألة وقت، بل مسألة استعداد داخلي للإنصات، الإنصات لما لم يُكتب بعد، لما يتحرك تحت السطح، في اللاوعي، في الصمت، في الحياة حين لا نراقبها، نكتب، لا لأننا نريد أن نُدهش، بل لأن الصمت لم يعد يحتمل».
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: عبدالله السبب سعيد البادي الكتابة الإبداعية الكتابة الكتابة الأدبية
إقرأ أيضاً:
صلاح دياب يقدم واجب العزاء لأسرة الكاتب الصحفي محمد عبدالمنعم
كتب-عمرو صالح:
حرص المهندس صلاح دياب رجل الأعمال على تقديم واجب العزاء لأسرة الكاتب الصحفي محمد عبدالمنعم، والد الفنان تامر عبدالمنعم الذي رحل عن عالمنا في الساعات الأولى من صباح أول أمس الثلاثاء.
وكان تامر عبدالمنعم، أعلن خبر وفاة والده، صباح الثلاثاء الماضي، عبر حسابه الرسمي على مواقع التواصل الاجتماعي، وكتب: "مات أبي.. توفي إلى رحمة الله تعالى والدي الغالي الكاتب الكبير محمد عبد المنعم، وستُقام صلاة الجنازة عليه بعد صلاة الظهر من مسجد عمر مكرم.. إنا لله وإنا إليه راجعون".
يُذكر أن الراحل كان تعرض خلال الفترة الماضية لوعكة صحية شديدة، أصيب خلالها بالتهاب رئوي حاد أثّر على عضلة القلب ووظائف الكلى. وسبق أن نشر تامر صورة لوالده من داخل المستشفى طالبًا الدعاء له، وكتب: "في مثل هذه اللحظات العصيبة أرجو الدعاء لوالدي، فإنه في حالة خطيرة للغاية.
اقرأ أيضا:
ارتفاع الحرارة والرطوبة وشبورة ورياح.. توقعات طقس الـ6 أيام المقبلة
مجلس الوزراء: اقتربنا من الاكتفاء الذاتي من السكر.. ولن نستورده في هذا الموعد
الصحة: إغلاق عيادة للتجميل تعمل بدون ترخيص بمصر الجديدة
قانون العمل الجديد يقر إنشاء "المجلس الأعلى للتشاور الاجتماعي".. ما دوره؟
لمعرفة حالة الطقس الآن اضغط هنا
لمعرفة أسعار العملات لحظة بلحظة اضغط هنا
صلاح دياب يقدم واجب العزاء أسرة الكاتب الصحفي محمد عبدالمنعم وفاة والد تامر عبدالمنعم غزاء والد تامر عبدالمنعم وفاة الصحفي محمد عبدالمنعمتابع صفحتنا على أخبار جوجل
تابع صفحتنا على فيسبوك
تابع صفحتنا على يوتيوب
فيديو قد يعجبك:
إعلان
الثانوية العامة
المزيدأخبار رياضية
المزيدإعلان
صلاح دياب يقدم واجب العزاء لأسرة الكاتب الصحفي محمد عبدالمنعم
روابط سريعة
أخبار اقتصاد رياضة لايف ستايل أخبار البنوك فنون سيارات إسلامياتعن مصراوي
اتصل بنا احجز اعلانك سياسة الخصوصيةمواقعنا الأخرى
©جميع الحقوق محفوظة لدى شركة جيميناي ميديا
القاهرة - مصر
38 23 الرطوبة: 21% الرياح: شمال غرب المزيد أخبار أخبار الرئيسية أخبار مصر أخبار العرب والعالم حوادث المحافظات أخبار التعليم مقالات فيديوهات إخبارية أخبار BBC وظائف اقتصاد أسعار الذهب الثانوية العامة فيديوهات تعليمية رياضة رياضة الرئيسية مواعيد ونتائج المباريات رياضة محلية كرة نسائية مصراوي ستوري رياضة عربية وعالمية فانتازي لايف ستايل لايف ستايل الرئيسية علاقات الموضة و الجمال مطبخ مصراوي نصائح طبية الحمل والأمومة الرجل سفر وسياحة أخبار البنوك فنون وثقافة فنون الرئيسية فيديوهات فنية موسيقى مسرح وتليفزيون سينما زووم أجنبي حكايات الناس ملفات Cross Media مؤشر مصراوي منوعات عقارات فيديوهات صور وفيديوهات الرئيسية مصراوي TV صور وألبومات فيديوهات إخبارية صور وفيديوهات سيارات صور وفيديوهات فنية صور وفيديوهات رياضية صور وفيديوهات منوعات صور وفيديوهات إسلامية صور وفيديوهات وصفات سيارات سيارات رئيسية أخبار السيارات ألبوم صور فيديوهات سيارات سباقات نصائح علوم وتكنولوجيا تبرعات إسلاميات إسلاميات رئيسية ليطمئن قلبك فتاوى مقالات السيرة النبوية القرآن الكريم أخرى قصص وعبر فيديوهات إسلامية مواقيت الصلاة أرشيف مصراوي إتصل بنا سياسة الخصوصية إحجز إعلانك