وسط تصاعد التهديدات والتوتر مع واشنطن وتل أبيب.. إيران تشيع قادتها العسكريين والعلماء النوويين
تاريخ النشر: 29th, June 2025 GMT
البلاد (طهران)
في مشهد حاشد يختزل حجم التصعيد الأخير في المنطقة، شيّعت إيران أمس (السبت)، 60 من كبار قادتها العسكريين والعلماء النوويين، الذين قضوا في سلسلة من الضربات الجوية الإسرائيلية التي استمرت طيلة حرب الاثني عشر يومًا بين الطرفين. واكتظت شوارع طهران بالحشود التي رفعت أعلام البلاد وصور القادة القتلى في مراسم وطنية، تعكس التوتر الإقليمي المتصاعد.
وفي خطوة لافتة، شارك مستشار المرشد الإيراني علي شامخاني، في مراسم التشييع رغم إصابته الخطيرة في إحدى الضربات الإسرائيلية، التي استهدفت منزله. وجاء ظهوره العلني للمرة الأولى منذ إصابته؛ ليؤكد استمرار حضوره السياسي رغم تداول أنباء عن حالته الصحية الحرجة. كما شارك قائد فيلق القدس إسماعيل قاآني في مراسم التشييع، في رسالة واضحة بأن طهران ماضية في مواجهتها رغم الخسائر.
التشييع الجماهيري جاء بعد أيام من إعلان وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل، حيث علت في الشوارع لافتات تعكس استعداد إيران للاستمرار في المواجهة مع إسرائيل؛ حال عادت للقصف.
من جانبه، جدّد الرئيس الأمريكي دونالد ترمب تهديده المباشر لإيران، متوعداً بتوجيه ضربات عسكرية جديدة في حال استأنفت طهران تخصيب اليورانيوم لأغراض عسكرية. ترمب أشار في تصريحاته إلى أنه رفض طلبات إسرائيل بقتل المرشد الإيراني علي خامنئي رغم معرفته بموقعه، مؤكداً أن “الولايات المتحدة قادرة على إنهاء حياته في أي لحظة” على حد تعبيره.
في السياق ذاته، أعلن وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر أن تل أبيب تحركت في اللحظة الأخيرة لإحباط “تهديد وشيك” يستهدف أمن إسرائيل والمنطقة بأكملها. تأتي هذه التصريحات في إطار تبرير الضربات الواسعة، التي استهدفت منشآت نووية وعسكرية داخل إيران منذ بداية النزاع.
ورغم دعوات واشنطن، أكدت طهران أنها لا تعتزم العودة إلى طاولة المفاوضات بشأن برنامجها النووي. وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي وصف تصريحات ترامب بشأن خامنئي بأنها “مهينة وغير مقبولة”، مشدداً على أن الشعب الإيراني لن يقبل بسياسة التهديد والإهانة، داعياً إلى التعامل مع بلاده باحترام إذا كان هناك أي نية للتفاهم.
وكشف تقرير أمريكي أن التخطيط للعملية الإسرائيلية داخل إيران بدأ قبل عشر سنوات، وأسفر عن مقتل 30 مسؤولاً أمنياً، و11 عالماً نووياً. الضربات الأولى التي شنّتها إسرائيل فجر 13 يونيو استهدفت مواقع عسكرية ومنشآت نووية حساسة، واغتالت قادة بارزين؛ مثل محمد باقري، وحسين سلامي وأمير علي حاجي زاده.
ووفق وزارة الصحة الإيرانية، أسفرت الهجمات الإسرائيلية عن مقتل 627 شخصاً من المدنيين، بينما قُتل في الجانب الإسرائيلي 28 شخصاً جراء الضربات الإيرانية، التي شملت هجمات بصواريخ وطائرات مسيرة. كما أطلقت إيران صواريخ على قاعدة العديد الأميركية في قطر، لكن الهجوم لم يسفر عن إصابات.
المصدر: صحيفة البلاد
إقرأ أيضاً:
خبير: ضربات إسرائيل وأمريكا ضد إيران لم تحقق كل أهدافها
أكد الدكتور أسامة حمدي، الخبير في الشأن الإيراني، أن فشل إسرائيل في استهداف البنية التحتية الحيوية للبرنامج النووي الإيراني، وكذلك عدم قدرة الولايات المتحدة على فرض إرادتها بالقوة، دفعا إيران إلى المجاهرة بمواقفها بشكل أكثر تحديًا، خاصة بعد أن أيقنت أن المعادلة الإقليمية لا تُحسم بالتهديدات وحدها.
وقال في تصريحات على قناة “ الحدث اليوم”، :" الضربات العسكرية التي شنتها كل من إسرائيل والولايات المتحدة ضد إيران لم تحقق أهدافها، وهو ما منح طهران فرصة أكبر لتثبيت موقفها التفاوضي وتعزيز أوراقها الاستراتيجية في الملف النووي.
وأشار إلى أن إيران تتعامل مع ملفها النووي باعتباره جزءًا من عقيدتها السياسية والسيادية، بل وتعتبره أحد أعمدة الشرعية للنظام الحاكم، وهو ما يفسر تمسكها الشديد بحق تخصيب اليورانيوم داخل أراضيها، ورفضها أي محاولة لإلغاء أو تقليص هذا البرنامج تحت الضغط العسكري أو الدبلوماسي.
وأضاف الخبير الاستراتيجي أن طهران ترى أن ما لم يتم إنجازه بالحرب، لن يُنتزع من خلال التفاوض المجحف أو عبر أدوات الإعلام السياسي، لافتًا إلى أن تصريحات كبار المسؤولين الإيرانيين، وعلى رأسهم وزير الخارجية الأسبق عباس عراقجي، تؤكد أن تخصيب اليورانيوم مسألة غير قابلة للتنازل أو المساومة.
تابع: التصعيد الأمريكي والإسرائيلي الأخير لم يؤد سوى إلى تقوية الموقف الإيراني داخليًا وخارجيًا، مشيرًا إلى أن طهران باتت تدير المفاوضات من موقع الندية، لا من موقع الانصياع، وهي تستعد لطرح شروطها الخاصة في أي جولة تفاوضية مقبلة.