لجريدة عمان:
2025-08-16@08:56:56 GMT

التنمر آفة في مدارسنا

تاريخ النشر: 28th, June 2025 GMT

في كتابها «The Bullied Brain» تكشف الكاتبة جنيفر فريزر -بحسب موقع «تورنتو ستار»- عن أن دماغ الإنسان يتضرر بشدة؛ بسبب التنمر، وسوء المعاملة، وأن التنمر المتكرر يُخلّف ندوبًا عصبية، وله علاقة بتقلص حجم الجزء الأصغر من الدماغ المرتبط بالذاكرة، والتعلم، والتنظيم، والعاطفة، وكذلك الإصابة بمرضي الاكتئاب والزهايمر والمُسمى بـ«الحُصين».

لقد بات «التنمر» في المدارس سواء المخصصة للذكور أو الإناث بمثابة الكابوس الذي يقض مضاجع التربويين والمعالجين النفسيين والأُسر في مختلف دول العالم؛ لما يترتب عليه من نتائج سلبية تنعكس بصورة مباشرة على حياة الطلاب، ومستوياتهم الدراسية، ونظرتهم لأنفسهم في ظل تصاعد مُقلق يستدعي القيام بالمزيد من الدراسات حوله.

ورغم أن هذا السلوك ليس بالحديث إذ وُجد منذ وُجد الإنسان؛ إلا أن أقدم سِجل موثّق لجريمة وقعت بسبب التنمر يعود إلى عام ١٨٢٥ وفقًا لتقويم «نيوجيت». لكنه يُشكّل في الوقت الحالي عبئًا ثقيل الوطأة على كافة الأطراف في ظل غياب واضح للقوانين الرادعة، وضعف في مستوى الرقابة، وشُحّ البرامج التوعوية التي تقف دون استفحاله.

يؤكد أخصائيون اجتماعيون يعملون في مدارس للجنسين بالمحافظات أن التنمر «موجود» بالفعل في مدارسنا، وهو سلوك «مُقلق»؛ لأنه آخذ في التنامي وفق صور أهمها التنمر بسبب لون البشرة، أو نعومة الشعر، أو الإعاقات الجسدية كالعرج والحَوَل والتأتأة، أو وضع الأسرة الاجتماعي، أو سلوك ولي الأمر المُزدرى من المجتمع، أو ماضيه لافتين إلى حالات تقع بسبب «اختلاف الجنسية أو اللهجة».

أحد الأخصائيين يشير إلى أن التنمر تسبب في انزلاق أحد طلابه في حالة اكتئاب شديد «جرّته إلى عزلة تبعها تراجع حاد في مستواه الدراسي» فيما سجّلت إحدى المدارس حالة انتحار.

ويرى أنه للحؤول دون انتشار مشكلة التنمر بات من الضرورة تطويقها من المنزل أولًا؛ وذلك انطلاقًا من الآيات الكريمة التي وردت في سورة «الحجرات»: «يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرًا منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكنّ خيرًا منهنّ ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب»، ثم عبر التحدث عن خطورتها دون مواربة مع الأبناء، وإظهار الدعم لهم، مشددًا على أهمية متابعة من يقع في شِراكها، والتواصل مع مدرسته.

ولعله من الأهمية بمكان التأكيد على المسؤولية التي تقع على عاتق المؤسسات التعليمية من حيث وضع خطط واضحة للتعامل مع سلوك التنمر، وتشجيع الطلاب المتضررين على التبليغ عنه، إضافة إلى توفير الدعم النفسي لهم، وقبل ذلك وضع تقنيات متطورة مهمتها مراقبة الأماكن التي قد يحصل فيها التنمر، وكخطوة ضرورية تطبيق العقوبات الرادعة في حق من يقوم به.

كما يجب أن تُناط بالطلاب الآخرين من غير المتضررين مهام دعم زملائهم المتضررين، والإبلاغ عنهم، والتعاون مع المدرسة؛ لمحاربة هذه الآفة، والحد منها.

النقطة الأخيرة..

يُعّرفُ «التنمر» بأنه أحد أشكال العنف الذي يفرضه أو يمارسه شخص أو مجموعة من الأشخاص ضد شخص أو أكثر؛ بقصد إلحاق الضرر والأذى. ويأخذ أشكالًا متعددة، منها: الاستفزاز، والتهديد، والاعتداء اللفظي أو الجسدي، ونشر الإشاعات.

عُمر العبري كاتب عُماني

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

بين نذر الشر وغياب التدخل المبكر… حادثة الطبيبة التي هزّت الرأي العام

الأيام الماضية لم تكن عادية على السودانيين، فوسائل التواصل ضجّت بالحديث عن جريمة بشعة راحت ضحيتها طبيبة، قتلت على يد طليقها. لم يكن وقع الخبر صادماً فقط لبشاعته، بل لأنه لم يأتِ من فراغ.

كل من تابع الحكاية يعرف أن هناك نذرًا وإشارات سبقت الحادثة، وكأن القدر كان يرسل إنذارات متتالية، لكن أحداً لم يلتقطها بجدية.

نار تحت الرماد في مثل هذه القضايا، كثيراً ما نسمع عن تهديدات، مضايقات، وربما اعتداءات سابقة، لكنها تمر مرور الكرام. إما أن تُقابل بالتجاهل، أو تُحال إلى جلسات صلح وتدخلات أهلية تحاول إطفاء النار… بينما تحت الرماد يظل الجمر متقداً. هذه الحلول، رغم نواياها الطيبة، قد تترك الباب مفتوحاً أمام المعتدي ليستمر في سلوكه، حتى يقع ما لا تُحمد عقباه.
بين العرف والقانون لسنا ضد الحلول الاجتماعية والمجتمعية، فديننا الحنيف يحض على الإصلاح، وأعرافنا السودانية تقوم على التسامح والسعي للصلح. لكن الحقيقة أن الزمان تغيّر، والنفوس تغيّرت، وضغوط الحياة صارت أثقل، فلم تعد الكلمة الطيبة وحدها كافية لردع من عزم على الأذى. هنا يبرز دور القانون، لا ليحل محل الأعراف، بل ليكون سنداً لها، وحاجزاً يمنع الشر قبل أن يقع.

المادة 118… القانون الذي يسبق الجريمة قانون الإجراءات الجنائية لسنة 1991 منح النيابة والمحاكم أداة مهمة اسمها “الإجراءات الوقائية” في مادته 118. الفكرة ببساطة أن الدولة تستطيع التحرك قبل وقوع الجريمة إذا ظهرت مؤشرات خطر، عبر:
1. استدعاء الشخص المشتبه فيه.
2. أخذ تعهد عليه بعدم التعرض أو الإخلال بالسلام العام.
3. إلزامه بضمانة مالية أو بكفيل.
4. وضعه تحت مراقبة الشرطة إذا لزم الأمر.
السلام العام هنا لا يعني فقط استقرار الدولة، بل أيضاً أمان الأفراد في حياتهم اليومية، وأن يعيشوا بلا خوف أو تهديد أو إزعاج متكرر.

كيف نحمي أنفسنا؟
1. الإبلاغ المبكر: لا تنتظر حتى يتحول التهديد إلى اعتداء جسيم، أبلغ الشرطة و النيابة فوراً.
2. التعامل الجاد من السلطات: الشرطة و النيابة يجب أن تتعامل مع البلاغات الوقائية بجدية، فهي ليست شكاوى عابرة.
3. تكامل العرف مع القانون: يمكن الجمع بين الصلح الاجتماعي والتعهد القانوني، لردع المعتدي وفتح باب الإصلاح في آن واحد.

4. مراقبة الشرطة: في الحالات التي تشكل خطراً حقيقياً، المراقبة الوقائية قد تنقذ حياة.
ختامًا حادثة الطبيبة رحمها الله جرس إنذار لنا جميعاً. النذر لا تأتي عبثاً، والشر في الغالب يعلن عن نفسه قبل أن يضرب. المادة 118 موجودة لتكون حائط صد، لكن تفعيلها يحتاج وعياً من المجتمع، وجدية من الجهات المختصة، حتى لا نكتفي بالبكاء على ضحايا كان بالإمكان إنقاذهم.

✍️ عميد شرطة (م)
عمر محمد عثمان
14 أغسطس 2025م

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • غزة .. المأساة التي فضحت إرث أوسلو وخرافة حل الدولتين
  • خطة الجنرالات التي اغتالوا أنس الشريف بسببها
  • مقتل 194 شخصا جراء الأمطار الغزيرة التي تضرب شمال باكستان
  • اقتحام بن غفير زنزانة البرغوثي سلوك همجي
  • عصام الدين جاد يكتب: إسرائيل الصغرى التي لن تنتصر
  • بين نذر الشر وغياب التدخل المبكر… حادثة الطبيبة التي هزّت الرأي العام
  • مركز الدفاع عن الأسرى: اقتحام بن غفير زنزانة البرغوثي سلوك همجي
  • علاء زينهم: تحديت التنمر والعمل الشاق بقلب جامد وروح إيجابية
  • كاميرونية متزوجة من تركي تبكي بحرقة بعد تعرضها للتنمر .. فيديو
  • 5 أطعمة التي تلعب دورًا هامًا في مكافحة السرطان