موقع 24:
2025-06-30@19:32:25 GMT

90 عاماً على "رحيل" كفافيس شاعر الفضاء الشرقي

تاريخ النشر: 29th, August 2023 GMT

90 عاماً على 'رحيل' كفافيس شاعر الفضاء الشرقي

قسطنطين كفافيس (1863 - 1933) الشاعر الأكثر شهرة في اليونان المعاصرة، لم يهتم كثيراً بأثينا قلب الحضارة اليونانية، ولا بفلاسفتها ولا بشعرائها بمن في ذلك هوميروس، بل اهتم بالفضاء الشرقي لتلك الحضارة والذي يمتد إلى البحر الأسود، وإلى آسيا الصغرى، وإلى الضفاف الجنوبية الشرقية للبحر الأبيض المتوسط.

كان كفافيس يرفض النظر إلى بيزنطة من زاوية واحدة، زاوية انهيار الإمبراطورية الرومانية الشرقية، ممجداً الدور الحضاري للقسطنطينية، ومستحضراً من لمعوا في تاريخها سواء كانوا من النخبة العالمة والمثقفة، أم من الشخصيات السياسية، وفي قصيدة له، يفتخر أهالي الإسكندرية وأنطاكية ومصر وسوريا بانتسابهم للفضاء الهيلليني الذي اتسع شرقاً ليصل إلى بلاد فارس.

ولم يهتم أثناء مسيرته الشعرية بالأحداث العالمية الكبيرة، فلا نجد في أشعاره أية إشارة إلى حروب البلقان التي اندلعت سنة 1912، ولا الحرب الكونية الأولى، ولا إلى الفواجع التي عرفتها آسيا الصغرى والتي دفعت أعداداً كبيرة من اليونانيين إلى مغادرة تركيا بعد انهيار الإمبراطورية العثمانية، وقيام الجمهورية التركية، لكأنه عاش كل تلك الأحداث وهو خارج الفضاء والزمن معاً، إذ أن ما كان يشغله حقاً هو العالم الهيلليني، والبيزنطي القديم، أما الحاضر فلا ينظر إليه إلا من خلال أحاسيسه ورغباته وأحلامه ومشاغله اليومية، أو من خلال ما يلتقطه من تلك المشاهد الصغيرة التي لا يعبأ الناس بها.. وهذا ما تعكسه قصيدته "رجل عجوز" التي فيها يقول: "رجل عجوز يجلس في القاعة الخلفية للمقهى الصاخب مُنحنياً على الطاولة وأمامه جريدة، رفيقته الوحيدة/ من أعماق شيخوخته الحزينة، والمنفّرة يفكر أنه تمتع قليلاً بالسنوات التي كان فيها شاباً قوياً/ وكان جميلاً وبليغاً في الكلام/ وهو يعلم أنه شاخ كثيراً/ وهو يحس بذلك ويراه".

الفضاء الشرقي

يحضر الفضاء الشرقي للحضارة اليونانية في الكثير من قصائد، كفافيس، ومنها قصيدة "ملوك إسكندرانيون" كما يأخذنا كفافيس إلى قبر النحوي الشهير ليسياس في بيروت، ويكتب: "قريباً من هنا، على يمين المدخل، في مكتبة بيروت، دفنّا العالم النحوي ليسياس، المكان مختار جيداً: وضعناه بالقرب من حواشيه وتعليقاته ونصوصه ودفاتره المليئة بالتفاسير وبالأشكال اللغوية العامية التي قد لا يزال يتذكرها حيث هو، وهكذا سيُنظر إلى قبره ويُكرم عند المرور إلى رفوف الكتب".

توفي والد كفافيس وهو من أصول بيزنطية، وكان حضور الأم الأرملة طاغياً، فهي التي ترى ابنها أخيل يذبح وهو في زهرة الشباب، وهي ألكسندرا الملتاعة والمفجوعة بعد أن قتل ابنها أريستوبولوس غدراً، وكأنها تلك الأم الحزينة التي فقدت ابنها البحار في عاصفة هوجاء: حيث يقول "الأمواج أغرقت بحاراً في الأعماق، والأم التي تحلم بذلك تشعل شمعة أمام صورة مريم العذراء، مبتهلة لله أن يعود ابنها سالماً، وأن يكون الطقس جميلاً، متوجسة تمد سمعها للريح، إلا أن الأيقونة الحزينة الوقورة تنصت إلى صلاتها عالمة أن الابنَ الذي تنتظره لن يعود".

وكان كفافيس عند عودته للتاريخ يستمتع بفضح أكاذيب التاريخ، ورسم صورة دقيقة ومكثفة لانهيار الإمبراطوريات، وتسرب العفن والفساد والشيخوخة إلى الشعوب والمجتمعات في مرحلة ما من تاريخها، خصوصاً حين تقترب من الذوبان والفناء فاقدة حضارتها وترفها وأخلاقها الرفيعة لتغرق في الهمجية والفوضى، ومن كل هذا ابتكر كفافيس أساليب جمالية فريدة من نوعها، لا  نعثر على ما يماثلها لدى شعراء عصره، وكان الفن بالنسبة له، نظاماً ثقافياً وأخلاقياً، وسعياً لا ينقطع بهدف النفاذ إلى خفايا الذاكرة الفردية والجماعية سواء عبر المشاعر والأحاسيس، أو عبر الأخلاق، أو عبر الدين، أو عبر الفلسفة.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان النيجر مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الملف النووي الإيراني

إقرأ أيضاً:

إطلاق كبسولات تذكارية إلى الفضاء تضم رفاتا وحمضا نوويا بشريا

في مشهد يمزج بين العلم والمشاعر، تستعد شركة "سيليستيس" الأميركية لإرسال ذكريات بشرية إلى مدار الأرض، ضمن مهمة فضائية انطلقت يوم الاثنين 23 يونيو/حزيران الماضي، على متن صاروخ "فالكون 9" التابع لشركة "سبيس إكس"، من قاعدة "فاندنبرغ" الفضائية في كاليفورنيا.

الكبسولات التي لا يتجاوز حجمها راحة اليد، ستنقل رماد أو عينات "دي إن إيه" لأشخاص من مختلف أنحاء العالم، في رحلة تدور حول الأرض ثم تعود، لتسلم كذكرى خالدة لعائلاتهم، لتكون بمثابة طريقة وداع غير تقليدية من الأرض إلى الفضاء.

وتحمل المهمة الجديدة اسم "بيرسيفيرانس" وهي جزء من تعاون حديث بين شركة سيليستيس، الرائدة في خدمات "الدفن الفضائي"، وشركة الفضاء الأوروبية "ذا إكسبلورايشن كومباني"، والتي ستستضيف الحمولة التذكارية على متن مركبتها الفضائية في أول مهمة تجارية لها.

المهمة انطلقت على متن الصاروخ فالكون 9 (شترستوك) تاريخ الدفن الفضائي

وظهر مفهوم الدفن الفضائي في تسعينيات القرن الماضي، كخدمة مبتكرة تسمح بإرسال رماد أو حمض نووي بشري إلى الفضاء الخارجي، بدلا من الدفن أو الاحتفاظ بالرفات على الأرض.

وكانت شركة "سيليستيس" من أوائل الشركات في هذا المجال، حيث أطلقت منذ عام 1997 عشرات المهام التي حملت رفات أحبة، ومشاهير، وحتى حيوانات أليفة، إلى مدار الأرض، أو إلى القمر، أو إلى الفضاء العميق.

وتتنوع هذه الرحلات بين "مهام مدارية تدور حول الأرض لفترة قبل العودة أو الاحتراق في الغلاف الجوي"، و"مهام تحت مدارية تصعد وتعود، وتُستعاد الكبسولات كتذكارات"، و"مهام قمرية أو عميقة تبقى فيها الرفات في الفضاء للأبد"، وهو خيار يرتبط غالبا بشخصيات لها شغف خاص بالاستكشاف والكون.

وحملت بعض الرحلات رمادا رمزيا لأسماء شهيرة، مثل أساطير سلسلة "ستار تريك"، و4 رؤساء أميركيين سابقين، ومبدعين في مجال الخيال العلمي والسينما.

إعلان من المدار إلى الذاكرة

وفي مهمة "بيرسيفيرانس"، دارت الكبسولات حول الأرض من مرتين إلى ثلاث، قبل أن تعود إلى الغلاف الجوي وتهبط في المحيط الهادي، ثم تمت استعادتها وتسليمها إلى ذوي المشاركين.

وتُعد هذه المهمة هي الثانية تجريبيا لشركة "ذا إكسبلورايشن كومباني"، والأولى التي تحمل حمولات لعملاء حقيقيين قبل إطلاق مركبتها المدارية الكاملة "نيكس إيرث" المقرر التحامها بمحطة الفضاء الدولية عام 2028.

وقال تشارلز تشافر، الرئيس التنفيذي لشركة سيليستيس في تصريحات لموقع "سبيس دوت كوم": "يسعدنا أن نقدم نوعا جديدا من الرحلات الفضائية بفضل تعاوننا مع "ذا إكسبلورايشن كومباني"، فالكبسولات تدور حول الأرض وتعود، لتمنح المشاركين تجربة فريدة ومؤثرة".

وسجلت المهمة أيضا لحظة تاريخية، حيث سيكون الطفل الألماني "ماتيو بارث"، البالغ من العمر 3 سنوات، أصغر أوروبي يرسل حمضه النووي إلى الفضاء، في لفتة رمزية للانضمام إلى جده الراحل "ديتر بارث"، الذي كان شغوفا بالفضاء.

مقالات مشابهة

  • إطلاق كبسولات تذكارية إلى الفضاء تضم رفاتا وحمضا نوويا بشريا
  • التيشيرت.. دليل أم إلى ابنها بعد عام ونصف من الفقد بغزة
  • الحبيب السابق لـ تايلور سويفت يلمح لألبومها: أنا أفضل شاعر في جيلي
  • ثورة فضائية.. حراس آليون على متن محطة الصين!
  • أمير الشرقية يستقبل مدير فرع وزارة الصحة بالمنطقة والمدير التنفيذي لـ”وقاية” بالقطاع الشرقي
  • أمير الشرقية يستقبل مديري فرع "الصحة" بالمنطقة و"وقاية" بالقطاع الشرقي
  • أمير المنطقة الشرقية يستقبل مدير عام فرع وزارة الصحة بالمنطقة والمدير التنفيذي لهيئة الصحة العامة بالقطاع الشرقي
  • سوهاج .. إصابة 5 أشخاص في انقلاب سيارة ميكروباص بالطريق الزراعي الشرقي في دار السلام
  • رحيل الفلسطيني محمد لافي.. غياب شاعر الرفض واكتمال نقوش الولد الضال
  • رحيل الإعلامية المغربية كوثر بودراجه عن عمر يناهز الـ ٣٧ عاما