لجريدة عمان:
2025-12-13@08:52:54 GMT

العالم يدير ظهره لإبادة غزة

تاريخ النشر: 1st, July 2025 GMT

في ظهر يوم حار من أيام غزة الثقيلة، كانت أم خالد عبدالعال تمسح العرق عن جبينها وهي تجهز ابنها الصغير للخروج. عمره تسع سنوات فقط، لكنه أصبح هو من يتحمّل مسؤولية إحضار الطحين للعائلة بعد أن استشهد والده في قصف سابق. نظرت إليه بعين قلقة وقالت: "امشِ على الرصيف.. وخد بالك من الطيارة التي فوقنا".

بداية القصة

خرج الطفل وهو يحمل كيسًا صغيرًا، وترك وراءه أمه تحبس دموعها.

دقائق فقط، ودوّى انفجار في الحي المجاور. سقط الغبار على النوافذ، وبدأت الناس تصرخ. ركضت أم خالد إلى الخارج حافية القدمين، وكل ما في ذهنها سؤال واحد: هل هذا صوت النهاية؟

في زاوية أحد الأزقة، كان الطفل قد احتمى وراء جدار، وقد غطى التراب وجهه وملابسه. وبدل أن يعود ومعه الطحين، عاد بعد ساعات على نقالة طبية مصابًا بشظية في الساق. في المستشفى، جلست أمه تمسك بيده وتهمس: "خلصوا الحرب يا عالم.. مش كفاية علينا؟".

في مدينة خان يونس، كان الحاج أبو ناصر يجلس على كرسي بلاستيكي أمام خيمة نصبت فوق أنقاض منزله. أحفاده يلعبون حوله بصمت. سأل أحدهم: "جدي، لماذا أوقفوا الحرب على إيران بسرعة ونحن لا؟". تنهد الرجل وقال: "لأننا لسنا مهمين.. نحن ليس لدينا إلا الله".

صرخات منسية

في خيمة صغيرة قرب مدرسة تأوي نازحين من حيّ الزيتون، جلست أم محمد نايف تلفّ رغيفًا صغيرًا بكمية قليلة من الزعتر. كانت تحاول تقنع أولادها إنه "كل شيء تمام"، رغم عدم هدوء القصف منذ البارحة.

قالت بصوت مخنوق: "يعني والله لما سمعت إنه إسرائيل وإيران وقفوا الحرب، قلت لحالي: طيب ونحن؟ أليس نحن بشر؟ منذ عشرين شهر لا نجد يوم واحد ننام فيه على هدوء!"

وتابعت: "يعني الصراحة، حاسة إنه نحن فقط ساحة دم، لا أحد يسمع وجعنا. لا في وقف نار، ولا في مفاوضات إلها معنى. كل الذي يحصل حوالنا يظهر أننا لسنا موجودين بحسابات أحد."

وإلى الجنوب من قطاع غزة، وقف يزن الطويل، وهو شاب من خانيونس، أمام بوابة أحد مراكز الإيواء، يقلّب في هاتفه القديم يتابع الأخبار. سألناه عن رأيه، ضحك وقال: "يعني بصراحة؟ أول ما سمعت عن اتفاق وقف النار بين إسرائيل وإيران، حسّيت حالي مش من هالكوكب. الدنيا كلها شغّالة عالحرب بين دولتين كبار، وخلصوها بسرعة، وإحنا صرنا رقم منسي".

وأضاف وهو يشير بإيده للخراب من حوله: "يعني شوف غزة، بيوت مهدمة، ناس نايمة بالعراء، وكل يوم شهداء. طب ليش هذا الاتفاق ما بيوصل لهون؟ ليش دايمًا إحنا الاستثناء؟"

وقال بصوت حاد: "لو كان في عدل، كانوا وقّفوا حرب غزة من زمان. بس الظاهر إنه دمانا أرخص، ومحدا فارقة معه إلا بس تطلع صورة تهزهم شوي". وختم: "بدنا وقف حقيقي، مش كلام جرائد. بدنا حد يسمع صرختنا، مش يمرقها مرور الكرام".

أما هدى نعيم، طفلة (9 سنوات) من حيّ الشجاعية، تختبئ كل يوم عند القصف تحت طاولة في مخيم الإيواء، الذي نزحت إليه بعد تدمير منزلهم. تعشق الرسم، لكنه لم يعد هناك ورق في غزة، يغطي حدود شغفها، وسط الحصار وإغلاق المعابر.

قالت بصوت خجول: "رسمت علم غزة كبير، وحطيت جنبه كلمة سلام.. قلت يمكن يخلص القصف. بس ما خلص. لسه بنسمع الطيارة، ولما أمي تقول نركض، بركض من غير ما أسأل ليش."

سألتها: "بتعرفي شو يعني وقف إطلاق نار؟". فأجابت: "يعني ما في صوت موت.. يعني بقدر أنام وما أخاف. يعني أروح عالمدرسة، مش عالمستشفى."

وبصوتها الطفولي تساءلت: "ليش بس إيران وإسرائيل بيوقفوا، وإحنا لأ؟ يعني إحنا مو مهمين؟ أنا ما بدي شي، بس بدي نهار واحد نضحك فيه كلنا." وختمت: "بدي أخوي يرجع من المستشفى.. وبس."

مفاوضات جامدة

وتتواصل المبادرات الدولية لوقف الحرب في غزة. قدّم الوسيط الأمريكي لدونالد ترامب خطة لهدنة لمدة 60 يومًا تشمل الإفراج عن 10 أسرى إسرائيليين مقابل أكثر من 1,100 فلسطيني، مع ضغوط إفريقية وأوروبية لتوسيع الهدنة لتشمل إخراج القوات وانسحابها الجزئي.

المفاوضات جارية منذ أشهر: وفي مارس 2025، انتهى وقف لمدة شهرين (19 يناير – 18 مارس)، وتصاعدت بعدها الاشتباكات، حتى مصر وقطر قدّمتا مقترحًا جديدًا، قبل موافقة إسرائيل المبدئية وقتها، وتعديلات من قبل حماس .

الآن، يتوسط ممثل ترامب "ستيف ويتكوف"، بينما ترفض إسرائيل بعض التعديلات التي تقدمت بها حماس، وتصر على عدم إنهاء الحصار الكامل، أو تحقيق انسحاب فعلي للقوات من قطاع غزة.

في الوقت ذاته، استمر دعم قطر ومصر لمبادرات لاحقة، تضمنت توسيع الهدنة لتشمل محادثات سياسية طويلة الأمد، ومبادرات إعادة إعمار غزة المشروط بإحلال سلطة فلسطينية مدنية.

الانتقائية الدولية

من جهته، يتناول المحلل السياسي الفلسطيني الدكتور إياد جودة، التمييز الإسرائيلي الواضح بين سرعة وقف الصراع مع إيران وبطء التعامل مع الحرب على غزة، ويقول: "إسرائيل بتستخدم الجوع كسلاح رئيسي ضد غزّة، وبتنفّذه بطريقة ممنهجة كضربة ضغط مستمرة، مش قصف مؤقت".

وفي تصريح لـ«عُمان»، يواصل جودة تحليلاته، مؤكدًا على البنية الانتقائية للإجراءات الدولية: "وقف الحرب مع إيران حصل خلال أسبوعين، لأن الطائرات والقوى العظمى شاركت بالحسابات. أما غزة فمكتوب عليها الجوع، والتجويع سياسة، وما في مقاومة فعالة توقفها".

ويشير جودة إلى أن إسرائيل تماطل في مفاوضات وقف إطلاق النار المنشود لعدة أسباب: "في مفاوضات متعسّرة حول المرحلة الثانية من الهدنة، فيها إجراءات مصرية وأمريكية، لكن نتائجها بطيئة لأن إسرائيل تختار التمديد لتحقيق غاياتها السياسية الداخلية – كـاستغلال ملف الجنود الأسرى".

ويختتم جودة تحليله بتسليط الضوء على عامل الضغط الدولي: "لو العالم ذاته اللي وقف حرب إيران–إسرائيل وقف هجوم غزّة، كان ممكن نوصّل لهدنة شاملة بوقف الحصار، وبدء بناء غزة. لكن الرد الفوري على إيران أثبت إنه ما في إرادة حقيقية لإنقاذ غزة".

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

رويترز: أميركا حجبت معلومات استخباراتية عن إسرائيل خلال حرب غزة

كشفت مصادر مطلعة لوكالة رويترز، أن مسؤولي المخابرات الأميركية علقوا مؤقتا تبادل بعض المعلومات الأساسية مع إسرائيل خلال إدارة الرئيس السابق جو بايدن بسبب مخاوف تتعلق بسلوك إدارة الحرب في غزة . 

وفي النصف الثاني من العام 2024، قطعت الولايات المتحدة البث المباشر من طائرة مسيّرة أميركية فوق غزة، كانت تستخدمها الحكومة الإسرائيلية في البحث عن الأسرى ومقاتلي حركة حماس . وقال 5 من المصادر إن هذا التعليق استمر لعدة أيام على الأقل.

وذكر اثنان من المصادر، أن الولايات المتحدة قيدت أيضا كيفية استخدام إسرائيل لبعض معلومات المخابرات في سعيها لاستهداف مواقع عسكرية بالغة الأهمية في غزة. ورفض المصدران تحديد متى اتخذ هذا القرار.

واشترطت كل المصادر عدم نشر أسمائها للحديث عن معلومات المخابرات الأميركية.

وجاء القرار مع تزايد مخاوف مجتمع المخابرات الأميركية بشأن عدد المدنيين الذين استشهدوا في الحرب الإسرائيلية بغزة.

اقرأ أيضا/ واشنطن تعقد مؤتمرا بالدوحة الثلاثاء بشأن القوة الدولية ومستقبل غـزة

وأفادت مصادر، بأن المسؤولين كانوا قلقين من إساءة معاملة جهاز الأمن العام (الشاباك) للأسرى الفلسطينيين.

وقال ثلاثة من المصادر إن المسؤولين أبدوا قلقهم أيضا من عدم تقديم إسرائيل ضمانات كافية بالتزامها بقانون الحرب عند استخدام المعلومات الأميركية.
وبموجب القانون الأميركي، يتعين على أجهزة المخابرات الحصول على هذه الضمانات قبل مشاركة المعلومات مع أي بلد أجنبي.

وذكر مصدران، أن قرار حجب المعلومات داخل أجهزة المخابرات كان محدودا وتكتيكيا، وأن إدارة بايدن ظلت تتبع سياسة الدعم المستمر لإسرائيل من خلال تبادل معلومات المخابرات والأسلحة.

وأفادت المصادر بأن المسؤولين سعوا إلى ضمان أن تستخدم إسرائيل معلومات المخابرات الأميركية وفقا لقانون الحرب.

 

المصدر : عرب 48 اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد المزيد من الأخبار العربية والدولية شاهد: سفير واشنطن في الأمم المتحدة يوجه رسالة خاصة لسكان غزة ألبانيز: تكلفة إعادة إعمار غزة يجب أن تسددها إسرائيل و4 دول أخرى محدث: واشنطن تعقد مؤتمرا بالدوحة الثلاثاء بشأن القوة الدولية ومستقبل غزة الأكثر قراءة تجدد نسف المنازل - 3 شهداء وإصابات في قصف إسرائيلي على بيت لاهيا واشنطن توافق على صفقة مركبات تكتيكية بـ90.5 مليون دولار للجيش اللبناني مسؤول أمريكي يزور الأردن وإسرائيل لبحث تنفيذ خطة ترامب بشأن غزة السفير البوريني يقدم نسخة من أوراق اعتماده سفيراً لفلسطين لدى البرازيل عاجل

جميع الحقوق محفوظة لوكالة سوا الإخبارية @ 2025

مقالات مشابهة

  • رويترز: أميركا حجبت معلومات استخباراتية عن إسرائيل خلال حرب غزة
  • تأهيل إسرائيل لعضوية الشرق الأوسط
  • الملف الأسود لتمويل الحرب والتجنيد.. إيران تنقل مصانعها من سوريا لليمن وتوسع شبكات التهريب لإغراق دول المنطقة بالمخدرات
  • السودان على مفترق طرق: حرب استنزاف أم مفاوضات جادة؟
  • بشرى لـ منتخب مصر .. الحرس الثوري يهدد مشاركة نجم إيران في مونديال أمريكا
  • تفادياً لحرب مباشرة مع إسرائيل.. تقرير أميركي يكشف: هكذا تستغل إيران حزب الله
  • إسرائيل تستعد لسيناريو هجمات عبر أذرع إيران وجنوب سوريا
  • مشعل: وجه “إسرائيل” القبيح كُشف أمام العالم بعد السابع من أكتوبر
  • لبنان يرفض دعوة طهران.. هل هجمات إسرائيل على حزب الله مقدمة لهجوم جديد على إيران؟
  • ‏إسرائيل توافق على بناء نحو 800 وحدة سكنية في 3 مستوطنات بالضفة الغربية