لجريدة عمان:
2025-07-12@04:24:33 GMT

بين الذات الشخصية ونقد العمل

تاريخ النشر: 9th, July 2025 GMT

لا أدري إلى متى ستظل هذه النظرة المحدودة للأمور قائمة لدى البعض؟..أولئك الذين يخلطون بين ما هو شخصي، وما هو عام، فإن انتقدت عملا، فأنت تنتقد صاحب العمل، وإن انتقدت مؤسسة، فأنت تنتقد المسؤول نفسه، وإن انتقدت فكرة، فأنت تنتقد صاحب الفكرة، وهكذا حتى تجد نقسك محاطا بمجموعة من السياجات التي تكبّل رأيك، وتحد من قدرتك على التعاطي مع الأشياء، بل وتسلب حريتك في التصريح برأيك، مما يعني تعطيل جزء مهم من منظومة التفاعل الاجتماعي، وهذا ما يجعل من التطوير في مجالات كثيرة أمرا بالغ الصعوبة، بل قد يكبر هامش الخطأ في قرارات مصيرية يتخذها مسؤول ما، حين يحصر الأمور، في دائرته الخاصة، ويعتبر ما يكتب أو يقال عن مؤسسته هجوما شخصيا، وتجريحا في ذاته.

إن المسؤول الناجح هو ذلك الشخص الذي لديه القدرة على الانصات، وتقبّل الرأي المغاير، بل وعنده الشجاعة الكافية لتصحيح الخطأ، وتغيير المسار، وهو ما يجعل من القرارات المصيرية التي تمس الناس قرارات مبنية على قاعدة واقعية، وصلبة، فالعمل البشري عرضة للخطأ والصواب، ولذلك يكون للملاحظة، وقياس الأداء، والاستماع للرأي العام دور كبير في تفادي المشكلات الناجمة عن القرارات التي تهم شرائح المجتمع باختلافاتها، وتباينها، وتشكلاتها.

وإذا خرج المسؤول من تأطير علاقته بالرأي العام، واتخذ من هذا الرأي قوة مساندة لقراراته، كان للقرار أثر واضح، من حيث تقبّل الشارع له، ومن حيث ديمومته، واستمراريته، وتقليل هامش الخطأ فيه، ولعل أعظم القرارات، وأكثرها أثرا، ذلك القرار الذي يخدم شرائح المجتمع، ويزيد من مساحة الرضى، والسعادة لدى الناس، أما تلك القرارات المكتبية التي لا تنزل إلى أرض الواقع، ولا تعايش الناس، فسوف تُقابل بالسخط، والتذمّر، لأنها غير واقعية، فأمام متخذ القرار عناصر كثيرة يجب المرور عليها قبل اتخاذ قرار يمس المجتمع، وأهمها دراسة الموضوع دراسة ميدانية شاملة، وبفكرة غير مسبقة، وبحيادية، وموضوعية، حتى يستمد القرار قوته من المجتمع، قبل أن يستمدها من قوة القانون.

إن فصل المسؤول ذاته الخاصة عن المنصب أو الكرسي يجعل منه أكثر تقبلا للرأي المختلف، ويجعله يراجع قراراته من نواحي قد لا تكون خطرت بباله أثناء اتخاذ القرار، ولذلك يبقى الرأي الآخر مقبولا ما لم يمس الشخص نفسه، وذلك يعبّر عن حراك مجتمعي، وتفاعل إنسانيّ مهم، كما أنه نوع من «العصف الذهني»، أو التفكير بصوت عالٍ للوصول إلى هدف واحد، وهو النجاح، والذي لا يأتي دون الشراكة مع «تفكير مجتمعي» تقوم على عقلية صلبة، وذات لا تنكسر، كما أن هذا التعاطي الراقي بين أطراف القرار المختلفة، تولّد في النهاية قناعات مشتركة، فإما أنها تعيد النظر في القرار برمته، وإما أن تعدل فيه، وإما أن تثبته، وفي كل الأحوال فإن ذلك يصب في صالح كل الأطراف، فمن ناحية فإن المسؤول يوضح الصورة الملتبسة في أذهان الناس، ويشكّل قناعاتهم، وتقبّلهم للقرار من جديد، وفي نفس الوقت يردم الهوة بين صانع القرار، ومنفذ القرار، ومراقب القرار في مراحله المختلفة.

إن هذه الإشكالية الثنائية بين أطراف القرار للإقناع هي قضية هامة، يجب التعامل معها بوعي، لتجسير العلاقة بين أفراد المجتمع، ولنتعلم كيف نختلف، وكيف نصحح الخطأ، وكيف نقنع الآخر بصواب القرار من خلال حوار تفاعلي لا تتداخل فيه الذات الشخصية للمسؤول، مع العمل ذاته، رغم أن ذلك يحتاج إلى معرفة ناضجة من طارح الرأي بطريفة التوصيل، والوعي بما يطرحه، ويتناوله، حتى لا تتداخل الأشياء، وتتشابك الأمور، وتضيع الحقيقة.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

داعية إسلامي يعلّق على اعتذار مها الصغير.. وقبول الفنانة الدنماركية

في أول تعليق من رجل دين على الجدل الذي أثاره تصريح الإعلامية مها الصغير، قال الدكتور محمد علي، الداعية الإسلامي، إن ما حدث هو "عقاب من الله بعد كشف الستر"، مشددًا في الوقت نفسه على ضرورة التحلّي بالرحمة، وعدم المساهمة في مضاعفة الأذى المعنوي على من يخطئ ويعتذر.

علينا الاقتداء بالرسول .. داعية إسلامي عن اعتذار مها الصغيرهبة قطب تتهم مها الصغير بسرقة اسم برنامجهامها الصغير تحذف صفحة البراند بعد اتهامات بالسطو على لوحات وتصميمات

وأضاف، خلال استضافته في برنامج "علامة استفهام" مع الإعلامي مصعب العباسي: "الرسول ﷺ علّمنا أن من أخطأ ثم تاب واعتذر، يجب أن نغفر له، لا أن نُعين الشيطان عليه"، موضحًا أن التعامل مع من يعتذر ينبغي أن يعامل برحمة وعدلا، وليس بردود فعل قاسية.

الفرق بين التوبة عن قناعة والتوبة تحت ضغط

أشار الدكتور محمد علي إلى أن هناك فرقًا بين التوبة النابعة من وعي داخلي، وبين تلك الناتجة عن ضغط مجتمعي أو خوف من الفضيحة، لكنه أكد أن "من تاب تاب الله عليه، والله وحده من يحاسب القلوب والنيات"، لافتًا إلى أن "الاعتذار في حد ذاته خطوة أولى تستحق الاحترام، ما دامت نابعة من إدراك الخطأ".
 

الفنانة الدنماركية تقبل الاعتذار 

من جهتها، كشفت الفنانة التشكيلية الدنماركية ليزا لاش نيلسون، عن قبولها اعتذار الإعلامية مها الصغير، بعد الجدل الذي أثير بشأن نسب لوحة فنية لها، لجهة غير صحيحة، خلال لقاء إعلامي.

وقالت نيلسون، في منشور عبر حسابها الرسمي على "إنستجرام"، إنها تلقت اتصالات عديدة من محامين وصحفيين عرب، عرضوا المساعدة القانونية، لكنها قررت تجاوز الأمر بروح التسامح. 

وأكدت أنها تواصلت مع كل من منى الشاذلي ومها الصغير، وقبلت الاعتذار، مطالبة جمهورها بالتوقف عن مهاجمة مها، وداعيةً إلى التعامل مع الخطأ كفرصة للتعلم.

طباعة شارك الداعية الإسلامي مها الصغير علامة استفهام

مقالات مشابهة

  • داعية إسلامي يعلّق على اعتذار مها الصغير.. وقبول الفنانة الدنماركية
  • عبد العزيز مخيون عن الفنانين الشباب: مش عارفين جايين منين.. بياخدوا أكتر من اللي يستحقوه
  • نص تعديل إجازات الأعياد لموظفي الجهات الحكومية التي تطبق الخدمة المدنية
  • ثقافة ونقد
  • فرانشيسكا ألبانيزي: العقوبات الأمريكية مصممة لإضعاف مهمتي.. وسأستمر في العمل
  • محمية الإمام تركي تحتفي بالسدو بعمل توثيقي يُجسّد هوية المجتمع المحلي
  • مستقبل وطن بالعلمين: العمل السياسي مسؤولية والحزب هو الأقرب للمصريين بجميع المحافظات
  • مبابي ضد إنريكي.. من يحسم «معركة إثبات الذات»؟
  • هل الخطأ في قراءة الفاتحة يُبطل الصلاة.. وما حكم ترك سورة بعدها؟