جريدة الرؤية العمانية:
2025-12-10@09:17:55 GMT

بين الجمع والطرح بقايا متناثرة..

تاريخ النشر: 9th, July 2025 GMT

بين الجمع والطرح بقايا متناثرة..

محفوظ بن راشد الشبلي

 

يجتمع البشر في محاور وزوايا، سواءً أكانت سطحية أو شكلية أو حتى حقيقية، فيحصل بينهم تقارب فكري، وأحيانًا تقارب مشاعر وأحاسيس وبعض التوافق في الرؤى والتطلعات، ورُبما لا يشعر بها البعض ولا يعيها طرف عن آخر، ولكنها تولد في نفوس البشر، بلا إرادة منهم، من خلال معايشتهم، فتتقارب الأفكار، وربما تختلف في المنظور والشكل، وأحيانًا تفترق في محطات غير محسوبة وبلا وعي، وتبقى مركونة في جانب مُعين دون شعور وإحساس، حتى يحين موعد نبشها وتحريكها.

 

من بعض تلك المحاور، يوجد محور الألفة غير المحسوبة، وهي تأتي بالصُدف، فتألف النفس أُخرى دون سابق إنذار، فتتولّد من خلالها تقاربات في بعض المواقف والصفات التي يجد بها طرف توافقه مع آخر، فيُفضي ذلك التوافق إلى نوع من الثقة وصفة للأمان المُطلق، والذي من شأنه يكشف طرف للآخر عن أسرار لا يُفصح بها لغيره، وهُنا تأتي العاقبة غير المحسوبة بينهما.

تمضي الحياة في طيبٍ دائم ما دام التوافق باقيا بينهما، وتأتي بعدها لحظات يبرد فيها ذلك التوافق، ليشعر البعض بثقله غير المرغوب على الآخر، وأنه أصبح خارج دائرة اهتمامه، فينسحب عنه احترامًا لشخصه الكريم الذي لا يبتغي له سوى الخير، وبالمقابل إن لم يُبادر ذلك الطرف بالسؤال عن صاحبه الذي أوجد في داخله فراغًا كان يشغله بوجوده معه ويسأله عن سبب انسحابه؛ فإن ذلك مؤشر حقيقي بأن توافقهما وصل إلى مراحله الأخيرة وأن البُعد هو سبيل غايتهما جميعًا.

 

تدور بعدها عجلة الأيام، لتصل للشخص المُبادر بالانسحاب شكوى، فحواها تهديد ووعيد له من ذلك الطرف، ومضمونها تلك الأحاديث والأسرار التي دارت بينهما، والتي وُضعت حينها موضع الثقة العمياء والمُطلقة بينهم، ليجعلها سلاحًا يُهدد بها صاحبه!! فيصل الأمر للدهشة والسؤال عن تلك الشكوى بِكيف ولِما ولِماذا؟ برغم أنهما كانا على خير، وتوافقا وترافقا على خير، وانسحبا على خير، ولم تحدث بينهما أي خلافات ولا نزاعات ولا حتى عتابات، ويا لها من مفاجأة تتبعها مُصيبة.

 

فتصل فرضية الأمر للتساؤلات حول ما بدر من شكوى ذلك الشخص، هل دخل طرف ثالث بينهما وفي نفسه نوايا دنيئة لتصفية حسابات مع الطرف الأول، ووجدها فرصة للنيل منه بعدما أفشى له ذلك الطرف عن سِرّه الذي أودعه عنده ليجد بها ذريعة ضده؟ هل نفسية الشخص المشتكي دخلت بها وسوسة شياطين الإنس والجن؟ هل ذلك الطرف كان يختبئ في جلد ثُعبان جرجر بها صاحبه بالكلام ليكشف عن وجهه الحقيقي ويُبدل جِلدته لاحقًا؟ أم أن إفشاء الأسرار العميقة بين الصِحاب والأقارب والأحباب، أصبح ثقافة خبيثة للابتزاز وتشويه سُمعة الآخرين؟ أم أن الخُبث أصبح غاية في نفوس البشر ضد أصحابهم؟ أم ماذا في الأمر من خفايا وأسرار خارجة عن منظور الفهم والإدراك والاستيعاب؟

 

خلاصة حديثنا هو أنه قد أصبحنا في زمن لا يعرف الشخص صديقه من عدوّه، ومن حافظ لأسراره ومن مُفشيها، وتخلخلت فيه موازين الثقة في الآخرين، وأصبحنا نحسب لفضفضتنا ألف حساب قبل إبدائها للآخرين مهما كانت حسابات الثقة عالية معهم، فبعض النفوس تحتاج أحيانا للتفريج عن خلجات أنفسها لأقرب الناس إليها، ولكنها تنصدم بما هو أمرّ من غاية الفضفضة بحاجات خارجة عن المفهوم والحسابات، ويجب الحذر من كل كلمة ينطقها الشخص في محيطه وعالمه، فبعض البشر الذين وثقت بهم يعطونك أحيانًا دروسًا لا يُمكن أن تنساها، وحقًا مهما جَمعت وطَرحت برصانة تامة وبفكرٍ مُتقن تبقى هُناك بقايا متناثرة بين هُنا وهُناك يصعب عليك لملمتها مهما كُنت بارعًا في فن التدقيق والحسابات واللّه المستعان.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

كلمات دلالية: ذلک الطرف

إقرأ أيضاً:

ماليزيا تحث تايلند وكمبوديا على ضبط النفس بعد تجدد النزاع بينهما

بانكوك" وكالات":حثت ماليزيا اليوم الاثنين كلا من تايلند وكمبوديا على ضبط النفس بعد تجدد النزاع بينهما، محذرة من أن القتال يهدد بإلغاء العمل الدقيق الذي تم بذله في وقف إطلاق النار التي ساعدت في التوسط فيه.

وقال رئيس الوزراء الماليزي أنور إبراهيم -عبر منصة إكس- إنه يحث الجانبين على ممارسة أقصى درجات ضبط النفس والحفاظ على قنوات الاتصال المفتوحة والاستفادة الكاملة من الآليات القائمة، في إشارة إلى الاتفاق المبرم في يوليو الماضي.

بدوره، شدد رئيس الوزراء التايلندي أنوتين تشارنفيراكول على أن بلاده لا تريد أن ترى أعمال عنف، "لكن الجيش مستعد لاتخاذ التدابير اللازمة للحفاظ على الأمن وسيادة البلاد".

ما جانبه كتب رئيس وزراء كمبوديا هون مانيت عبر تطبيق فيسبوك للتواصل الاجتماعي أن مهام حكومته العاجلة هي حماية الشعب وسيادة البلاد.

وقال " أطالب جميع الوزارات والمؤسسات والسلطات على جميع المستويات وجميع أفرع القوات المسلحة وجميع المواطنين الكمبوديين بالوحدة خلف قضية الأمة والوطن في هذا الوقت الصعب".

وفي وقت سابق اليوم ، أعلنت القوات التايلندية أنها شنّت تايلاند غارات على مناطق حدودية مع كمبوديا أسفرت عن مقتل جندي تايلاندي وأربعة مدنيين كمبوديين، بحسب الطرفين اللذين يتبادلان الاتهامات بشأن تجدد الاشتباكات، وذلك بعد أقل من شهرين على وقف لإطلاق النار توسّط فيه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

ووصف ترامب بـ"التاريخي" الاتفاق الذي وُقّع في 26 أكتوبر الماضي بين البلدين المجاورين الواقعين في جنوب شرق آسيا والمتنازعين منذ فترة طويلة بسبب خلاف حدودي.

وجاء الاتفاق بعد خمسة أيام من القتال برا وجوا في يوليو، أسفرت عن مقتل 43 شخصا وأجبرت نحو 300 ألف شخص على إخلاء منازلهم.

وليل الأحد الاثنين، استؤنفت الأعمال العدائية بين البلدين، مما أجبر آلاف السكان على جانبي الحدود على الفرار مجددا.

وقالت بانارات وورثام، وهي تايلاندية تبلغ 59 عاما، لوكالة فرانس برس "طلب منّا زعيم القرية المغادرة، ونظرا لما حدث في يوليو، استجبت فورا لطلبه".

وبحسب الجيش التايلاندي، أُجلي نحو 35 ألف شخص من المناطق الحدودية منذ استئناف القتال ليلا، فيما أفادت السلطات الكمبودية بإجلاء أكثر من ألف عائلة من مقاطعة أودار مينشي.

أُبلغ عن مناوشات الأحد على الحدود، لكن التوترات تصاعدت ليلا، واتهم كل من الطرفين الآخر بالمسؤولية عنها.

أكد الجيش التايلاندي تعرّضه لهجوم كمبودي في مقاطعة أوبون راتشاثاني، وأفاد بمقتل أحد جنوده وإصابة ثمانية آخرين على الأقل.

من جهتها، أعلنت وزارة الدفاع الكمبودية أن القوات التايلاندية شنّت هجوما في وقت مبكر صباح اليوم على مقاطعتي برياه فيهير وأودار مينشي الحدوديتين، مؤكدة أنّ القوات الكمبودية لم ترد.

وقال وزير الإعلام الكمبودي نيث فيكترا لوكالة فرانس برس إن "الهجمات التايلاندية" أسفرت عن مقتل أربعة مدنيين كمبوديين وإصابة نحو عشرة آخرين.

وكان المتحدث باسم الجيش التايلاندي وينتاي سوفاري أكّد أنّ "الضربات الجوية دقيقة جدا وتُوجَّه فقط نحو أهداف عسكرية على طول خط المواجهة، من دون إلحاق أي ضرر بالمدنيين".

علّقت تايلاند في نوفمبر اتفاق وقف إطلاق النار الذي وُقّع في أكتوبر في كوالالمبور في ماليزيا برعاية دونالد ترامب، بعدما أدى انفجار لغم أرضي إلى إصابة أربعة من جنودها.

واتهمت بانكوك جارتها مرارا بزرع ألغام جديدة على طول الحدود، في حين تشدد كمبوديا على أن هذه الألغام من مخلفات نزاعات سابقة.

وجدّدت بنوم بنه التزامها باحترام اتفاق وقف إطلاق النار. وتعهد الطرفان سحب أسلحتهما الثقيلة، وتطهير المناطق الحدودية من الألغام، ومواصلة الحوار، لكن لم يُحلّ أي من القضايا الجوهرية حتى الآن.

تتنازع تايلاند وكمبوديا منذ فترة طويلة على ترسيم أجزاء من حدودهما الممتدة على طول 800 كيلومتر، والتي يعود تاريخها إلى مرحلة الاستعمار الفرنسي.

مقالات مشابهة

  • هل يجوز صيام الأيام القمرية بنية النافلة وكفارة اليمين؟.. الإفتاء تجيب
  • لماذا تمتلك القطط قدرة عجيبة على التنبؤ بالطقس؟
  • هل المريض النفسي مسؤول عن تصرفاته؟
  • سجدة الشكر وصلاة الشكر.. ما الفرق بينهما؟
  • في بوتسوانا.. طريقة جديدة لحل الخلاف بين البشر والفيلة
  • يسرا: مش هشتغل مع حد مش خايف على نجوميتي
  • هشاشة التوافق الشيعي: الصراع على رئاسة الحكومة يفتح أبواب الشلل السياسي  
  • ماليزيا تحث تايلند وكمبوديا على ضبط النفس بعد تجدد النزاع بينهما
  • وزير التجارة يوافق على قواعد المستفيد الحقيقي
  • المطيعي بمعرض الكتاب .."حُجّة الله على خليقته" بيان كلام الله من البشر