رغم أن الحرب على قطاع غزة مستمرة بنفس الوتيرة تقريبا منذ أكثر من 21 شهرا، غير أن  بريطانيا شددت هذه المرة من لهجتها إزاء إسرائيل، وهددت على لسان وزير خارجيتها ديفيد لامي بفرض عقوبات إضافية عليها إذا تقاعست عن التوصل إلى وقف إطلاق نار في غزة. فهل يمثل هذا التصعيد تحوّلا حقيقيا في السياسة البريطانية تجاه إسرائيل أم مجرد رسائل إعلامية لاحتواء الضغوط الحالية؟

وقال لامي إن بلاده ستفرض عقوبات إضافية على إسرائيل إذا لم تنته المعاناة التي يـشاهدونها بأعينهم على حد تعبيره، مضيفا أنه يشعر بـ"الفزع" و"الاشمئزاز" من أفعال إسرائيل في قطاع غزة.

وتأتي تصريحات الوزير في وقت تشتد فيه الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل بحق الفلسطينيين في غزة، بعد أن أطبقت الحصار المفروض عليهم وبدأ الجوع يفتك بحياة الكثير منهم، مهددا حياة أكثر من مليوني شخص، فيما تواصل طائراتها وجنودها قصف الغزيين جوا وبرا.

ويطرح تصريح الوزير البريطاني -الذي لم يحدد طبيعة العقوبات التي يمكن أن تفرضها لندن على إسرائيل- تساؤلات حول مدى استعداد بلاده لترجمة موقفها إلى خطوات عملية، وما إذا كانت واشنطن ستسمح بتمرير أي إجراء ضد إسرائيل.

ويرى الفلسطينيون أن الإبادة التي ترتكبها إسرائيل تحدث بتواطؤ مع الولايات المتحدة الأميركية ومع الدول التي لا تزال تزود الاحتلال بالأسلحة وبالدعم السياسي والدبلوماسي، ولم تردعه ليوقف مجازره.

ورغم المظاهرات الشعبية المتواصلة في لندن ضد الحرب في قطاع غزة، والخطابات القوية التي يصدرها بعض السياسيين بشأن رفضهم لهذه الحرب، فإن الموقف الرسمي لا يزال ضعيفا ولم يرقَ لمستوى منع إسرائيل من الاستمرار في الحرب، كما يرى مدير "مجلس التفاهم العربي البريطاني"، كريس دويل في حديثه لبرنامج "ما وراء الخبر".

ولا تستخدم الحكومة البريطانية أوراق الضغط التي يمكنها أن تردع بها إسرائيل، ربما -كما يرجح دويل- لحسابات سياسية مع إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وأخذا في الاعتبار العلاقات البريطانية الأميركية.

إعلان

ويمكن للحكومة البريطانية لو رغبت في اتخاذ إجراءات عملية ضد إسرائيل أن تعلق اتفاقية التجارة الحرة، وتفرض عليها عقوبات تجارية واقتصادية، وتقول: كفى للإبادة في غزة، وفق مدير "مجلس التفاهم العربي البريطاني".

وكانت الحكومة البريطانية فرضت عقوبات على وزيري الأمن القومي والمالية الإسرائيليين، إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش، كما أوقفت مؤقتا محادثات التجارة الحرة مع إسرائيل.

أوراق ضغط

ويرى محللون ومراقبون أن أي إجراء تتخذه بريطانيا ضد إسرائيل لن يؤثر على السلوك الإسرائيلي، ما لم يقرَن بخطوات عملية ويمسّ قضية السلاح، وهو ما يشير إليه أستاذ العلاقات الدولية بجامعة جنيف، الدكتور حسني عبيدي، الذي يقول إن هناك تغيرا في اللهجة الأوروبية عموما إزاء إسرائيل، لكن المواقف لا تزال غير مؤثرة، لأن الدول الأوروبية وخاصة الفاعلة منها لا تستعمل الأدوات الرادعة مثل العقوبات التجارية والاقتصادية.

وفي وقت سابق دعت بريطانيا و25 دولة أخرى في بيان مشترك إلى إنهاء الحرب في غزة فورًا، واستنكر البيان التوزيع البطيء للمساعدات والقتل غير الإنساني للمدنيين بمن فيهم الأطفال الذين يسعون لتلبية أبسط احتياجاتهم من الماء والغذاء.

وتنظر إسرائيل بقلق لمواقف بعض الدول الأوروبية الرافضة لحرب الإبادة التي تشنها على قطاع غزة، لكنها تعلم -كما يقول الكاتب المختص بالشأن الإسرائيلي، إيهاب جبارين- أنه ما دامت واشنطن إلى جانبها ولم تصدر إجراءات عقابية ضدها في موضوع السلاح، فلا يوجد شيء يرغمها على إيقاف حربها على الغزيين.

كما لا تأبه إسرائيل للانتقادات الموجهة ضدها، طالما الجارة الأهم والأكبر، وهي مصر "لا وزن ولا صوت لها" فيما يحدث بغزة، وفق جبارين.

وفي ظل استمرار الحرب على غزة، تتزايد الدعوات في بريطانيا وأوروبا إلى تبني مقاربات أكثر صرامة تجاه التعاون الاقتصادي مع إسرائيل، خصوصا من المؤسسات التي ترفع شعارات أخلاقية أو تعاونية.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات دراسات قطاع غزة فی غزة

إقرأ أيضاً:

حزبكم.. جيريمي كوربين يطلق حزبا يساريا بريطانيا جديدا لمواجهة المحافظين والعمال وتسليح إسرائيل

أطلق السياسي البريطاني والزعيم السابق لحزب "العمال" جيريمي كوربين والسياسية المستقيلة من حزب العمال زارا سلطانة حزباً ذا توجّه يساري في مواجهة الحزبين الأكبر في البلاد المحافظين والعمال، واعدين بـ "إعادة توزيع شاملة للثروة والسلطة" ووقف التسليح لإسرائيل. اعلان

وتوصل كوربين وسلطانة إلى اتفاق بشأن إطلاق حزب يساري جديد بعد أسابيع من المناقشات، وأصدرا بيانًا مشتركًا يشجعان فيه الراغبين في الانضمام إلى الحزب على تسجيل اهتمامهم.

النظام المزوّر وغزة في بيان الحزب

لم يُطلق على الحركة الجديدة اسم بعد، ولكن لديها موقع إلكتروني مؤقت باسم "حزبكم". في بيان على موقع "إكس" (تويتر سابقاً)، وصف النائبان السابقان عن حزب العمال الحزب بأنه "نوع جديد من الأحزاب السياسية، حزب ينتمي إليكم".

وجاء في البيان: "النظام مُزوَّر عندما يعيش 4.5 مليون طفل في فقر في سادس أغنى دولة في العالم. النظام مُزوَّر عندما تجني الشركات العملاقة ثروات طائلة من ارتفاع الفواتير. النظام مُزوَّر عندما تقول الحكومة إنه لا يوجد مال للفقراء، بل مليارات للحرب. لا يمكننا قبول هذه المظالم، ولا يجب عليكم قبولها أيضًا".

فيما يتعلق بغزة، ذكر البيان أن الحزب الجديد سيطالب بوقف مبيعات الأسلحة لإسرائيل و"الدفاع عن الحق في الاحتجاج ضد الإبادة الجماعية".

ظهرت خطط تأسيس حزب جديد في وقت سابق من هذا الشهر عندما صرحت النائبة زارا سلطانة، التي عُلّقت عضويتها في حزب العمال لتصويتها ضد الحكومة، بأنها "ستقود بالمشاركة تأسيس حزب جديد" مع كوربين.

في ذلك الوقت، لم يؤكد كوربين الخبر.

صرحت سلطانة أن "حزبكم" اسم مؤقت فقط. وبعد أن ذكر موقع سياسي أن هذا هو اسمه، ردت على X قائلة: "ليس اسمه حزبكم!".

وفي حديثه للصحفيين يوم الخميس، قال كوربين إن المؤتمر التأسيسي سيُعقد في منتصف الخريف، ولكن لم يُحدد موعده بعد.

وبعد بعض الخلافات السابقة الواضحة بينه وبين سلطانة بشأن الحزب الجديد، قال كوربين إنهما يعملان معًا بشكل جيد للغاية وعلى تواصل منتظم، نافياً أن يكون إطلاق الحزب قد شابه بعض الفوضى، قائلاً إن العملية "ديمقراطية، وشعبية، ومفتوحة".

Related هل وصف جيريمي كوربين تيريزا ماي بـ"الامرأة الغبية"؟مقابلة خاصة بيورونيوز مع جيريمي كوربين زعيم حزب العمال البريطانيجيريمي كوربين يكشف النقاب عن أعضاء ديوانه

تاريخ كوربين النضالي

قاد كوربين، البالغ من العمر 76 عامًا، حزب العمال إلى هزائم انتخابية في عامي 2017 و2019، لكن هذا الناشط الاشتراكي المخضرم لا يزال يحظى بشعبية كبيرة لدى العديد من مؤيديه على مستوى القاعدة الشعبية. ويمتلك الحزب الجديد القدرة على زيادة تفتيت الساحة السياسية البريطانية. ويواجه حزبا العمال والمحافظون، اللذين هيمنا على الساحة منذ فترة طويلة، منافسين من اليسار واليمين، بما في ذلك حزب الخضر البيئي وحزب الإصلاح البريطاني اليميني المتشدد.

كوربين، المؤيد المخضرم للفلسطينيين والمنتقد لإسرائيل، عُلّقت عضويته في حزب العمال عام 2020 بعد أن وجدت هيئة مراقبة المساواة البريطانية أن التحيز ضد اليهود قد سُمح له بالانتشار داخل حزب العمال أثناء قيادته.

تم تعليق عضويته بعد رفضه قبول النتائج بشكل كامل، مدعيًا أن المعارضين بالغوا في تقدير حجم معاداة السامية في حزب العمال "لأسباب سياسية".

بعد طرد كوربين من حزب العمال، قال زعيم الحزب ورئيس الوزراء الحالي كير ستارمر إن كوربين "لما يكن يوماً صديقاً له".

أُعيد انتخاب كوربين لعضوية البرلمان العام الماضي كمستقل.

خلف رئيس الوزراء كير ستارمر كوربين في زعامة حزب العمال عام ٢٠٢٠، وأعاد الحزب إلى الساحة السياسية المعتدلة. تخلى عن معارضة كوربين للأسلحة النووية البريطانية، ودعم بقوة إرسال أسلحة إلى أوكرانيا، وأكد التزام الحزب بموازنة الحسابات.

حقق ستارمر فوزًا ساحقًا في الانتخابات قبل عام، لكنه واجه صعوبة في الحفاظ على وحدة نواب حزب العمال في ظل سعي الحكومة جاهدةً لإنعاش اقتصاد راكد والاستثمار في الخدمات العامة المُرهَقة. وقد أُجبر على التراجع عن مواقفه من قبل نواب حزبه، بما في ذلك تراجعٌ بشأن إصلاح الرعاية الاجتماعية، مما أضعف سلطته بشدة.

شعبية متوقعة للحزب

بحسب تقرير لصحيفة "الغارديان" البريطانية، تشير استطلاعات الرأي إلى أن الحزب الجديد قد يحصل على حوالي 10% من الأصوات، مما يُضرّ بالفرص الانتخابية لحزب العمال وحزب الخضر. مع ذلك، قلّلت مصادر حزب العمال من شأن التهديد الذي يُشكّله كوربين، الذي خسر انتخابات عامي 2017 و2019 كزعيم للحزب.

بينما أظهر استطلاع للرأي نشرته صحيفة "الإندبندنت" البريطانية أرقاماً أعلى للحزب الجديد، إذ أظهر استطلاع رأي حديث، بحسب الصحيفة، أن حزب العمال في المركز الثالث، بالتساوي مع حزب كوربين الجديد، حيث حصل كلاهما على 15%، بل حتى المحافظون متقدمون بنسبة 17%، خلف حزب الإصلاح الذي حصل على نسبة 34%.

انتقل إلى اختصارات الوصول شارك هذا المقال محادثة

مقالات مشابهة

  • مايكروسوفت تمنح Copilot شخصية رقمية تنمو بمرور الوقت.. هل نحن أمام رفيق تقني حقيقي؟
  • "الوضع يائس".. بريطانيا تدعو إسرائيل لإنهاء المجاعة في غزة
  • الهجرة أم التهجير؟ إسرائيل تروج لـحل إنساني يثير مخاوف فلسطينية
  • عضو بأسطول الحرية: إسرائيل تهدد بوقف حنظلة وحكوماتنا متواطئة
  • أعضاء بمجلس الشيوخ الأمريكي يطالبون ترامب بكبح نتنياهو: الحرب في غزة تهدد الأمن القومي
  • تايمز: إسرائيل في خطر حقيقي من فقدان الدعم الدولي
  • جيرمي كوربن يتحدى الحكومة البريطانية ويدعو لحركة عالمية لدعم فلسطين
  • الخارجية البريطانية: الوضع المتدهور في قطاع غزة لا يمكن السكوت عنه
  • حزبكم.. جيريمي كوربين يطلق حزبا يساريا بريطانيا جديدا لمواجهة المحافظين والعمال وتسليح إسرائيل
  • مصطفى: شعبنا في غزة بحاجة إلى أكثر من مجرد مساعدات إنسانية