مواطن يروي تجربته في أمريكا: غسيل الملابس أكبر معاناة .. فيديو
تاريخ النشر: 25th, July 2025 GMT
خاص
تحدث مواطن عن تجربته الشخصية خلال إقامته في الولايات المتحدة، واصفًا غسيل الملابس بأنه “أكبر معاناة” واجهها هناك، مشيراً إلى صعوبة بعض تفاصيل الحياة اليومية التي لم يكن يتوقعها.
وقال المواطن ،في مقطع فيديو: ” أنا آسف، ما كنت أعرف حجم المعاناة، لكن بعد ما جينا لأمريكا وشفنا كيف الناس عايشة، عرفنا قيمة أبسط الأشياء.
وأضاف موضحًا: “ما في نظام إنك تروح لمحل تحط الملابس وتدفع وتاخذها نظيفة.. أنت تغسل بنفسك وتنشف بنفسك، وكل شيء على حسابك، لكن الخدمة محدودة، وهو بس يوفر لك المكان”.
وتابع حديثه: “والله العظيم هذا أكثر شيء عانينا منه، وكل واحد جاي أمريكا سواء للبطولة أو غيرها بيعرف شعوري”.
المصدر: صحيفة صدى
كلمات دلالية: الولايات المتحدة غسيل الملابس فيديو مواطن
إقرأ أيضاً:
فوضى المرور في لبنان يروي قصة بلد مفكك
ندى بكري
ترجمة: أحمد شافعي
انتشر هذا العام مقطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي في لبنان يظهر فيه رجل في سيارة وهو يقوم بدورين: دور معلم قيادة، ودور متدرب. هو فيديو يسخر من فوضى المرور في لبنان، وإن قرئ بطريقة أخرى فهو صورة ساخرة لشعب تشكل على يد الانهيار.
يسأل المعلم: «كيف تسوق على طريق سريع؟»، ويجيب الطالب: «ببطء». فيحييه المعلم قائلا: «برافو»، ويضع علامة في ورقة معه.
«وإذا كان شخص يسوق وراءك فماذا تفعل؟». يجيب: «أضغط المكابح بقوة». فيومئ المعلم برأسه مستحسنا الإجابة.
«وإذا أوقف أحدهم سيارته بجوارك؟»، يقول المتدرب: «أميل عليه». فيقول المعلم «أحسنت».
«وإذا حاول شخص الدخول إلى المسار الذي تسلكه؟»، يقول المتدرب: «أمنعه طبعا». فيجيب المعلم «حبيبي». أخيرا يسأل المتدرب: «ألا نبدأ الآن؟» فيقول المعلم: «إننا انتهينا»، ويضع في يده المفتاح قائلا: «أهنئك».
كل من قاد سيارة في بيروت يبدو له هذا المشهد صادقا؛ فالشوارع هناك أشبه بخلية نحل فور إزعاجك لها. الجميع يميلون، ويلدغون، يسارعون في كل الاتجاهات. وبوصفي ابنة المدينة المقيمة حاليا في كمبريدج بولاية مساتشوستس أحاول المقاومة حينما أزور لبنان، لكنني سرعان ما ألحق بالسرب؛ لأن الطريق يفرض ذلك. فقواعد المرور يعاد وضعها في كل دقيقة، وسائق سيارة الأجرة يتوقف لمساومة راكب في عرض الطريق بينما السيارات منتظرة وراءه، والدوارات تتحول إلى مبارزة بالمصدات، والمارة يتركون الأرصفة ليعبروا الشوارع، فتسارع باتجاههم السيارات.
وليست القيادة في بيروت إلا مثالا بسيطا على توقف اللبنانيين عن الإيمان بأنهم يدينون بعضهم إلى بعض أو إلى بلدهم المفكك بأي شيء. ومنطق السرب في المرور هو الذي يحكم سياستنا؛ حيث يبدو جميع المسؤولين المنتخبين، وكأنهم يسارعون إلى الأمام في عشوائية، وحيث لا نؤمن بنظام، وإنما بقدرتنا على المناورة وحسب، وحيث أصبح انفطار القلب عادة مألوفة.
تمثل قيادة السيارات تعبيرا عن جمود مجتمعنا الدائم، بل عن عفن عميق، فهي تكشف أننا فقدنا الخيط الرابط بيننا، وتكشف أن السبيل الوحيد إلى التقدم هو الانفصال عن الآخرين.
فكيف وصلنا إلى هذا؟
يلام على ذلك جزئيا إخفاقات السياسة وانهيار المؤسسات. والمؤسسات اللبنانية تكافح من أجل التعافي منذ الحرب الأهلية التي قامت في ما بين 1975 و1990 وتركت ما يقدَّر بمائة وخمسين ألف من الموتى. وفي وقت أقرب جمدت البنوك ما لديها من إيداعات خلال انهيار 2019 الاقتصادي الذي قضى على مدخرات الشعب، وهوى بأغلبه في هوة الفقر. وبعد شهور وقع انفجار ميناء بيروت، وهو من أضخم الانفجارات غير النووية في التاريخ، فأدى إلى مصرع 235 شخصا، وإصابة الآلاف، وتحطيم أقسام ضخمة من العاصمة.
بالتوازي مع هذه الكوارث شهدنا تراجعا بطيئا وطاحنا في الثقة والمحاسبة والوظائف الأساسية. اختفت جميع الخدمات العامة؛ فآلات الصرف الآلية مزاجية، والمحاكم مكتظة لسنين، والمكاتب الحكومية تعمل بميزانية قليلة وإشراف ضئيل. وما يبقى ليس سوى بلد بات الخلل فيه هو العرف، وبات البقاء معتمدا على الحلول البديلة.
سألني قريب لي من الولايات المتحدة خلال زيارة في الآونة الأخيرة عن سبب اصطفاف شاحنات مياه في ساحات الانتظار أمام بعض بنايات بيروت. فنظرت إليه، ثم هززت كتفي وقلت في إقرار للحقيقة: «لتوصيل المياه»، فنظر إليّ في حيرة. وإذ ذاك أدركت أنه لا يعرف السياق؛ ففي لبنان لا تخرج المياه غالبا من الصنابير ما لم تدفع لموردين خاصين لجلبها. ويقوم عمال توصيل المياه بمد الخراطيم على السلالم لملء صهاريج أعلى السطح. والحال نفسه مع الكهرباء؛ إذ يعتمد أغلب القادرين على مولدات خاصة.
لفترة من الزمن بدا أن هناك احتمالا للتغيير؛ فبعد هجوم حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر انضم حزب الله إلى الحرب. وجهت إسرائيل ضربات قاصمة للمنظمة وراعيتها إيران، وفجأة بدت المنطقة تميل. اتجهت سوريا إلى الغرب، وضعفت إيران، وصار للبنان رئيس، ورئيس وزراء جديدان ومحترمان، وتحدث دبلوماسيون عن نزع سلاح حزب الله تماما. وللحظة بدا أن تغييرا قد يتحقق أخيرا.
لكن بعد شهور كثيرة لم يتغير إلا أقل القليل؛ فلا يزال حزب الله مسلحا، ولا تزال إسرائيل تحتل أرضنا في الجنوب، وتواصل قصف أجزاء من البلد، فتقتل أكثر من مائة مدني منذ وقف إطلاق النار مع لبنان قبل عشرة أشهر وفقا لأرقام الأمم المتحدة. ويستمر المانحون الدوليون في ربط المساعدة المجدية لإعادة إعمار لبنان وتعافيه بنزع سلاح حزب الله واسترداد الدولة سلطتها كاملة ـ وهو شرط يعجز قادة لبنان عن تحقيقه ـ. ولا نزال متمرسين على النجاة بأنفسنا بما يمنعنا عن الاعتقاد بأن التغيير يمكن أن يتحقق على أيدينا.
لم نعد في حالة سقوط حر، لكن ما أكثر ما تهشم! فلا يزال الفاسدون في مواضعهم، ولا نزال عالقين في فقاعة زاعمين أننا لسنا كذلك. والانهيار هنا لا يعني التغيير؛ إنما يعني فقط التكيف مع أسوأ الظروف. ونطلق على هذا اسم المرونة، لكن عند أي نقطة تتحول المرونة إلى تسليم؟ ومتى يكف التكيف عن كونه قوة، ويبدأ في أن يكون فخا؟
يزدهر العبث في بلد يزدهر فيه القليلون، وتصمد البقية بشق الأنفس. ولو أنكم تريدون أن تروا كيف يبدو الأمر فاذهبو إلى مطعم «أم شريف ديلي»، وهو يقع في حي وسط مدينة بيروت الجديد المتألق ذي الشوارع العريضة المخططة بأناقة، والبنايات الشاهقة؛ تبدو وكأنها مدينة أخرى.
لا يبدو مطعم أم شريف شبيها بأي مطعم أمريكي؛ فما من طاولات من الفورميكا أو عمال في مآزر يقطعون اللحم أو أباريق مليئة بقهوة خفيفة. هو أقل شبها بمطعم للشطائر، وأقرب إلى تجربة موجهة لمن يقدرون على ثمنها. تطفو في أجوائه اللغتان الفرنسية والإنجليزية، ويقدم النُّدل ذوو القمصان البيضاء الناصعة شطائر صغيرة بسعر عشرين دولارا للواحدة. وتستقر على الموائد حقائب يدوية باهظة الأثمان. وبالخارج يصفُّ العمال سيارات دفع رباعي تبلغ أثمانها مثل رواتبهم في سنين. والأطفال الحفاة المتربون بدءا من الثالثة من العمر واقفون في إشارات المرور يتسولون.
ثمة بَلَدان أحدهما يعيش فوق الآخر: بلد مزود بمولدات الكهرباء والسائقين واستيراد كل شيء، وبلد متروك لمحاولة النجاة في الهوامش. والأدعى للقلق ليس إحساس الصدمة، وإنما روتينيتها الشديدة تماما كما نسرع بسياراتنا في التقاطعات دون أن ننظر حولنا.
في جولة صيفية قريبة بالسيارة على الشاطئ برفقة ابني البالغ من العمر خمسة عشر عاما انحنى الطريق مارا بموقع انفجار الميناء ـ وقد أزيلت أغلب الأنقاض، وإن لم يعد بناء شيء ـ، ثم مر بندبة أخرى توقفنا لنراها وهي الموقع الذي اغتيل فيه رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري بشاحنة مفخخة سنة 2005.
سألني ابني: «هل الذين ارتكبوا ذلك في السجن الآن»؟
لم أدر إلى أي المأساتين يشير، فأطلقت ضحكة قصيرة؛ لا لأن السؤال كان مضحكا، ولكن لأنه بدا عبثيا أن يطرح أصلا سؤال كذلك. ثم بهتني الأمر: العبث الحق هو رد فعلي أنا؛ فعندما يتوقف المرء عن البحث عن الإجابات يكون التكيف قد بات فخا. وعندئذ تدرك أن شيئا لم يتغير إلا مدى خفضنا لتوقعاتنا.
ندى بكري صحفية مقيمة في كمبريدج بولاية مساتشوستس سبق لها العمل مراسلة لنيويورك تايمز.
«خدمة نيويورك تايمز»