23 يوليو، 2025

بغداد/المسلة: هاجمت عاصفة “المحتوى الهابط” أطباء مراكز التجميل في العراق بعد إعلان وزارة الداخلية اتخاذ إجراءات قانونية بحق عدد منهم، في خطوة فُهمت على أنها تحرك رسمي ضد “الابتذال التسويقي” الذي بات يزاحم العلم والمهنة في الفضاء الرقمي.

واشتعلت مواقع التواصل بالتعليقات بعد تصريح مصدر أمني  أكد فيه أن لجنة المحتوى الهابط شرعت بملاحقة أطباء نشروا محتويات “مسيئة للذوق والآداب العامة”.

ولم تمر ساعات حتى تداول مغردون مقاطع لطبيب تجميل يتحدث بطريقة أقرب لـ”الفكاهة السوقية” من أي مهنية، وهو يعرض خدماته التجميلية بأداء استعراضي مبتذل.

وغردت الصحفية نجلاء كريم: “منصات التجميل أصبحت مسارح، الطبيب يتحدث وكأنه نجم كوميدي لا جراح مسؤول، هذه لحظة مراجعة أخلاقية قبل أن تكون قانونية”.

ودوّن الناشط سامر الناصري قائلاً: “بعض أطباء التجميل في العراق تحولوا إلى مؤثرين شعبويين.. لا مانع من الترويج لكن بكرامة”.

وتصاعد الجدل بعد أن ظهر مدرس فيزياء وهو يروج لنفسه عبر بلوكر بأسلوب وصفه مغردون بـ”المنحط”، مستعيرًا لغة تجار التجميل وتعبيرات لا تليق بمكانته الأكاديمية. وفتح هذا المشهد النار على فكرة “التسويق المجنون”، التي أصبحت تهدد صورة المهنيين والأكاديميين في البلاد.

واندلعت ردود الأفعال وسط تساؤلات حول غياب نقابات التجميل ودورها الرقابي، خصوصًا أن إحصاءات رسمية أشارت إلى وجود أكثر من 270 مركز تجميل مرخص في بغداد وحدها حتى نهاية 2024، ناهيك عن مئات غير المرخصة التي تنشط عبر إنستغرام وسناب شات، حيث يتجاوز عدد متابعي بعض الأطباء 500 ألف متابع، ما يجعلهم قوة رقمية قد تُوظف لصالح أو ضد المجتمع.

وأفاد د. عماد، طبيب تجميل في بغداد، أن الضغوط المتصاعدة على الأطباء لتسويق أنفسهم هي من دفعت بالبعض إلى “التصنع المبتذل”، وأضاف: “البيئة التنافسية الحالية لا تميز بين جراحة دقيقة ومقطع مضحك.. البعض اختار المضحك”.

وتقول طبيبة تجميل من البصرة، عبر فيسبوك بأن كثيرًا من المراكز باتت تعتمد على “المؤثرين” و”الصدمة” لجذب الزبائن، مضيفة: “السوق يطلب الفوضى ونحن نستجيب أحيانًا، ولكن آن الأوان لتدخل يفرض وقار المهنة”.

وانطلقت مطالب واسعة على تويتر وفيسبوك بتفعيل الرقابة الأخلاقية إلى جانب الرقابة القانونية، وكتب أحدهم: “نريد جراحًا لا مهرّجًا.. ومركز تجميل لا سيركًا مفتوحًا”.

وتمخضت هذه الموجة عن دعوات لإطلاق مدونة سلوك وطنية لأطباء التجميل، تُنظم أساليب الترويج وتحظر استخدام المحتوى الهزلي أو الإيحائي، أسوة بعدد من الدول التي قننت خطاب الأطباء عبر الإنترنت حماية للمهنة والمجتمع على حد سواء.

 

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author Admin

See author's posts

المصدر: المسلة

إقرأ أيضاً:

مؤشرات بلا ضجيج: الصين تغيّر طبيعة السوق العراقية من دون جيوش

26 يوليو، 2025

بغداد/المسلة:  تمضي الصين بتعزيز مكانتها كفاعل محوري في المشهد الاقتصادي العراقي، مدفوعةً بجنوح لافت في أسواق السيارات نحو التنويع، وبحثٍ محموم عن خيارات أرخص وأكثر مرونة. فارتفاع صادرات السيارات الصينية إلى العراق بنسبة قاربت 80% خلال النصف الأول من 2025، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، لا يبدو رقمًا عابرًا، بل تعبيرًا صريحًا عن تحول استهلاكي يحمل خلفيات اقتصادية وسياسية معقّدة.

وتُمثّل هذه الأرقام الواردة في تقرير الخبير منار العبيدي عن تصدير 18 ألف مركبة صينية إلى العراق في ستة أشهر فقط، مؤشّرًا صريحًا على تغيّر في مزاج السوق المحلية، حيث تتزايد شهية المستهلك العراقي نحو البديل الآسيوي في ظل تراجع فعالية الوكلاء الكلاسيكيين وارتفاع كلف السيارات الأميركية واليابانية والأوروبية.

ويتحرك العراق هنا في مناخ اقتصادي هش، لا يُنتج السيارات ولا يضع سياسات حمائية متينة، لكنه يستهلك بكثافة تحت ضغط السيولة النقدية الناتجة عن النفط، وغياب الصناعة المحلية، وضعف الرقابة على جودة المنتجات المستوردة، ما يجعل من السوق العراقية تربة خصبة لاجتياح المركبات الصينية التي تتسلح بسعر تنافسي، وتوافر سريع، وتكيّف سريع مع بيئة الطرق المحلية.

ويعكس هذا التحول كذلك علاقات سياسية واقتصادية متزايدة مع بكين، التي باتت في السنوات الأخيرة شريكًا تجاريًا ثقيل الوزن لبغداد، في ظل شبه غياب للدور الأميركي في إعادة إعمار البنية الاقتصادية، وتراجع الاستثمارات الغربية المباشرة. فالصين لا تكتفي ببيع المركبات، بل تزرع أثرًا اقتصاديًا ناعمًا في مفاصل الحياة اليومية، بدءًا من الهواتف وانتهاءً بالسيارات التي تملأ المعارض والطرقات.

ولا تبدو هذه القفزة الصاروخية مجرد صدفة، بل ناتجة عن سياسات تسويقية مركزة لشركات مثل “جيلي” و”شانغان” و”BYD”، تتقدم بخطى ثابتة في أسواق اعتادت لعقود على هيمنة العلامات الغربية، وسط صمت حكومي شبه كامل عن هذه التحولات في ميزان التجارة.

 

 

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author Admin

See author's posts

مقالات مشابهة

  • الشعلة تتنفس بمشاريع أمانة بغداد.. أمواج الصرف الصحي تُعبّد طريق التغيير
  • مؤشرات بلا ضجيج: الصين تغيّر طبيعة السوق العراقية من دون جيوش
  • رئيس الجمهورية يحيل محافظ بغداد الى التقاعد (وثيقة)
  • ماذا سيبحث وزيرا خارجية سوريا وتركيا في العراق؟
  • انتقادات للاتفاق النفطي: كوردستان تدفع ثمن النفط من عمر آبارها
  • الحرائق تكشف عورة البنية التحتية وتُوقد غضب الشارع
  • بغداد والقطار الغائب.. مشروع يتنقّل بين التصريحات ولا يركب السكة
  • صناديق تشرين بين أعين المراقبين وعقول اللاعبين السياسيين
  • نقيب أطباء الأسنان: السوق أصبح مكتظًا بالخريجين دون فرص عمل
  • بغداد وواشنطن في مفترق السيادة: ملف الحشد يكشف أعصاب العلاقة المتوترة