كيف الطريق إلى الله؟.. علي جمعة يصحح خطأ شائع عن صعوباته وفتنه
تاريخ النشر: 30th, August 2023 GMT
لاشك أن الاستفهام عن كيف الطريق إلى الله سبحانه وتعالى ؟ يعد مبحث العقلاء ، الذين يدركون أنه لا ملجأ ونجاة إلا بالله عز وجل ، لذا يطرحون الكثير من الأسئلة عن الطريق إلى الله ومنها كيف الطريق إلى الله سبحانه وتعالى ؟، وكيف تجده، لعلهم يصلون إلى مسعاهم فتكون به نجاتهم وفوزهم بالخيرات في الدنيا والآخرة .
كيف الطريق إلى الله
قال الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إن الطريق إلى الله ليس صراعًا مع الحياة ، كما يشاع عند بعض الناس أن الطريق إلى الله تعالى مليء بالفتن والمصاعب، وأن التزام المؤمن بدين الله وبطريقه قد يغير مجرى حياته.
وأوضح «جمعة» عبر صفحته بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، في إجابته عن سؤال: ( كيف الطريق إلى الله سبحانه وتعالى ؟)، أنه ينبغي أن يكون الطريق إلى الله جزءا أساسًيا من حياة الإنسان، فلمن يسير الإنسان إذا لم يكن سيره في حياته الدنيا لأجل تحصيل رضا الله، والوصول إلى معرفته حق المعرفة، فالدين يأمر المسلم أن يكون متقنا في عمله فيزيد بذلك ربحُه ، ويطمئن خاطرُه، وتسعد حياتُه ، ويتفرغ قلبُه للعبادة ، كما يأمره أن يكون نظيفا جميلا في صورته وأخلاقه.
واستشهد بما ورد عن عبد الله بن مسعود ، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال : "لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر". قال رجل : إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنا ونعله حسنة، قال -صلى الله عليه وسلم-: "إن الله جميل يحب الجمال، الكبر بطر الحق ، وغمط الناس".
وتابع: أما عن النهي الوارد عن التعلق بالدنيا الذي يفهمه بعضهم خطأ؛ نحو حديث : "يوشك الأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها" فقال قائل : ومن قلة نحن يومئذ؟ قال : "بل أنتم يومئذ كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السيل، ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم، وليقذفن الله في قلوبكم الوهن". فقال قائل : يا رسول الله وما الوهن؟ قال "حب الدنيا وكراهية الموت".
وأشار إلى أن المقصود به ألّا تكون الدنيا هى الغاية والمقصد، فتكون مدعاة أن يسرق الإنسان ويكذب لتحصيل منافعها، هذا هو المنهي عنه والذي يتمسك بظاهره من لا يفهمون النصوص فهمًا صحيحًا، وقد علمنا مشايخنا أن تكون الدنيا في أيدينا لا في قلوبنا، منوهًا بأنه لا تعارض البتة بين الدين والحياة، فكلاهما طريق واحد.
وأضاف: والجميع يسيرون في طريق الله بأصل الخلقة دون أن يلتزموا طريقًا معينًا؛ لكن على الإنسان أن ينتبه للمنهج الذي يتبعه في سيره إلى الله فلا يُلزِمُ نفسه بما يشادُّ عليها ويصعب ، بل يسلك مسلك اليسر والرفق في كل أموره، يقول صلى الله عليه وآله وسلم : "يا عائشة ، إن الله يحب الرفق في الأمر كله".
ودلل بما يقول صلى الله عليه وآله وسلم : "إن هذا الدين متين، فأوغلوا فيه برفق". وقال -صلى الله عليه وسلم- : "إن الدين يسر، ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه، فسددوا وقاربوا، وأبشروا ، واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة"، فالطريق إلى الله ليس صراعا مع الحياة حتى يشاد فيه المسلم نفسه ويحملها ما لا تطيق، بل هو السير في الحياة بالله ومع الله وإلى الله، ممتثلا في هذا السير كل ما شرعه الله عز وجل من تشريعات لتنتظم بها حياة الناس جميعا وليس المسلمون فقط، فيسعدوا بها ويطمئنوا ويصلوا بذلك إلى سعادة الدارين الدنيا والآخرة.
الطريق إلى اللهيعد الطريق إلى الله سبحانه وتعالى هو عبادته ، فهو القادر العظيم الذي خلقنا وأمرنا بالعبادة ، وأمرنا بالعديد من الأوامر واجتناب النواهي من أجل الفوز بالجنة والنجاة من النار ، لذلك فهناك العديد من الخطوات التي يجب أن يقوم بها الإنسان من أجل الطريق إلى محبة الله ونيل رضاه سبحانه ، لأنه الأجدر بالعبادة والطاعة ونيل محبته .
كيف تجد الطريق إلى الله1- الإيمان به سبحانه والبعد عن الشرك والكفر، فإنها أولى مراتب التقرب من الله تعالى، وهي الإيمان به وبملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وبالقدر خيره وشره ، لذلك علينا الإيمان بكل ذلك والاعتقاد بأن الله عز وجل هو الجدير بالعبادة عما سواه، ونخلص له العبادة لا شريك له سواء في الشرك الأصغر والأكبر .
2- الصلاة على وقتها ، فقد فرض الله عز وجل على المسلمين خمس صلوات في اليوم والليلة ، لذلك علينا أن نحرص على إقامة وأداء هذه الصلوات بحقها دون تهاون أو تأخير ، لنيل رضا الله سبحانه وتعالى.
3- الدعاء والتضرع إلى الله ، فهو باب عظيم في عبادة الله تعالى ، حيث إن الدغلء هو العبادة ، وهو الافتقار والتذلل إلى الله بأن يستجيب ، فهو أصل العبادة.
4- المداومة على قيام الليل ، فصلاة قيام الليل تعد من أعظم القربات عند الله ، كما أنه شرف المؤمن .
5- تلاوة وتدبر القرآن الكريم ، فهو كلام الله عز وجل وبه أوامره ونواهيه.
6- إخراج الصدقات في سبيل الله، لها أثر في نفس المسلم ، فالصدقة من أعظم القربات إلى الله تعالى ، فقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إنه لا ينقص مال من صدقة.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الطريق إلى الله علي جمعة الدكتور علي جمعة صلى الله علیه الله عز وجل الله تعالى أن یکون
إقرأ أيضاً:
هتاف العاطفة في قصيدة “يا رب عونك ” للشاعر محمد الشيعاني
#سوايلف
#هتاف_العاطفة في #قصيدة ” #يا_رب_عونك ” للشاعر #محمد_الشيعاني
كتب .. زيد_الطهراوي
يا رب عونكِ حين تُخطئ وجهتي
مقالات ذات صلة الزغول يفتتح المعرض التراثي الثقافي في الاغوار الشمالية 2025/10/11وأتيه في درب الحياة طويلا
لولاكَ ربي ما عرفتُ هدايتي
ولسرتُ في درب الشقاء ذليلا
أنت المعين ومن سواكِ يُعيني
إن حار أمري وارتضيت خمولا
عالج فؤادي بالهداية إنني
أقبلتُ نحوك يا رحيم عجولا
—
جاءت هذه الأبيات ممتلئة بالتقريرية، بسيطة في بنائها ومباشرة في تعبيرها، لكنها مع ذلك جميلة تطرق الفؤاد برفق، وتذيب النفس بعفوية. فالعاطفة هي سر جمالها، وهي وقودها الفني الذي يساعد على انتشار القصيدة عبر الزمن والأجيال. إنها إقبال على الله وطلب للعون منه سبحانه، واعتراف بالضعف الإنساني، وفي ذلك يكمن عمقها ويتجذر صفاؤها ويتألق بوحها.
هذا البوح الصادق ينفع صاحبه باستغاثته بالله الرؤوف بعباده المتضرعين، وينفع القرّاء حين يعيشون مع الشاعر رقّته وخضوعه لله الذي بيده ملكوت كل شيء، فتسقط الدموع كاللآلئ الثمينة.
الشاعر صادق في عاطفته، فهو يناجي ربه الرحمن سبحانه وتعالى الذي ﴿كتب على نفسه الرحمة﴾. وهنا ينهض الشعر بعبء الوعظ من غير أن يتخلى عن عذوبته، إذ يبث صفاءً روحياً عبر التفعيلات التي لا غنى للشعر العمودي عنها، فتُحيي النفوس التي أتعبها الأرق والقلق. ولعل هذه التفعيلات، التي تُدرَس في علم العَروض كمبحث جامد، تزيد الأبيات عذوبة بموسيقاها الثرية.
يقول الشاعر:
يا رب عونكِ حين تُخطئ وجهتي
وأتيه في درب الحياة طويلا
قد يتبادر إلى الذهن أن الشاعر ضائع، ولذا يستنجد بالله هاديًا ومعينًا. ولكن من يعرف أهمية الدعاء ونفعه — مما نزل ومما لم ينزل — يدرك أن الشاعر هنا قد نجا من حفرة الضياع، ووضع قلبه ومساره على الطريق الصحيح بثبات. فمن استجار بالله تعالى فقد رَشَد، وقَوِيَ قلبه وزنده، وأدرك مبتغاه.
وإذا كانت تجربة الشاعر شخصية، فهي انعكاس حقيقي للتجربة العامة التي يمرّ بها المؤمنون حين يحتاجون إلى مساعدة وهداية، فلا يجدون وسيلة إلا الاستغاثة بالهادي سبحانه وتعالى. وهنا إشارة إلى أن العون من الله، كرامةٌ للعبد.
في الأبيات اللاحقة يظهر التباين بين ضعف الإنسان وقوة الله:
لولاك ربي ما عرفت هدايتي
ولسرت في درب الشقاء ذليلا
يدل هذا البيت على أن السير في طريق الهداية لا يكون إلا بالاستمرار في التضرع إلى الله تعالى بالثبات على الدين، وأن من يظن أنه يستطيع المضيّ في الحياة دون عون الله تعالى مخطئ.
ففي سورة الفاتحة نقرأ قوله تعالى: ﴿إياك نعبد وإياك نستعين﴾، أي نعبدك يا رب ونستعين بك على العبادة. وكان رسول الله ﷺ يدعو فيقول: «اللهم يا مقلب القلوب، ثبّت قلبي على دينك». فالهداية من الله تعالى وحده، ويجب علينا أن نطلبها منه بإلحاح، كما قال سبحانه: ﴿والذين جاهدوا فينا لنهدينَّهم سبلنا﴾.
وهنا يُبدع الشاعر في المقابلة بين الهداية التي هي النعيم الأبدي، والضلال الذي هو الشقاء الأبدي، مشيرًا إلى أن الخذلان من الله هو الذل الذي لا ذل بعده.
ويتابع الشاعر فيقول:
أنت المعين ومن سواكِ يُعيني
إن حار أمري وارتضيت خمولا
في هذا البيت تظهر ذروة التوسل والافتقار، إذ يعلن الشاعر عن يقينه بأن لا عون إلا من الله، وأن كل قوة بشرية تخبو إذا لم تستمد مددها من الخالق جل جلاله. فالشاعر هنا لا يكتفي بالاعتراف بالضعف، بل يقرّ بأن الله وحده هو مصدر القوة والنهوض بعد الخمول والفتور. وهنا تتكامل المعاني بين الأبيات، ليصبح الدعاء في مطلع القصيدة متصلًا بالمعونة في وسطها، والهداية في ختامها، في بناء معنوي دائري يرمز إلى عودة الإنسان الدائمة إلى ربه.
ثم يقول:
عالج فؤادي بالهداية إنني
أقبلت نحوك يا رحيم عجولا
العلاج في الأصل للجسد، لكن مرض القلب — بضعف التوكل أو الاستسلام للشبهات والشهوات — هو المرض الحقيقي الذي يؤدي إلى خسارة الدنيا والآخرة. إنها استعارة جميلة تُضفي على القصيدة شعلة فنية رفيعة.
وفي قوله: «أقبلت نحوك يا رحيم عجولا» صورة بديعة للإقبال على الله، يعكس فيها الشاعر شوق المؤمن إلى ربه. وهنا يحسن أن نذكر قول الله عز وجل:
﴿وما أعجلك عن قومك يا موسى * قال هم أولاء على أثري وعجِلت إليك رب لترضى﴾.
وقد ذكر المفسرون أن الله تعالى أشار في هذه الآية الكريمة إلى قصة مواعدته موسى عليه السلام أربعين ليلة وذهابه إلى الميقات، واستعجاله إليه قبل قومه. وذلك أنه لما واعده ربه وجعل له الميقات، أوصى موسى أخاه هارون أن يخلفه في قومه، ثم استعجل إلى الميقات فقال له ربه: وما أعجلك عن قومك يا موسى. فكان عذر موسى عليه السلام أنه ليس بعيدًا عن قومه، وأنه عجِل إلى ربه ليرضى عنه سبحانه.
فالإقبال على الله قد يكون بالجسد فقط حين يكون القلب معرضًا، وهذا لا يرضي الله، وقد يكون بهما معًا — بالجسد والقلب — حبًّا وتعظيمًا واشتياقًا، وهذا هو الإقبال الذي يرضى عنه ربنا سبحانه وتعالى.
لا رموز في هذه القصيدة، ولكنها صافية صادقة، عذبة في موسيقاها العَروضية، قد شقّت بعاطفتها طريقها إلى الفن الصادق. فأي صدقٍ أعظم من تصوير العلاقة بين العبد وربّه في عبادة سامية هي الدعاء؟
وهكذا تتجلّى في قصيدة الشيعاني روح المؤمن حين يذوب وجداً بين خوفٍ ورجاء.