رفقًا بهم… إنهم أمانة الوطن فينا
تاريخ النشر: 4th, August 2025 GMT
في وطننا العظيم الذي لم يغفل يومًا عن أحد، لم يكن ذوو الإعاقة يومًا في الهامش أو خارج حسابات الدولة، بل كانوا دومًا في القلب، في صدارة الاهتمام، وفي عمق الرؤية الإنسانية والتنموية. فالدولة- رعاها الله- سخّرت كل إمكاناتها لتوفير سبل الراحة والدمج والكرامة لهذه الفئة الغالية، فأنشأت الأنظمة، وسنت القوانين، وهيّأت الأماكن العامة والمرافق الخدمية بما يتناسب مع احتياجاتهم وظروفهم، حتى غدت المواقف الخاصة بهم جزءًا لا يتجزأ من المشهد الحضاري في كل شارع ومجمع ومرفق.
في كل زاوية نلحظ الاهتمام؛ لوحة تشير بوضوح إلى موقف مخصص، ورسمة على الإسفلت تبرز بلونها وعلامتها أنها خُصصت لإنسان يستحق التيسير والتقدير. ولكن هذا الجمال، وهذه الرسالة النبيلة، لا تكتمل إن لم تُصن، وإن لم تُحترم. فالمشكلة ليست في القوانين، بل في غياب الصيانة، وفي غفلة بعض المسؤولين والعاملين في المرافق والمحلات، الذين لم يدركوا أن اختفاء لوحة أو بهتان رسم ليس تفصيلاً عابرًا، بل إهمالٌ يُقصي ويؤذي.
أن تمرّ أمام محل تجاري فلا تجد لوحة واضحة تشير إلى موقف ذوي الإعاقة، أو أن ترى الرسم على الأرض باهتًا بالكاد يُرى، فذلك ليس فقط تقصيرًا إداريًا، بل أيضًا تقصير إنساني. فهؤلاء ليسوا بحاجة للشفقة، بل للاحتواء الحقيقي، ولتفعيل القوانين التي تحفظ لهم حقهم في استخدام ما خُصص لهم دون أن يضطروا للمطالبة به كل مرة.
ما نحتاجه اليوم ليس إنشاء جديدًا، بل صيانة دائمة، وحرصًا حيًا، وعينًا لا تغفل عن التفاصيل الصغيرة، التي تصنع الفرق. إعادة طلاء الرسوم الأرضية، ووضع لوحات إرشادية كبيرة وواضحة، ليست رفاهية، بل احترامٌ واجب، وامتداد لرسالة الوطن الذي لم يقبل يومًا أن يُهمش أحد من أبنائه.
رفقًا بذوي الإعاقة… فهم ليسوا عابرين في طريقنا، بل هم رُفقاؤنا في درب الوطن، ومكانهم بيننا ليس منّة، بل هو استحقاق أقرّه الشرع، واحتضنته الدولة، ويفرضه علينا الضمير الحي.
المصدر: صحيفة البلاد
إقرأ أيضاً:
«التعليم العالي»: تخصيص برامج أكاديمية جديدة لطلبة ذوي الإعاقة
كتبت- ليلى الحسنية
أكدت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار - ممثلة في المديرية العامة للجامعات والكليات الخاصة - على التزامها بتوفير منظومة تعليمية دامجة ومتكاملة للطلبة من الأشخاص ذوي الإعاقة، تواكب التطورات العالمية، وتحاكي متطلبات سوق العمل المحلي والإقليمي والدولي.
وأوضحت الدكتورة مريم بنت بلعرب النبهانية- المديرة العامة للجامعات والكليات الخاصة أن الوزارة عملت بالتعاون مع مؤسسات التعليم العالي الخاصة على تطوير وتكييف البرامج الأكاديمية بما يتناسب مع احتياجات الطلبة ذوي الإعاقة وإمكاناتهم الفردية، مع مراعاة الجوانب التعليمية والنفسية والاجتماعية التي تسهم في تمكينهم من إتمام دراستهم الجامعية بأعلى درجات الكفاءة والمعرفة والمهارة.
وأضافت: «خلال السنوات الماضية، حرصت الوزارة على متابعة جودة البرامج المقدمة لهذه الفئة، وتيسير آليات التحاقهم بمؤسسات التعليم العالي، وتوفير فرص متكافئة تضمن لهم تعليما منافسا ومتكيفا، يعزز من اندماجهم في المجتمع وإبراز قدراتهم الاستثنائية».
وفي سبيل تعزيز التكامل مع منظومة التعليم والتأهيل والتدريب، أشارت النبهانية إلى تشكيل فريق وطني يضم ممثلين من مختلف الجهات المعنية، لدراسة أوضاع الطلبة من الأشخاص ذوي الإعاقة الراغبين في الالتحاق بمؤسسات التعليم العالي الخاصة، والتعرف على التحديات التي يواجهونها، وتقديم الحلول المناسبة.
كما تطرقت إلى تنفيذ زيارات ميدانية لعدد من المؤسسات التعليمية خلال عام 2024، بهدف قياس رضا الطلبة ذوي الإعاقة واستطلاع آرائهم ومقترحاتهم، حيث أبدى العديد من الطلبة ارتياحهم للتخصصات المطروحة والمشاركة الفاعلة في الأنشطة والمعارض، وثمنوا الدعم والخدمات المقدمة لهم.
وأكدت النبهانية على حرص الوزارة بالمشاركة في المحافل الإقليمية والدولية ذات العلاقة، حيث شاركت مؤخرا في برنامج «القيادي الزائر» في الولايات المتحدة الأمريكية، للاطلاع على السياسات والتشريعات المعتمدة في مجال إتاحة التعليم العالي للأشخاص ذوي الإعاقة. وقد أثمرت هذه المشاركات عن تبادل مثمر للخبرات، ودراسة آليات تقييم وقبول ومتابعة الطلبة وفق أفضل الممارسات الدولية.
وحول التخصصات المتاحة حاليا، ذكرت النبهانية إلى أن العديد من مؤسسات التعليم العالي الخاصة تطرح برامج متنوعة في مجالات الإدارة، والهندسة، وعلوم الحاسب، والخدمات اللوجستية، وغيرها، مع مراعاة تصنيفات الإعاقة (الحركية والبصرية والسمعية وغيرها)، ومن أبرز التخصصات المطروحة: بكالوريوس الآداب في إدارة الأعمال، وبكالوريوس العلوم في علوم الحاسوب، وبكالوريوس الهندسة في تخصص الأجهزة والإلكترونيات، وغيرها، كما يجري العمل حاليا على تقييم واعتماد حزمة من البرامج الجديدة، من بينها: دبلوم اضطرابات النطق والتخاطب، ودبلوم الدراسات في طيف التوحد، وماجستير التربية الخاصة، بما يعزز من مسارات التخصص والتأهيل لهذه الفئة.
وفي سياق مواكبة المستجدات العالمية، أوضحت أن الوزارة تتابع عن كثب التطورات الدولية في مجال التعليم الدامج، وعلى رأسها تطبيق مبادئ التصميم الشامل للتعلم (Universal Design for Learning - UDL)، الذي يهدف إلى تطوير بيئات تعليمية مرنة تستجيب لاحتياجات جميع المتعلمين من خلال التنوع في طرق العرض، والتفاعل، والتقييم.
كما تسعى المؤسسات إلى تبني التقنيات المساعدة (Assistive Technologies)، مثل برامج قراءة الشاشة، وأنظمة الترجمة النصية، وأجهزة الإدخال البديلة، التي تعزز من استقلالية الطلبة ذوي الإعاقة وتكافؤ فرصهم، وتستند الجهود العُمانية في هذا الجانب إلى المعايير الدولية، وعلى رأسها اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة (CRPD)، التي صادقت عليها سلطنة عُمان، التي تتبلور حول ضمان تكافؤ فرص التعليم العالي والمهني دون تمييز، وإعلان سالامانكا (1994)، الذي يدعو إلى إدماج جميع المتعلمين ضمن نظام التعليم العام، كما تضع الوزارة نصب أعينها على أهداف التنمية المستدامة، وعلى رأسها مبادئ اليونسكو بشأن التعليم للجميع (EFA)، وخاصة المبدأ المتعلق بدمج الطلبة من الأشخاص ذوي الإعاقة في البرامج التعليمية النظامية المختلفة.