إسحق أحمد فضل الله يكتب: (استيقظوا)
تاريخ النشر: 4th, August 2025 GMT
في زمان ما يفعله العالم الصليبي بأطفال غزة، قالوا: دخلت على صلاح الدين الأيوبي امرأة ترتدي خيوطاً مما كان قميصاً… وكانت المرأة شيئاً يشبه شجرة شوكية جافة، سيقانها مغطاة بالجروح والدمامل، والدمامل مغطاة بالتراب والعرق والجوع والشمس والمرض. وشعرها مثل أغصان شوكية جافة، وفمها متشقق وجفونها متورمة.
كانت المرأة ترتجف من الحمى والجوع والحزن والتعب، والموت يفوح منها.
قالت: يا صلاح الدين… يا سلطان المسلمين… يا صلاح الدين… يا سلطان المسلمين…
كان يبدو أنها قالت هذا لنفسها آلاف المرات، وأن ما تريد أن تقوله يزدحم في نفسها ويخنق بعضه بعضاً من اللهفة والخوف والعقل المترنح.
قالت: يا صلاح الدين… يا سلطان المسلمين… أنا لا أفهم في كل هذا القتال… كل هذا الحديد والصراخ والدماء… كل هذا الـ… الـ… ولكن ما عندي هو أنني أم، وأن جنودك أخذوا طفلي مني.
يا صلاح الدين، يا سلطان المسلمين… لما صرخت، لما جننت، لما عضضت الصخر… لما عضضت عظامي… قال لي الناس: اذهبي إلى صلاح الدين سلطان المسلمين، وهو سوف يرد عليكِ طفلك… يا صلاح الدين.
وجئت أمشي… مشيت في البلاد، في الخلاء، في الشوك، في المطر، في الجوع… وأنا أسأل الأشجار وسراب الصحراء: أين ألقى صلاح الدين؟
يا صلاح الدين، جئت أمشي الأيام والليالي… قطعت أشجاراً، أشجاراً، أشجاراً… فأنا أم تبحث عن ولدها. قطعت رمالاً، تلالاً، تلالاً… فأنا أم تبحث عن ولدها. أكلت الأرض أقدامي… الأحجار، الشوك، الدروب أكلت أقدامي… وأنا أم تبحث عن ولدها. حتى وصلت إليك… يا صلاح الدين، يا سلطان المسلمين… رد عليَّ ولدي…
للحظات كان كل أحدٍ في المجلس يسمع تنفُّس الآخرين من حوله.
……وصلاح الدين يُطلق أوامره لجميع الجنود:
“كل جندي عنده طفل من الأسرى عليه أن يأتي به”.
ووقف صف طويل من الجنود، وأطفال أسرى أمامهم.
والمرأة التي تنتفض من الحمى لم تَمْشِ أمام الصف…
المرأة – وفي لمحة خاطفة وصرخة مثل ضربة البرق – تجمد، ثم تجري وتسقط وتنهض وتجري إلى مكانٍ في منتصف الصف… وطفل هناك يقفز إليها وهو يصرخ:
“أمِّي… ييييي!”
……
والدرديري – أمس الأول – يكتب عن كيف أن كتابات العالم اليوم تتفق على أنه لم يبقَ إلا القوة والأنياب.
والحكاية التي يستعيدها: أننا حين نصرخ ونغضب لما يفعله العالم بأطفال غزة، فإننا بهذا لا نصنع شيئاً أكثر من كشف جهلنا بالعالم اليوم.
كل مدينة في العالم الإسلامي هي “غزة” القادمة… ما لم نعرف أن العالم اليوم لا يبقى فيه إلا من يقتل، حتى لا يُقتل.
وحرب إعلامية قادمة…
والبندر يكشف كيف أن الشيوعي ظل غواصة الإمارات ومكتب مخابراتها في السودان.
وثورة 86… واليسار يسلّم ملفات مخابراتنا لإثيوبيا.
وأيام “قحت”… و”قحت” تسلّم ملفات مخابراتنا لبريطانيا.
وأيام الصادق…
بينما مخابراتنا تقاتل حتى بعد الموت.
ففي مكاتب مخابرات كسلا نجد صورة ضابط المخابرات الذي استشهد في معركة هناك.
والضابط هذا – حين حُوصر وعرف أنه سيُقتل – كان ما يهمه هو أنه كان يحمل بطاقة شفرة الاتصالات، وأنها إن سقطت في يد العدو اخترق الجيش.
والضابط، الذي يعرف طبع زملائه، يستخدم هذا الطبع لإيصال الشفرة إليهم بعد موته.
الشاب يُلصق البطاقة في جسده بحيث لا يجدها إلا من يقوم بغسله وتكفينه.
وهذا ما حدث.
نحن لا نسقط أبداً.
إسحق أحمد فضل الله
إنضم لقناة النيلين على واتسابالمصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: صلاح الدین
إقرأ أيضاً:
30 شهيدًا ومصابون في غارات إسرائيلية على غزة
غزة - صفا استشهد 30 مواطنًا، وأصيب آخرون، منذ فجر يوم السبت، في غارات إسرائيلية متواصلة على قطاع غزة، بينهم 10 من منتظري المساعدات. وأفاد مراسل وكالة "صفا" باستشهاد ثلاثة مواطنين وإصابة آخرين، بقصف إسرائيلي استهدف مجموعة من المواطنين في حي الشجاعية شرقي مدينة غزة. وذكر أن مواطنًا استشهد وأصيب 25 آخرين، بنيران قوات الاحتلال قرب مركز مساعدات الشاكوش شمال غربي مدينة رفح جنوبي القطاع. وأشار إلى استشهاد رنا رمزي يحيى أبو حمرة ووالدتها هناء أبو حمرة، جراء قصف خيمة على بوابة سجن أصداء شمال غربي خان يونس جنوبي القطاع. وقال إن ثلاثة مواطنين ارتقوا، جراء إلقاء قنبلة من مسيرة إسرائيلية على خيام النازحين بالقرب من مفترق الصناعة شمالي خان يونس، هم: أحمد صلاح إسماعيل سمور، أيوب صلاح إسماعيل سمور وأنس عطا مسعود سمور. ولفت إلى وصول 12 شهيدًا إلى مستشفى الشفاء من منطقة المساعدات في نتساريم جنوبي مدينة غزة. والشهداء هم: إبراهيم أحمد إبراهيم اللوح، حيدر حمادة جمعة عرفات، أحمد محمد صلاح فهمي فورة، نعيم حمدي عمران شملخ، عمر نعيم إبراهيم شملخ، إبراهيم فؤاد سليمان أبو عجوة، أحمد عبد الرحيم أحمد عليوة، محمد مطر حمادة عرفات، أحمد علاء ملكة، علام محمد أبو عودة، عبد الرحمن خالد اللوح، ومحمد ماجد خزيق. وأضاف مراسلنا أن المواطن حامد إبراهيم القريناوي وزوجته وأبنائه الـ3 استشهدوا باستهداف طائرات الاحتلال منزله في منطقة التعابين ببلدة الزوايدة وسط القطاع. بدوره، أفاد مستشفى العودة بوصول 3 شهداء و36 إصابة، بينهم حالات خطيرة، جرى تحويلهم لمستشفيات المحافظة الوسطى، جراء استهداف الاحتلال تجمعات المواطنين بالقرب من نقطة توزيع المساعدات على شارع صلاح الدين جنوب منطقة وادي غزة وسط القطاع. وفي السياق، استشهد مواطن، في غارة إسرائيلية غرب بلدة الزوايدة. ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، تشن "إسرائيل" حرب إبادة جماعية بغزة تشمل القتل والتجويع والتدمير والتهجير القسري، متجاهلة النداءات الدولية كافة وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها. وخلفت الإبادة، بدعم أمريكي، أكثر من 203 آلاف فلسطيني بين شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 9 آلاف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين.