الإبادة الجماعية في غزة.. وأوهام السلام عند العرب
تاريخ النشر: 4th, August 2025 GMT
خليل المعلمي
في الوقت الذي تشتد الأزمة الإنسانية في قطاع غزة حيث يواجه أكثر من مليوني ونصف المليون إنسان في هذا الجزء البسيط من العالم أشد أنواع القتل والتدمير والجرائم المختلفة التي تعدت عمليات الإبادة الجماعية والتي لم يشهد مثيلها العالم في الوقت المعاصر أو عبر التاريخ، فإن العرب لا يزالون يبحثون عن أوهام السلام مع ما يسمى الكيان الإسرائيلي الذي زُرع في قلب الأمتين العربية والإسلامية من قبل الدول الغربية ليسهل عليهم السيطرة على مقدرات وثروات هذه البلاد التي اصبحت مغلوبة على أمرها وقد سيطرت عليها أنظمة قمعية استبدادية لا تبحث إلا عن مصالحها الشخصية وتركت المصالح القومية جانباً.
دائما فإن العرب لا يتعلمون من التاريخ ولا حتى من الجغرافيا، فمنذ أن ساهمت الدول الغربية وعلى راسها بريطانيا وفرنسا في تدمير الامبراطورية العثمانية وتقسيمها وسعت إلى إيعاز العرب بالثورة عليها وأوهمتهم بأنهم سيحصلون على دولة في الجزيرة العربية، إلا أنها وبعد سقوط الامبراطورية العثمانية قامت بتقسيم المناطق العربية بين الدول المنتصرة في الحرب العالمية الثانية وهي فرنسا وبريطانيا من خلال سياسة الانتداب على هذه المناطق، ومن هنا بدأت المؤامرة تتكشف بعد إعلان وعد بلفور والسماح لقطعان اليهود بالهجرة إلى فلسطين وتمكينهم من البلاد والسلاح وقمع المقاومين العرب واتباع سياسة الخداع مع الأنظمة العربية التي حاولت مساندة الفلسطينيين العرب حتى أقام الكيان دولة اعترفت بها الأنظمة الغربية.
لقد اتخذت الدول الغربية سياسة ازدواجية بالتعامل مع الأنظمة العربية واحتكرت الصناعات الحربية المتطورة وقامت بدعم الكيان الصهيوني بأحدث هذه الأسلحة وأصبح من أقوى الأنظمة في الشرق الأوسط، واصبحت تتدخل سياسيا واقتصاديا في منطقة الشرق الأوسط خدمة لهذا الكيان الغاصب الذي اغتصب الأرض وطرد السكان الأصليين بل وارتكب المجازر على مدى أكثر من ثمانين عاما.
على الرغم مما تمتلكه الأمة العربية والإسلامية من مقومات القوة والحضارة والتاريخ، إلا أنها أصبحت مقيدة بأنظمتها الاستبدادية ومحاصرة من قبل الأنظمة الغربية من خلال الاقتصاد ونظريات العولمة ووجود القلاقل الداخلية التي تغذيها من الخارج، وما يزيد ذلك عدم وجود سياسيات واستراتيجيات واضحة لرسم المستقبل للتخلص من التبعية والمؤامرات المستمرة وانعدام الوعي القومي والوطني الذي يجب أن يكون فاعلا في كل السياسات التي تقوم عليها هذه الدول.
لقد وصلت الحكومات العربية إلى أقصى انحدار بعد أن استسلمت للأمر الواقع بوجود هذا الكيان، وتخلت عن مناصرة المقاومة الفلسطينية ولم تتبن حتى أي نوع أو شكل من أشكال المقاومة، سواء الثقافية أو الاقتصادية أو السياسية أو حتى اتخاذ أي موقف يساند القضية الفلسطينية، واستسلمت للضغوطات الأمريكية والغربية، وأصبحت تعمل للدفع بعملية التطبيع مع هذا الكيان الذي لا يعترف بأي حقوق للفلسطينيين، ولا يضع أي اعتبار للقرارات الدولية التي تخص حقوق الشعب الفلسطيني المغلوب على أمره، في الوقت الذي يقوم هذا الكيان بعمليات الاعتقال والقتل والتدمير والتهجير والاستيلاء على الأراضي الفلسطينية دون أن يتحرك المجتمع العربي والإسلامي تجاه هذه الإجراءات بمواقف واضحة وجريئة.
وعلى الرغم من الترويج التي تقوم به الدول العربية التي تقود العالم العربي والإسلامي إلى أن “حل الدولتين” هو السبيل إلى إحلال السلام في الشرق الأوسط، فإن الكيان الإسرائيلي لا يلقي لذلك بالاً بل يقوم بسن التشريعات والقوانين لتوسيع المستوطنات وإقامتها، كان آخر هذه القرارات العمل على ضم الضفة الغربية إلى دولته المزعومة، والتضييق على حياة الفلسطينية داخل هذه المناطق والمضي في سياسة الفصل العنصري بشكل مستمر، كما يتحدث سياسيوه عن شرق أوسط جديد مع خلفية لخريطة تقتطع إضافة إلى فلسطين مناطق متعددة من الدول العربية وتمتد من النيل إلى الفرات، ما يؤكد أن هذا الكيان ماضٍ في سياسة التوسع وأن أطماعه ليس لها حدود في الأراضي العربية.
ونقول أخيراً أن أحداث السابع من أكتوبر قد كشفت زيف وادعاءات الدول الغربية عن حقوق الإنسان، فما قام به الكيان الصهيوني من تدمير كامل لكافة مقومات الحياة على قطاع غزة، والاستمرار في القتل والتشريد والتجويع والإبادة الجماعية، حتى أصبح عدد الشهداء يومياً يتعدى المائة شهيد، حتى أثناء المفاوضات التي تجري في الدوحة بين الكيان والمقاومة الفلسطينية وبوجود الوسيط الأمريكي، أصبح الحديث عن الأسرى لدى المقاومة والافراج عنهم هو الأهم لدى هؤلاء الوسطاء أكثر من مئات الآلاف من الفلسطينيين الذين يقضون نحبهم كل يوم، وغيرهم بالآلاف أيضاً القابعين في سجون هذا الكيان في ظروف غير إنسانية ينتظرون الحديث عنهم وعن اطلاق سراحهم.
لقد أثبتت الأنظمة العربية بالدليل القاطع خيانتها لقضيتها المركزية وانضمامها تحت بساط الصهيونية العالمية ليصبحوا أكثر صهيونية من الصهاينة، فنجد أن الكيان الصهيوني يقوم بتوزيع الأسلحة على قطعان المستوطنين فيما المسؤولون العرب يطالبون بنزع سلاح المقاومة، ويجب أن يعرف العرب أن ما يؤخذ بالقوة لن يسترد إلا بالقوة.
المصدر: الثورة نت
كلمات دلالية: الدول الغربیة هذا الکیان
إقرأ أيضاً:
السفير الأمريكي بتل أبيب: إسرائيل فاشلة في ارتكاب الإبادة الجماعية بغزة
نقلت شبكة "فوكس نيوز" الأمريكية عن السفير الأمريكي لدى إسرائيل، مايك هاكابي، قوله إنه “إذا كانت إسرائيل ترتكب إبادة جماعية في غزة، فهي تفشل في ذلك”.
وزعم هاكابي أن الإسرائيليين "يبذلون جهدًا كبيرًا لحماية الأبرياء وتقليل الأضرار الجانبية"، وهو ما تنفيه منظمات دولية عديدة.
وأضاف في مزاعمه: “لا توجد دولة، بما في ذلك الولايات المتحدة، تتخذ الخطوات التي تتخذها إسرائيل لتقليل عدد الضحايا المدنيين”.
وفي المقابل، قال المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، فيليب لازاريني، إن “المجاعة في غزة هي نتيجة لمحاولات إسرائيلية متعمدة لاستبدال منظومة الأمم المتحدة بما يُسمى مؤسسة غزة الإنسانية، ذات الدوافع السياسية”.
واعتبر لازاريني أن هذه الإجراءات “تأتي في سياق عقاب جماعي ومعاناة متعمدة تُفرض على الفلسطينيين لمجرد كونهم يعيشون في غزة”.