تقرير: روسيا وأميركا يبحثان صفقة "وقف الحرب مقابل الأرض"
تاريخ النشر: 8th, August 2025 GMT
تسعى واشنطن وموسكو للتوصل إلى اتفاق لوقف الحرب في أوكرانيا، من شأنه أن يُكرّس سيطرة روسيا على الأراضي التي استولت عليها خلال غزوها العسكري، حسبما نقلت وكالة بلومبيرغ الأميركية عن أشخاص مطلعين على الأمر.
ويعمل مسؤولون أمريكيون وروس على التوصل إلى اتفاق بشأن الأراضي تمهيدا لعقد قمة محتملة بين الرئيسين دونالد ترامب وفلاديمير بوتين في أقرب وقت ممكن، ربما الأسبوع المقبل، حسبما قال الأشخاص الذين تحدثوا بشرط عدم الكشف عن هويتهم بسبب حساسية المناقشات، وفق "بلومبيرغ".
وأضافوا أن الولايات المتحدة تسعى للحصول على موافقة أوكرانيا وحلفائها الأوروبيين على الاتفاق، رغم أن تحقيق ذلك ليس مضمونًا.
ويطالب بوتين بأن تتخلى أوكرانيا عن منطقة دونباس الشرقية بالكامل لصالح روسيا، بالإضافة إلى شبه جزيرة القرم التي ضمّتها قواته عام 2014.
ويتطلب ذلك من الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إصدار أمر بسحب القوات من أجزاء من منطقتي لوغانسك ودونيتسك لا تزال تحت سيطرة كييف، ما يمنح روسيا نصرًا لم تستطع تحقيقه عسكريًا منذ بدء الغزو الشامل في فبراير 2022.
وسيُعدّ هذا بمثابة نصر كبير لبوتين، الذي سعى طويلًا لمفاوضات مباشرة مع الولايات المتحدة بشأن شروط إنهاء الحرب التي بدأها، متجاوزًا أوكرانيا وحلفاءها الأوروبيين.
ويواجه زيلينسكي خطر عرض اتفاق لا يقبل التفاوض بشأن فقدان الأراضي الأوكرانية، بينما تخشى أوروبا أن تُترك لمراقبة وقف إطلاق النار في وقت يعيد فيه بوتين بناء قواته.
وبحسب المصادر، فإن روسيا ستوقف هجومها في منطقتي خيرسون وزابوريجيا على خطوط الجبهة الحالية كجزء من الاتفاق. وأشاروا إلى أن الشروط والخطط لا تزال قيد التفاوض وقد تتغير.
وليس من الواضح ما إذا كانت موسكو مستعدة للتخلي عن أي من الأراضي التي تحتلها حاليًا، والتي تشمل محطة زابوريجيا للطاقة النووية، وهي الأكبر في أوروبا.
ولم تردّ البيت الأبيض على طلب للتعليق. ولم يعلق المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف حتى اللحظة. كما رفضت أوكرانيا التعليق على هذه المقترحات.
تجميد الحرب
ويهدف الاتفاق إلى تجميد الحرب فعليًا وتمهيد الطريق لوقف إطلاق نار ومحادثات تقنية بشأن تسوية سلمية نهائية، وفقًا للمصادر. وكانت الولايات المتحدة قد طالبت في وقت سابق بأن توافق روسيا أولًا على وقف إطلاق نار غير مشروط لتهيئة المجال للمفاوضات.
وعاد ترامب إلى البيت الأبيض في يناير بناء على وعد بحل أسرع لأشد نزاع في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية، لكنه عبّر عن إحباطه المتزايد من رفض بوتين الاتفاق على وقف لإطلاق النار.
أجرى الزعيمان ست مكالمات هاتفية منذ فبراير، كما التقى مبعوث ترامب، ستيف ويتكوف، ببوتين خمس مرات في روسيا لمحاولة التوصل إلى اتفاق.
وحتى الآن، لم يتخذ ترامب أي إجراءات مباشرة ضد موسكو، رغم أنه ضاعف الرسوم الجمركية على البضائع الهندية إلى 50% هذا الأسبوع بسبب شرائها للنفط الروسي، مما أثار غضب نيودلهي. وطالب بوتين بالموافقة على وقف إطلاق النار بحلول الجمعة، وإلا ستفرض الولايات المتحدة رسومًا على الدول التي تشتري النفط الروسي، لزيادة الضغط الاقتصادي على موسكو.
مطالب بوتين
وأصر بوتين مرارًا على أن أهدافه من الحرب لم تتغير. وتشمل مطالبه أن تقبل كييف بوضع الحياد وتتخلى عن طموحها للانضمام إلى الناتو، وأن تعترف بفقدانها للقرم والمناطق الأوكرانية الأربع الأخرى شرقًا وجنوبًا.
وتخضع أجزاء من دونيتسك ولوغانسك للاحتلال الروسي منذ 2014، عندما غذّى الكرملين العنف الانفصالي بعد عملية الاستيلاء على القرم. وأعلن بوتين أن المناطق الأوكرانية الأربع باتت "إلى الأبد" جزءًا من روسيا بعد ضمّها في سبتمبر 2022، رغم أن قواته لم تسيطر بالكامل على تلك الأراضي.
ولا يمكن لأوكرانيا دستوريًا التنازل عن أراضٍ، كما أنها صرّحت بأنها لن تعترف بالاحتلال الروسي أو ضمّ أراضيها.
ولا يزال من غير الواضح ما إذا كان بوتين سيوافق على المشاركة في اجتماع ثلاثي مع ترامب وزيلينسكي الأسبوع المقبل، حتى لو كان قد توصل إلى اتفاق مع الرئيس الأمريكي، حسبما أضافت المصادر.
وأخبر بوتين الصحفيين يوم الخميس بأنه لا يمانع لقاء زيلينسكي "في الظروف المناسبة"، لكنه قال إن هذه الظروف "غير متوفرة حاليًا".
وأعرب العديد من المسؤولين، بمن فيهم أمريكيون، عن شكوكهم في مدى استعداد بوتين لإنهاء الحرب، أو إذا كان جادًا فعلًا في التوصل إلى اتفاق سلام لا يحقق أهدافه المعلنة في أوكرانيا، بحسب المصادر.
وقال ترامب يوم الخميس إنه مستعد للقاء بوتين، حتى لو لم يوافق الرئيس الروسي على الجلوس أيضًا مع زيلينسكي، في تراجع عن تصريحات سابقة حول لقاء ثلاثي.
وقال ترامب للصحفيين في المكتب البيضاوي: "لا أحب الانتظار الطويل. هم يريدون مقابلتي وسأفعل كل ما بوسعي لإيقاف القتل".
اللمسات الأخيرة
وقال يوري أوشاكوف، مستشار الكرملين لشؤون السياسة الخارجية، يوم الخميس إن مسؤولين روسًا وأمريكيين يضعون اللمسات الأخيرة على تفاصيل اللقاء خلال الأيام المقبلة، وإنهم اتفقوا على مكانه، دون أن يسميه.
وكانت الولايات المتحدة قد عرضت في وقت سابق الاعتراف بالقرم كجزء من روسيا ضمن أي اتفاق لوقف الحرب، والتخلي فعليًا عن السيطرة الروسية على أجزاء من مناطق أوكرانية أخرى. ووفقًا لتلك المقترحات السابقة، كان من المفترض أن تعود السيطرة على أجزاء من زابوريجيا وخيرسون إلى أوكرانيا.
المصدر: سكاي نيوز عربية
كلمات دلالية: ملفات ملفات ملفات أوكرانيا القرم روسيا روسيا الحرب الروسية حرب أوكرانيا أوكرانيا القرم روسيا أخبار روسيا الولایات المتحدة وقف إطلاق إلى اتفاق أجزاء من
إقرأ أيضاً:
لماذا تريد مصر إضفاء شرعية دولية على اتفاق وقف الحرب في غزة؟
تعكس دعوة مصر إضفاء شرعية دولية على اتفاق وقف إطلاق النار الأخير في قطاع غزة رغبة في تثبيته بما يضمن مصالح الفلسطينيين والمنطقة، وربما تفاديا لتحولات خطيرة قد تحدث مستقبلا، كما يقول محللون.
فبعد يومين من دخول الاتفاق -الذي تم التوصل إليه في مدينة شرم الشيخ- حيز التنفيذ أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ضرورة نشر قوة دولية في القطاع، وأعرب عن رغبته في إضفاء شرعية دولية على صفقة إنهاء الحرب من خلال مجلس الأمن.
كما شدد السيسي خلال اتصال هاتفي تلقاه من رئيس قبرص نيكوس كريستودوليدس اليوم السبت على ضرورة البدء الفوري في عملية إعادة إعمار قطاع غزة، والتنفيذ الكامل لبنود الاتفاق، وقال إن مصر ستنظم مؤتمرا دوليا لإعادة الإعمار.
ويرى مراقبون أن شرعنة الاتفاق دوليا تضمن عدم تراجع إسرائيل والولايات المتحدة عنه لاحقا، لأن غياب هذه المرجعية سيجعل كل شيء خاضعا لما يريده بنيامين نتنياهو ودونالد ترامب.
ولم تعلق الولايات المتحدة ولا إسرائيل رسميا على هذا المطلب المصري، لكن بيتر روف الكاتب في مجلة نيوزويك يقول إن على ترامب رفض أي تدخّل للأمم المتحدة في هذا الاتفاق.
وفي مقابلة مع الجزيرة، قال روف إن الأمم المتحدة لم تكن جزءا من الاتفاق، وإن دخولها على الخط يعني مزيدا من الإجراءات، وربما يعرّض الصفقة كلها لخطر استخدام حق الفيتو ضدها من أحد الأعضاء الخمسة الدائمين في مجلس الأمن.
أميركا ليست ضامنا موثوقالكن أستاذ النزاعات الدولية في معهد الدوحة للدراسات إبراهيم فريحات يعتقد أن واشنطن وتل أبيب تسعيان من خلال هذه الرواية إلى التحكم في مجريات الأمور وبسط نفوذهما على الاتفاق والمنطقة كلها.
فغياب المرجعية الدولية وإن كان سيسرّع تنفيذ الاتفاق -كما يقول فريحات- إلا أنه يظل هدفا إسرائيليا أميركيا، لأنه يجعل كل الاتفاقات خاضعة لقرارات ترامب ونتنياهو المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية.
إعلانوتاريخيا، رفضت إسرائيل تدويل الصراع لكي تضمن الحفاظ على نفوذها ونفوذ الولايات المتحدة وسيطرتهما على مجريات الصراع كما يقول فريحات الذي أكد عدم وجود ضمانات للمضي قدما في تنفيذ الاتفاق حتى الآن.
وحتى ترامب لا يمكن التعامل معه كضامن موثوق -برأي فريحات- لأنه انقلب على الاتفاق الذي عرضه على القادة العرب والمسلمين في نيويورك بعد ساعات فقط، وأعلن اتفاقا مختلفا تماما.
كما لا يمكن الحديث مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في مسألة نزع السلاح دون وجود غطاء دولي لهذا الاتفاق، لأن البندقية هي البديل الوحيد للشرعية الدولية، ولأنه لا أحد يثق في إدارة ترامب التي تورطت في إبادة غزة جماعيا، حسب فريحات.
ولا تبدو إسرائيل مستعدة للقبول بالعمل تحت أي مظلة دولية، لأنها تريد الاستعانة بالذراع الأميركية في أي وقت كما يقول الخبير في الشؤون الإسرائيلية محمود يزبك، مؤكدا أن معارضة المطلب المصري تعني وجود نوايا مضمرة.
لذلك، يصف يزبك الاقتراح المصري بأنه "مسؤول، ويعبر عن معرفة القاهرة بما تريده إسرائيل، وبسعيها للسيطرة على مجريات الأمور"، ويقول إن المصريين "ربما تكون لديهم مؤشرات على أن شيئا خطيرا سوف يحدث لاحقا".
ويرى المحلل الفلسطيني أن مصلحة فلسطين والمنطقة تتطلب هذه الرعاية الدولية للاتفاق، مشيرا إلى أن إسرائيل لم تلتزم باتفاق أوسلو الذي تم توقيعه قبل 30 عاما والذي نص على إقامة دولة فلسطينية مستقلة بعد 5 سنوات، وهو ما لم يحدث حتى اليوم.
وختم يزبك بأن الشرق الأوسط الجديد الذي يتحدث عنه ترامب لا يمكن أن يقوم دون دولة فلسطينية مستقلة، وأن السؤال المهم حاليا هو: هل ستقبل الدول العربية والإسلامية بشرق أوسط خال من فلسطين؟
ودخل الاتفاق حيز التنفيذ أمس الجمعة بوقف إطلاق النار وانسحاب جيش الاحتلال الإسرائيلي إلى خط محدد في قطاع غزة، وتعد هذه المرحلة الأولى ضمن الخطة التي أعلنها الرئيس الأميركي، والتي تتضمن نشر "قوة استقرار دولية" في القطاع.