فورين بوليسي: الغرب ينقلب ضد إسرائيل
تاريخ النشر: 9th, August 2025 GMT
قالت مجلة فورين بوليسي إن ألمانيا ردت على أنباء نية إسرائيل السيطرة على مدينة غزة بوقف تصدير أي معدات عسكرية يمكن استخدامها هناك، ما يشير إلى تزايد في تحول الرأي العام ضد الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة.
وأوضحت المجلة -في مقابلة لرئيس تحريرها رافي أغراوال مع مفاوض السلام الإسرائيلي السابق دانيال ليفي- أن هذا البيان الصادر عن المستشار الألماني فريدريش ميرز يأتي في وقت أشارت فيه كندا وفرنسا والمملكة المتحدة إلى أنها ستعترف رسميا بفلسطين في القمة السنوية للأمم المتحدة الشهر المقبل، بعد أن اعترفت ثلاثة أرباع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بالفعل بفلسطين كدولة.
وذكرت المجلة أنه حتى في الولايات المتحدة أقوى حليف لإسرائيل، يتحول المزاج العام، حيث أظهر استطلاع رأي أجرته مجلة إيكونوميست بالتعاون مع مؤسسة يوغوف، أن 84% من الأميركيين يؤيدون وقف إطلاق النار الفوري، كما يعتقد 70% منهم أن هناك أزمة جوع في غزة، ويعتقد 45% أن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية.
وفي هذا السياق، سأل رافي أغراوال دانيال ليفي، في أحدث حلقة من برنامج "فورين بوليسي لايف"، عن تأثير هذه التحولات على السياسة الإسرائيلية؟ ولماذا تحدث هذه التحولات الآن وهل هي حقيقية ودائمة؟ فقال مفاوض السلام في عهد رئيسي الوزراء إسحاق رابين وإيهود باراك إن المملكة المتحدة وفرنسا عضوان في مجلس الأمن، وهما حليفتان لإسرائيل، معتقدا أن لحركتهما معنى أدق مما هو ظاهر، حيث تقومان بلفتة للاستجابة للضغط الشعبي، باتخاذ إجراءات لا تخل بالعلاقات الثنائية القائمة مع إسرائيل بشكل مفرط.
اعتراف دون إجراءاتوأوضح ليفي أن اعتراف هذه الدول بدولة فلسطين مجرد لفتة رمزية، وبعد الاعتراف بها، رجح أنهم يأملون ألا تتخذ إجراءات أخرى، وأن يكون هذا كافيا لدرء الضغط الشعبي، خاصة أنهم يعترفون بدولة تحت احتلال دائم وغير قانوني، حسب محكمة العدل الدولية اعتبارا من 19 يوليو/تموز 2024.
إعلانومع ذلك توقع ليفي أن الضغط سيشتد بعد اتخاذ خطوة الاعتراف، مع أن النية هي التوقف في هذا الطريق، مشيرا إلى أن إسرائيل ستهاجم هذا وتشهر به، ثم تدرك أنها قادرة على إدارة الأمر كما في عملية السلام القديمة، بحيث تعتقد الدول التي تعترف بفلسطين أنها تقوم بعمل جاد بدليل غضب إسرائيل، كما تشعر السلطة الفلسطينية التي تفتقر إلى إستراتيجية حقيقية بالراحة لبضعة أيام، وعندها ستتوقف الأمور.
غزة خضعت لحصار وحشي للغاية لما يقرب من عقدين من الزمن أجرت إسرائيل خلاله حسابا لكمية السعرات الحرارية التي يحتاجها سكان غزة للحفاظ على مستوى الكفاف
وأضاف ليفي أن هناك مناورات ترافق الاعتراف في باريس ولندن، حيث شارك الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في استضافة مؤتمر الأمم المتحدة مع السعوديين، وهو يحاول استغلال هذا لدفع تطبيع العلاقات السعودية مع إسرائيل، وربما تحقيق مكاسب، أما رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر فيواجه ضغوطا أكبر بكثير من داخل حزبه ودائرته الانتخابية، مما قد يؤثر على مستقبله السياسي.
ونبّه ليفي إلى أن الإجراءات التي يرجح أن تحرص تلك الدول على تجنبها قد تدرج على جدول الأعمال، مثل الحظر الكامل على الأسلحة، وتقييد عناصر تجارية أخرى، وذكّر في هذا السياق بمقال كتبه مارتن ساندبو في صحيفة "فايننشال تايمز" قال فيه إن أوروبا يجب عليها تكرار بعض ما حدث مع روسيا، مع الأصول الإسرائيلية المودعة في البنوك الأوروبية، ومقاطعة الرياضة، وما إلى ذلك، لتكون لها مصداقية.
وعند سؤاله عن حالة الولايات المتحدة التي لا تزال أقوى وأكبر حليف لإسرائيل، حيث رأي الإدارة لا يتغير، ولكن الرأي العام يتغير، قال دانيل ليفي إن السبب الأوضح في التغير هناك هو سياسة التجويع.
وذكر المفاوض الإسرائيلي السابق أن غزة خضعت لحصار وحشي للغاية لما يقرب من عقدين من الزمن، أجرت إسرائيل خلاله حسابا لكمية السعرات الحرارية التي يحتاجها سكان غزة للحفاظ على مستوى الكفاف، وخلص إلى أن بلده استخدم العقاب الجماعي والحرمان من الوصول إلى الغذاء والطاقة والمياه، حتى قبل أكتوبر/تشرين الأول 2023 وبعده أيضا، لكن ذلك تسارع، مما أدى إلى مزيد من الانكشاف لصور غزة وقسوتها.
ويزيد من حدة الأمر توافق التصريحات الغريبة الصادرة عن القادة الإسرائيليين من أمثال وزير المالية بتسلئيل سموتريتش ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، وحتى من أعماق حزب الليكود الذي يتزعمه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، مع الواقع على الأرض، حيث يتحدثون علنا عن الدمار والتطهير العرقي الذي يفعلونه.
وقد نشرت صحيفة نيويورك تايمز مقالا عن الإبادة الجماعية بقلم عمر بارتوف، وخصصت صحيفة واشنطن بوست 5 صفحات لقائمة الأطفال الذين قتلوا في غزة، ووصف الروائي الإسرائيلي ديفيد غروسمان ما يحدث بالإبادة الجماعية، وكذلك وصفتها منظمتا حقوق الإنسان الإسرائيليتان "بتسيلم" و"أطباء من أجل حقوق الإنسان"، ومنظمة العفو الدولية.
أما كيف استغرق الأمر كل هذا الوقت، فهذه قصة أكبر -كما يقول ليفي- إذ كانت إسرائيل فعالة للغاية في عرض قضيتها، كما كان الضغط السياسي الأميركي فعالا، وذلك مقابل ضعف القيادة الفلسطينية وافتقارها للمصداقية، وإن كان لدى الفلسطينيين مجتمع مدني فعال للغاية.
إعلانوختم ليفي بالتذكير بأن محكمة العدل الدولية وضعت 8 تدابير مؤقتة عاجلة لإسرائيل لعدم انتهاك اتفاقية الإبادة الجماعية في هذه الفترة، وأن المحكمة الجنائية الدولية أصدرت مذكرات اعتقال لنتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت بتهمة ارتكاب جرائم حرب، بما في ذلك التجويع كسلاح حرب.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات دراسات ترجمات إلى أن
إقرأ أيضاً:
الأمم المتحدة تطالب بوقف فوري للمخطط الإسرائيلي لاحتلال غزة.. أستراليا وبريطانيا تحذّران
عبرت كل من أستراليا وبريطانيا، الجمعة، عن قلقهما الشديد بشأن قرار إسرائيل السيطرة عسكريًا على قطاع غزة، محذرتين من أن هذه الخطوة قد تؤدي إلى تفاقم الأزمة الإنسانية وتصعيد العنف في المنطقة.
وقالت وزيرة الخارجية الأسترالية بيني وانغ في بيان رسمي: “تدعو أستراليا إسرائيل إلى عدم السير في هذا الطريق الذي سيؤدي إلى تفاقم الكارثة الإنسانية في غزة”، مؤكدة أن التهجير القسري الدائم يشكل انتهاكًا للقانون الدولي.
وجددت وانغ دعوتها إلى وقف إطلاق النار وضمان وصول المساعدات الإنسانية والإفراج عن الرهائن المحتجزين لدى حركة حماس منذ أكتوبر 2023، مشددة على أن “حل الدولتين هو السبيل الوحيد لتحقيق سلام دائم”.
في المقابل، وصف رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر قرار إسرائيل تصعيد هجومها واحتلال غزة بأنه “خاطئ”، داعياً الحكومة الإسرائيلية إلى إعادة النظر فيه فورًا.
وقال ستارمر في بيان: “هذا الإجراء لن يسهم في إنهاء الصراع أو ضمان إطلاق سراح الرهائن، بل سيؤدي إلى مزيد من سفك الدماء”.
ويأتي ذلك بعد إعلان مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الجمعة، موافقة “الكابينت” على خطة احتلال قطاع غزة بالكامل، رغم المعارضة التي أبدتها قيادة الجيش الإسرائيلي.
وتشهد المنطقة توترات متزايدة وسط تحذيرات من تفاقم الكارثة الإنسانية في القطاع، حيث يطالب المجتمع الدولي بضمان تدفق المساعدات ووقف التصعيد العسكري.
الأمم المتحدة تطالب بوقف فوري للمخطط الإسرائيلي لاحتلال غزة
طالب فولكر تورك، المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، الحكومة الإسرائيلية بوقف خطتها التي أقرها مجلس الوزراء لفرض السيطرة العسكرية الكاملة على قطاع غزة.
وقال تورك في بيان له الجمعة: “يجب وقف خطة الحكومة الإسرائيلية للسيطرة العسكرية على قطاع غزة المحتل فوراً”، مشيراً إلى أن هذا الإجراء يتعارض مع قرار محكمة العدل الدولية الذي يؤكد ضرورة إنهاء الاحتلال الإسرائيلي بأسرع وقت ممكن، وتطبيق حل الدولتين وحق الفلسطينيين في تقرير المصير.
وحذر المفوض السامي من أن أي تصعيد إضافي للصراع بين إسرائيل وحركة حماس، والذي تسبب سابقاً في دمار واسع في غزة ومقتل عشرات الآلاف، سيؤدي إلى نزوح قسري جماعي، ومزيد من القتل والمعاناة والتدمير ووقوع جرائم وحشية.
وشدد تورك على ضرورة بذل الحكومة الإسرائيلية كل الجهود الممكنة لإنقاذ المدنيين في غزة، عبر السماح بتدفق المساعدات الإنسانية بشكل كامل ودون عوائق، كما طالب بالإفراج الفوري عن جميع الرهائن، وإطلاق سراح الفلسطينيين المحتجزين تعسفياً لدى إسرائيل.
وأكد المفوض السامي أن “الحرب في غزة يجب أن تنتهي الآن، ويجب أن يُسمح للإسرائيليين والفلسطينيين بالعيش جنباً إلى جنب في سلام”.
يأتي هذا في وقت صادق فيه مجلس الوزراء الإسرائيلي، بعد نقاش دام عشر ساعات، على خطة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لاحتلال قطاع غزة، وهو ما يشكل تحدياً واضحاً لموقف رئيس هيئة الأركان العامة للجيش الإسرائيلي الذي حذر من التداعيات الأمنية والإنسانية الخطيرة لهذه الخطوة.