لقاء بين الأزهري وعميد أصول الدين بالهند على هامش مؤتمر الإفتاء
تاريخ النشر: 14th, August 2025 GMT
تشرَّف عميد كلية أصول الدين بجامعة مركز الثقافة السنية، الشيخ عبد الله الثقافي البلنوري، بلقاء وزير الأوقاف المصرية، الدكتور أسامة الأزهري، وذلك على هامش مؤتمر دار الإفتاء المصرية.
وخلال اللقاء، نقل العميد إلى معالي الوزير رسالة تهنئة وتقدير على ما يقدمه من جهود علمية مباركة، ولا سيما محاضراته الافتراضية لطلبة الجامعة، والتي تُعقد بواقع محاضرتين شهريًّا في شرح كتاب «الأدب» من صحيح الإمام البخاري، بأسلوب رصين يجمع بين العلم العميق والطرح الماتع.
وقد عبّر الوزير عن امتنانه لهذه المبادرة العلمية، وسأل عن صحة مفتي الديار الهندية، واستفسر عن أحوال جامعة مركز الثقافة السنية، مثنيًا على دورها الريادي في نشر الوسطية، وتعزيز قيم الأخلاق، وربط طلبة العلم بتراث الأمة العلمي والروحي.
من ناحية أخرى أثني عميد أصول الدين على جهد الدكتور إبراهيم نجم الأمين العام لدور وهيئات الإفتاء في العالم مؤكدا أنه المحرّك الفعّال لمؤتمر الإفتاء العالمي.
وقال: رعندما تتأمل في نجاح المؤتمرات الدولية، لا سيما تلك التي تتصل بعمق الفكر الإسلامي ورسالته الحضارية، تجد خلف الكواليس رجالًا يحملون على عاتقهم عبء الإعداد والتخطيط، ويُذيبون وقتهم وجهدهم في سبيل إنجاح الحدث. ومن بين هؤلاء القامات يسطع نجمٌ باسمه وعطائه، هو الدكتور إبراهيم نجم، مستشار مفتي جمهورية مصر العربية، والأمين العام للأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، وصاحب البصمة الفاعلة في تنظيم مؤتمر الإفتاء العالمي ورسم ملامح برامجه ونشاطاته.
وأضاف :امتدت خبرات نجم بين الشرق والغرب؛ فشغل مناصب أكاديمية وإدارية بارزة، منها:
محاضر في الدراسات الإسلامية بجامعة "سينت جونز" في نيويورك.
مدير للمؤسسة الإسلامية للتعليم والتربية.
مستشار ديني في مقر الأمم المتحدة.
مؤسس ومدير مرصد الفتاوى المتشددة والآراء التكفيرية بدار الإفتاء المصرية عام 2014م.
الأمين العام لدور وهيئات الإفتاء في العالم منذ 2016م وحتى اليوم.
كما عُرف بحضوره الإعلامي المتميز في القنوات الدولية، ومشاركاته في المؤتمرات العالمية، وكتاباته في كبريات الصحف مثل واشنطن بوست ونيويورك تايمز.
أثره في مؤتمر الإفتاء
في كل دورة من دورات مؤتمر الإفتاء العالمي، يلمس الحاضرون الدقة والتنظيم ووضوح الرؤية، وهي سمات تقف خلفها شخصية الدكتور إبراهيم نجم. فهو لا يكتفي بدور المشرف الإداري، بل يشارك في وضع المحاور العلمية، وتنسيق الدعوات، ورعاية جلسات الحوار بين العلماء والمفتين، بما يجعل المؤتمر منصة رائدة لتجديد الخطاب الديني وتعزيز التعاون الفقهي بين الدول.
تكريمات وإنجازات
حصل على عدة أوسمة وتقديرات، منها:
اختيارُه ضمن أبرز 500 شخصية مسلمة مؤثرة في الولايات المتحدة.
تكريمه كسفير للسلام في ولاية نيويورك عام 2013م.
حصوله على لقب أفضل قيادة إسلامية في نيويورك في الذكرى العاشرة لأحداث 11 سبتمبر.
وأكد الثقافي “لقد وقفتُ — وأنا أشارك في فعاليات مؤتمر الإفتاء — على حجم الجهد المبذول خلف الستار، فوجدت أن الدكتور إبراهيم نجم هو المحرك الفعّال، بل القلب النابض، الذي يمنح الحدث قوته واستمراريته. وإذا كان المؤتمر قد حقق حضوره العالمي المرموق، فإن فضل ذلك بعد الله يعود إلى إخلاصه وحسن إدارته ورؤيته المستنيرة”.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: عبد الله الثقافي وزير الأوقاف الدكتور أسامة الأزهري مؤتمر دار الإفتاء المصرية مفتي الديار الهندية الدکتور إبراهیم نجم مؤتمر الإفتاء أصول الدین
إقرأ أيضاً:
د. محمد بشاري يكتب: رحيل العلامة أحمد عمر هاشم: دموعُ العالِم وبصيرةُ الأزهري
حين يرحل العلماءُ الربانيون، لا تفقد الأمةُ مجرد اسمٍ بارزٍ في سجلها الأكاديمي، بل ينطفئ مصباحٌ من مصابيح الهداية التي كانت تهدي القلوب والعقول في ليل التيه. هكذا بدا رحيل الأستاذ الدكتور أحمد عمر هاشم –عضو هيئة كبار العلماء، ورئيس جامعة الأزهر الأسبق– صباح الثلاثاء 7 أكتوبر 2025، كفقدان ركنٍ من أركان الأزهر الذي ظل لعقود يُبشّر برسالة الوسطية، ويصدع بالحق، ويذود عن السنة النبوية.
لقد جمع أبو هاشم بين سمتِ المحدثين، وحرارة الخطباء، وبصيرة الأزهري الذي لا يساوم على أصول الدين، ولا يُخضِع الحقائق لعابرات الأهواء. عُرِف في محافل مصر وخارجها، وكان صوته المجلجل في الجامع الأزهر أو في مسجد عمرو بن العاص صدى لروحٍ تحمل على كاهلها ميراثًا نبوياً يَعتبر المنبر رسالةً لا وظيفة.
ولعل من أبرز المواقف التي تكشف عمق معدنه ما جرى في مارس 2010، في رحاب مؤتمر الجنادرية الثقافي بالرياض، حين احتدم النقاش بينه وبين بعض المثقفين ذوي الاتجاه العلماني اللاديني. كان أبو هاشم –كما عهدناه– ثابتًا في حجته، صادقًا في دفاعه، لا يتكلم بحدة الخصومة بل بصلابة الحارس الذي يعلم أن أي تفريط في العقيدة هو خيانة للأمانة. وقف يردّ ببيانٍ رصين عن رسالة الإسلام في بناء الإنسان والمجتمع، وعن أن الدين ليس قيدًا على الحرية بل هو الذي يُعطيها معناها، وأن محاولات إقصاء الدين عن الحياة لن تثمر إلا خواءً روحيًا لا يُعمِّر حضارة.
غير أن اللحظة التي خلّدت صورته في ذاكرة الحاضرين لم تكن في المطارحة الفكرية وحدها، بل في المشهد الإنساني الجليل الذي أعقبها؛ إذ جاءه خبر وفاة الإمام الأكبر الشيخ محمد سيد طنطاوي –شيخ الأزهر الشريف آنذاك– فغلبه البكاء، بكى بدموعٍ صافية كالطفل الذي فقد أباه. لم يجد حرجًا في أن يُظهر ألمه أمام الجمع، وكأنما أراد أن يعلّم الأجيال أن العلماء مهما علت منازلهم تبقى قلوبهم معلقة بالوفاء والرحمة. ثم غادر على عجل ليعود إلى القاهرة لحضور الجنازة، وإلقاء النظرة الأخيرة على أستاذه وشيخه، في وفاءٍ قلّ نظيره.
ذلك الموقف يلخص شخصية أحمد عمر هاشم: جمع بين حزم العالِم في الحجة ورِقّة القلب في الفقد، بين هيبة الأزهر في المناظرة وخشوعه في المحبة، بين المواقف الصلبة في الدفاع عن الدين والانكسار البشري أمام لوعة الموت. هو العالِم الذي يُذكّرنا بأن الدين ليس جدلًا نظريًا بل عاطفةً حيّةً تشدّ المرء إلى أخيه برباطٍ من الرحمة.
لقد عاش أبو هاشم أربعةً وثمانين عامًا يسقي الأمة من معين السنة والوسطية، يكتب ويخطب ويدرّس، يوازن بين تراث المحدثين وحاجات العصر، ويفتح للأزهر مكانةً في ساحات السياسة والثقافة والدعوة. بوفاته تُطوى صفحةٌ من صفحات العلم، لكن تبقى آثارُه في تلامذته، وخُطَبه، وكتبه، ومواقفه، شواهدَ على أن الرجل لم يعش لنفسه، بل للأمة كلها.
رحم الله أبا هاشم، فقد رحل جسدًا، وبقي أثرًا. رحل عن الدنيا، لكن بقيت دموعه على شيخه، وخطبه في الأزهر، وكلماته في الجنادرية، وصوته المجلجل في البرلمان؛ كلّها شواهد على أن العالِم لا يموت بموت جسده، بل يظل حيًّا بذكره، وبالرسالة التي حملها بصدقٍ وإخلاص.