واشنطن بوست: سباق القوى الكبرى النووي نحو القمر يختبر حدود قوانين الفضاء
تاريخ النشر: 14th, August 2025 GMT
في مشهد يعكس عودة سباق القوى العظمى إلى الفضاء، أعلنت وكالة الفضاء الأميركية "ناسا" تسريع خطتها لبناء مفاعل نووي صغير على سطح القمر بحلول عام 2030، وذلك في خطوة تفتح آفاقا جديدة ليس فقط على صعيد الفضاء، بل أيضا في مضمار القانون الفضائي، وفق تقرير بصحيفة واشنطن بوست.
وأشار التقرير إلى أن القوانين الدولية التي تحكم الفضاء الخارجي قائمة منذ عقود، إلا أن أجزاء منها لم تختبر فعليا بعد، وحذر خبراء من أن جهود ناسا في هذا المجال تطرح أسئلة شائكة حول تلك القواعد، وإمكانية اندلاع نزاعات مع احتدام المنافسة للسيطرة على القمر.
وذكرت الصحيفة أن القائم بأعمال مدير ناسا ووزير النقل الأميركي شون دوفي طلب، الشهر الماضي، من وكالة الفضاء تسريع جهودها لوضع مفاعل نووي على القمر بحلول عام 2030.
وقال في توجيه رسمي -كُشف عنه أولا عبر موقع بوليتيكو- إن هذه التقنية "ستدعم اقتصادا قمريا مستقبليا، وتوليد طاقة عالية على كوكب المريخ، وتعزيز الأمن القومي الأميركي في الفضاء".
وأشار دوفي في هذا الصدد إلى تنامي الضغوط من جانب الصين وروسيا، إذ أكد البلدان مرارا منذ عام 2024 على خطتهما المشتركة لتركيب مفاعل على القمر بحلول منتصف ثلاثينيات القرن الحالي. وأضاف في توجيهه أن الدولة التي تضع أول مصدر للطاقة النووية على القمر "يمكنها إعلان الموقع منطقة محظورة".
وبحسب ماهام جافيد، المراسلة المتخصصة في المشاريع البصرية بالصحيفة، فقد أثار الإعلان الأميركي جدلا في أوساط خبراء القانون الفضائي.
وعلى الرغم من أن معاهدة الفضاء الخارجي لعام 1967 تحظر على الدول المطالَبَة بالسيادة على أي جزء من القمر، فإن بعض بنودها تمنح ميزة غير مباشرة للواصل الأول.
الدولة التي تضع أول مصدر للطاقة النووية على القمر "يمكنها إعلان الموقع منطقة محظورة"
بواسطة مدير ناسا ووزير النقل الأميركي شون دوفي
وتقول ميشيل هانون، المديرة التنفيذية لمركز قانون الفضاء بجامعة ميسيسيبي، إن "من يصل أولا يمتلك ضمنا حقا أكبر في استبعاد الآخرين".
إعلانكما أن اتفاقيات أرتميس، التي وضعتها واشنطن عام 2020 وتصف "مناطق الأمان" لحماية الأفراد والمعدات، لم تحدد بوضوح حجم هذه المناطق أو مدتها، مما يفتح الباب أمام تفسيرات واسعة قد تُستغل سياسيا. وتجدر الإشارة إلى أن الصين وروسيا ليستا طرفا في هذه الاتفاقيات، وهو ما يعقّد أي توافق قانوني مستقبلي، طبقا للمراسلة جافيد.
بين الطموح والاحتكارتستهدف ناسا منطقة القطب الجنوبي للقمر، التي يُعتقد أنها تحتوي على كميات من المياه المتجمدة داخل حفر مظلمة، إلى جانب مناطق مشمسة نسبيا توفر بيئة مناسبة لتوليد الطاقة، حسب التقرير. لكن محدودية ضوء الشمس، حيث يدوم الليل القمري نحو أسبوعين، تجعل الطاقة النووية خيارا مغريا لدعم مركبات الاستكشاف أو حتى إقامة مستوطنة بشرية دائمة.
ويرى خبراء أن فرض مناطق أمان واسعة على القمر قد يؤدي إلى احتكار الموارد، ويثير نزاعات دولية، ويخلق سباقا شبيها بـ"التهافت على الذهب" في القرن الـ19، مع ما يحمله من أخطار بيئية واستغلال للعمالة، خصوصا إذا دخلت شركات خاصة للتنقيب على الموارد القمرية بدافع الربح.
ومع أن المفاعل المقترح بطاقة 100 كيلوواط لا يُعد ضخما، لكنه يمثل -برأي الصحيفة- سابقة تقنية وسياسية. ويحذر خبراء الطاقة النووية من أن التعجل في تطويره قد يؤدي إلى حوادث أمان أو مشاكل موثوقية، فضلا عن تحديات إدارة النفايات المشعة التي قد تبقى مئات السنين على سطح القمر.
ويعكس المشروع الأميركي مزيجا من الطموح العلمي والرغبة في ترسيخ النفوذ الإستراتيجي في الفضاء. لكن الغموض القانوني، وتعارض المصالح بين القوى الكبرى، والمخاطر التقنية والبيئية، تجعل من سباق المفاعلات النووية على القمر ملفا مفتوحا على أسئلة شائكة حول مستقبل استغلال الفضاء الخارجي.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات دراسات ترجمات على القمر
إقرأ أيضاً:
من الفضاء إلى الأرض.. واشنطن تبدأ تطوير نظام صواريخ اعتراضية متطور
كشفت وكالة “رويترز” أن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وضعت خطة طموحة لإنشاء نظام دفاع صاروخي شامل، يُعرف باسم “القبة الذهبية”، يتألف من أربع طبقات دفاعية، تهدف إلى حماية الأراضي الأمريكية من مختلف أنواع التهديدات الجوية والصاروخية.
وبحسب التقرير، تعتمد إحدى الطبقات على الأقمار الصناعية، بينما تعتمد الثلاث الأخرى على منظومات أرضية، تشمل 11 بطارية قصيرة المدى موزعة على مناطق عدة، بما في ذلك البر الرئيسي للولايات المتحدة، ألاسكا، وهاواي.
وتم عرض هذه الخطة ضمن عرض شرائح حكومي أمام أكثر من 3000 مقاول دفاعي خلال مؤتمر في مدينة هنتسفيل بولاية ألاباما، تحت شعار: “تحرك بسرعة، فكّر على نطاق واسع!” (Go Fast, Think Big!).
وتهدف الإدارة الأمريكية إلى إنجاز المشروع بحلول عام 2028، وهو الموعد الذي حدده ترامب بنفسه. وتُقدّر تكلفة النظام بنحو 175 مليار دولار، رغم أن التمويل المخصص حتى الآن بلغ 25 مليار دولار بموجب قانون الضرائب والإنفاق الذي تم تمريره في يوليو الماضي، فيما طلب البيت الأبيض تمويلًا إضافيًا قدره 45.3 مليار دولار ضمن ميزانية عام 2026.
ويستلهم المشروع فكرته من نظام “القبة الحديدية” الإسرائيلي، لكنه سيكون أضخم بكثير نظرًا لاتساع الرقعة الجغرافية التي يجب حمايتها، إضافة إلى تنوع مصادر التهديد، ويتكون النظام من طبقة فضائية مسؤولة عن الاستشعار والتتبع والإنذار المبكر، وثلاث طبقات أرضية تضم صواريخ اعتراضية، ومنظومات رادار متقدمة، وربما أسلحة ليزر مستقبلًا.
ومن أبرز ما تضمنه المخطط، إنشاء حقل صواريخ كبير في منطقة الغرب الأوسط، يضم صواريخ “الجيل التالي الاعتراضية” (NGI) التي تطورها شركة “لوكهيد مارتن”، وتُعد نسخة مطوّرة من شبكة الدفاع الصاروخي في منتصف المسار، المدعومة حاليًا بأنظمة “ثاد” و”إيجيس”. وتُشغّل الولايات المتحدة بالفعل مواقع إطلاق في جنوب كاليفورنيا وألاسكا، وسيمثّل الموقع الجديد إضافة نوعية لتعزيز قدرة الردع.
ومع ذلك، أشار العرض إلى تحديات تقنية لا تزال قائمة، مثل تأخر الاتصالات عبر ما يُعرف بـ”سلسلة القتل” (Kill Chain) بين مكونات النظام المختلفة. كما لم يُحدّد بعد العدد النهائي للقاذفات، أو الصواريخ الاعتراضية، أو مواقع الإطلاق.
وتسعى وزارة الدفاع الأمريكية إلى دعم المشروع من خلال جمع المعطيات من قطاعات الصناعة، والأوساط الأكاديمية، والمختبرات الوطنية، إلى جانب وكالات حكومية أخرى. وأوضحت أن الوقت لا يزال مبكرًا للإفصاح عن جميع التفاصيل الفنية.
وسيُركز النظام على اعتراض الصواريخ في “مرحلة الدفع” (Boost Phase)، وهي المرحلة التي يكون فيها الصاروخ في طور الصعود البطيء خلال اختراقه للغلاف الجوي، ما يتيح فرصة لتدميره قبل أن يبلغ مرحلة الانفصال أو التوجيه.
وبيّن العرض أن الولايات المتحدة طورت سابقًا صواريخ اعتراضية ومركبات عودة، لكنها لم تُنتج بعد مركبة قادرة على تحمل حرارة العودة إلى الغلاف الجوي أثناء اعتراضها لصاروخ معادٍ.
أما الطبقة السفلية، والتي تُعرف باسم “الدفاع عن المناطق المحدودة” (Limited Area Defense)، فستعتمد على رادارات متطورة ومنظومات مثل “باتريوت”، إلى جانب منصات إطلاق موحدة قابلة للنقل، تتيح استخدام صواريخ اعتراضية حالية ومستقبلية ضد مختلف أنواع التهديدات، ويمكن نشرها بسرعة في مناطق متعددة دون الحاجة إلى بنية تحتية ثابتة.
وفي إطار تسريع المشروع، تم تعيين الجنرال مايكل غوتلين من قوات الفضاء الأمريكية لقيادته، حيث كُلّف بتشكيل فريق عمل خلال 30 يومًا، وتقديم تصميم أولي خلال 60 يومًا، وعرض خطة تنفيذ كاملة خلال 120 يومًا، تشمل تفاصيل عن الأقمار الصناعية ومحطات التحكم الأرضية، وفقًا لمذكرة رسمية وقعها وزير الدفاع بيت هيغسث.
آخر تحديث: 13 أغسطس 2025 - 20:38