صراحة نيوز- بقلم / نضال المجالي
في الماضي، اعتمدت الأحزاب السياسية على المبادرات الفردية والتجارب الشخصية لأعضائها، بلا منهجية واضحة لتحليل الواقع السياسي والاجتماعي. ومع تعقد المشهد السياسي والانفتاح المرخص وغير المرخص وتطور العلوم الإدارية، أصبحت الحاجة ملحة لامتلاك مراكز بحوث وأكاديميات متخصصة تقدم رؤى دقيقة حول القضايا الاجتماعية والاقتصادية، وتحلل اتجاهات الرأي العام، بما يساعد على تطوير السياسات وتنظيم العمل الحزبي بدقة أكبر.
مراكز البحوث، لمن يعي جوهر العمل المنظم، هي أداة التحليل الواقعي التي تواجه الأهواء والرغبات، لما تملكه من قدرة علمية وارتباط وثيق بالبنية الاقتصادية والتناقضات المجتمعية. ولذلك، فإن امتلاك الأحزاب لها هو ضرورة لا خياراً. فهي تمكّن من فهم طبيعة الحياة بكل قطاعاتها، بدءاً من دراسة خصائص الأعمال والفئات المستهدفة، وصولاً إلى تحليل آليات الاستغلال وتأثير السياسات على المجتمع.
أردنيا لا يمكن لأي حزب يسعى للتغيير الجذري أن ينجح دون قاعدة معرفية متينة. فالحزب الذي يفتقر إلى بيانات شاملة عن أوضاع المجتمع سيجد نفسه عاجزاً عن صياغة برنامج سياسي واقتصادي واجتماعي يلبي تطلعات الناس. -وهو ما تعيشه الحكومات وتعلنه شكل القرارات التائهة أحياناً- وهنا يأتي دور مراكز البحوث في تفسير البيانات وتقديم رؤى إستراتيجية تساعد على صياغة سياسات قابلة للتنفيذ، تتكيف مع التحولات المجتمعية وتواجه تحديات الواقع.
كما تمثل هذه المراكز خط الدفاع الأول في مواجهة الأيديولوجيات الطائفية أو الدينية الفاسدة المدعية للإصلاح، والرادع الأقوى في رد الإعلام الموجه الذي يزرع التشويش والفتنة. في عالم تتحكم فيه مصالح ووسائل الإعلام بنمط وأسلوب الحياة، تصبح المصادر المستقلة للتحليل ضرورة لمواجهة التضليل والحملات الإعلامية التي تسعى لتقويض الإنجازات.
وفي ظل تعدد الأحزاب أردنيا، ومنها ما يشبه المجالس العشائرية في تركيبتها وقائمة منتسبيها، لا يمكن للتغيير أن يتحقق بالشعارات فقط، بل يتطلب بيانات دقيقة وتحليلاً علمياً لموازين القوى ومصادر النجاح داخل الدولة. وهنا تساعد مراكز البحوث على فهم توجهات الرأي العام، وتقييم أثر السياسات، ورصد نقاط القوة والضعف في الإستراتيجيات فتكون المغذي الرئيسي للحكومات في قراراتها.
على الساحة السياسية الحزبية الأردنية، تنبه حزب واحد فقط وأطلق مؤخراً أول مركز دراسات متخصص وهو حزب عزم، خطوة هي الأبرز في قائمة عمل الاحزاب كلها، تهدف لإعداد كوادر مسلحة بالوعي النظري والعملي. هذه الخطوة الواعية هي رسالة الحزب للجميع، أن الحماسة وحدها لا تكفي؛ فالتأطير الفكري والمنهجي شرط لنجاح أي مرحلة سياسية. الفرق كبير بين حزب يعمل بعقلية البحث العلمي والتقصي وآخر يعتمد على العلاقات الذاتية وشخوص متقلبة؛ الأول يبني قراراته على حقائق، بينما الثاني يغامر بالارتجال فيسقط عند أول اختبار.
ولنعلم جميعا أن المعرفة ليست ترفاً، بل سلاح إستراتيجي للمستقبل. وفي عصر الذكاء الاصطناعي، لم يعد حتى الوعي وحده كافياً أمام قوى توظف كل ما بيدها للبقاء في موقعها. وبدون مراكز الدراسات، يبقى الحزب – وأقصد أي حزب لا يعتمد الدراسات والبحوث مرجعا- رهينة ردود الفعل العاطفية، وتبدل عقله بتبدل شخوصه العابرة، وذوبان إستراتيجياته الباهتة، ليكون كما نشهد الحال غير قادرين على إحداث التحول الجذري الذي يتطلع إليه المجتمع.
المصدر: صراحة نيوز
كلمات دلالية: اخبار الاردن عرض المزيد الوفيات عرض المزيد أقلام عرض المزيد مال وأعمال عرض المزيد عربي ودولي عرض المزيد منوعات عرض المزيد الشباب والرياضة عرض المزيد تعليم و جامعات في الصميم ثقافة وفنون نواب واعيان علوم و تكنولوجيا اخبار الاردن الوفيات أقلام مال وأعمال عربي ودولي نواب واعيان تعليم و جامعات منوعات الشباب والرياضة ثقافة وفنون علوم و تكنولوجيا زين الأردن أقلام أقلام أقلام أقلام أقلام أقلام أقلام أقلام أقلام أقلام
إقرأ أيضاً:
المصرف المركزي واللجنة المالية يبحثان كفاءة السياسات الاقتصادية وجهود الاستقرار النقدي
عقد محافظ مصرف ليبيا المركزي، ناجي محمد عيسى، اجتماعاً مغلقاً صباح الخميس 14 أغسطس 2025 مع رئيس وأعضاء اللجنة المالية بمجلس النواب الليبي، بحضور عضو مجلس إدارة المصرف ومدراء الإدارات المختصة.
وتناول الاجتماع مناقشة ملاحظات المصرف المركزي حول مقترح الميزانية العامة لسنة 2025، إلى جانب استعراض أبرز مؤشرات الاقتصاد الليبي حتى يوليو 2025، وجهود المصرف في تحقيق أعلى معدلات الاستقرار المالي والنقدي.
وأشاد رئيس وأعضاء اللجنة المالية بمبادرات المصرف المركزي في تحسين كفاءة أداء السياسات الاقتصادية، لاسيما مبادرة “راتبك لحظي” التي صممها المصرف وأطلقها بالتعاون مع وزارة المالية، والتي تهدف إلى تطوير نظم صرف الرواتب وتحسين آليات الدفع الحكومية.