لم يعد الإعلام كما كان في الأمس، محصورًا في حدود شارع أو قضية صغيرة، أو منصات يتناقل فيها الناس سلبيات شخصية وإسقاطات عابرة على هذا أو تلك، نحن اليوم نعيش مرحلة جديدة كليًا، جعلت من رسائلنا الإعلامية عالمية البُعد، استراتيجية المعنى، ومتصلة برؤية وطنية كبرى تقودها المملكة نحو آفاق أوسع ضمن رؤية 2030.


لقد أصبحنا جزءًا من حركة إعلامية متجددة، تتحرك بخطى واثقة على أكثر من مستوى: محلي، إقليمي، وعالمي، وأضحى لرسائلنا أثر يتجاوز حدود اللحظة والحيز الضيق، لتشكل أدوات فاعلة في صناعة الرأي العام، وتعزيز صورة المملكة كقوة صاعدة ذات حضور مؤثر،هذه النقلة جاءت نتيجة جهد متواصل، ومن بناء منظومة إعلامية تستند على المعرفة، التقنية، والتواصل العالمي.
ولعل أبرز ما يؤكد هذا التحول، هو ما جاء في ظهور وزير الإعلام في المؤتمر الصحفي الحكومي، حين أوضح أن الإعلام لم يعد محصورًا في الداخل، بل صار أوسع مدى وأكثر تأثيرًا، متجهًا إلى العالمية بمحتواه ورسائله، ومشاركًا بفاعلية في صناعة الصورة الذهنية للمملكة على مستوى الخارج، هذه النقلة تعكس بوضوح أن الإعلام أصبح أداة استراتيجية تخدم الرؤية وتترجم طموحاتها إلى رسائل تصل للعالم أجمع.
ومع هذا التحول، بات من الضروري أن نرتقي نحن الإعلاميين بأدواتنا وفكرنا، لم يعد مقبولًا أن نظل أسرى التفكير التقليدي القائم على تضخيم سلبيات صغيرة أو الانشغال بإسقاطات شخصية لا قيمة لها، فمثل هذا الانشغال يُعيق التقدم، ويجعلنا خارج سرب الرؤية الذي يسير بسرعة نحو المستقبل.
الأمثلة واضحة: هل من المعقول أن تبقى اهتماماتنا الإعلامية محصورة في “حفرة شارع”، أو في إسقاطات على جهة معينة لمجرد وجود خلاف مع صاحبها أو مسؤولها، ومن هذا الكلام الذي لا يُسمن ولا يغني، بينما العالم يتحدث عن الابتكار، والاستدامة، والاقتصاد الإبداعي، والدبلوماسية الثقافية.
إن واجبنا اليوم هو أن نُعيد توجيه البوصلة: من التركيز على السلبيات إلى تسليط الضوء على المنجزات، ومن الانشغال بالتفاصيل الهامشية إلى صناعة خطاب إعلامي استراتيجي يعكس طموح وطن، من التفكير الضيق إلى رؤية شمولية تتبنى الإيجابية، وتعزز الانتماء، وتواكب التحول الرقمي والتنموي الهائل الذي نعيشه.
إن الإعلام لم يعد ناقل للخبر، بل صار صانع للتأثير، وصوتًا يُعبّر عن وطن بأكمله، ورسالة تصل إلى العالم بلغات وأساليب متعددة، ومن يصر على البقاء في التفكير السلبي، أو في قوقعة الماضي، سيجد نفسه خارج سياق الزمن، بعيدًا عن المسار الذي ترسمه الرؤية.
نحن اليوم أمام مسؤولية أعظم من مجرد النشر أو التغطية، نحن أمام دور تاريخي يتطلب أن نكون شركاء في صناعة المستقبل، أن نُسهم في بناء الصورة الذهنية، وأن نتحرر من ضيق النظر إلى أفق أرحب، فالرؤية تسير، والعالم يتغير، ومن يتأخر عن هذا الركب سيجد نفسه خارج السرب.

المصدر: صحيفة الجزيرة

كلمات دلالية: كورونا بريطانيا أمريكا حوادث السعودية لم یعد

إقرأ أيضاً:

البرهان يخاطب الشعب السوداني من “معبد الأسد أبادماك”.. ماذا أراد من وراء الرسالة؟

متابعات- تاق برس- في مشاهد تحمل رسائل عدة ودلالات عميقة خاطب رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان الشعب السوداني من منطقة الأهرامات الملكية بمدينة مروي التاريخية، وتحديدا منطقة النقعة حيث “معبد الأسد أبادماك” الذي يبعد  نحو 100 كيلومتر شمال شرقي الخرطوم.

 

وهنأ البرهان في كلمته اليوم الخميس الشعب السوداني وضباط وجنود بلاده بمناسبة مرور مائة عام على تأسيس القوات المسلحة و 71 عاما على سودنتها.

 

وقال إن هذا اليوم يمثل مجداً وحضارة للسودان. مبينا أن هذا المجد بناه السودانيون. في دلالة على أنهم هم نفسهم بناة هذه الحضارة العظيمة وهم نفسهم من بنوا القوات المسلحة وداوموا على إسنادها.

 

وحيا البرهان الشعب السوداني صانع الحضارات ومؤسس هذه القوات التي اقترن اسمها بالدفاع عن السودان، وقال أنه حينما أنشئت القوات المسلحة في عام 1925 بخلاف كل الجيوش الأخرى، لم تسمى بإسم ملك أو غيره بل سميت بإسم قوة دفاع السودان ومنها انطلقت عزيمة البناء والمحافظة على تاريخ هذه الأمة.

 

وأضاف أنه في العام 1954 تولى قيادة القوات المسلحة أول قائد سوداني، وأن هذه القوات تجاوز عمرها أكثر من 100 عام ، وقد كانت قبل عام 1925 تقاتل كفيالق وفرق مع الجيوش الأخرى، ولكن بعد ثورة اللواء الأبيض في عام 1924م، والثورة في مصر تم فصلها وتكوينها بإسم قوة دفاع السودان.

حيث لشتقت أسماء مختلفة من حضارة السودان وتاريخه.

مضيفا أنه عندما سميت بإسم قوات الشعب المسلحة كان فعلا هذا هو الرمز والإسم الذي تحمله الآن وهي تقاتل مع الشعب السوداني في معركة الكرامة.

وحيا الفريق البرهان كل السودانيين الذين ظلوا يقفون بجانب القوات المسلحة مشيداً بالأبطال المرابطين في الثغور في كل مكان لاسيما في الفاشر وبابنوسة وكادقلي وفي كل متحركات القوات التي تدافع عن الحق وتحمي السودان.

وأضاف قائلاً ” نحن نفخر بأننا ننتمي لهذه المؤسسة، والشعب السوداني يفخر بعراقة ورسوخ مؤسسته ” وجدد البرهان العزم على المضي في معركة الكرامة ودحر التمرد وعدم المهادنة والمصالحة مهما كانت التكلفة وأضاف: “لن نخون دماء شعبنا وأبنائنا وإخواننا الذين مضوا وقدموا أنفسهم دفاعا عن السودان”.

وتعد أهرامات مروي في السودان دلالة على حضارة عريقة وشامخة، حيث تقف شامخة كأحد أهم المواقع الأثرية في العالم.

وتُعرف مروي بكونها عاصمة مملكة كوش، وتضم أكبر تجمع للأهرامات في العالم، حيث يزيد عددها عن 200 هرم.

هذه الأهرامات ليست مجرد مقابر، بل هي شهادة على عظمة الحضارة الكوشية وتطورها المعماري والفني.

 

من هذه الأرض التاريخية، وجه رئيس مجلس السيادة الانتقالي القائد العام للقوات المسلحة الفريق أول الركن عبدالفتاح البرهان، كلمة للشعب السوداني بمناسبة مرور مائة عام على تأسيس القوات المسلحة و71 عامًا على سودنتها.

 

وأباداماك هو إله الحرب لدى النوبيين القدماء، وهو عباره عن رجل بجسد محارب ورأس أسد، أستخدم كوصي مقدس على الملوك والأمراء والزعماء خصوصاً الراحلين منهم فمن يمس قبورهم فإن اباداماك سوف يلعنه.

ويقع المعبد إلى الشرق من معبد أمون، ويعتبر مثالاً للمعمار الكوشي القديم، فالواجهة الأمامية عبارة عن بوابة واسعة تصور الملك نتكامانى والملكة أماني تيري وأسد رمزي تحت أقدامهم يحاصران أسرى من اليمين واليسار.

لكن الأسرى بملامح غير واضحة، وقد وضع العلماء تصوراً عن كون السجناء إنما هم أفراد من القبائل الصحراوية التي كثيراً ما تصادمت المملكة الكوشية معهم، وعلى حواف البوابة الرئيسية يظهر تمثيل جميل لاباداماك يخرج من اللوتس المقدس، كما يظهر على جوانب المعبد أيضاً مجتمعاً مع الملك ومع الإله أمون وحورس.

 

وفي الحائط الخلفي للمعبد يوجد الرسم الأكبر لاباداماك وهو يتلقي النذور من الملك والملكة، ويظهر أيضاً بثلاثة روؤس واربعة سواعد، ويوجد داخل المعبد أيضا نحت للإله سيرابيس يظهر بلحية يونانية- رومانية، ويظهر إله متوج غير معروف يعتقد بأنه فارسي.

أهرامات مروي دلالة على حضارة عريقة وشامخة، وشهادة على عظمة الحضارة الكوشية وتطورها المعماري والفني، وموقع للتراث العالمي لليونسكو. والقوات المسلحة تمثل مجدًا وحضارة للسودان، وتدافع عن السودان وتحميه، وعريقة وراسخة ومؤسسة وطنية.

وكأن البرهان أراد أن يقول إن أهرامات النقعة والقوات المسلحة رمزان وطنيان مهمان في السودان، حيث تمثل الأولى حضارة عريقة وشامخة، والثانية قوة وطنية تحمي السودان وتدافع عنه. وأن الجيش السوداني هو الأسد أبا داماك وجاهز في أي لحظة للفتك بأعدائه.

أبادماكالبرهاناهرامات السودان

مقالات مشابهة

  • مصرع مزارع على يد ابن عمه داخل الزراعات بالفيوم بسبب الخلاف على الرى
  • إعلامي: زيزو هو النجم الأوحد في الأهلي خلال الفترة الحالية
  • مختصة: استضافة المملكة لكأس العالم لريادة الأعمال تؤكد التحول نحو ترسيخ مكانتها عالميًا
  • تصاعد الخلاف بين وزير الدفاع الإسرائيلي والجيش حول الصلاحيات وحرب غزة
  • ابتعاث الإعلام.. شراكة استراتيجية لتأهيل جيل إعلامي منافس عالمياً
  • فلسطين: القضية الكبرى وشاخص البوصلة الذي لا محيد عنه
  • البرهان يخاطب الشعب السوداني من “معبد الأسد أبادماك”.. ماذا أراد من وراء الرسالة؟
  • الهلال يخاطب طواقم تحكيم أجنبية لمواجهاته الأولى بدوري روشن
  • وزير الأوقاف الأردني السابق لـ"الوفد": لأمة بحاجة إلى وحدة المختلفين… لا وحدة المنافقين