أعادت تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حول تمسكه بمفهوم “إسرائيل الكبرى” الجدل إلى الواجهة من جديد، لما تحمله من دلالات سياسية وأمنية خطيرة تهدد استقرار المنطقة وتضع اتفاقيات السلام أمام اختبار صعب، في وقت يؤكد فيه خبراء أن هذا المشروع لم يعد واقعيًا سوى كورقة ضغط وخطاب أيديولوجي أكثر من كونه خطة قابلة للتنفيذ.

سعيد الزغبي: “إسرائيل الكبرى” مجرد وهم أيديولوجي.. والهيمنة غير المباشرة هي البديل الواقعي للتوسع الجغراف

قال الدكتور سعيد الزغبي، أستاذ العلوم السياسية، في تصريحات خاصة لموقع صدى البلد إن فكرة “إسرائيل الكبرى” الممتدة من النيل إلى الفرات تعود جذورها إلى الأدبيات الصهيونية المبكرة، بل وأحيانًا إلى بعض النصوص التوراتية، غير أنها بقيت في معظم الأحوال مجرد رمز أيديولوجي أكثر من كونها خطة عملية للسياسة الإسرائيلية الواقعية.

وأوضح الزغبي أن المشروع الصهيوني شهد تحولًا كبيرًا، حيث لم يعد التوسع الجغرافي المباشر مطروحًا كما كان في بداياته، وإنما تغير إلى شكل آخر من الهيمنة الإقليمية غير المباشرة، عبر التفوق العسكري والتكنولوجي والاقتصادي، فضلًا عن محاولات اختراق المجتمعات العربية من الداخل.

وأشار إلى أن الظروف الراهنة تجعل من المستحيل تقريبًا في القرن الحادي والعشرين أن تنفذ إسرائيل مشروعًا توسعيًا بهذا الحجم، نظرًا لـ”الكثافة السكانية والوعي الوطني” في الدول العربية، إلى جانب الموازين الدولية المعقدة، مؤكدًا أن أي محاولة لضم أراضٍ عربية واسعة ستؤدي إلى خلل سكاني يتناقض مع الهدف الصهيوني الأساسي في الحفاظ على “دولة يهودية”.

وأضاف أن المجتمع الدولي، بما فيه الولايات المتحدة وأوروبا، لن يسمح بمثل هذه المغامرة غير الواقعية، لأن القوى الكبرى تعتبر الاستقرار الإقليمي أهم بكثير من أي مشروع توسعي، ومن ثم، فإن “إسرائيل الكبرى” اليوم لا تعدو كونها ورقة ضغط أو أداة خطابية أكثر من كونها خطة قابلة للتنفيذ.

وتابع الزغبي موضحًا أن إسرائيل باتت تفكر في “الهيمنة غير المباشرة” باعتبارها البديل الواقعي للحلم القديم، سواء عبر التفوق العسكري والتكنولوجي، أو من خلال بناء شراكات إقليمية مع دول المنطقة.

وقال إن إسرائيل تدرك أن السلام مع مصر خط أحمر لا يمكن المساس به، وذلك لعدة أسباب:

أولًا: يمثل ركيزة أمنية استراتيجية، إذ يضمن لها حدودًا مستقرة مع أكبر دولة عربية. 

وأكد الزغبي أن “المعادلة واضحة”: فالنسخة الحديثة من حلم إسرائيل الكبرى ليست توسعًا جغرافيًا من النيل إلى الفرات، بل بناء إسرائيل كقوة إقليمية مهيمنة سياسيًا واقتصاديًا وتكنولوجيًا.

واختتم تصريحاته قائلًا: “إسرائيل لن تحقق حلمها التقليدي بالتوسع الجغرافي، لكنه لا يزال جزءًا من خطابها الأيديولوجي، أما في الواقع، فهي تعمل على بناء إسرائيل الكبرى سياسيًا واقتصاديًا وتكنولوجيًا، لا جغرافيًا". 

وبالنسبة لمصر، فإن السلام عنصر ثابت في الاستراتيجية الإسرائيلية، بل يعتبر ركيزة لها، ومن ثم فإن ما يطرحه نتنياهو ليس أكثر من بالون اختبار أو خطاب فارغ يصطدم بالواقع ولا يترك أي صدى يذكر.

طباعة شارك إسرائيل الكبرى القضية الفلسطينية اتفاقية كامب ديفيد الولايات المتحدة التفوق العسكري الأدبيات الصهيونية

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: إسرائيل الكبرى القضية الفلسطينية اتفاقية كامب ديفيد الولايات المتحدة التفوق العسكري إسرائیل الکبرى أکثر من

إقرأ أيضاً:

نتنياهو يكشف حلم إسرائيل الكبرى ويقلق العرب

جاء هذا الإعلان الصريح، في حوار تلفزيوني، بعد تصاعد نفوذ اليمين المتطرف في حكومته وتصويت الكنيست على مقترح ضم الضفة الغربية.

ويرتبط مفهوم "إسرائيل الكبرى"، الذي تروج له أوساط إسرائيلية مستندة لتفسيرات توراتية، بخرائط تضم فلسطين والأردن وأجزاء كبيرة من سوريا والعراق ومصر والخليج. ويعزز العدوان الإسرائيلي المستمر على غزة، بما فيه من قتل وتجويع وتدمير ممنهج، مخاوف عربية من تنفيذ هذا المشروع على الأرض.

وردّت الجامعة العربية ببيانات استنكار شديدة اللهجة، واصفة التصريحات والعدوان بأنهما "تهديد خطير للأمن القومي العربي"، إلا أن السؤال المُلح يبقى: ثم ماذا بعد الاستنكار في مواجهة مشروع توسعي يُنفذ مرحليا؟

تقرير: فوزي بشرى

15/8/2025-|آخر تحديث: 01:36 (توقيت مكة)

مقالات مشابهة

  • أستاذ علوم سياسية: بيان الخارجية المصرية يعكس موقفًا صلبًا ضد محاولات تهجير الفلسطينيين
  • مشيرة إسماعيل تكشف أسرار مشوارها الفني وترد على حقيقة كونها راقصة
  • أوهام سياسية.. بيان للأزهر يرد على تصريحات نتنياهو عن إسرائيل الكبرى
  • أستاذ علوم سياسية: إسرائيل رهينة لليمين المتطرف والاحتجاجات بسبب غزة "مرشحة للتصاعد"
  • أستاذ علوم بيئية: البحث العلمي يمثل العقل المفكر
  • أستاذ علوم سياسية: مصر ترسم الخريطة الدبلوماسية لليبيا وتدعم استقرارها
  • نتنياهو يكشف حلم إسرائيل الكبرى ويقلق العرب
  • مفتي الجمهورية: إسرائيل الكبرى أكذوبة سياسية لا أساس لها من الواقع وخرافة قديمة
  • مشروع إسرائيل الكبرى