ميغان تشوريتز فنانة جنوب أفريقية عاشت الأبارتايد ونبذت الصهيونية وناصرت فلسطين
تاريخ النشر: 2nd, September 2025 GMT
ميغان تشوريتز كاتبة وممثلة جنوب أفريقية، وُلدت في العاصمة كيب تاون من عائلة يهودية تؤمن بفكر الحركة الصهيونية، ونشأت بين جنوب أفريقيا وإسرائيل في ظل نظام الفصل العنصري (الأبارتايد).
تميزت في فنون المسرح الارتجالي وكتابة المسرحيات والقصص، وحازت على جوائز مرموقة في المجالين الفني والأدبي، وأصبحت ناشطة سياسية بارزة، معروفة بمواقفها المناهضة للصهيونية ودعمها للقضية الفلسطينية.
وُلدت ميغان تشوريتز عام 1965 في جنوب أفريقيا، ونشأت في العاصمة كيب تاون ضمن أسرة يهودية من الطبقة المتوسطة تساند الصهيونية أثناء فترة نظام الأبارتايد بين عامي 1948 و1994.
وتقول تشوريتز في مقابلة مع الجزيرة نت "كانت عائلتي في تلك الفترة مختلفة الوظائف إلى حد كبير، والدي كان يعترف بظلم الأبارتايد دون أن يفعل الكثير حيال ذلك".
هاجرت مجموعة من أفراد عائلتها إلى إسرائيل، منهم عمة والدها وأخوه الأصغر، كما عاش والداها قبل ولادتها في كيبوتس ضمن نشاط حركة صهيونية شبابية تُسمى "هابونيم"، ثم عادا لاحقا إلى جنوب أفريقيا.
وبحسب تشوريتز، فإن هذا التنقل بين جنوب أفريقيا وإسرائيل في ظل نظامي فصل عنصري زرع في ذهنها بذور الشك المبكر، مضيفة "كان هناك دائما هذا الانفصال بين ما كان يحدث في جنوب أفريقيا وما كان يحدث في إسرائيل".
درست تشوريتز الثانوية في مدرسة يهودية، وتقول إنها كانت تشعر دائما بعدم الارتياح تجاه الكثير من التعليم الديني والصهيوني، لكنها لم تعرف كيف تفسر شعورها هذا.
ذهبت بعد ذلك في رحلة إلى إسرائيل، وكشفت أنه من المفارقات أن الرحلة إليها والمناقشات مع ابن عمها المولود هناك ساعدتها في تحديد رأيها المناهض للصهيونية بقوة.
عادت إلى جنوب أفريقيا وواصلت دراستها، وتخرجت في جامعة كيب تاون عام 1986 وحصلت على بكالوريوس في الآداب ودبلوم بالأداء المسرحي.
التجربة الفنيةبدأت تشوريتز مسيرتها الفنية ممثلة، ثم أسست فرقتها الخاصة للارتجال المسرحي، وتطورت لاحقا إلى شركة "إمبروفيجن" للمسرح الصناعي وورش العمل المؤسسية.
إعلانأثناء مسيرتها المسرحية حصلت على لقب "عميدة الارتجال" في جنوب أفريقيا، كما كتبت العديد من المسرحيات، أبرزها "امرأة وحيد القرن" عام 1993 بالاشتراك مع المؤلفة ميليندا فيرغسون، وحصلت بها على جائزة "آي جي آي لايف بيك" لمهرجان ويندي برو للفنون.
درّست تشوريتز فنون الارتجال، وكتبت القصص القصيرة والقصائد وقصص الأطفال، وحظيت مسرحياتها "الخيمة"، و"قُد معي"، و"غيوم مثل الأمواج" بإشادة واسعة من النقاد المتخصصين في المجال.
وفي عام 2007 بدأت تشوريتز مدونة بعنوان "رأس ميغان"، وأصبحت منصة لمراجعة المسرحيات والتعليق على الأمور المسرحية وغيرها بشكل عام.
حازت تشوريتز على جوائز مرموقة، منها جائزة "فور دوب كاب" للابتكار بالمسرح عام 2009، وجائزة اختيار الجمهور لمسرح الرياضة في العام نفسه.
وأثناء فترة الإغلاق التي فرضتها جائحة كورونا (كوفيد-19) عامي 2020 و2021 انضمت إلى مجموعة للكتابة عبر الإنترنت، وبدأت بكتابة القصص القصيرة، ثم خاضت تجربة تأليف رواية كاملة.
صدرت روايتها الأولى "الممتلكات المفقودة" عام 2023، والتي تروي حكاية "لين" التي ينتهي زواجها إثر اكتشافها أمرا صادما عن زوجها مارك، وحققت الرواية نجاحا كبيرا، ورُشحت لجائزة "دالرو- كان تيمبا" للكتابة الإبداعية المرموقة عام 2025.
مؤيدة لفلسطينتقول تشوريتز في مقابلة مع صحيفة "نيوز 24" بجنوب أفريقيا إن كل شيء تغير بعد أن شرعت إسرائيل في الإبادة الجماعية بقطاع غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
وتذكر أنها كانت شخصية بارزة في المجتمع اليهودي بفضل نجاح عروضها المسرحية ورواياتها رغم صراحتها ووضوح مواقفها المناهضة للصهيونية، مشيرة إلى أن مواقفها بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول "دفعت اليهود الصهاينة إلى حالة من الجنون التام".
وأوضحت أن مواقفها المناهضة للصهيونية لم تكن وليدة اللحظة، لكن المجتمع اليهودي كان يتعامل معها بقدر من التساهل ما دامت في إطار نظري.
وذكرت أن "أحداث غزة غيرت كل شيء"، وأن "هذه الإبادة الجماعية الأكثر شرا المكشوفة والبذيئة الشبيهة بالنازية تعني أن صوتي يجب أن يكون أعلى بكثير، وأنني أصبحت غير محتملة تماما بالنسبة للصهاينة".
وإثر مواقفها السياسية تحملت تشوريتز الكثير على المستويين الشخصي والمهني، وتعرضت لحملة تشويه واسعة شملت أوصافا مهينة ومؤذية، أبرزها وصفها بـ"كابو"، وهو مصطلح استُخدم لاتهامها بخيانة الشعب اليهودي والتعاون مع "أعداء" إسرائيل.
وتوضح تشوريتز أنها تلقت تهديدات بالقتل والاغتصاب، وتعرضت للاعتداء الجسدي في الأماكن العامة والصراخ في وجهها.
وفي أبريل/نيسان 2025 استُبعدت تشوريتز من المهرجان الأدبي اليهودي، قائلة "عندما قدّمت دار النشر روايتها للمشاركة بالمهرجان تهربوا وصمتوا ولم يجيبوا، وتجاهلوني".
وفي الـ28 من الشهر نفسه نفذت احتجاجا أمام متحف الهولوكوست في كيب تاون، حيث كان المهرجان الأدبي، وعلقت لافتة كُتب عليها "لست صهيونية بما يكفي للمهرجان الأدبي اليهودي".
إعلانوتشوريتز عضوة نشطة في منظمة "يهود جنوب أفريقيا من أجل فلسطين حرة"، وشاركت في فعاليات تضامنية مع الفلسطينيين.
وفي يونيو/حزيران 2025 كان لها دور بارز في دعم "المسيرة العالمية لغزة"، والتي وصفتها بأنها قد تكون "مغيرة لقواعد اللعبة" للتضامن مع فلسطين.
وفي أغسطس/آب من العام نفسه دُعيت إلى منتدى متعدد الأديان ليوم المرأة بشأن "التحدث ضد السلطة"، وهو المنتدى الذي أظهر اعترافا متزايدا بها صوتا للقضايا التقدمية التي تتجاوز حركة التضامن الفلسطيني.
وأكدت تشوريتز أنها ستستمر في "القتال من أجل القضية الفلسطينية"، مضيفة "أومن بفلسطين حرة وديمقراطية لجميع الذين يرغبون في أن يكونوا جزءا منها، آمل أن يتحقق هذا في حياتي، من النهر إلى البحر فلسطين ستكون حرة".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات دراسات جنوب أفریقیا کیب تاون
إقرأ أيضاً:
إمبراطورية «أليسون» الجديدة والدعم الإعلامي للدولة الصهيونية
تذكروا هذا الاسم جيدا:«لاري إليسون» ثاني أغنى رجل في العالم بثروة شخصية تبلغ 345 مليار دولار، أي أكثر من 30 ضعفا صافي ثروة إمبراطور الإعلام الأسترالي الأمريكي «روبرت مردوخ»، المؤيد قلبا وقالبا للدولة الصهيونية، وواحد من الأصدقاء المقربين من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يحكم سيطرته على الإعلام الأمريكي ويبني إمبراطورية إعلامية جديدة، مترامية الأطراف ومتعددة الوسائل التقليدية والجديدة، تضع دعم إسرائيل على رأس أولويات عملها في المستقبل.
«لاري أليسون» مالك شركة «أوراكل» التي تسيطر على سوق البرمجيات في العالم، وخلال عامين فقط استطاع أن يؤسس إمبراطورية إعلامية تضم شركة «بارامونت» التي تٌعد من الشركات الخمس العملاقة في صناعة السينما الأمريكية، بإيرادات سنوية تتجاوز المليارات الثلاثة، وشبكة «سي بي اس نيوز» التلفزيونية القومية، التي تبلغ قيمة أصولها 46 مليار دولار. ومؤخرا توجه وابنه «ديفيد أليسون» بدعم من الرئيس ترامب للسيطرة على الإعلام الإلكتروني، من خلال شراء الحصة الأكبر في تطبيق تيك توك في الولايات المتحدة، ومجموعة من الصحف والمنصات الإلكترونية تابعة لشركة «الصحافة الحرة» التي ضمها أيضا إلى إمبراطوريته في العام الحالي للسيطرة على مضمونها الذي كان يتميز بالاستقلال والموضوعية إلى حد كبير خاصة في تناول الحرب في غزة.
هذا الملياردير حليف ترامب يبني إمبراطورية إعلامية غير مسبوقة في تاريخ الإعلام الأمريكي، إذ تمتد استثماراته إلى الأفلام وشبكات التلفزيون وشبكة سي بي إس وحصة في تيك توك، ويُتوقع أن تتولى «اوركل» الإشراف التقني على الخوارزمية والبيانات والتأمين في «التيك توك» الأمريكي، وهو ما يمنحها السيطرة على المحتوى، وعلى هذا فإنه من المتوقع ألا يكون «أليسون» مجرد مستثمر مالي في «تيك توك»، بل كمزوّد بنية تحتية تقنية مهمة، قادر على استضافة بيانات المستخدمين الأمريكيين على خوادم شركته. ومن خلال الجمع بين جمهور «باراماونت» السينمائي الضخم وامتيازاتها الإعلامية الكبيرة، وأسلوب تطبيق «تيك توك» المرتكز على البيانات في مجال الترفيه، يمكن لعائلة «أليسون» صياغة نموذج إعلامي جديد متعدد التخصصات.
لا غرابة في أمر الاحتكارات الإعلامية في المجتمع الأمريكي، ولكن الغريب حقا أن تصب كل هذه الاحتكارات تقريبا في صالح اللوبي الصهيوني. وعلى طول التاريخ خاصة بعد نشأة الكيان الغاصب، ونحن نتابع، دون أن نحرك ساكنا، الانحياز الإعلام الأمريكي السافر للعدو الإسرائيلي وسيطرة اللوبي الصهيوني على غالبية وسائل الإعلام الأمريكية الذي جعل الرأي العام الأمريكي أسير سردية واحدة للصراع العربي- الإسرائيلي، حتى وإن نتجت عنه مذابح وتجويع وجرائم ضد الإنسانية. الغريب أيضا أننا، على الجانب الآخر، ما زلنا نشكو من نفس الانحياز دون أن يكون لنا رد فعل عملي عليه، وكأنه كتب علينا ألا ننتبه - نحن العرب- إلى ذلك، ونغمض أعيننا عما يدبر لنا ولقضايانا العادلة من تشويه إعلامي عالمي على يد الإمبراطوريات الإعلامية الأمريكية القائمة منها والجديدة.
من المؤكد أن وجود ترامب في السلطة ساعد اللوبي الصهيوني على كسب مزيد من السيطرة على الإعلام. وبدونه لم يكن من الممكن إجبار الشركة الصينية المالكة لتطبيق «التيك توك» على بيعه والاكتفاء فقط بحصة لا تتعدى 20 بالمائة منه، يخول لها الحصول على مقعد واحد فقط في مجلس الإدارة. ففي عهده أقر الكونجرس العام الماضي قانون «حماية الأمريكيين من التطبيقات الخاضعة لسيطرة خصوم أجانب»، يهدف إلى منع أو تقييد تشغيل التطبيقات المملوكة أو المُدارة من قبل كيانات أجنبية تُعتبر خصومًا للولايات المتحدة مثل الصين أو روسيا باعتبارها تُهدّد الأمن القومي أو تُعرّض بيانات المستخدمين الأمريكيين للخطر. ويُلزم هذا القانون التطبيقات التي تُصنَّف بأنها خاضعة لسيطرة «خصم أجنبي» بأن تبيع أصولها في الولايات المتحدة أو يتم حظرها في البلاد». التطبيق الأول المستهدف بهذا القانون كان «تيك توك» والذي يتبع شركة «بايتدانس» ومقرها الصين. وقد أقامت الشركة دعوى أمام المحاكم الأمريكية للطعن على دستورية القانون، على أساس أن إجبارها على بيع أصولها في أمريكا ينتهك حرية التعبير (التعديل الأول في الدستور الأمريكي)، وحقوق الملكية. وفي يناير الماضي أصدرت المحكمة العليا الأمريكية حكمًا برفض الدعوى. وفي الأسبوع الأخير من سبتمبر الماضي، وقع الرئيس الأمريكي أمرًا تنفيذيًا يُعلن خطة البيع.
الأب «لاري اليسون» الذي هو أحد أبرز ممولي حملة ترامب في الولايات المتحدة وحملة «نتنياهو» في إسرائيل، ولد لأم يهودية. ويُعد الابن «ديفيد» كما تقول تقارير إعلامية من «أكبر الشخصيات اليهودية المؤثرة في الإعلام». ويعرف الاثنان بدعمهما القوي لإسرائيل من الناحيتين السياسية والمالية وتبرعا بمبالغ ضخمة للجيش الإسرائيلي خلال الحرب على غزة. ويؤثر عن الأب البالغ من العمر 81 عاما، قوله في إحدى حفلات جمع التبرعات لإسرائيل: «لا يوجد شرف أعظم من دعم الجيش الإسرائيلي. ويجاهر بعلاقته الشخصية القوية برئيس الوزراء الصهيوني وهي ما جعلته يعرض عليه مقعدا في مجلس إدارة شركة أوراكل، عملاق صناعة برامج الحاسوب التي يملكها. أما الابن فقد أكد عند استحواذه على شركة «بارامونت» عملاق صناعة السينما الأمريكية أن الشركة ستدعم إسرائيل بشكل علني. وقد رفضت الشركة الانضمام إلى حركة مقاطعة المؤسسات الإسرائيلية.
لم يكتف «أليسون» وابنه بذلك، إذ ينسب للأب أنه شارك في تقييم مدى ولاء وزير الخارجية الأمريكي الحالي مارك روبيرو لإسرائيل أثناء الحملة الانتخابية لترامب. وفي سياق النزاعات بين موظفي «أوراكل» بشأن التظاهر دعما لغزة ومقاطعة إسرائيل، أكد مسؤولون في الشركة أن الالتزام بإسرائيل غير قابل للنقاش، وأن من ينتقدون إسرائيل يجب أن يقبلوا ذلك، باعتبار أن دعم إسرائيل جزء من مهمة الشركة. وأشارت تقارير إلى قيام «أليسون» بتقديم تبرعات كبيرة لجيش الدفاع الصهيوني، وتأكيده في أكثر من مناسبة أنه يحب «بلده إسرائيل» وأنه سيفعل كل ما في وسعه لدعمها.
في نفس الوقت أصدرت شركة «بارامونت» لإنتاج الأفلام التابعة لإمبراطورية «أليسون» ويديرها ابنه، بيانًا تدين فيه مقاطعة السينمائيين وشركات الإنتاج السينمائي الأمريكية مؤسسات صناعة الأفلام الإسرائيلية، وبذلك كانت من أولى الأستوديوهات الكبرى التي خرجت عن الإجماع الداعم لمقاطعة إسرائيل في مجتمع صناعة الأفلام.
هذا السرد عن «أليسون» إمبراطور الإعلام الأمريكي الجديد يبدو ضروريا لكي نفهم ما يجرى في سوق الإعلام الأمريكي من تغيرات تصب جميعها في صالح إسرائيل، وهي تغيرات تمنح المؤيدين للصهاينة وصولا إعلاميا لجميع المنصات التقليدية والجديدة، واستمرار التأثير في الرأي العام الأمريكي، خاصة بعد التقارير المؤكدة التي تشير إلى قيام «أليسون» وشركاته على حصة كبيرة من تطبيق «تيك توك» في الولايات المتحدة.
ما نريد أن نؤكد عليه هنا أن قصة السيطرة على الوسائل والمنصات الرئيسية في الإعلام الأمريكي وتوجيهها لخدمة مصالح إسرائيل والصهيونية العالمية ليس أمرا جديدا. فقط نقول إن المستثمرين العرب والصناديق الاستثمارية العربية كانت أمامهم فرصة تاريخية لدخول حلبة الصراع على الرأي العام الأمريكي الذي تشكله وتؤثر في مواقفه هذه المنصات تأثيرا كبيرا.
ومع ذلك وباستثناء صندوق عربي واحد يقال إنه سيحصل على حصة محدودة من «التيك توك»، تركنا الأمر كله لإسرائيل وأصدقائها ومناصريها.
أ. د. حسني محمد نصر أكاديمي فـي قسم الإعلام بجامعة السلطان قابوس