إعلام إسرائيلي: ترامب قال لنتنياهو عليك أن تنضبط وإلا سأقصفك
تاريخ النشر: 7th, October 2025 GMT
تناولت وسائل إعلام إسرائيلية ما وصفته بتوبيخ قاسٍ وجهه الرئيس الأميركي دونالد ترامب لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال اتصالات بينهما بشأن خطته لإنهاء الحرب في قطاع غزة وإعادة الأسرى الإسرائيليين.
وأفاد مراسل الشؤون السياسية في قناة "12" الإسرائيلية باراك رافيد بأن ترامب أجرى اتصالا هاتفيا بنتنياهو يوم الجمعة الماضي بعدما تلقى تقارير من فريقه تشير إلى أن رد حركة المقاومة الإسلامية (حماس) على المقترح الأميركي تضمن إشارات إيجابية تسمح بمواصلة التفاوض.
لكن نتنياهو -وفق رافيد- قابل ذلك برد متشكك قائلا إن "رد حماس لا معنى له ولا يستدعي الاحتفال".
وأوضح رافيد أن ترامب استشاط غضبا من نبرة نتنياهو المتشائمة، وقال له بحدة: "لماذا أنت دائما سلبي؟"، مضيفا أن هذا الموقف يعكس بوضوح أن ما يجري الآن هو تنفيذ لخطة ترامب وليس خطة نتنياهو، وأن واشنطن باتت تمسك بزمام التوجيه في هذه المرحلة الحساسة من التفاهمات السياسية.
وفي السياق ذاته، كشف المستشار الإستراتيجي والسياسي أتيلا سومفلفي أن ترامب لم يكتفِ بالتحذير الشفهي، بل أرسل سلسلة رسائل متتالية إلى نتنياهو ومساعديه، قائلا لهم: "كل ساعتين ستتلقون مني شيئا.. تغريدة، أو خريطة، أو بيانا، أو تسجيلا"، في محاولة لإجبار القيادة الإسرائيلية على الانضباط الكامل وفق ما رسمه البيت الأبيض.
أنتم جزء من خطتيوأضاف أن ترامب وجه كلامه مباشرة إلى نتنياهو قائلا: "عليك أن تنضبط أنت وكل مجموعتك التي تسميها مجلسا مصغرا وحكومة، فأنتم الآن جزء من خطتي، وليس العكس"، وهو ما اعتبره المعلقون في إسرائيل مؤشرا على تراجع نفوذ تل أبيب في إدارة الملف.
أما المستشار السابق لوزير الدفاع باراك سري، فاعتبر أن تصريحات نتنياهو المتفائلة مؤخرا محاولة لتغطية حقيقة خضوعه لضغوط واشنطن. وأوضح أن رئيس الوزراء الإسرائيلي يدرك أن العملية الجارية لا يمكن وقفها، لذلك يسعى لتسويقها داخليا كإنجاز شخصي لإسرائيل، رغم أنها في جوهرها تنفيذ مباشر لرؤية ترامب.
إعلانوأضاف سري أن نتنياهو يحاول إقناع الرأي العام بأن "الصفقة جيدة ومُتفق عليها مع ترامب"، في حين أن الأخير -كما قال- وضعه أمام أمر واقع، بعدما هدده بوضوح بقصفه سياسيا عبر الإعلام والتصريحات، إذا لم يلتزم بتوجهات واشنطن.
من جانبه، رأى رئيس قسم الدراسات الفلسطينية في جامعة تل أبيب ميخائيل ميلشتاين أن الأيام الأخيرة كشفت عن تحوّل جوهري في الموقف الأميركي. وقال إن "ترامب تبنى بشكل واضح موقف قطر الذي يختلف عن تصريحاته السابقة، مما جعل تأثير الدوحة أكثر دراماتيكية من أي وقت مضى".
وأشار ميلشتاين إلى أن المراقبين في العالم العربي يتساءلون عن سر التحول المفاجئ في موقف واشنطن، لكن المؤكد -على حد قوله- أن "النفوذ القطري في مجريات التفاوض ازداد بعد الهجوم الإعلامي الإسرائيلي عليها، مما عزز موقعها في المعادلة الإقليمية".
فرصة حقيقيةوفي تحليل أمني متصل، نقلت صحيفة "يديعوت أحرونوت" عن محلل الشؤون العسكرية رون بن يشاي قوله إن الأجهزة الأمنية في إسرائيل تشعر بأن هناك فرصة حقيقية لنجاح الصفقة المطروحة، لكنها تدرك في الوقت نفسه أن حركة حماس ستسعى لإبرامها بالكامل قبل أن تتخلى عن ورقة الأسرى التي تمثل عنصر قوتها الأبرز.
وأشار بن يشاي إلى أن هذا الإدراك يجعل حماس تتحرك بحذر، وتبحث عن ضمانات مسبقة تحول دون تكرار سيناريوهات سابقة ضاعت فيها التزامات الطرف الآخر، وهو ما يعقد مهمة الوسطاء رغم تفاؤل واشنطن.
في المقابل، أكدت الباحثة الرئيسية في معهد "راند" الأميركي شيرا عفرون أن مواقف حماس لم تتغير جوهريا منذ بداية التفاوض، فهي -بحسب قولها- ترفض نزع سلاحها أو تقديم تنازلات تمس جوهر قوتها، مضيفة بسخرية أن "ذلك لن يحدث إلا إذا عاد المسيح وأُعلنت دولة فلسطينية مستقلة".
وتعليقا على مجريات المفاوضات، قال الباحث في معهد الأمن القومي الإسرائيلي عوفر شيلح إن حظوظ نجاح الصفقة مرتبطة مباشرة بمدى التزام ترامب بموقفه الصارم تجاه نتنياهو، موضحا أن رئيس الوزراء الإسرائيلي لن يجرؤ على التمرد ما دام الرئيس الأميركي متمسكا بخطته.
ورأى شيلح أن المسألة ليست خلافا على التفاصيل بقدر ما هي اختبار لقدرة واشنطن على فرض الانضباط السياسي على حلفائها في إسرائيل، مضيفا أن "طول نفس ترامب هو ما سيحسم النتيجة في نهاية المطاف".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: غوث حريات دراسات ترجمات أن ترامب
إقرأ أيضاً:
تقدير إسرائيلي: نتنياهو يغيّر مساره السياسي.. انتقل من أقصى اليمين إلى قلب الوسط
توقف الاسرائيليون عند التبعات الداخلية لموافقة رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو على خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لإنهاء حرب غزة، وما أسفرت عنها من هجوم شركائه اليمينيين، الأمر الذي قد يدفعه لترسيخ مكانته كزعيم جديد للوسط السياسي في دولة الاحتلال، وما يعنيه ذلك من تأثير على الخارطة الحزبية.
وذكر نيسيم كاتس، الخبير الإعلامي والسياسي، أنه "بعد إعلان خطة ترامب لإنهاء الحرب، يجد رئيس نتنياهو نفسه عند منعطف سياسي، فبينما يتبنى خطةً مثيرةً للجدل، يواجه هجومًا غير مسبوق من اليمين، والذي، وللمفارقة، قد يُرسّخه كزعيم جديد للوسط السياسي في إسرائيل، حيث يتضمن الاتفاق المُقدّم في البيت الأبيض مبادئ مثل إطلاق سراح جميع الرهائن، ونزع سلاح قطاع غزة، إضافة لبنود تُشكّل ورقة حمراء لشركائه في الائتلاف من اليمين المتطرف".
وأضاف في مقال نشرته صحيفة معاريف، وترجمته "عربي21" أن "الخطة التي وافق نتنياهو على مبادئها، تهدف إلى انسحاب إسرائيلي كامل من قطاع غزة، وتأسيس بنية تحتية لتسوية سياسية مستقبلية، قد تشمل مشاركة السلطة الفلسطينية بعد إصلاحها، وربما حتى لإقامة دولة فلسطينية مستقبلًا، وقد أثارت هذه النقاط موجة انتقادات حادة في أحزاب اليمين على يمين حزب الليكود الذي يقوده رئيس الحكومة".
وأشار إلى أن "وزراء بارزين في الائتلاف، بقيادة بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير، شنّوا هجومًا شرسًا على الخطة، معتبرينها اتفاقية استسلام، ورفع راية بيضاء، ووقفًا للحرب قبل تحقيق نصر كامل، وبلغت الانتقادات ذروتها مع تهديدات ضمنية بالاستقالة من الحكومة، وهي خطوة قد تؤدي إلى حلّ الائتلاف".
وأوضح أن "الخطوة السياسية المفاجئة تكمن هنا تحديدا، لأنه لسنوات، ساهم نتنياهو في تأسيس وترسيخ الكتلة اليمينية، عندما كان يُعتبر زعيمها بلا منازع، لكنه الآن، وبمجرد تأييده لاتفاقٍ يصفه حلفاؤه المقربون بأنه خيانةٌ للأيديولوجيا، يميزه عنهم بوضوح، لأن الهجمات اللاذعة من اليمين، التي تتهمه بالضعف، تخدمه جيدًا في أوساط الجماهير الأكثر اعتدالًا".
وأكد كاتس أن "الديناميكية التي نشأت تضع نتنياهو في موقفٍ براغماتي، كشخصٍ يتنقل بين الضغوط الدولية الشديدة، ممثلةً بترامب، والمطالب الأيديولوجية لليمين الإسرائيلي، فبينما يمثل سموتريتش وبن غفير اليمين القوي الذي لا يقبل المساومة، يقدم نتنياهو، بقبوله للمخطط، نفسه كشخصٍ بالغٍ مسؤول، يدرك حدود السلطة، وملتزمٍ بإعادة المخطوفين، حتى لو كلفه ذلك تنازلاتٍ مؤلمة".
واستدرك بالقول إن "دعم عناصر المعارضة الإسرائيلية لخطة ترامب، إضافة للأصوات في الليكود الداعية للمرونة، والتركيز على إعادة المخطوفين، ونزع السلاح من القطاع، يعزز الموقف الجديد لنتنياهو، الذي لم يعد يُنظر إليه كزعيم لليمين فحسب، بل كشخصية محورية في خريطة سياسية جديدة، تتوسطه أجنحة أكثر تطرفًا من اليمين الأيديولوجي من جهة، واليسار الراديكالي من جهة أخرى".
يمكن الاستخلاص من هذه القراءة الاسرائيلية أن المؤتمر الصحفي الأخير لنتنياهو في البيت الأبيض مع ترامب، وقبوله بالخطة التي عُرضت عليه، وما تلى ذلك من عاصفة سياسية في دولة الاحتلال، يُذكران كمرحلة بدأ فيها نتنياهو رحلة إعادة صياغة صورته، وكأنه في الواقع يخاطب الأغلبية الصامتة في وسط الخارطة الحزبية الاسرائيلية، التي تتوق إلى نهاية الحرب وعودة المخطوفين.